< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/02/10

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلقة \ خلوها من الحيض والنفاس
 الجهة الثالثة: في طلاق الغائب غير المتمكن من استعلام حالها
 اختلفوا في أنه هل تكفي الغيبة مطلقا في غير تربص لمساواته للأفراد المذكورة معه حيث لا تربص فيها أو لا بد من تربص مدة واختلفوا في تحديد هذه المدة على أقوال
 القول الأول: ذهب الشيخ المفيد وسلار ووالد الصدوق والعماني إلى جواز طلاق الغائب إذا كانت بحيث لا يمكنه استعلام حالها من غير تربص وادعى العماني تواتر الأخبار بذلك
 القول الثاني: ذهب الشيخ في النهاية إلى أن الغائب إذا كان غائبا شهرا فصاعدا وقع طلاقه إذا طلقها وإن كانت حائضا وفي موضع منها قال: فلا يطلق حتى يمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر واختاره ابن حمزة وابن البراج
 القول الثالث: ذهب ابن الجنيد إلى أن الغائب لا يطلق حتى يعلم أن المرأة برية من الحمل أو هي حامل فإن علم ذلك فأوقع الطلاق على شرائطه وقع ثم قال وينتظر الغائب بزوجته من آخر جماع أوقعه إلى ثلاثة أشهر إن كانت ممن تحمل وهذا ظاهر في اعتبار الثلاثة أشهر واختاره العلامة في المختلف
 القول الرابع: ذهب الشيخ في الاستبصار وابن ادريس والعلامة في أكثر كتبه والمحقق وهو المشهور بين المتأخرين إلى اعتبار مضي مدة يعلم انتقالها من الطهر الذي أوقعها فيه إلى آخر بحسب عادتها ولا يتحدد بمدة
 القول الخامس: ذهب الصدوق إلى أن الغائب إذا أراد أن يطلق امرأته فحد غيبته التي إذا غابها كان له أن يطلق متى شاء أقصاها خمسة أشهر أو سنة وأوسطها ثلاثة أشهر وأدناها شهر
 ومنشأ اختلاف الأقوال هو اختلاف الروايات الواردة عن الأئمة ع وهي على طوائف أربع
 الطائفة الأولى: ما دل على جواز طلاق الغائب مطلقا كالنصوص المتقدمة الوارد فيها عبارة " خمس يطلقهن أزواجهن على كل حال والغائب"
 ومنها: صحيح محمد بن مسلم
 محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلا بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما السلام قال : ( سألته عن الرجل يطلق امرأته وهو غائب ، قال : يجوز طلاقه على كل حال ، وتعتد امرأته من يوم طلقها) [1]
 وهذه هي مدرك الشيخ المفيد ومن تبعه .
 الطائفة الثانية: ما دل على تقدير المدة بشهر
 منها: موثق اسحاق
 وعنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة وحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( الغائب إذا أراد أن يطلقها تركها شهرا ) [2]
 وخبر حميد نقلا عن اسحاق بن عمار
 الطائفة الثالثة: ما دل على التقدير بثلاثة أشهر
 منها: صحيح جميل بن دراج
 وباسناده ، عن الحسين بن سعيد ، عن أحمد بن محمد ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( الرجل إذا خرج من منزله إلى السفر فليس له أن يطلق حتى تمضي ثلاثة أشهر ) [3]
 ومنها: موثق اسحاق
 وباسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال : ( قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : الغائب الذي يطلق أهله كم غيبته ؟ قال : خمسة أشهر ستة أشهر قال : حد دون ذا ، قال : ثلاثة أشهر ) [4]
 الطائفة الرابعة: ما دل على أن الغائب يطلق بالأهلة والشهور
 منها: صحيح زرارة
 وعن علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة عن بكير قال : ( اشهد على أبي جعفر عليه السلام أني سمعته يقول : الغائب يطلق بالأهلة والشهور ) [5]
 وقد ذكرت عدة وجوه لرفع التنافي بين هذه الأخبار
 الوجه الأول: جمع الشيخ بين هذه الأخبار بحملها على اختلاف عادات النساء في الحيض وعلم الزوج بحال زوجته في ذلك فمن يعلم من حال زوجته أنها تحيض في كل شهر يجوز له أن يطلقها بعد انقضاء الشهر ومن يعلم أنها لا تحيض إلا في كل ثلاثة أشهر لم يجز له أن يطلقها إلا بعد انقضاء ثلاثة أشهر وكذلك من تحيض في كل ستة أشهر وعليه فالمراعى في جواز ذلك مضي حيضة وانتقالها إلى طهر لم يواقعها فيه وتبعه على ذلك أكثر المتأخرين
 قال في جامع المقاصد: ( قال المحقق الشيخ علي: وهو الذي يقتضيه النظر الصحيح والوقوف مع القوانين الأصولية ، لأن الأخبار الدالة على وجوب التربص مدة ليصح الطلاق لا يجوز إجراؤها على ظاهرها من الاختلاف والتنافي ، ولا إطراح بعضها ، فلم يبق إلا الجمع بينها بالحمل على أن المراد مراعاة زمان يعلم الزوج الغائب حصول الحيض بعد طهر الجماع ، والانتقال عنه إلى الطهر ، وأن الاختلاف ينزل على اختلاف عادة النساء في حصول الحيض باعتبار شهر أو ثلاثة أشهر أو خمسة أو ستة ، فقد اشتركت أخبار التربص في أن الانتقال من طهر إلى طهر آخر شرط في صحة الطلاق من الغائب ولو ظنا مستفادا من عادة المرأة إن كانت معلومة ، وإلا فمن غالب عادات النساء . ودلت رواية أبي بصير على أنه لو طلقها وعلم يوم طلقها أنها كانت طامثا يجوز الطلاق . ولا ريب أن ما اشتركت فيه هذه الأخبار مخصص لعموم الخبرين الدالين على جواز تطليق زوجة الغائب على كل حال ) [6]


[1] - الوسائل كتاب الطلاق باب 26 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 1
[2] - الوسائل كتاب الطلاق باب 26 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 3
[3] - الوسائل كتاب الطلاق باب 26 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 7
[4] - الوسائل كتاب الطلاق باب 26 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 8
[5] - الوسائل كتاب الطلاق باب 26 من أبواب مقدماته وشرائطه ح 2
[6] - الحدائق الناضرة " المحقق البحراني" ج 25 ص 187

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo