< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ الاختلاف في الإنفاق وعدمه
 كان الكلام في الاختلاف بين الزوجين في الإنفاق وعدمه وذكرنا ان بعض الفقهاء قدم قول المرأة مطلقا إذا لم يكن للزوج بينة سواء كانت الزوجة مساكنة للزوج أم لا وبعضهم قدم قول المرأة فيما لم تكن تساكنه ومع المساكنة استشكل في تقديم قول المرأة وبعضهم قدم قول الزوج مطلقا سواء كانت الزوجة مساكنة أم لا .
 أقول: إن المسألة مبنية على معرفة المنكر من المدعي فكل من ثبت أنه المنكر ولا توجد بينة للمدعي فيقدم قول المنكر بيمينه لقول النبي صلى الله عليه وآله على المدعي البينة وعلى المنكر اليمين وقد تقدم سابقا في طيات بعض المسائل السابقة عند التنازع في الدوام والانقطاع بيان تشخيص المنكر من المدعي وأن المنكر من كان قوله موافقا للحجة الشرعية في القضية من دليل أو أصل.
 وحينئذ فنقول إن اختلاف الزوجين في الإنفاق وعدمه
 تارة: يكون مع غياب الزوج وفي زمانه أو كان حاضرا ولكن كانت الزوجة في غير بيته ومنعزلة عنه بدون أي نشوز في البين.
 فلا شك في تقديم قول المرأة لأنها المنكرة باعتبار أن قولها موافق لأصالة عدم أداء الزوج للواجب في الإنفاق ولا يوجد ما يدل على الإنفاق لا شرعا ولا عرفا. وهذا متفق عليه كما ادعى الشيخ بأن قول المرأة مقدم بلا خلاف.
 وأخرى: يكون الاختلاف والتنازع مع حضور الزوج وكانت في بيته تساكنه وهو ظاهر عرفا في أن الزوج ينفق عليها فقول الزوج بأنه ينفق عليها موافق لهذا الظاهر بينما قول المرأة موافق لأصالة عدم الإنفاق.
 وعليه فإن قدمنا الظاهر على الأصل فالقول قول الزوجة وإن قدمنا الأصل على الظاهر فالقول قول المرأة وحيث لا مرجح للتقديم استشكل العلامة في القواعد.
 ومن قدم قول الزوج إنما من أجل تقديم الظاهر على الأصل عند التعارض وقد صرح الشهيد الثاني بأن الأصحاب تارة يقدمون الأصل على الظاهر وتارة يقدمون الظاهر على الأصل وتارة يتوقفون في التقديم.
 والحق في المقام: هو تقديم قول المرأة وما ذكره الشيخ من المنع واستدل بالإجماع والروايات وظاهر الحال مدفوع.
 أما الإجماع: فمعلوم حاله لعدم تحققه أولا واحتمال مدركيته ثانيا.
 وأما الروايات: فالظاهر أن المراد بها الأخبار الواردة في المهور وفيها الصحيح وغيره ومفادها أن القول قول الزوج مع الدخول في قبض المهر ولكن لم ترد رواية في باب النفقات ولعلهم استفادوا حجية هكذا ظاهر وتعدوا إلى ما هو مثله.
 ومن الروايات ما رواه الحسن بن زياد عن الصادق عليه السلام قال: ( إذا دخل الرجل بامرأته ثم ادعت المهر وقال: قد أعطيتك فعليها البينة وعليه اليمين ) [1]
 وفيه: أن ما خالف الأصل يقتصر فيه على مورد النص ولا يمكن التعدي لغير المورد.
 وأما ظاهر الحال فهو لا يفيد إلا الظن والأصل فيه عدم الحجية والمنكر لا بد وأن يكون قوله موافقا للحجية الفعلية وثبوت حجية بعض الظنون لا يستلزم حجية كل ما أفاد الظن إلا على القول بالانسداد وشمول الحجة للظن بالموضوعات لا في الأحكام.
 نعم لو ورد الدليل في خصوص التنازع في النفقة لكان ممكنا دعوى التقدم ولكن ليس من باب موافقة قوله للحجة بل لنفس الدليل وإن كان مخالفا لقواعد...
 والحاصل أن الحجية الفعلية والجارية عند الشك لولا الدعوى هو أصالة عدم الأداء والامتثال ولا يوجد ما يحكم على هذا الأصل سوى ما ادعوه من ظاهر الحال والذي لا يفيد إلا الظن ولا دليل على حجيته إلا من باب الانسداد وإلا فلو كان فلا معنى لترجيحه على الأصل بل كان هو المتعين في مقام العمل فما يقال من تقديم الظاهر على الأصل إنما أريد به الظاهر الحجة لا كل ظاهر ولو لم يكن حجة وإن كان بحسب ما جرت به العادة هو ذلك لكن في خصوص الملتزم المتدين ومع ذلك لا دليل على حجيته شرعا فلا معنى لتقديمه على الأصل حتى يكون قول الزوج موافقا للحجية فيقدم قوله فتأمل.


[1] - الوسائل باب 8 من أبواب المهور ح 7

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo