< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/11/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين:

التنبيه الثاني:

كان الكلام في التنبيه الثاني وهو ما إذا شُك في الزيادة أو في حكم الزيادة عمداً وسهواً، والأساس أيضاً فيما إذا شُك في الزيادة، ومهَّد السيد الخوئي (ره) تمهيدين قبل الدخول في أصل البحث، وكان التمهيد الأول حول إمكان تحقق الزيادة وهل يتعقل أم لا؟ فيظهر من البعض أنه ينكر الإمكان لأن الجزء إما أن يؤخذ لا بشرط وإما أن يؤخذ بشرط عدم الزيادة، إذا أُخذ لا بشرط فاللابشرط يجتمع مع الأول والثاني فلا تتحقق الزيادة، وإذا أُخذ بشرط عدم الزيادة عدم التعدد هنا لو أتى بالزيادة فهو لم يحقق الجزء لأن الجزء المطلوب شرعاً هو الجزء بشرط عدم الزيادة فمتى ما تحققت الزيادة لم يتحقق الجزء المطلوب، فعليه: لا نتعقل الزيادة.

أجاب السيد الخوئي (ره) كما ذكرنا، وملخصاً نقول: بالنسبة إلى الشق الأول الذي أُخذ لا بشرط يتصور على نحوين:

النحو الأول: أُخذ لا بشرط مطلق بحيث يمكن أن يأتي بالأول والثاني والثالث والكل يعتبر مما ينطبق عليه المطلوب شرعاً.

النحو الثاني: يؤخذ لا بشرط ولكن بنحو أن المطلوب صرف الوجود، هنا إذا كان المطلوب صرف الوجود فهو يتحقق بالوجود الأول للطبيعة فمتى ما تحقق الوجود الأول للطبيعة تحقق المطلوب وتحقق الجزء، والفرد الآخر يعتبر زائداً ويطلق عليه زائداً مع أنه لا بشرط، هذا أولاً.

ثانياً: أجاب الجواب الثاني، هو في الواقع يصلح أن يكون جواباً عن الشق الأول من الدعوى وعن الشق الثاني، الإشكال الثاني الذي أورده: يقول: بأن المدار على العرف وليس المدار على الدقة العقلية حتى نقول أُخذَ لا بشرط وبما أنه أُخذ لا بشرط فالأول والثاني والثالث ينطبق عليه، أو في الشق الثاني أُخذ بشرط عدم الزيادة فمجيء الفرد الثاني من الجزء يوجب أن لا يتحقق أصل الجزء، هذا بنحو الدقة العقلية، ولا أثر لذلك، الأثر على العرف والعرف يرى بعد تحقق الفرد الأول أن الفرد الثاني زائد، فإذا ركع أولاً فلما يأتي بركوع آخر العرف يرى أن هذا ركوع زائد، ولما سجد سجدتين وأتى بثالثة العرف يرى أن هذا السجود الثالث سجود زائد، أو عندما قرأ الفاتحة مرة واحدة ثم أتى بالفرد الآخر العرف يرى أن هذا زائد، أُخذَ بنحو لا بشرط أو أُخذ بنحو بشرط لا، فإذا أُخذ بشرط لا العرف يرى أن ما أتى به من الفرد الثاني هو فرد زائد فإذا كان فرداً زائداً تتحقق الزيادة ولا يقال أنه لم يتحقق الجزء بغض النظر أن الجزء المطلوب تحقق أو لم يتحقق، المهم الآن تحققت الزيادة، هذا تقدم الكلام ملخصاً مع إضافة مختصرة.

الجهة الثانية في التمهيد: هي في هذا السؤال، هل يعتبر قصد الزيادة في تحقق الزيادة أو لا يعتبر قصد الزيادة؟ قبل أن ندخل لبيان هذه الجهة أيضاً نحن نذكر تمهيداً، نقول: بأن الأفعال تنقسم إلى قسمين: أفعال قصدية وأفعال غير قصدية، بمعنى أن العناوين المرتبطة بالأفعال تارة تتحقق عندما تُقصد يتحقق هذا العنوان، وتارة تتحقق قٌصد العنوان أو يٌقصد العنوان، مثلاً: لو فُرض أن مؤمناً داخل لمجلسٍ وقام أحد القاعدين من مجلسه، هنا يمكن أن نتصور ثلاث حالات لقيام هذا الشخص:

الحالة الأولى: أنه قام احتراماً للقادم يريد أن يهيئ له مكان أن يجلسه مكانه أو مجرد القيام لأجل الاحترام، فيتعنون هذا الفعل بعنوان الإكرام والاحترام للمؤمن.

الحالة الثانية: أن يقوم بغرض الاستهانة به لا يريد أن يجالس هذا الشخص ويحتقره واحتقاراً له قام من المجلس وخرج، هذا القيام كفعل نفس القيام الأول كفعل ولكن القيام الأول تعنون بعنوان الاحترام والقيام الثاني تعنون بعنوان الإهانة بهذا المؤمن.

الحالة الثالثة: أن هذا الرجل قام لا لأجل الاحترام ولا لأجل الإهانة وإنما لسبب آخر لا يرتبط بالقادم، صار عنده ظرف جاءه اتصال وقام وخرج، هذا لا يتعنون بعنوان الاحترام ولا يتعنون بعنوان الإهانة، هذا الفعل وإن كان في الصورة الفعل واحد ولكن اختلف انطباق العنوان عليه باختلاف القصد وعدم القصد.

إذاً عندنا أمور قصدية وهذه سيالة في أمور كثيرة ويمكن أن نستفيد منها في موارد من الفقه، ضرب اليتيم تارة يكون بقصد التشفي من أبيه، بينه وبين أبيه شيء فللتشفي من أبيه يضرب اليتيم هذا يتعنون بعنوان قبيح، وتارة ضرب اليتيم لأجل التأديب، فعل فعلاً منكراً لا ينبغي صدوره وتأديبه بهذه الصورة يكون هذا العنوان الثاني عنوان التأديب عنوان حسن بينما الأول كان عنواناً قبيحاً.

إذاً هذا الفعل وهو الضرب يختلف باختلاف القصد، وكثير من هذه الموارد تبتني على هذا القصد، إذا اتضحت هذه الفكرة الآن نرجع إلى ما أفاده السيد الخوئي (ره) في الجهة الثانية.

هل الزيادة في الصلاة في العبادة في المركبات الاعتبارية، هل الزيادة قصدية يعني يعتبر فيها القصد؟ يقصد أنما أتى به جزء من المركب؟ أو لا يحتاج إلى قصد؟ متى ما جاء به وهو في نفسه زائد يعتبر زيادة في الأمر الاعتباري؟

نقول: هنا قسمان:

القسم الأول: أُخذ فيه القصد، قصد الزيادة فإذا صدر من المكلف بلا قصد الجزئية من المركب لا يتعنون بعنوان الزيادة، فالقسم هذا الأول أُخذ فيه القصد، إذا قصد الجزئية يعتبر زائداً وإذا لم يقصد الجزئية لا يعتبر زائداً، مثلاً: أراد أن يأتي بدعاء في أثناء الصلاة لا بقصد أنه جزء من الصلاة، أراد أن يأتي بتسبيح لله في الصلاة لا بقصد أنه جزء من الصلاة، أراد أن يقرأ سورة بعد القراءة لا بقصد أنها جزء من الصلاة وإنما بقصد أن يقرأ القرآن في أثناء الصلاة، هذه لا تعتبر زيادة في الصلاة؛ لأن مثل هذه القراءة يحتاج في تعنونها بالزيادة أن يقصد الجزئية، لو مثلاً قرأ الفاتحة وقرأ سورة وتحقق منه الامتثال إذا قرأ سورة ثانية أو قرأ نفس السورة التي قرأها بقصد أنها جزء من الصلاة هنا تعتبر زائدة، أما لو قرأ السورة وأعادها لا بقصد أنها جزء بل بقصد أنها قراءة من القرآن في أثناء الصلاة هذه لا تعتبر زيادة، إذاً هذا القسم الأول من الأفعال يحتاج إلى قصد الجزئية قصد أنه جزء من المركب حتى يتعنون بعنوان الزيادة، ومتى لم يقصد الجزئية لا يتعنون بعنوان الزيادة.

القسم الثاني من الأفعال: أن صدوره في أثناء الصلاة حتى لو لم يكن بقصد الجزئية من المركب يعتبر زيادة في الصلاة، هذا النحو إنما قلنا به لقيام الدليل عليه يعني تعبداً اعتُبر زيادة، من هذا الباب المثال: السجود في الصلاة من دون قصد الجزئية يعتبر زيادة لأنه ورد عندنا في بعض الروايات أن من قرأ آية السجدة في الصلاة يأتي بالسجود إذا أتى بالسجود يعتبر هذا زيادة في الصلاة، الرواية اعتبرت أن سجدة التلاوة في أثناء الصلاة زيادة في الصلاة، مع أنه المكلف أتى بها لا بقصد أنها جزء من الصلاة وإنما أتى بها لأنه قرأ آية التلاوة، فهو لم يأتِ بها بقصد جزئيتها في الصلاة مع ذلك الشارع اعتبر هذا السجود زيادة في المكتوبة في الصلاة، إذاً حتى لو لم يقصد الجزئية هي زيادة تعبداً من طرف الشارع، لما اعتبرها الشارع زيادة من هذا السيد الخوئي (ره) توسع، قال: الركوع زيادة في الصلاة حتى ولو لم يقصد الجزئية من باب أولى بالأولوية القطعية، إذا الشارع اعتبر السجود زيادة في المكتوبة فبالنسبة إلى الركوع من باب أولى أن يكون زيادة في المكتوبة وزيادة في الصلاة، فإذاً هذا القسم من الأفعال يتعنون بعنوان الزيادة في الصلاة حتى ولو لم يقصد المكلف فيه الجزئية.

طبعاً هنا عندنا تعليق مختصر: وهو أنه كما قلنا في بادئ الأمر بأن الأفعال تختلف باختلاف القصود، هذا لا إشكال فيه، ولكن بالنسبة إلى السجود لم نعتبر فيه القصد لأن الشارع أطلق عليه زيادة، النقطة هنا: هل يمكن التعدي من السجود إلى الركوع، السيد الخوئي (ره) قال: نعم هذا من باب الأولوية القطعية، إذا كان السجود يعتبر زيادة في المكتوبة فمن باب أولى الركوع إذا لم يؤتى به بقصد الجزئية، لكن نقول: أن هذا المقادر ليس عليه دليل، وليست الأولوية بواضحة باعتبار أن الشارع أطلق على السجود زيادة ولعل هذا أيضاً إطلاق تسامحي يعني من طرف الشارع يعني أطلق الزيادة على السجود مجازاً، هو شيء خارج عن الصلاة فسجود التلاوة خارج عن الصلاة ولم يأتِ به المكلف بقصد الجزئية ولكن الشارع من باب المجاز أطلق عليه أنه زيادة، ليس مجازاً في الحكم، الحكم مثلاً يقول تبطل الصلاة يعيد الصلاة ذاك أمر آخر، ولكن تسمية هذا الفعل بالزيادة ربما تكون التسمية مسامحية.

عليه: هل المناط واحد بحيث أنه نستفيد بالأولوية القطعية بما أن الركوع ركن أهم في الصلاة من سجدة واحدة فإذا كانت السجدة الواحدة سميت زيادة فالركوع من باب أولى، هل هذا من هذا القبيل باعتبار أن حكم الركوع ركن وسجدة واحدة ليست بركن، فالإتيان بغير الركن إذا اعتبر زيادة فالإتيان بالركوع يعتبر زيادة، هل هذا المناط هنا؟ أو المناط شيء آخر؟ لا نعلم أن المناط ما هو فما دام لم يُعلم المناط دعوى الأولوية لا تخلو من شيء، إذاً هذه نقطة استفهامية تبقى.

على كل حال أصل المطلب، نقول: بأن الأفعال على نحوين، نحوٌ يصدر ويتعنون بالعنوان إذا كان مقصوداً يعني نشترط فيه القصد، عنوان آخر هذا لم نأتِ به وكان لا بد من ذكره في التمهيد.

هناك بعض الأفعال لا تحتاج إلى قصد ويتعنون العنوان، في نفس مثالنا السابق، القيام تعنون بعنوان عدم الاحترام لهذا القادم وإهانته، قلنا هذا لما صار فيه هذا القصد تعنون القيام بالإهانة للمؤمن، وعندنا عنوان آخر لا يحتاج إلى قصد، لو فُرض شخص بذيء تفل في وجه مؤمن حتى لو قال لم أقصد الإهانة نقول له هذه إهانة قصدت أو لم تقصد، فإذاً القصد في هذا الفعل لا حاجة له يعني يتعنون الفعل بالإهانة حتى ولو لم يقصد، هذا نربطه بالتمهيد كان المفروض أن نذكره تكملة للتمهيد ولم نذكره.

فإذاً نقول: الأفعال تختلف، فعلٌ يحتاج في تعنونه بالعنوان المراد إلى القصد والفعل الآخر لا يحتاج إلى القصد في تعنونه بالعنوان، وإنما يصدق عليه العنون قصد أو لم يقصد، هذا النحو إذا وُجد في مثل موارد الصلاة نعم نقول عندنا قسم من أفعال الصلاة إذا لم تُقصد الجزئية لا يسمى زيادة ومثلنا كالسورة وقراءة القرآن والدعاء وما شاكل، وعندنا قسم الشارع عنونه، لو خلينا وأنفسنا ربما تكون سجدة التلاوة لا تعد زيادة مادام لم يقصد فيها الجزئية، أما لما الشارع هو حدد وبيَّن فنحن وما حدده الشارع، هذا بالنسبة إلى التمهيد.

قبل الدخول في أصل المطلب نقول هنا: نحتاج إضافة شيء للتمهيد الذي أفاده السيد الخوئي (ره) وقبل الدخول في أصل المطلب: وهو أنه يمكن أن نقول هكذا: يعتبر في صدق الزيادة يعني من خلال ما ذكرناه وغيره يعتبر في صدق الزيادة أمور:

الأمر الأول: أن يكون الزائد من سنخ المزيد فيه، أتى بركوع ثم يأتي بركوع آخر، أتى بسجود ثم يأتي بسجود آخر، أتى بالفاتحة ثم يأني بفاتحة أخرى، يعني من نفس الصنف وبما أنه من سنخ المزيد فيه الزيادة هنا تتحقق، لو لم يكن من صنف المزيد فيه كان من صنف آخر يختلف ذلك الآخر أيضاً في تحقق زيادته وعدم تحقق زيادته، ربما في بعض الأمور تصدق الزيادة وفي بعض الأمور لا تصدق الزيادة، عرفاً يمكن بعض الأمور تصدق الزيادة وقسم من الأمور لا تصدق.

الأمر الثاني: أنه تتحقق الزيادة إذا أُخذ في المزيد فيه حدٍ خاص كما قلنا إذا أُخذ فيه أن يكون بنحو صرف الوجود يعني أن الطبيعة مأخوذة ولكن مأمورة بنحو صرف الوجود، لما كانت مأمورة بنحو صرف الوجود إذاً أُخذ فيه حدٌ خاص وهو الفرد الأول، وما بعد هذا الفرد الأول يعتبر زيادة، فهذا أيضاً شرط آخر لتحقق الزيادة وهو أن يكون المزيد فيه أُخذ شرعاً محدوداً بحدٍ خاص.

الأمر الثالث: أن يؤتى به بقصد الجزئية، هذا الشرط قيد للقسم الأول، غير ما قام عليه الدليل، ما قام عليه الدليل أنه يكون زائداً حتى لو لم يقصد الجزئية لا نحتاج إلى هذا الشرط، هذا الشرط يأتي بالنسبة إلى الأفعال الأخرى، نقول: أن يقصد فيها الجزئية التي تدور مدار اعتبار القصد.

إذا اتضحت هذه الأمور الآن يكون البحث في أصل المطلب، لو شك في الزيادة وهذا ما يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo