< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه الحادي عشر:المسألة الثالثة:المسألة الثالثة في مسائل الملاقاة، العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين يكون بعد الملاقاة وقبل العلم بها، على ما تقدم أن المسألة الأولى هي أن يعلم أولاً إجمالاً بنجاسة أحد الطرفين ثم تتحقق الملاقاة لأحد الطرفين والعلم بها، وهنا قلنا يجري فيه الأصل بالنسبة إلى الملاقي يجري فيه الأصل بلا معارض، والمسألة الثانية أن تتحقق الملاقاة ويعلم بها ثم يعلم إجمالاً بنجاسة أحدهما، وهنا قلنا بلزوم الاجتناب عن الملاقي لعدم جريان الأصل بلا معارض، المسألة الثالثة العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإناءين يتوسط الملاقاة والعلم بها بمعنى أولاً تحصل الملاقاة أحد الطرفين كان نجساً هذا من الأول وحصلت الملاقاة لأحد الطرفين ثم علم إجمالاً بنجاسة أحد الطرفين الملاقى أو الطرف الآخر ثم علم بالملاقاة فإذاً العلم بالنجاسة متوسط بين نفس الملاقاة وبين العلم بالملاقاة، فمثلاً النجاسة نفترض وقعت يوم الخميس والملاقاة أيضاً وقعت يوم الخميس لكن لا أعلم بالنجاسة ولا أعلم بالملاقاة ويوم الجمعة علمت بنجاسة أحد الإناءين ويوم السبت علمت بملاقاة الثوب لأحد الطرفين، هنا هل نُجرّي ما جريّناه في المسألة الأولى أو ما جريّناه في المسألة الثانية؟ يعني بعبارة أخرى نلاحظ أن هذه المسألة فيها جهة اشتراك مع المسألة الأولى وفيها جهة اشتراك مع المسألة الثانية.

جهة الاشتراك مع المسألة الأولى: أن هناك في المسألة الأولى قلنا العلم الإجمالي سابق على العلم بالملاقاة، أعلم إجمالاً بالنجاسة ثم حصلت الملاقاة والعلم بها، هنا أيضاً العلم بالنجاسة سابق على العلم بالملاقاة، إذاً جهة الاشتراك بين هذه المسألة والمسألة الأولى أن العلم الإجمالي بنجاسة أحد الطرفين سابق على العلم بملاقاة الثوب لأحد الطرفين.

وجهة الاشتراك بين هذه المسألة والمسألة الثانية: أن الملاقاة سابقة على العلم الإجمالي بالنجاسة نفس الملاقاة قلنا حصلت يوم الجمعة ويوم السبت علمت بالنجاسة فالملاقاة سابقة على العلم بالنجاسة.

فعليه: بما أنه يوجد عندنا جهتان من الاشتراك، جهة مع الأولى وجهة مع الثانية، فهل حكم هذه المسألة حكم المسألة الأولى أو حكمها حكم المسألة الثانية؟ المسألة الأولى عدم لزوم الاجتناب عن الملاقي والمسألة الثانية لزوم الاجتناب عن الملاقي، فما هو حكمها؟

هنا وجهان في المسألة:

الوجه الأول: هو أن هذه المسألة تتبع المسألة الأولى وهي عدم وجوب الاجتناب، هناك في المسألة الأولى قلنا إنه علمنا إجمالاً بنجاسة أحد الطرفين ثم تحققت الملاقاة لأحد الطرفين، العلم الإجمالي الأول منجز، لما علمت بنجاسة أحد الطرفين الآن جريان الأصل في الطرف الأول يتعارض مع جريان الأصل في الطرف الثاني يتنجز العلم الإجمالي، بعد ذلك الثوب لاقى أحد الطرفين هنا الشك يكون شكاً في حدوث نجاسة جديدة، هل تنجس الملاقي أو لم يتنجس الملاقي؟ هذا الملاقي لم يدخل تحت دائرة أطراف العلم الإجمالي وإنما جاء بعده، هنا قلنا بما أنه لم يدخل في أطراف العلم الإجمالي أشك في تنجسه أجري أصالة الطهارة فيه، هذا في المسألة الأولى، الآن أحد الوجهين في هذه المسألة هو هذا، تحققت الملاقاة في الواقع ولم أعلم بها ثم علمت إجمالاً بنجاسة أحد الطرفين وبالملاقاة ثم علمت بالملاقاة الآن قبل علمي بالملاقاة عندي علم إجمالي بنجاسة أحد الطرفين هذا العلم الإجمالي يكون منجزاً، يعني جريان الأصل في الملاقى مع جريان الأصل في الطرف الآخر يتعارضان يتنجز العلم الإجمالي، الآن لما علمت بالملاقاة شككت في نجاسة حادثة، هل هذا الملاقي تنجس أو لم يتنجس؟ أجري فيه الأصل بلا معارض لأن الأصل في الطرف الثاني سقط بمعارضته للأصل الجاري في الملاقى في أول الأمر، لما سقط الآن بالنسبة إلى الملاقي يجري فيه الأصل بلا معارض، النتيجة على هذا تكون هذه المسألة مثل المسألة الأولى وهو جريان الأصل في الملاقي بلا معارض فلا يجب الاجتناب عنه، هذا الوجه الأول.

هذا الوجه طبعاً يعتمد على ما ذكرناه سابقاً في المسألة الثانية ذكرنا بأن التنجيز من آثار العلم لا من آثار الواقع، الملاقاة تحققت قبل وهي موجودة قبل العلم الإجمالي بالنجاسة، العلم بالملاقاة بعد العلم الإجمالي بالنجاسة، المدار قلنا التنجيز ليس على واقع الملاقاة وإنما على العلم بالملاقاة، بما أن العلم بالملاقاة متأخر فالعلم الإجمالي بوجود النجاسة تنجز والأصول تعارضت وتساقطت فلهذا لا يجري الأصل في الملاقي، إذاً حتى يتضح الأمر عندنا أمران الأمر الأول أن التنجيز يدور مدار العلم والعلم بالملاقاة متأخر، والأمر الثاني بأن المنجَّز لا يتنجز ثانية فالعلم الإجمالي الأول تنجَّز في الملاقى وفي الطرف فهذا الطرف المشترك الآن تنجَّز فيه العلم، الآن لما علمت بالملاقاة تقول عندي علم إجمالي بنجاسة الملاقي أو الطرف المشترك، نقول هذا الطرف المشترك تنجز وانتهى الآن لا يتنجز مرة ثانية، فلا يوجد فيه تكليف جديد حتى يكون تكليف على كل تقدير فيجري الأصل في الملاقي بلا معارض، هذا وجه جريان الأصل.الوجه الثاني في المسألة: أن هذه المسألة تتبع المسألة الثانية بهذا البيان: عندنا كما قلنا ملاقاة ثم علم إجمالي بالنجاسة ثم علم إجمالي بالملاقاة، العلم الإجمالي الأول بالنجاسة في حد نفسه يتنجز كما الآن صوّرنا لكن لما علمنا بالملاقاة تبدّل العلم الإجمالي من علمي بنجاسة الملاقى أو الطرف الثاني إلى العلم بنجاسة الملاقى والملاقي أو الطرف الثاني، فصار عندي علم إجمالي جديد لكن هذا العلم الإجمالي الجديد هو استبدال للعلم الإجمالي الأول، بما أنه بدل عن العلم الإجمالي الأول إذاً هو الذي يجري ويتنجز في جميع الأطراف، مثلاً من باب المثال: علمت بنجاسة إما الإناء الكبير أو هذا الإناء الصغير هنا في هذه الفترة المفترض أن العلم الإجمالي يتنجز ولا أجري أصالة الطهارة في الطرف، بعد ذلك علمت بنجاسة إما هذا الإناء الكبير أو الإناءين الصغيرين، هنا نلاحظ أن العلم الإجمالي الأول تبدل إلى علم إجمالي ثاني، كنت أعلم بنجاسة الكبير أو هذا الإناء لوحده الصغير الآن صرت أعلم إجمالاً بنجاسة هذا الإناء الكبير أو الإثنين يعني قطرة الدم وقعت في الإثنين أو في الكبير، هنا هل نقول بأن العلم الإجمالي الأول تنجز وجرى في أحد الصغيرين فبالنسبة إلى الإناء الصغير الثاني يجري فيه الأصل بلا معارض؟ نقول لا، لأن العلم الإجمالي تبدل وصار عندي علم إجمالي جديد وانتهى العلم الإجمالي الأول وارتفع، ولما صار عندي علم إجمالي جديد الآن مقتضى التنجز أن تتعارض الأصول في الأطراف الثالثة في الإناء الكبير وفي الإناءين الصغيرين ونقول بلزوم الاجتناب، وما نحن فيه من هذا القبيل، عندي أولاً علم إجمالي بنجاسة الملاقى أو الطرف ثم لما علمت بالملاقاة تبدل هذا العلم وصار عندي علم ثاني وهو نجاسة هذا الإناء الملاقى والملاقي أو الطرف، هذا علم إجمالي جديد يتنجز في جميع الأطراف، هذا الوجه الثاني.

الصحيح من بين الوجهين: هو الوجه الأول، لما قلناه من أن التنجيز من آثار العلم وليس من آثار الواقع، في يوم الجمعة علمت بنجاسة أحد الطرفين الآن يتنجز الملاقاة حاصلة من يوم الخميس ولا أعلم بالملاقاة ولما لم أعلم بالملاقاة لا تنجيز لأنه لا يوجد علم والتنجيز من آثار العلم، الآن تنجز العلم الأول في الطرفين ويجب الاجتناب عنهما، في يوم السبت علمت بالملاقاة يفترض الآن جاء دور التنجيز للعلم الثاني، إذا كان العلم الثاني استبدال للعلم الأول بحيث ارتفع العلم الأول وجاء علم ثاني كما مثّلنا في مثال الإناءين، نعم نرفع اليد عن العلم الأول ويتنجز العلم الثاني، ولكن ما نحن فيه ليس استبدال وإنما علم إجمالي جديد ثاني وليس استبدال، الأول علم إجمالي بنجاسة أحد الإناءين الملاقى والطرف الآخر والعلم الإجمالي الثاني هو علم بملاقاة الثوب لأحد الطرفين هذا علم إجمالي آخر، استلزم أن نشك هل الثوب تنجس أو لم يتنجس؟ إن لاقى النجس الواقعي تنجس وإن لاقى الطرف الآخر لم يتنجس، فهنا ليس علم إجمالي وليس استبدال وليس مثل هناك وهناك صوّرنا المسألة أعلم إجمالاً بنجاسة الإناء الكبير أو واحد من الصغيرين، ثم تبدل وصرت أعلم إذا هو وقع في هذا الطرف يعني في الإثنين، علمت إجمالاً بنجاسة الكبير أو كلا الإناءين فنفس العلم تبدل وهنا لم يتبدل العلم، وبما أنه لم يتبدل العلم والتنجيز من آثار العلم والعلم حصل بعد التنجيز الأول إذاً نقول العلم الثاني لا يتنجز بمعنى يجري الأصل بالملاقي بلا معارض، فيكون الصحيح في هذه المسألة هو عدم لزوم الاجتناب عن الملاقي ويكون حكم هذه المسألة نفس حكم المسألة الأولى.

بالنسبة إلى أصل المسائل الثلاث انتهينا منها.تذييل: يوجد تذييل ذكره صاحب الكفاية واعتبره في ضمن الصور يقول تارة يجري الأصل في الملاقى ولا يجري في الملاقي وتارة يجري الأصل في الملاقي ولا يجري في الملاقى، هنا تعرض لهذه الجهة أنه يمكن أن نصور في بعض الحالات أن الأصل يجري في الملاقى ولا تجري في الملاقي أصالة الطهارة تجري في الملاقى ولا تجري في الملاقي.

بيان ذلك: مثَّل لذلك ما إذا وقعت النجاسة في أحد الإناءين، ولاقى الثوب أحد الإناءين ثم هذا الإناء الملاقى خرج عن محل الابتلاء، الآن لما نطبق ما أفادوه في محل الابتلاء أنه يشترط في جريان الأصل أن لا يخرج عن محل الابتلاء، نعيدها للتوضيح: وقعت نجاسة في الإناء (أ) أو الإناء (ب) الثوب لاقى الإناء (أ) بعد ملاقاته خرج الإناء (أ) عن محل الابتلاء وبعد خروجه عن محل الابتلاء علمت بالنجاسة وعلمت أن الإناء (أ) أو الإناء (ب) أحدهما نجس، هذا العلم بالنسبة إلى الملاقى (أ) مع (ب) بعد خروج (أ) عن محل الابتلاء، لو خلينا وهذين الطرفين نقول الأصل لا يجري في الإناء (أ) فيجري إذاً في الإناء (ب) بلا معارض ونحكم بطهارته، لكن عندنا ملاقي للإناء (أ) حلَّ محله وخرج الإناء (أ) عن محل الابتلاء وصار عندي علم إجمالي بنجاسة الملاقي أو الإناء (ب) هذا العلم الإجمالي متنجز أصالة الطهارة هنا تتعارض مع أصالة الطهارة هنا ويتنجز، بعد ذلك رجع الإناء (أ) إلى محل الابتلاء، الآن لما رجع الإناء (أ) الذي هو ملاقى إلى محل الابتلاء، هل نجري فيه أصالة الطهارة أو يتعارض؟ يقول: نجري فيه أصالة الطهارة بلا معارض وذلك لأن أصالة الطهارة بالنسبة إلى الملاقى وقت العلم الإجمالي هو خارج عن محل الابتلاء فأساساً في حد نفسه لا يجري فيه الأصل، والعلم الإجمالي صار بين الملاقي والطرف تنجز أصالة الطهارة هنا تعارضت مع أصالة الطهارة هنا تنجزت، لما رجع الإناء (أ) إلى محل الابتلاء الآن أصالة الطهارة لا معارض لها لأنه يفترض المعارض هو أصالة الطهارة في الطرف الثاني وهي سقطت فإذاً هذا يجري فيه أصالة الطهارة بلا معارض، هذا ما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قده) ولكن هذا الكلام محل بحث يأتي إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo