< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/10/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين:

الوجه في جريان البراءة في المقام:تقدم الكلام في إشكال صاحب الكفاية على جريان البراءة العقلية في الأجزاء التحليلية وما يرتبط به من إشكالي السيد الخوئي (ره) وإشكال الشيخ الوحيد (حفظه الله).

الآن نقول: يتضح من خلال ما تقدم أن الوجه في جريان البراءة العقلية والشرعية في المقام هو نفس الوجه المتقدم في جريان البراءة بالنسبة إلى الأجزاء الخارجية، ولتوضيح ذلك:

نقول: بالنسبة إلى الأجزاء الخارجية، يعني الركوع والسجود والتشهد والتكبير وما شاكل، هنا إذا شككنا في أمر زائد، يعني دار أمر المركب بين الأقل والأكثر، فعندنا قدر متيقن وهو الأقل ولنفترض عشرة أجزاء بالنسبة إلى الصلاة هذه داخلة تحت الأمر قطعاً ولكن نشك في جزء آخر حادي عشر هل هذا جزء أو ليس بجزءٍ من الصلاة؟ وتقدم هناك أن الأقل وهو العشرة الأجزاء قدر متيقن في دخوله تحت الأمر وأنه واجب إما بالوجوب الاستقلالي كما ذكرنا هناك أو بالوجوب الضمني في ضمن المركب، على كل تقدير هو واجب، بمعنى أنه لا يمكن أن نجري البراءة عنه، وبالنسبة إلى الجزء الحادي عشر المشكوك في كونه جزءً وعدم كونه جزءً هنا مجرى للبراءة بلا معارض، نشك هل هو واجب أو لا؟ هل هو داخل تحت الأمر أو لا؟ هنا عندما نشك نجري فيه البراءة ولا معارض لهذا الأصل، فبالتالي ينحل العلم الإجمالي والتردد الموجود إما العشرة أجزاء أو الأحد عشر جزء هذا التردد يرتفع، هذا ما ذكرناه هناك.

نفس الكلام الذي نريده الآن ونفس الوجه يمكن صياغته ويمكن الإتيان بنفس الوجه في المقام وذلك، نحن عندنا الآن قسمان في الأجزاء التحليلية: القسم الأول هو ما يكون المشروط خارجاً مستقلاً مثلاً الصلاة هل هي مشروطة بالستر أو لا؟ هل هي مشروطة بالطهارة أو لا؟ هذا القسم الأول من الأجزاء التحليلية عندما نقول نشك يعني يدور الأمر بين أخذ الصلاة لا بشرط من ناحية الستر ومن ناحية الطهارة أو أُخذت بشرط شيء من ناحية الستر أو الطهارة فيدور الأمر بين لا بشرط وبين بشرط شيء، في مثل هذا المقام نفس الوجه الذي ذكرناه سابقاً يأتي في المقام بحذافيره، نقول: بالنسبة إلى ذات المشروط يعني نفس الصلاة تعلق بها الأمر بلا إشكال ولكن نشك هل تعلق الأمر بها لا بشرط من ناحية الطهارة أو من ناحية الستر أو تعلق بها الأمر بشرط الطهارة أو الستر، هنا دار الأمر بين لابشرط وبين بشرط الطهارة وبشرط الستر، ذات الشروط ذات الصلاة متيقن أنها داخلة في الأمر تعلق بها الأمر تجب الصلاة ذات الصلاة لا إشكال فيها، إذاً من هذه الجهة لا تجري أصالة البراءة عن نفس ذات المتعلق ذات المشروط وبالنسبة إلى الشرط هنا نشك هل اشترطت الطهارة في الصلاة هل اشترط الستر في الصلاة؟ هذا أمر زائد عن ذات المشروط، هل الأمر المتعلق بالصلاة ينبسط على ذات الصلاة وعلى الطهارة أيضاً أو لا؟ نشك الأمر تعلق بالصلاة مضافاً إلى تعلقه بالصلاة هل تعلق أيضاً بهذا الشرط هذه الخصوصية الزائدة أو لا؟ نشك فيمكن جريان أصالة البراءة عن هذا الشرط الزائد عن هذه الخصوصية الزائدة.

ولتوضيح ذلك أكثر نقول: إننا الآن نريد أن نثبت قدر متيقن في البين وأن ما نحن فيه في الأجزاء التحليلية من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر، هذه النقطة المهمة التي ينبغي إثباتها، أن هنا المقام من قبيل دوران الأمر بين الأقل والأكثر، عرفاً وليس دقة عقلية نلاحظ أنما نحن فيه من دوران الأمر بين الأقل والأكثر وذلك: لأن العرف يرى أن الصلاة مع الطهارة والصلاة بلا طهارة أن هناك أقل وهناك أكثر بمعنى أن الصلاة بلا طهارة فرد للصلاة ولكن بالنسبة إلى الفرد الآخر -وهو الصلاة مع الطهارة- فرد ناقص وفرد أقل من ذلك الفرد، فالعرف يرى أن الصلاة مع الطهارة صلاة وزيادة والصلاة بلا طهارة فقط صلاة، فإذاً عند العرف هنا أقل وهنا أكثر، وعليه: بالنسبة إلى الأقل لا شك أنه واقع تحت الأمر ولكن بالنسبة إلى الأكثر بالنسبة إلى شموله للطهارة نشك في الشمول نشك في تعلق الأمر ونشك في انبساط الأمر عليه بحيث يشمل الصلاة المشروطة ويشمل الطهارة، إذا شككنا فيه كما قلنا نجري في هذه الخصوصية الزائدة عن المشروط نجري فيها أصالة البراءة، على هذا يتضح الكلام بأنه بالنسبة إلى الزائد تجري فيه أصالة البراءة بلا معارض فالنتيجة هو انحلال العلم الإجمالي، هذا بالنسبة إلى القسم الأول من الأجزاء التحليلية.

أيضاً نفس البيان يأتي في القسم الثاني من الأجزاء التحليلية، القسم الثاني قلنا بأنه مقيد وقيد وليس شرطاً ومشروطاً وقلنا بأنه غير مستقل، الرقبة مع الإيمان فالإيمان غير مستقل عن الرقبة ليس شيئاً منفكاً عن الرقبة، ولكن لا يدخل في قوامها حتى لا يدخل في القسم الثالث، هو غير مستقل ليس مثل المثال الأول في القسم الأول، غير مستقل ولكنه غير مقوم أيضاً للرقبة، في مثل هذا الفرض هل يمكن تصور ما ذكرناه في القسم الأول أو لا؟ نقول ايضاً يمكن تصوره، هنا عندما نقول: دار الأمر بين تقيد الرقبة بالإيمان وعدمه، أعتق رقبة، شككنا هل هذه الرقبة متقيدة بالإيمان يعني أُخذ فيها قيد الإيمان فالمطلوب رقبة مؤمنة؟ أو يكفي مطلق الرقبة ولم يؤخذ قيد الإيمان؟ الشك هنا يرجع إلى الشك في تقيد الواجب بقيد زائد، الواجب عتق الرقبة نشك في تقيده بقيد زائد، هذا المعنى يرجع إلى المعنى السابق، يعني نشك في انبساط الأمر عليه، هل الأمر المتعلق بالرقبة ينبسط على قيد الإيمان أو لا؟

وبعبارة أخرى: الشك في التقيد بقيد الإيمان الشك في الأمر بالتقيد زائداً على الأمر بذات المقيد، هذا أيضاً من قبيل الأقل والأكثر ولكن بلحاظ تعلق التكليف وبلحاظ دخول المقيد والتقيد في العهدة بمعنى أن ذات المقيد داخلة في العهدة، هل التقيد داخل أيضاً في عهدة التكليف أو غير داخل؟ هذا التقيد أمر زائد عن نفس المقيد، هنا تجري البراءة في هذا التقيد الزائد، لأنه نفس ما ذكرنا سابقاً أن هنا عندنا أقل وأكثر أيضاً الأقل هو ذات المقيد ذات الرقبة والأكثر هو المقيد مع التقيد مع قيد الإيمان، النسبة حتى العرف يلاحظ ذلك أن المقيد في حد نفسه أقل من المقيد مع القيد، لما نقول تقيد بالإيمان هذا قيد زائد وهذا أكثر، فإذاً نتصور المقيد والتقيد بالإيمان نتصور أمرين أحدهما أكثر من الآخر، الرقبة مع التقيد بالإيمان أكثر من الرقبة لوحدها.

إذا وصلنا إلى هذه الجهة أنه سلمنا بوجود الأقل والأكثر يأتي نفس البيان المتقدم بالنسبة إلى الأقل لا مورد لجريان البراءة فيه لدخوله تحت الأمر قطعاً وبالنسبة إلى الأكثر نشك في دخوله في العهدة ونشك في انبساط الأمر إليه بحيث يشمله، عندما نشك فيه نستطيع أن نجري أصالة البراءة عن هذا القيد الزائد أو عن هذه الخصوصية الزائدة، إذا جرت البراءة في هذه الخصوصية الزائدة ينحل العلم الإجمالي أيضاً، هذا ما نقوله في البيان.

والذي نريد أن نؤكد عليه أن هذا ليس مجرد تحليل عقلي كما أدُعي ذلك، لا، حتى عرفاً بالبيان الذي ذكرناه يلاحظ العرف أن هناك شيئين وهناك أقل وأكثر وهذا ما نريد أن نصل إليه.

ولكن على فرض عدم قبول هذه الجهة، بحيث يُدعى بأن المدار على ثبوت دوران الأمر بين الأقل والأكثر عرفاً وفي الأجزاء التحليلية ولا سيما القسم الثاني دوران الأمر بين الأقل والأكثر بحسب التحليل العقلي وليس بحسب العرف، يعني يُدعى أن العرف لا يرى بينهما أقل وأكثر باعتبار أنه ليس مستقلاً عنه وإن لم يكن مقوماً له، فإذا فرضنا أن دوران الأمر بين الأقل والأكثر هنا ليس واضحاً عند العرف بل هو من التحليل العقلي، إذاً لا تجري البراءة عن الزائد، إذا سلمنا بهذا يعني رفعنا اليد عما ذكرناه أولاً، تنزلاً فرضنا أنه لم يكن من باب الأقل والأكثر بهذا المعنى الذي ذكرناه، هل هناك وجه لجريان البراءة أو يتحكّم ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قده)؟ نقول نعم، الوجه الذي ذكره الشيخ الوحيد (دام ظله) وذكرناه سابقاً ولا بأس بإعادته بشكل أوضح.

الشيخ الوحيد (حفظه الله) يقول: فرق بين الأجزاء الخارجية التي تقدم الكلام فيها وبين الأجزاء التحليلية بالقسم الأول والقسم الثاني، ولكن هنا عندما نلاحظ دوران الأمر بين اللابشرط والبشرط القسم الأول أو بين المطلق والمقيد القسم الثاني من الأجزاء التحليلية نلاحظ أنه في الواقع لا يخلو الأمر ثبوتاً يعني لا يخلو الأمر إما أن تكون الصلاة أُخذت بشرط الطهارة بشرط الستر أو لا؟ وبالنسبة للرقبة التي يجب عتقها ثبوتاً إما إنه أُخذت لابشرط من ناحية الإيمان أو أخذت بشرط الإيمان؟ هذا في الواقع لا محيص عنه، أيضاً في مقام الثبوت يوجد ما يكشف عنه إن كان مطلوباً بمعنى: إذا كان شرط الطهارة مأخوذا في الصلاة فدليل الشرطية في مقام الإثبات كاشف عن أخذه في مقام الثبوت، دليل الإيمان بالنسبة إلى عتق الرقبة المؤمنة هذا كاشف عن أخذ الإيمان في الرقبة وأن المطلوب هو الرقبة المؤمنة، هذا من ناحية الثبوت ومن ناحية الإثبات.

الآن نحن نتصور عندنا علم إجمالي وهو يتوقف على وجود يقين يتعلق بالمعلوم بالإجمال وأن يوجد طرفان لهذا العلم الإجمالي، عندنا يقين بالنسبة إلى الصلاة عندنا يقين بوجوب الصلاة ولكن نشك هل الصلاة مشروطة بالطهارة أو الستر أو أُخذت لابشرط من ناحيتهما؟ أيضاً من ناحية الإيمان عندي علم إجمالي بوجوب عتق رقبة ولكن هذه الرقبة هل أُخذت بنحو الإطلاق أو أُخذت بنحو التقييد بالإيمان؟ نحن هنا نشك، بالنسبة إلى الطرف الأول من أطراف العلم الإجمالي وهو لا بشرط في المثال الأول والإطلاق في المثال الثاني، هنا هل نحتمل التكليف به والعقوبة عليه؟ احتمال التكليف وبالتالي احتمال العقوبة، يعني هل نحتمل التكليف بالإطلاق التكليف باللابشرط؟ قطعاً لا، لا نحتمل أنه هناك تكليف غير التكليف المتعلق بالرقبة يكون عندي تكليف بنفس لابشرط بنفس الإطلاق، هنا غير مطلوب يعني أنه لا نحتمل التكليف به بالتالي لا نحتمل العقوبة من طرفه، وهذه الجهة واضحة، وبما أنه لا نحتمل التكليف لا يكون مجرى للبراءة ولا معنى لجريانها فيه، إذاُ أحد طرفي العلم الإجمالي ليس مجرى للبراءة لعدم احتمال التكليف فيه، وبالنسبة إلى الاحتمال الثاني أحتمل التكليف من جهة المولى أحتمل أخذ الشرطية شرطية الطهارة أحتمل التكليف بالطهارة في الصلاة أحتمل التكليف بالستر في الصلاة أحتمل الإيمان في عتق الرقبة أن تكون الرقبة مؤمنة، احتمال التكليف هنا وارد.

وإذا كان احتمال التكليف وارد الآن نطبق: نحن نحتمل التكليف، الدليل الدال على وجوب الصلاة أو على وجوب العتق هو في حد نفسه لا يشمل الطهارة ولا يشمل الإيمان وإنما نشك هل أن الشارع اشترط ذلك أو لا؟ بحيث يوجد عندي دليل على الشرطية، لأنه قلنا إنه في مقام الإثبات لا بد من وجود دليل على الشرطية، هنا نشك فنشك في وجود الدليل وفي وجود البيان، هل قام بيان على اشتراط الطهارة والستر في المثال الأول؟ هل قام بيان على اشتراط الإيمان في الرقبة بالنسبة إلى المثال الثاني؟ أو لم يقم بيان؟ هنا نحتمل التكليف لم يوجد بيان نقول قبح العقاب بلا بيان يعني يتنقح موضوع البراءة العقلية وهو عدم البيان فهنا قبح العقاب بلا بيان هنا أيضاً لا يوجد بيان إذا لا يوجد بيان تجري البراءة العقلية بلا معارض لأن أحد طرفي العلم الإجمالي لا مجرى فيه للبراءة لعدم احتمال التكليف فيه من أساس وهو نفس لابشرط نفس الإطلاق، هذا الترديد لابشرط أو بشرط مطلق أو مقيد، مطلق لابشرط لا يحتمل فيه التكليف لا تجري فيه البراءة، الطرف الثاني من العلم الإجمالي تجري فيه البراءة العقلية بلا إشكال وبلا معارض، لأن موضوع البراءة العقلية هو عدم البيان ونحن هنا نحتمل الشرطية ونشك في وجود ما يدل عليه لم يظهر لنا ما يدل عليه، نشك في قيد الإيمان ولا يوجد عندنا ما يدل عليه، إذاً عدم البيان على هذا الشرط أو القيد عدم البيان موضوع لجريان أصالة البراءة العقلية.

وأيضاً تجري البراءة الشرعية لأن موضوع البراءة الشرعية الذي يمكن أن يجعله الشارع أن يضعه الشارع على المكلف إذا شككت فيه ولم أعلم به وجهلت به، شككت هل أُخذت الشرطية أو لم تؤخذ؟ هل أُخذ قيد الإيمان أو لم يؤخذ؟ الشرطية وقيد الإيمان مما يجعلهما الشارع ومما يضعهما الشارع، إذا كانا كذلك والآن جهلنا ولا نعرف (رفع ما لا يعلمون) فإذاً يتحقق عندنا موضوع البراءة الشرعية، على هذا لما جرت البراءة العقلية والشرعية عن الشرط وعن التقيد انحل العلم الإجمالي ولكن انحلال العلم الإجمالي انحلال حكمي حكماً لأنه من حيث الأثر من حيث الحكم ينحل العلم الإجمالي، هذا ما أفاده الشيخ الوحيد (حفظه الله) وهو متين.

فإذاً نحن في الدرجة الأولى نقول بالبيان الأول الذي ذكرناه وعند التنزل وعدم تصور أقل وأكثر في الأجزاء التحليلية يأتي لنا البيان الذي أفاده الشيخ الوحيد (حفظه الله).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo