< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين:

مناقشة رد السيد الخوئي (قده) على الشيخ (قده):كان الكلام في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين، طبعاً بالنسبة إلى دوران الأقل والأكثر عندنا الارتباطيان وعندنا الاستقلاليان، بالنسبة إلى دوران الأمر بين الأقل والأكثر الاستقلاليين فالأمر فيه واضح، يعني مجرى البراءة بشكل واضح، يعني مثلاً لو علم المكلف أنه فاتته صلوات ولم يعلم أنها خمس أو ست، أو فاته صيام ولم يعلم ستة أيام أو خمسة أيام أو عليه دين لم يعلم خمسة دراهم أو ستة دراهم، في مثل هذه الموارد عندنا قدر متيقن استقلالي أساساً، يعني يعلم يقيناً بفوات الخمس يعلم بأن الدين خمسة يقيناً، هذا واجب استقلالي لا ربط له بما بعده ويشك في وجوب الفريضة السادسة شكاً بدوياً مجرىً للبراءة أو يشك في اليوم السادس هل فاته أو لا شكاً بدوياً مجرى للبراءة وهكذا.والكلام فعلاً في دوران الأمر بين الأقل والأكثر الارتباطيين لأنه موضع الشبهة، وقلنا فيما سبق بأن جهة الإشكال فيه أنه هل أننا نلاحظ جهة التكليف فنقول نحن نتيقن بالتكليف المتعلق بالمركب ونشك في المكلف به وإذا شككنا في المكلف به وتيقنا بالتكليف فهو مجرى للاشتغال، أما إذا قلنا نحن نتيقن بالتكليف المتعلق بالأقل ونشك في التكليف المتعلق بالأكثر فهنا كان الشك شكاً في التكليف بالنسبة إلى الزائد هنا يكون مجرى للبراءة، فمحل البحث يدخل في ضمن أي الدائرتين؟ هنا الكلام.

قلنا إنه هناك أقوال ثلاثة: القول الأول أن المورد مورد جريان البراءة العقلية والشرعية وهذا ما اختاره الشيخ الأنصاري (قده) وتبعه السيد الخوئي (ره) وقسم آخر قالوا بعدم جريان البراءة بل هو مجرى للاشتغال فهذا ما اختاره صاحب الكفاية في الحاشية لا في الكفاية، والقول الثالث هو التفصيل بين البراءة العقلية والبراءة الشرعية فالبراءة العقلية لا تجري ولكن تجري البراءة الشرعية وهو مختار الآخوند في الكفاية وأيضاً تبعه المحقق النائيني.

وقلنا بأن هناك أوجه مذكورة لجريان البراءتين ولكن فعلاً الكلام في جريان البراءة العقلية، هل تجري أو لا تجري؟ فذُكرت وجوه، ومن الوجوه التي ذُكرت وذكرناها سابقاً هو ما ذكره الشيخ الأنصاري (قده) وهو أن المورد بالنسبة إلى الأقل نتيقن بالتكليف سواء كان نفسياً أو كان غيرياً ونشك في الزائد فهنا جعل المسألة من باب الشك في التكليف بالنسبة إلى الزائد فيكون مجرى للبراءة العقلية.وأيضاً ذكرنا بأن السيد الخوئي (ره) قال بأن هذا يبتني على أمرين: الأمر الأول، أن الأجزاء مما يتعلق بها الوجوب الغيري بينما الأجزاء ليست إلا الكل المركب، الأجزاء بدون ملاحظة الانضمام أجزاء وبملاحظة الانضمام تكون مركباً، فالأجزاء ليست شيئاً آخر غير الكل، وبالنسبة إلى الواجب الغيري لا بد وأن يكون وجود المقدمة وجوداً مغايراً لوجود ذي المقدمة، يعني لا بد أن يكون هناك وجودان منفصلان وأحدهما يتوقف على الآخر، في مثل هذا المورد نقول بوجود الواجب الغيري، هذا المعنى لا يتم في الأجزاء وبما أنه لا يتم فيها إذاً لا يتعلق به وجوب غيري حتى نقول بأن الأقل واجب يقيناً إما نفساً إن كان الأقل هو الواجب أو غيرياً إن كان الأكثر هو الواجب وهذا جزؤه، هذا المعنى لا يتم، هذا هو الإشكال الذي أورده السيد الخوئي (ره).

يمكن أن نجيب على كلام السيد الخوئي (ره):

بأن كلام الشيخ في البراءة العقلية والشيخ لما نظر إلى وجوب الأجزاء لم يقصد الوجوب الغيري الشرعي المتقدم الكلام فيه، هل أن الأجزاء يمكن تعلق الوجوب الغيري بها أو لا يمكن تعلق الوجوب الغيري بها؟ فنقول: لا يمكن لأنها أجزاء، وغرض الشيخ أن هذه الأجزاء منجزة قطعاً، عقلاً الحكم العقلي هو الحكم بالتنجيز هذه الأجزاء وهذا الأقل منجز قطعاً، هل تنجيزه لأنه هو الواجب مستقلاً وتعلق به الوجوب مستقلاً أو أن تنجيزه لأنه في ضمن المركب؟ لا على نحو يكون الأجزاء على نحو الوجوب الضمني كما سيأتي، بل على أنه واجب في هذا المركب ليس على نحو القطع، إنما قال الوجوب الغيري يعني مقصوده ليس الوجوب الشرعي الغيري المتعلق بالأجزاء وإنما هذه منجزة تبعاً لتنجز غيرها، إذا كان بهذا المعنى لا يرد الإشكال، يعني نقول هكذا: نحن نسلم بأن الأجزاء لا تتصف بالوجوب الغيري، لأن الوجوب الغيري إنما يتعلق بوجود مغاير لوجود المقدمة فلهذا لا يتعلق به الوجوب، صحيح، ولكن فعلاً نقول: هل أن الأجزاء الأقل منجزة عليَّ أو ليست منجزة عليَّ؟ قطعاً لا يمكن أن يقول غير منجزة، إن كانت هي فقط الواجب والوجوب الاستقلالي النفسي تعلق بها فهي منجزة وإن كان الواجب تعلق بالأكثر فهذا الأقل أيضاً الأجزاء منجزة، إذاً هناك تنجيز الذي هو تنجيز عقلي الذي يتبع العلم بوجود الواجب فعندنا تنجيز يقيني يتعلق بالأجزاء وعندنا شك بدوي فيما زاد، يتعلق بالأجزاء يتعلق بالأقل وما زاد على الأقل هنا نحن نشك، يعني لا نحرز التنجيز، هذا التكليف لا أعلم بتنجيزه فإذاً: عقلاً نجري البراءة عن التنجيز فيما زاد على الأقل فالأقل يقيناً متنجز عليَّ والأكثر أشك في تنجيزه وإذا شككت في تنجيزه أجري أصالة البراءة العقلية، على هذا لا يكون كلام الشيخ مبتنياً على هذا الأمر الأول وهو القول بتعلق الوجوب الغيري بالأجزاء، المبنى لا يبتني على هذا الأمر الأول، هذا بالنسبة إلى الأمر الأول.الأمر الثاني الذي بُني عليه الوجه: أيضاً ذكره السيد الخوئي أنه يبتني على أن يكون العلم بالجامع بين النفسي والغيري يوجب انحلال المعلوم بالعلم الإجمالي وهو الوجوب النفسي المردد بين الأقل والأكثر، وهذا يبتني على الانحلال، إذا لم نقل بالانحلال فلا.

توضيح ذلك: نحن عندنا علم إجمالي وهذا العلم علم بالتكليف النفسي ولكنه مردد هل هو متعلق بالأقل أو هو متعلق بالأكثر؟ المكلف مردد فعلاً، لكن أصل العلم موجود أعلم بوجود تكليف نفسي والتردد أنه تعلق بالأقل أو تعلق بالأكثر، وعندنا علم تفصيلي بالجامع يتعلق بالأقل وهو عندي علم تفصيلي بوجوب الأقل ولكن أتردد هل أن هذا الوجوب نفسي أو غيري؟ لكن هو تفصيلي يتعلق بالأقل والتردد أنه هو نفسي أو غيري، هل هذا العلم التفصيلي يوجب انحلال العلم الإجمالي وهو علمي بوجود تكليف نفسي ومتردد بين الأقل والأكثر؟ فأقول بالنسبة إلى الأقل أعلم يقيناَ بالتكليف وبالنسبة إلى الأكثر لا أعلم وأشك فينحل العلم الإجمالي أو لا؟

بعضهم كما يظهر من المحقق العراقي بأنه لا بد من اشتراط انطباق المعلوم بالإجمال على المعلوم بالتفصيل حتى يتحقق الانحلال أما مع عدم الانطباق لا يتحقق الانحلال، يعني لو علمت مثلاً بوجود نجاسة في أواني متعددة ملونة بين بيض وسود مثلاً، ثم علمت أو في البيض مثلاً ثم علمت بوجود النجاسة في السود هذا المعلوم بالإجمال لا ينطبق على المعلوم بالتفصيل فلا ينحل وحتى ينحل لا بد أن أحرز هذا الانطباق، أعلم بنجاسة موجودة في الآنية البض ثم علمت تفصيلاً بوجود النجاسة في أحدها المعلوم بالإجمال ينطبق على المعلوم بالتفصيل ويوجب الانحلال، هنا عندي معلوم بالإجمال تكليف نفسي متردد بين الأقل والأكثر، والعلم التفصيلي بالجامع علم إما هو غيري أو هو نفسي لا ينطبق على النفسي المعلوم بالإجمال فلا يتحقق الانحلال، هذا الأمر الثاني الذي يتوقف عليه كلا م الشيخ وهذا الإشكال الوارد فيه.

نقول: إنه صحيح أنه نشترط أن المعلوم بالإجمال ينطبق على المعلوم بالتفصيل ولكن هذا الذي نحن فيه مما ينطبق عليه وليس هو خارج عنه، لأنه نحن والذي أراده الشيخ كما يظهر أنه عندي علم يقيني بتنجيز الأقل منشأ التنجيز ما هو؟ هو كونه واجب بالوجوب النفسي أو كونه جزء فليس واجباً وجوباً نفسياً بل واجباً بالوجوب الغيري على القول به، هذا منشأ التنجيز وهو لا يضر، والذي يضر أنه تعلم بالتكليف أو لا تعلم بالتكليف؟ إن كان في هذا أعلم بالتكليف وإن كان في هذا لا أعلم بالتكليف هذا يضر، أما هذا المورد وهو الأقل يقيناً أعلم بالتنجيز وأنه منجز عليَّ بلا إشكال، منشأ تنجيزه تعلق الوجوب النفسي له أو تعلق وجوب غيري به، هذا المنشأ ليس له دخل، فعليه: نقول: إن المعلوم بالإجمال ينطبق على المعلوم بالتفصيل فنحن فعلاً نعلم بتنجيز الأقل ونشك في تنجيز الأكثر، هذا يوجب الانحلال، وعليه: ما أفاده الشيخ بهذا البيان الذي ذكرناه يندفع عنه كلا الإشكالين ويكون تاماً، هذا الوجه الأول وما فيه.

الوجه الثاني المذكور: ونسبه السيد الخوئي إلى الشيخ أيضاً ولكن فعلاً أنا لم ألحظه في كلمات الشيخ يحتاج لتدقيق مرة أخرى.

حاصله: يقول بأنه عندنا هنا وجوب استقلالي ووجوب ضمني، الوجوب المتعلق بالمركب هذا وجوب استقلالي، تجب الصلاة متعلق بهذا المركب وجوب استقلالي، عندنا بالنسبة إلى الأجزاء وجوب الركوع في الصلاة ووجوب السجود والقراءة في الصلاة هذه وجوبات ضمنية، ومعنى ذلك أن الوجوب المتعلق بالمركب ينبسط على الأجزاء فتكون الأجزاء وكل جزء جزء يتعلق به وجوب ضمني، يعني بما أنه ضمن الصلاة وضمن المركب فهو واجب يجب هذا الجزء على أن يأتي بعده جزء، ولهذا لو أتى به لا يجب عليه أن يأتي به مرة أخرى فلو أتى بالقراءة لا يجب أن يأتي بها مرة أخرى فحقق الوجوب الضمني حتى لو لم تنتهي الصلاة، فلا تقول يجب عليك الاتيان بهذا الجزء.

إذا اتضحت هذه الجهة نقول: الآن بالنسبة إلى الأقل نعلم يقيناً بتعلق التكليف به إما بنحو التكليف الاستقلالي إن كان الواجب في الواقع هو الأقل أو بنحو الوجوب الضمني إن كان الواجب في الواقع هو الأكثر، إذا كان الواقع هو الأكثر هو الواجب فالتسعة الأجزاء واجبة بالوجوب الضمني يقيناً وإن كان تعلق الوجوب الاستقلالي بالتسعة الأجزاء فهذه التسعة الأجزاء واجبة يقيناً، إذاً الأقل واجب يقيناً سواء كان وجوب استقلالي أو واجبة بالوجوب الضمني، فعندنا وجوب يقيني يتعلق بالأقل، وبالنسبة إلى الأكثر عندنا شك هل إن الأكثر واجب أو ليس بواجب؟ نشك، إذا شككنا يكون مجرى للبراءة، فإذاً هذا الوجه يختلف عن الوجه السابق، والوجه السابق فرض فيه وجود وجوب غيري وهنا لا نريد الوجوب الغيري لأن فيه إشكال، نقول هنا يوجد وجوب ضمني وهو لا إشكال فيه، وهذا يبتني على أن يكون الوجوب المتعلق بالأقل هنا الأقل لا بشرط وليس بشرط لا، يعني إما أن الواجب تسعة لا بشرط يعني لو أتيت بالجزء العاشر لا يضر أما إذا قلت يجب بشرط لا، هنا الأمر يختلف تتحول المسألة من دوران الأمر بين الأقل والأكثر إلى دوران الأمر بين المتباينين، إذا أخذنا الأقل بشرط لا، يعني هذا يباين الأقل بشرط شيء، فعليه: المورد محل البحث هو فيما أمكن الاحتياط بالإتيان بالأكثر، شككت هل يجب الأقل أو يجب الأكثر؟ نقول حتى تجري الاشتغال يمكن الاحتياط فتأتي بالأكثر، أما لو كان مثل دوران الأمر بين الصلاة تامة والصلاة قصراً، هنا لا يمكن الاحتياط بالصلاة تامة، والقصر في ضمن التمام، نقول: لا، التامة غير القصر، هنا الاحتياط يوجب التكرار، ومحل بحثنا يمكن الاحتياط بالإتيان بالأكثر فأُخذ الأقل لا بشرط، فعليه: إذا تمت هذه الجهة وهي تامة، نقول الأقل واجب بالوجوب إما الاستقلالي أو الضمني، والأكثر مشكوك فيه فيكون الأكثر مجرى للبراءة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo