< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/12/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين:

التنبيه الرابع:

هو ما لو دار الأمر بين الجزئية والمانعية، أو بين الشرط والقاطعية، هل هنا يكون مجرى للبراءة أو يكون هنا مجرى للاحتياط؟

الشيخ الأنصاري (قده) ذكر هذه المسألة وفي النتيجة هو تقريباً يقول بالتخيير أو على حسب المبنى الموجود في دوران الأمر بين الأقل والأكثر، يعني إن قلنا هناك بالاحتياط فهنا نقول بالاحتياط وإن قلنا هناك بالبراءة فهنا نقول بالتخيير، لا بأس بذكر عبارته إجمالاً، هو قال في تنبيهات الأقل والأكثر، الأمر الرابع: لو دار الأمر بين كون شيء شرطاً أو مانعاً أو بين كونه جزءً أو كونه زيادة مبطلة، ففي التخيير هنا لأنه من دوران الأمر في ذلك الشيء بين الوجوب والتحريم أو وجوب الاحتياط بتكرار العبادة وفعلها مرة مع ذلك الشيء وأخرى بدونه وجهان، مثاله: الجهر بالقراءة في ظهر الجمعة حيث قيل بوجوبه وقيل بوجوب الإخفاء وإن طال الجهر، فإما إنه واجب وإما أنه مبطل، وكالجهر بالبسملة في الركعتين الأخيرتين لمن اختار الفاتحة فيهما، فهل الجهر هنا واجبة أو أنها مبطلة؟ وكتدارك الحمد عند الشك فيه بعد الدخول في السورة، إلى أن قال في الأخير: والتحقيق أنه إن قلنا بعدم وجوب الاحتياط في الشك في الشرطية والجزئية وعدم حرمة المخالفة القطعية للواقع إذا لم تكن عملية فالأقوى التخيير هنا، وإلا تعين الجمع بتكرار العبادة، ووجهه يظهر مما ذكرنا) هذا ما أفاده الشيخ.

هنا طبعاً ينبغي أن يقع الكلام في مسألتين ليكون الأمر واضحاً:

المسألة الأولى: هي أنه إذا فرضنا بأن الواجب المطلوب الذي تردد فيه الجزئية والمانعية أو الجزئية والشرطية والمانعية والقاطعية، هو فرد واحد فقط لا غير، يمثل لذلك: تجب عليه الصلاة وهو الآن في آخر الوقت، هل يجب عليه الإتيان بهذا الجزء لأنه جزء أو أن هذا الجزء المعين يكون مانعاً؟ هذا الفرض بما أنه فُرِضَ فيه أن يكون الواجب واحد وشخصي والإتيان به لا بد أن يكون بصلاة واحدة فهنا لا مجال إلا القول بالتخيير، مثلاً: نفترض في آخر الوقت وليس عنده إلا ثوب واحد متنجس فهنا يدور أمره إما أن يصلي عارياً أو يصلي مع هذا الثوب المتنجس، لا مجال له إلا أحد هذين إما أن يصلي عارياً إذا قلنا بتقديم شرطية الطهارة في لباس المصلي على أصل اللباس، فنقول يصلي عارياً، أو نقول بأن الأساس لبس المصلي هو المقدم على الشرطية فيه من الطهارة والنجاسة، هنا طبعاً نصور المسألة في حال عدم ترجيح أحد الطرفين على الآخر، إما هذا أو هذا ففي مثل هذا المقام لا مجال له إلا التخيير، يعني يدور الأمر بين محذورين، احتمال أن هذا جزء واحتمال أنه مانع، فيدور الأمر بين محذورين ولا مجال له غير ذلك جريان البراءة عن كليهما معناه ترك الصلاة بالمرة فلا يمكن هنا، طبعاً إما أن يترك الصلاة بالمرة وهو قطعاً غير جائز، أو أنه يصلي بأحدهما، فيدور الأمر بين أن يصلي بأحدهما فيجب عليه الصلاة تخييراً.

فإذاً هذه المسألة يكون فيها الأمر واضحاً، إذا اتضحت هذه المسألة يتضح الكلام في المسألة الثانية.

المسألة الثانية: نفترض أن هناك أفراد طولية للواجب يمكن إيقاعه فيها في تلك الأوقات، الفرض الأول فرضنا أنه في آخر الوقت وليست له أي فرصة أخرى غير الإتيان بهذه الصلاة الواحدة، الفرض الثاني في المسألة الثانية نحن نفترض أنه دار الأمر في المثال المتقدم مثلاً عنده وقت متسع من بعد الزوال إلى الغروب فهنا يدور الأمر بين أن يصلي عارياً أو يصلي مع الثوب النجس ولكن بإمكانه أن يصلي صلاتين، صلاة مع الثوب المتنجس وصلاة بدون الثوب عارياً، هنا يمكنه فيما أنه يمكنه إذاً هنا تختلف المسألة عن دوران الأمر بين الأقل والأكثر، ففي دوران الأمر بين الأقل والأكثر قلنا بأنه يشك في وجوب الأكثر هل أنه جزء أو ليس بجزء؟ هل أنه قيد أو ليس بقيد؟ هل أنه شرط أو ليس بشرط؟ هل أنه مانع أو ليس بمانع؟ هنا نشك في وجوب الأكثر وإذا شككنا في وجوب الأكثر يعني في كونه جزءً أو ليس بجزء هنا نقول احتمال أنه جزء، إذا شككنا في شرطية شيء يعني عندنا احتمال أنه شرط وإذا شككنا في مانعية شيء يعني احتمال أن يكون مانعاً يعني احتمال أن يكون المركب مقيداً بعدمه، ففي مثل هذا بكل سهولة ووضوح تجري البراءة، أما ما نحن فيه فيعلم بوجوب الصلاة هذا الطبيعي، الطبيعي يعلم بوجوبه قطعاً ولكن الفرد المحقق لهذا الطبيعي هل هو الصلاة عرياناً في هذا المثال بما أنه ليس عنده إلا ثوب متنجس فيدور الأمر بين أن يصلي عرياناً أو أن يصلي في الثوب النجس، هنا الطبيعي المتعلق قطعاً مأمور به الفرد المحقق لامتثال هذا الطبيعي في هذه الصورة هل هي الصلاة عرياناً أو هي الصلاة مع الثوب المتنجس؟ هنا ليس شكاً بين الأقل والأكثر، بل من قبيل الشك بين المتباينين وبإمكانه أن يأتي بهما، يعني بإمكانه أن يحقق الامتثال، فبإمكانه أن يكرر العمل فيصلي صلاة عرياناً ويصلي صلاةً بالثوب المتنجس، إذاً بما أنه يمكنه ذلك فمقتضى القاعدة هي الاشتغال، الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، فقطعاً ذمته مشغولة بوجوب الصلاة بطبيعي الصلاة، هل أن المفرغ لذمته هي الصلاة عرياناً في هذا الفرض؟ أو الصلاة مع الثوب المتنجس؟ هنا شك في الامتثال وشك في المفرغ لذمته وبإمكانه أن يجمع بخلاف المسألة الأولى، هنا بإمكانه أن يجمع فنقول مقتضى القاعدة هي الاشتغال فيجب على المكلف في هذه الحالة أن يصلي مرتين، مرة عرياناً ومرة بالثوب المتنجس، هذا هو مقتضى القاعدة.

وهنا نقض أفاده السيد الخوئي (ره) على الشيخ الأنصاري (قده) حاصل هذا النقض: أن الشيخ الأنصاري (قده) في مسألة ما إذا دار الأمر بين الصلاة تماماً والصلاة قصراً في موطن من المواطن يجب عليه إما أن يصلي قصراً وإما أن يصلي تماماً، في هذا الفرض قال بالاحتياط بأن يحتاط بتكرار العمل، ما دام يمكنه ذلك فيحتاط بتكرار العمل فيصلي صلاتين، صلاة تامة وصلاة قصر، هذه المسألة في الواقع ترجع إلى ما نحن فيه بأحد هذين البيانين:

البيان الأول: نقول: بالنسبة إلى الركعتين الأوليين هنا يجب الإتيان بهما قطعاً على كل تقدير وبالنسبة إلى الركعتين الأخريتين هل هما جزءان من هذه الصلاة المطلوبة له فيجب الإتيان بهما؟ أو هما ليستا جزئين للصلاة المطلوبة له فلهذا الإتيان بهما مبطل للعمل زاد ركعتين يكون مبطلاً للعمل، فدار الأمر بين أن تكون الركعتان الأخريان الثالثة والرابعة هل هما جزءان من هذه الصلاة أو هما مبطلان لهذه الصلاة ويمنع من الإتيان بهما؟

البيان الآخر: نقول: هذه الصلاة في الركعة الثانية هل أن السلام في الركعة الثانية جزء من هذه الصلاة أو هو مانع؟ إذا كان في الواقع المطلوب عليه الصلاة قصراً فالسلام جزء من هاتين الركعتين وإذا كان في الواقع المطلوب عليه الصلاة تامةً فالسلام مانع من هاتين الركعتين، هكذا المسألة بهذين البيانين.

هذه المسألة بهذين البيانين تدخل في هذه المسألة التي نحن فيها فعلاً، فإذا هناك قلت بالاحتياط المفروض أيضاً أن تقول هنا بالاحتياط، فكيف هناك تحكم بالاحتياط هي صغرى من صغريات هذه المسألة وهنا تقول يدور الأمر على حسب المسلك هناك وبما أن المسلك هناك هو البراءة إذاً هنا التخيير في أحدهما؟ بل يفترض في مثل هذا المقام أن نقول بالاحتياط والوجه فيه واضح أن الحكم بالوجوب تعلق بطبيعي الصلاة فأنا مطلوب بالصلاة ظهراً ولكن أشك ومتردد في هذا المكان، هل أن المطلوب عليّ الصلاة قصراً أو المطلوب عليّ الصلاة تماماً؟ بما أنه متردد في مقام الامتثال مقتضى الاشتغال اليقيني هو الفراغ اليقيني، فنقول بالاحتياط.

هذا هو الوجه في هذه القاعدة، وهذا التنبيه ذكرناه ملخصاً فالمهم الموجود فيه هذا المقدار، وبهذا التنبيه ينتهي الكلام في تنبيهات الأقل والأكثر وبالتالي ينتهي الكلام حول الأصلين العمليين الأساسيين البراءة والاشتغال، إن شاء الله بعد التعطيل يكون البحث في شرائط جريان الأصول العملية.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo