< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلقة \ خلوها من الحيض والنفاس
 الأمر الثاني : في شرطية خلوها من الحيض والنفاس
 هذا الشرط يعتبر في المدخول بها الحائل غير اليائس وزوجها حاضر
 أجمع الفقهاء من الإمامية على اعتبار خلو المرأة غير المدخول بها الحائل غير اليائس مع حضور الزوج الذي يمكن له استعلام حالها من الطهر وعدمه من الحيض والنفاس وفي الجواهر بل الإجماع بقسميه عليه
 وليس المراد خصوص ذات الدم فعلا المحكوم بأنه حيض أو نفاس بل الأعم منه ومن البياض المتخلل بين الدمين المحكوم شرعا بالحيضية والنفاس فإنه يترتب عليه كل الآثار المترتبة على الدم المحكوم بكونه حيضا أو نفاسا وأما غير المحكوم بذلك كما إذا طهرت من عادتها ولم تغتسل بعد فإنه لا مانع من وقوع الطلاق فيه لإطلاق أدلة الطلاق
 وفي الجواهر:( إنما الكلام في كونهما مانعين لأنه المتيقن من نصوص بطلان طلاقهما، أو أن الخلو منهما شرط ، كما هو مقتضى العبارة وغيرها ، فيبطل حينئذ طلاق المجهول حالها وجهان ؟ بل قولان ) [1]
 توضيح ذلك: بأن يقال إن اعتبار هذا الأمر هل يكون بنحو الشرطية وعليه فالمعتبر هو الطهارة منهما أو أن اعتبار عدمهما يكون بنحو المانعية ويترتب على ذلك صحة طلاق مجهولة الحال وبطلانه فعلى الشرطية يعتبر احراز الطهارة لكي يصح الطلاق وعلى المانعية لا يعتبر احراز عدم المانع فمع الشك في وجوده يقع الطلاق صحيحا
 ومقتضى عبارة الأعلام وآية { وإذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } والنصوص المفسرة لها هو الشرطية ومقتضى النصوص الأخرى هو المانعية
 وقيل في الرد على صاحب الجواهر: بأنه لا معنى لما فرع عليه على القولين فإن الظاهر هو بطلان طلاق مجهولة الحال على أي حال إذ كما أنه على الشرطية يعتبر الخلو من الدم وهو مشكوك فيه فحصول الطلاق مشكوك فيه والأصل عدمه كذلك يقال على القول بالمانعية واحتمال وجود المانع فوجود المانع مشكوك ومعه فالطلاق أيضا حصوله مشكوك والأصل عدمه
 إن قلت: يكفي على القول بالمانعية التمسك بأصالة عدم المانع دون القول بالشرطية
 قلت: إن أريد بأصالة عدم المانع التمسك بقاعدة المقتضي والمانع بأن يقال إن مقتضى الصحة موجود والمانع مفقود فيؤثر المقتضي أثره ففيه أنه لم يقم دليل على صحتها كما بين في محله
 وإن أريد استصحاب عدم الحيض للعلم بالحالة السابقة فيكون إحراز عدمه بالتعبد الظاهري ففيه أنه يمكن للقائل بالشرطية أن يقول مع العلم بالحالة السابقة وهي الطهارة استصحابها وخلوها من الحيض فيحرز الشرط بالاحراز التعبدي وهو كاف للحكم بصحة الطلاق ظاهرا
 وبالجملة فكما أن الشرط لا بد وأن يحرز في صحة الطلاق فكذلك لا بد من احراز عدم المانع لاعتباره في صحة الطلاق كالشرط كما لا يخفى
 وكيف كان فالمسلمون اتفقوا على أن الاسلام قد نهى عن طلاق الزوجة البالغة المدخول بها غير الحامل إن كانت غير طاهر أو في طهر واقعها فيه
 إلا أن السنة قالوا إن النهي للتحريم لا للفساد وإن من أوقع الطلاق بدون تحقق الشروط يأثم ويعاقب ولكن يصح طلاقه والشيعة قالوا بأن النهي للفساد لا للتحريم لأن مجرد التلفظ بالطلاق غير محرم كالنهي عن بيع الخنزير نعم هو محرم من حيث التشريع
 يقول ابن قدامة الحنبلي: ( فصل وإن طلق للبدعة وهو أن يطلقها حائضا أو في طهر أصابها فيه أثم ووقع طلاقه في قول عامة أهل العلم ) [2]
 وقال ابن منذر وابن عبد البر: ( لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال وحكاه ابو نصر عن ابن علية وهشام بن الحكم والشيعة قالوا لا يقع طلاقه ) [3]
 وقال ابن رشد المالكي: إن الجمهور قالوا: يمضي طلاقه
 وقال في تكملة المجموع: ( الجمهور قالوا: بأن الطلاق البدعي يقع وإن كان حراما )
 أقول: إذا كان اتباع أمر الله وسنة نبيه بدعة وضلالة فينبغي أن يكون اتباع الشيطان سنة وهداية وقد شهد شاهد من أهلهم فقد قال الرازي في تفسير قوله تعالى: { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن }ما نصه بالحرف: ( أي لزمان عدتهن ، وهو الطهر بإجماع الأمة ، وقيل : لإظهار عدتهن ، وجماعة من المفسرين قالوا : الطلاق للعدة أن يطلقها طاهرة من غير جماع ، وبالجملة ، فالطلاق في حال الطهر لازم ، وإلا لا يكون الطلاق سنياً ) [4]
 ثم إن الأصحاب استثنوا من هذه الشرطية أن يكون طلاقا للعدة طلاق خمس من الزوجات
 1 الصغيرة التي لم تبلغ التاسعة
 2 التي لم يدخل بها الزوج ثيبا كانت أو بكرا حصلت الخلوة أو لم تحصل
 3 الآيسة وهي البالغة سن الخمسين في غير القرشية والستين فيها على خلاف
 4 الحامل
 5 التي غاب عنها زوجها مدة يعلم انتقالها بحسب عادتها من طهر واقعها فيه إلى طهر لم يواقعها فيه والحق به المحبوس ومن بحكمه من الذين لا يمكن لهم استعلام حال المرأة من الطهر وعدمه وسيأتي
 الأدلة
 استدل الأصحاب مضافا إلى الإجماع
 أولا: بقوله تعالى: { يا أيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ الْعِدَّةَ وَاتَّقُواْ اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً }
 بتقريب أن اللام بمعنى في أي طلقوهن في عدتهن والعدة هي ثلاثة قروء متتالية وهذا لا يكون إلا مع بداية الطلاق للأمر بالطلاق في زمن هذه العدة وعليه فلا بد أن تكون في بداية الطلاق خالية من طهر المواقعة ومن الحيض حتى تتحقق العدة التي أمر أن يكون الطلاق في زمانها فإذا وقع الطلاق حال الحيض فإن زمن العدة سوف ينفصل عن بداية الطلاق فلا يكون الطلاق واقعا للعدة.


[1] - جواهر الكلام الشيخ الجواهري ج 32 ص 29
[2] - المغني " عبد الله بن قدامة " ج 8 ص 237
[3] - المغني " عبد الله بن قدامة " ج 8 ص 237
[4] - تفسير الرازي " فخر الدين " ج 30 ص 30

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo