< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/10/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين:

رد الشيخ الوحيد (حفظه الله) على السيد الخوئي (قده):

تقدم الكلام عندنا في نظر صاحب الكفاية (قده) وقال: بأن في القسمين الأولين من الأجزاء التحليلية لا تجري البراءة العقلية وإن كانت تجري البراءة الشرعية، وبين وجه ذلك، وهو أنه القدر المتيقن في مقام الامتثال الذي يوجب الانحلال وجريان البراءة غير موجود، عندما يكون عندي قدر متيقن في مقام الامتثال صار عندي علم تفصيلي وشك بدوي فيمكن أن أجري البراءة في المشكوك فيه وهنا لا يوجد عندي قدر متيقن في مقام الامتثال لأن في مقام الامتثال الأمران متباينان، الصلاة مع الستر مباينة للصلاة مع عدم الستر، الرقبة غير المؤمنة مباينة مع الرقبة المؤمنة، فإذاً لا يوجد عندي قدر متيقن في مقام الامتثال فلهذا لا تجري البراءة ليتحقق الانحلال.

وأورد عليه كما ذكرنا السيد الخوئي (ره) بإيرادين:

الإيراد الأول: السيد الخوئي قال: إن القدر المتيقن الموجب للانحلال ليس هو القدر المتيقن في مقام الامتثال بل القدر المتيقن في مقام تعلق التكليف وهذا الفارق الأساس بين المحقق صاحب الكفاية والسيد الخوئي، المحقق صاحب الكفاية يقول القدر المتيقن في مقام الامتثال هو الموجب للانحلال، والسيد الخوئي يقول القدر المتيقن الموجب للانحلال هو في مقام التكليف، والمقام من هذا الباب التكليف تعلق بالطبيعي، مثلاً في الصلاة طبيعي الصلاة وفي عتق الرقبة طبيعي الرقبة، القدر المتيقن هو الطبيعي، ثم هل هذا الطبيعي أُخذ لا بشرط في الصلاة مثلاً طبيعي الصلاة أُخذ لا بشرط الستر أو مع شرط الستر؟ هذا مورد الترديد، وفي عتق الرقبة المتيقن هو تعلق وجوب العتق بالرقبة طبيعي الرقبة الترديد هل طبيعي الرقبة أُخذ بشرط الإطلاق لا بشرط من حيث الإيمان وعدم الإيمان أو أُخذ بشرط الإيمان؟ إذاً عندي قدر متيقن في مقام تعلق التكليف وهو الطبيعي في المثال الأول الصلاة للقسم الأول ومثال القسم الثاني طبيعي الرقبة، فعليه: ينحل العلم الإجمالي، هذا ما أورده السيد الخوئي (ره) على المحقق صاحب الكفاية (قده).

هنا الشيخ الوحيد (حفظه الله) أورد على المحقق السيد الخوئي (ره) ودفع إشكاله عن صاحب الكفاية بإيرادين:

الإيراد الأول: هو أن العلم الإجمالي يتقوم بالمعلوم الإجمالي وأن يكون هناك طرفا ترديد، هذا المعلوم بالإجمال ينطبق على أي الطرفين هذا أو ذاك، بيان هذه الجهة: عندما تقول: أعلم إجمالاً بنجاسة أحد الإناءين، عندك علم وهذا العلم لا بد له من متعلق ومتعلقه هو النجاسة أعلم بالنجاسة، العلم الإجمالي يتقوم أيضاً مضافاً إلى هذا المعلوم بالإجمال يتقوم من قضية منفصلة مرددة بين طرفين فهنا مثلاً في المثال، أقول: أعلم إجمالاً بالنجاسة ولكن هل هي في هذا الإناء أو في هذا الإناء؟ أو أقول إما في هذا الإناء وإما في هذا الإناء، هنا علم إجمالي تام معلوم بالإجمال وهذا المعلوم بالإجمال له طرفا ترديد وهو إما أن يكون هنا وإما أن يكون هنا، فمركز العلم صار واضحاً ومركز الترديد أيضاً صار واضحاً، هذه النقطة.

الآن لما نأتي إلى ما أفاده السيد الخوئي في مقام تعلق الخطاب، أعلم بوجوب طبيعي الصلاة هل هي الصلاة مع الستر أو الصلاة بلا ستر؟ أنا لا أعلم، في هذا المثال وفي هذا المقام وأيضاً في نفس مثال الرقبة، أعلم بوجوب عتق رقبة ولكن هل هي الرقبة المؤمنة أو غير المؤمنة؟ أنا متردد، هنا المعلوم بالإجمال الذي أُخذ مقوماً للعلم الإجمالي لا يمكن أن يكون موجباً لانحلال العلم الإجمالي يستحيل ذلك، نفس المعلوم المتعلق الذي هو مقوم للعلم الإجمالي يستحيل أن يكون هو موجباً لانحلال العلم الإجمالي، وما نحن فيه في هذا المثال على طبق ما أفاده السيد الخوئي (قده) يكون المعلوم بالإجمال المقوم للعلم الإجمالي هو موجب لانحلال العلم الإجمالي.

بيان ذلك: المتعلَّق هو طبيعي الصلاة في المثال الأول وطبيعي الرقبة في المثال الثاني، تعلق وجوب الصلاة أو وجوب عتق الرقبة كما أفاد، هذا المعلوم بالإجمال طبيعي الصلاة أُخذ لا بشرط من حيث الستر وعدمه والرقبة أُخذت لا بشرط من حيث الإيمان وعدمه وهذا المطلق، أو أُخذ بشرط شيء في الصلاة بشرط الستر وفي الرقبة بشرط الإيمان؟ التردد الموجود بين الطرفين هو بين الإطلاق وبين التقييد، المعلوم بالإجمال هو طبيعي الصلاة وطبيعي الصلاة أنتَ تقول: هو قدر متيقن وهذا القدر المتيقن أوجب الانحلال لأنه أنا علمت بوجوب طبيعي الصلاة يعني لا بشرط وشككت في القيد أجري البراءة في القيد، علمت بطبيعي الرقبة لا بشرط من حيث الإيمان وشككت في شرط الإيمان أجري البراءة في شرط الإيمان، هكذا أردتَ أن يكون الانحلال، وهذا الانحلال معناه أن ما أُخذ مقوماً للعلم الإجمالي وهو علمكَ بالطبيعي نفس الطبيعي نفس المتعلَّق، هذا مقوم للعلم الإجمالي لأن العلم الإجمالي لا بد أن أعلم بالطبيعي علمت بالنجاسة ثم طرفان مترددان، علمت بالطبيعي تقول: علمك بالطبيعي هو بنفسه يوجب الانحلال لأنك تشك في القيد فإذا شككت في القيد أجري البراءة، إذاً ما أُخذ مقوماً للعلم الإجمالي صار موجباً لانحلال العلم الإجمالي وهذا مستحيل.

نعيد بتوضيح: في مثال النجاسة علمتُ بنجاسة أحد الإناءين الآن في المقام تعلق العلم الإجمالي عندك معلوم بالإجمال وهو النجاسة هذا مقوم للعلم، التردد نجاسة إما هذا الإناء وإما هذا الإناء، متى ينحل الآن؟ عندك معلوم بالإجمال وعندك طرفان، ينحل العلم الإجمالي إذا وجد عندك علم تفصيلي بوجود النجاسة في هذا الإناء في الإناء (أ) مثلاً لما علمت بوجود النجاسة في الإناء (أ) الآن انحل العلم الإجمالي وصار عندك علم تفصيلي بنجاسة هذا الإناء (أ) بخصوصه وشك بدوي بنجاسة الإناء الثاني، هنا ينحل العلم الإجمالي، إذاً الذي رفع العلم الإجمالي ليس هو علمك بالنجاسة التي كانت مترددة بين الطرفين، الذي أوجب الانحلال هو علمك التفصيلي، هنا في المقام أنتَ تقول في مقام تعلق الحكم علمتُ بوجوب الطبيعي وجوب الصلاة وجوب عتق الرقبة الطبيعي، هذا الطبيعي مردد بين مع الشرط وبدون الشرط، الذي يقتضي الانحلال ليس هو المعلوم نفسه الذي أُخذ مقوم بل شيء آخر يقتضي، فإذا قلت بأن القدر المتيقن المأخوذ لأجل الانحلال هو المقدر المتيقن في مقام تعلق التكليف معنى ذلك أن الذي أُخذ مقوماً للعلم الإجمالي صار موجباً لانحلال العلم الإجمالي وهذا مستحيل.

الإشكال الثاني الذي أورده الشيخ الوحيد (حفظه الله) على السيد الخوئي (قده):

السيد الخوئي قال: إن القدر المتيقن الموجب للانحلال هو المأخوذ في مقام تعلق التكليف وليس في مقام الامتثال، هذا نمنع منه، لماذا؟ نلاحظ ما هو محل ومركز العلم الإجمالي بحكم العقل، وما هو جهة الإشكال في العلم الإجمالي وكيف التخلص منه؟

عندنا هنا من ناحية التنجيز، التنجيز غير العلم، التنجيز في العلم الإجمالي يكون في أطراف العلم الإجمالي وهذا التنجيز غير العلم فالعلم شيء والتنجيز شيء آخر، بعبارة أخرى: التنجيز متفرع على العلم فالعلم غير التنجيز، التنجيز هو اشتغال بما فرضه العلم.

إذا اتضحت هذه الجهة نقول: عندي حكم شرعي، أعلم بهذا الحكم الشرعي، إذا كان الحكم الشرعي الوجوب مثلاً أعلم بالوجوب، هذا المتعلق، ثم تردد الأمر تجب الصلاة قصراً أو تجب الصلاة تماماً؟ تردد الأمر، الأطراف هذا محل للتنجيز وليست محلاً للعلم الأطراف تنجزت يعني يجب عليك إفراغ الذمة من حيث علمك بالتكليف في مثل الفرض إن علمنا بطريق وجوب القصر مثلاً بعينه، انحل العلم الإجمالي والطرف الآخر ارتفع أساساً، كنت متردد هل تجب صلاة القصر أو تجب صلاة التمام؟ الآن علمت بحسب الأدلة أن الذي يجب هو صلاة القصر، العلم الإجمالي ارتفع والطرف الثاني أيضاً ذهب، إذا كان في التحريم العلم الإجمالي بحرمة أحد فردين علمت بالحرمة طرفا الترديد هذا أو ذاك، إذا علمت تفصيلاً هذا حرام انحل العلم الإجمالي والطرف الآخر ارتفع، على فرض لم ينحل العلم الإجمالي في الموردين، في المورد الأول إذا لم ينحل العلم الإجمالي مقتضى التنجيز الحكم العقلي يقول: تجب طاعة المولى، الحكم العقلي الذي أوجب طاعة المولى يقول لك: يجب عليك الامتثال ولا يتحقق الامتثال وفراغ الذمة إلا بالإتيان بكلا الطرفين في الفرض الأول، وأما في الفرض الثاني في الحرمة، يجب عليك الامتثال ولا يتحقق الامتثال إلا بترك طلا الطرفين المشكوك كل واحد منهما أنه حرام، هذا هو مقتضى ما يوجبه العلم الإجمالي، عندي حكم شرعي علمت به مجمل العقل يقول يجب طاعة المولى وطاعة المولى في مثل هذا المقام لا تكون إلا بهذه الجهة.

إذاً: في مرحلة الامتثال النسبة بين الطرفين نسبة تباين في المثال الأول والمثال الثاني وحتى فيما نحن فيه، فيما نحن فيه تجب الصلاة طبيعي الصلاة وهذه الصلاة ترددت الصلاة مع الستر الصلاة بدون ستر طرفان متباينان، يجب عتق الرقبة هل الرقبة الكافرة أو الرقبة المؤمنة؟ متباينان، إذاً في مقام الامتثال النسبة بين الطرفين هي نسبة التباين ولا يوجد عندي في مقام الامتثال قدر متيقن، كما قال به المحقق صاحب الكفاية واعترف به السيد الخوئي فهو لم ينكر بل قال القدر المتيقن يكون عتدي في مقام التكليف وليس في مقام الامتثال، إذاً في مقام الامتثال لم يوجد عندي قدر متيقن وإنما هما متباينان، وإذا كانا متباينين الآن نفس السلسلة التي ذكرناها سابقاً وجد حكم شرعي متعلق بالطبيعي بصلاة، تردد هل صلاة القصر أو التمام؟ في مقام الامتثال ما ذا أصنع؟ العقل يقول لك في مقام الامتثال حتى تفرغ ذمتك لا بد أن تأتي بكلا الطرفين في مثل المقام، هذا ما يوجبه حكم العقل في التنجيز وفي مقام الامتثال.

ما نحن فيه أيضاً حكم العقل يقول: يجب عليك الطاعة ولا يمكن أن تتحقق الطاعة بالإتيان بأحد الفردين إذا كان واجباً، في مثل مقامنا لا نقول له أن يأتي بكلا الفردين بل فقط الصلاة مع الستر تكون موجبة لتحقق الفراغ وعتق الرقبة المؤمنة موجب لتحقق الفراغ، أما الصلاة بلا ستر الشك لازال وجداني، هل فرغت ذمتي أو لم تفرغ؟ إذا أعتقت رقبة غير مؤمنة يأتي الشك، هل فرغت ذمتي أو لم تفرغ؟

إذاً الشك وجداني موجود ويرتبط بالتنجيز والتنجيز يرتبط بالأطراف والأطراف متباينة، إذاً لا غنى عن القدر المتيقن في مقام الامتثال، السيد الخوئي (ره) يريد أن يقول إن القدر المتيقن الموجب لانحلال العلم الإجمالي هو القدر المتيقن في مقام تعلق التكليف وسماحة الشيخ الوحيد (حفظه الله) بحسب ما بيناه يقول: لا غنى عن القدر المتيقن في مقام الامتثال، بدون تحقق القدر المتيقن في مقام الامتثال لا يمكن تحقق الفراغ فراغ الذمة، فلهذا نركّز على هذه الجهة، مركز حكم العقل ما هو؟ هو يجب طاعة المولى يجب إفراغ الذمة وإفراغ الذمة يرتبط بمقام الامتثال بحسب ما بيناه.

فإذاً ما أفاده السيد الخوئي في الإشكال مردود بهذين الوجهين، أما بالنسبة لما أفاده في الإشكال الثاني، فالإشكال الثاني السيد الخوئي قال ما ملخصه: يقول للمحقق صاحب الكفاية: إذا كنت لا تجري البراءة في الأجزاء التحليلية ينبغي لك في الشروط وما شاكل أن لا تجري البراءة في الأجزاء الخارجية، لأن كل جزء خارجي بحسب كونه داخلاً ومنضماً تحت الكل يكون هو من جهة جزء ومن جهة أخرى شرط، القراءة جزء وشرط أن تأتي قبل الركوع وأن تأتي بعد التكبير وأن يأتي بعدها الركوع، فإذا لا تجري البراءة في الشروط لا تجري البراءة في الأجزاء لأنها مرتبة بها ومن جهة أخرى هي شرط، هذا ملخص ما أفاده السيد الخوئي.

الشيخ الوحيد يقول: هذا إشكال مبنائي وليس إشكالاً فنياً، يعني من يقول بأن معنى الأجزاء الانضمامية أن تكون هي جزء وهي شرط يعني كل جزء هو مشروط بما قبله وبما بعده أن يتعقبه كذا وأن يسبقه كذا، على هذا المبنى الذي اختاره السيد الخوئي يرد الإشكال، أما إذا لم يلتزم المحقق صاحب الكفاية وهو لم يلتزم يقول: معنى الأجزاء الارتباطية أن عندي وجوب تعلق بالكل وهذا الكل له عدة أجزاء فتكون هذه أجزاء انضمامية، معنى كونه كلاً أن تكون هذه الأجزاء منضمة بعضها إلى بعض، فإذاً الواجب هو الجزء، ليس عندي جزء وشرط، إذا لم نلتزم جزء وشرط لم يرد هذا الإشكال من أساسه، هذا ما أورده الشيخ الوحيد (حفظه الله).

ويمكن أن نضيف في القسم الأخير، أن المحقق صاحب الكفاية حسب ما تقدم لم يجرِ البراءة العقلية حتى في الأجزاء، هذا الإشكال عندما يكون نقضي إذا كان يلتزم المحقق صاحب الكفاية بجريان البراءة العقلية في الأجزاء الخارجية إذا كان هناك يجري البراءة العقلية تقول له إذا لم تجرها هنا لا تجرها هناك، وهو هناك لم يجرِ البراءة العقلية حسب ما تقدم وأنه فصّل بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية ولا نعيد ذلك.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo