< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ الحامل المتوفى عنها زوجها\قضاء النفقة
 قلنا بأن الأخبار المثبت لنفقة الحامل المتوفى عنها زوجها غير تامة فيكون التمسك بالأخبار النافية بلا معارض وعليه تكون الفتوى عدم ثبوت النفقة للحامل المتوفى عنها زوجها .
 تنبيه
 نعم لو بنينا على صحة خبر أبي الصباح الدال على ثبوت النفقة للحامل من مال الطفل الذي في بطنها فقد يقال يمكن الجمع بينه وبين الأخبار النافية كما فعل الشيخ حيث حمل الطائفة النافية للنفقة على إرادة أنه لا نفقة لها من مال الميت وإن كان لها نفقة من مال الولد وارتضاه جماعة من الأعلام .
 إشكال
 وقد يورد عليه أن هذا يتم في غير صحيح محمد بن مسلم فإنه بعد ما نفى النفقة قال " ينفق عليها من مالها " وعليه فلا يمكن حمله على عدم النفقة من مال الزوج وينفق عليها من مال الولد لأن ترك الإستفصال يفيد العموم .
 وعن تمهيد المفيد أنه أنكر ذلك أشد الإنكار وقال (إنما يكون له مال عند خروجه إلى الأرض حيا ، فأما وهو جنين لا يعرف موته من حياته ، فلا ميراث له ولا مال فكيف ينفق على الحبلى من مال من لا مال له لولا السهو في الرواية والإدخال فيها )
 وأجيب عن إنكار الشيخ المفيد بأن المراد به المال المعزول للولد فإن خرج حيا حسب عليه وإلا يكون تالفا على الجميع للدليل.
 ويمكن الجوابعن الإشكال الوارد على حمل الشيخ بأن صحيح محمد بن مسلم مطلق يحمل على غير الحامل فالجمع بين النصوص يقتضي البناء على أنه ينفق عليها من مال ولدها والظاهر أنه إلى هذا الجمع نظر العلامة في محكي المختلف حيث قال : (والتحقيق أن نقول : إن جعلنا النفقة للحمل فالحق ما قاله الشيخ ، وإن جعلناها للحامل فالحق ما قاله المفيد ) [1] .
 فيكون مراده أن الجمع بين النصوص يقتضي حمل ما دل على وجوب الإنفاق عليها من مال ولدها أن هذه النفقة للولد لا للحامل وحمل ما دل على أنه لا نفقة بالكلية على النفقة للحامل ومآله إلى أنها تستحق النفقة للولد ولا تستحقها لنفسها.
 أقول: لا بأس بهذا الجمع إن كان عرفيا وإلا فالصحيح ما عرفت سابقا من عدم تمامية أخبار الثبوت سندا .
 الأمر السادس
 وجوب قضاء النفقة لو لم يبذلها الزوج مع تحقق شروط الوجوب منها .
 قال في المسال: (ولو منها من النفقة وانقضى اليوم ممكنة استقرت نفقة ذلك اليوم في ذمته) [2]
 وفي الحدائق: (لا خلاف بين الأصحاب في أن الزوجة تملك نفقة يومها مع التمكين ، فلو منعها وانقضى اليوم أو الأيام وجب قضاؤها ) [3] .
 فقهاء العصر
 وأما فقهاء العصر فاتفقت كلماتهم على وجوب قضائها لأنها أصبحت دينا في ذمة الزوج فتخرج من أصل التركة مثلها مثل الديون الأخرى إلا السيد سعيد الحكيم فقال: ( إذا لم ينفق الزوج على زوجته قصورا أو تقصيرا ففي بقاء النفقة دينا عليه إشكال والأظهر العدم إلا أن تنفق على نفسها بقصد الرجوع وكذا إذا لم تستوفي الزوجة نفقتها منه مع بذله لها تسامحا منها أو لإنفاقها على نفسها من مالها أو مما يبذله غير الزوج لها حتى لو لم يرجع ذلك منها إلى إسقاطها النفقة عن الزوج وإبراء ذمته منها فإنه في جميع ذلك لا تبقى النفقة دينا على الزوج ).
 وقالت الحنفية: لا يطالب الزوج بالنفقة الماضية بل تسقط بمضي المدة إلا إذا كانت دون شهرا أو كان القاضي قد حكم بها فإن النفقة المحكوم بها تبقى دينا في ذمة الزوج مهما طال الزمن .
 وقالت المالكية: إذا طالبت الزوجة بالنفقة الماضية وكان زوجها موسرا في تلك المدة فلها حق الرجوع عليه وإن لم يفرضها أما إذا كان معسرا لا يستطيع الإنفاق عليها فليس لها الرجوع عليه لأن العسر مسقط للنفقة.
 وذهبت الشافعية والحنابلة إلى ما ذهبت إليه الإمامية من ثبوت النفقة الماضية دينا في ذمة الزوج مهما طال الزمن سواء أكان معسرا أم موسرا حكم بها القاضي أم لم يحكم .
 واستدل على ذلك بالإجماع وباستصحاب بقاء اشتغال الذمة وبأن نفقة الزوجة اعتياض في مقابلة الاستمتاع فتصير بمنزلة الدين .
 أقول: إذا كان الدليل على وجوب قضائها هو الإعتياض فمع تسليم استفادة ذلك من الأخبار فلا بد من القول به في كل النفقات كالمسكن والخادم والكسوة مع أن المسلم بين الأصحاب هو خصوص ما تملكه دون ما تمتع به كالمسكن والكسوة على خلاف فيها كما سيأتي .
 ولذا قيل في الثمرات في الخلاف في الكسوة أنه على الإمتاع لا تصير دينا بخلاف ما إذا قيل بأن الكسوة تملك كالقوت .
 والحاصل أن معقد الإجماع ما تملكه المرأة ولو لم تقبضه وكذلك مورد شغل الذمة دون ما لا تملكه وعليه فاللازم التفصيل بين أقسام النفقات كما سيجيء لاحقا.
 ولعل السيد الحكيم لا يرى ملكية الزوجة لأي من النفقات وأن نفقتها كنفقة الأقارب تسقط بمضي الزمان وذلك لعدم ملكية ما ينفقه القريب على قريبه قبل القبض.
 وإذا ثبت ذلك وانه دين في ذمته فلا شك في انتقالها إلى الورثة لأنها مما تركت فيشملها دليل الإرث
 والمحصل أن ما تملكه المرأة من النفقات لو لم يبذله الزوج وانقضت المدة يصير دينا في ذمة الزوج وينتقل إلى ورثة المرأة لو ماتت وهذا تمام الكلام في هذه المسألة


[1] - مختلف الشيعة ج 7 ص 493
[2] - مسالك الأفهام ج 8 ص 462
[3] - الحدائق الناضرة ج 25 ص 124

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo