< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/05/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه التاسع:توجيه السيد الروحاني (قده) لكلام الشيخ (قده):كان الكلام فيما إذا شك في دخول بعض أطراف تحت الابتلاء أو عدم دخولها، وقلنا بأن الشيخ الأنصاري (قده) تمسك بالإطلاق وصاحب الكفاية قال: لا يمكن التمسك بالإطلاق هنا ورجع إلى الأصل العملي، وذكرنا بأن كلام الشيخ (قده) للتمسك بالإطلاق باعتبار أنه جعل المخصص يدور أمره بين الأقل والأكثر فلهذا التزم بتخصيص القدر المتيقن وما زاد عليه يتمسك بالإطلاق، فلهذا أورد عليه بأن هذه القاعدة إنما تتم في التخصيص في المخصص المنفصل وأما بالنسبة إلى المخصص المتصل فلا يرجع فيه إلى التمسك بالعموم، بل يسري إجمال المخصص إلى العام، ولهذا ذكرنا جواب المحقق النائيني والعراقي وكله مبني على هذا الأمر.

وما نريد أن نذكره أن السيد المحقق الروحاني (قده) وجَّه كلام الشيخ (قده) بتوجيه بحيث لا يرد عليه الإشكال من أصله، بغض النظر عن دفع الإشكال، وذلك أن الشيخ يقول بأن المخصص يكون على نحوين:

تارة يكون المخصص بلفظ وهذا اللفظ مفهوم مردد بين الأقل والأكثر، مثل المثال المعروف عندما يقول أكرم الفقراء ثم يقول لا تكرم الفساق من الفقراء، هنا المخصص لفظ وهو الفاسق وهذا اللفظ مفهوم مردد بين أنه هل هو خصوص مرتكب الكبيرة أو يشمل مرتكب الكبيرة والصغيرة؟ في مثل هذا المورد إذا كان المخصص متصلاً يسري إجماله إلى العام ولا يمكن التمسك بالعام.وتارة لا يكون المخصص لفظاً وإنما هو حكم عقلي كحكم العقل مثلاً بقبح تكليف العاجز، هذا المخصص يوجب تخصيص الأدلة العامة للتكاليف، جميع الأدلة للتكاليف إذا كانت عامة فهي مقيدة بهذا القيد العقلي وهو قبح تكليف العاجز، فلهذا نأخذ شرط القدرة في التكاليف، هذا المخصص ليس لفظاً وإنما هو حكم عقلي، عليه: الفرق بينهما بالنسبة إلى الأول كما قلنا يُتصور الشك في التخصيص والتردد، والتردد أيضاً نتصوره أن المقصود هو خصوص إخراج مرتكب الكبيرة أو إخراج مرتكب الكبيرة والصغيرة، هذه أمر متصور، ولكن بالنسبة إلى المخصص العقلي فلا يُتصور هذا التردد وذلك لأن الحكم العقلي وهذه قاعدة عامة في الحاكم، نقول هكذا أولاً في الحاكم فالحاكم لا يمكن أن يكون متردداً في حكمه ولا في موضوع حكمه هذه قاعدة نرتب كلام السيد الروحاني عليها، أن الحاكم لا يمكن أن يكون متردداً في حكمه ولا في موضوع حكمه لأن الحكم تابع للغرض فتارة يوجد هناك غرض عند الحاكم وهو السعة فيقول أكرم العلماء مطلقاً، وتارة يكون غرضه منحصراً في خصوص المقَيد فيقول أكرم العلماء العدول، أو أكرم العلماء إلا الفساق، لأن غرضه محدود، بما أن حكمه تابع لغرضه وحكمه أيضاً منصب على موضوع فلا بد أن يكون الغرض مشخصاً عند الحاكم، والحاكم لا يمكن أم يكون متردداً ولا يعرف ما هو غرضه، مطلق الحاكم فضلاً عن الحاكم الشرعي، فالحاكم غرضه واضح وموضوع حكمه أيضاً واضح، يعني هذا الغرض هل هو موجود في الموضوع الوسيع أو في خصوص الموضوع الخاص؟ هذا أيضاً يكون واضحاً، إذا اتضح الغرض واتضح الموضوع يتضح الحكم مباشرة، فالحاكم لا يتردد في حكمه، أما الغير يتردد في حكم الحاكم نعم متصور، هل أراد السعة أو الضيق؟ نعم، أما نفس الحاكم لا تردد في موضوع حكمه.

عليه: الآن نطبق هذه القاعدة على ما أفاده السيد (قده) العقل في القسم الثاني هو الحاكم، في المثال الذي ذكره أن العقل يحكم بقبح تكليف العاجز، هذا العقل لما حكم قطعاً قيدنا الحكم بأن لا يكون متوجهاً إلى العاجز، ما نحن فيه حسب الفرض أن النكتة في اشتراط عدم خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء لأجل تنجيز العلم الإجمالي، النكتة هي الاستهجان، هذا حكم عقلي وعرفي يعني أنه يستهجن أن يخاطَب المكلف بترك ما لا يقع تحت ابتلائه هو خارج عن تحت ابتلائه، تكلفه بعدمه هذا مستهجن، هذا الحكم العقلي الآن بما أن الحاكم هو العقل هو الذي أخذ هذا القيد، يعني قيدنا منجزية التكليف بهذا القيد هنا الآن نقول: هل الحاكم العقل يتردد في موضوع حكمه أو لا يتردد؟ بمقتضى القاعدة التي ذكرناها لا يتردد، فالحاكم إما يُحرز مناط حكمه أو يحرز عدم وجوده، وعدم الإحراز داخل في الثاني، يعني المورد الذي يجزم فيه بأنه خارج عن تحت ابتلائه هذا يُخصصه العقل، يقول يقبح التكليف فيه لأنه خارج عن محل ابتلائي لأنه مستهجن، والمورد الذي لا يُحرز خروجه عن محل الابتلاء ولا دخوله في محل الابتلاء يعني لا يوجد مناط التخصيص عنده، فإذا لا يوجد مناط التخصيص عنده لا يُخصص.

الشيخ (قده) هنا يريد أن يقول ما نحن فيه التخصيص عقلي، يعني بمناط حكم العقل، حكم العقل يقول: المورد الذي نُحرز خروجه عن محل الابتلاء هذا مخصَص قطعاً، والمورد الذي داخل تحت الابتلاء داخل تحت العام قطعاً، المورد الذي لا يُحرز المكلف أنه داخل تحت الابتلاء أو خارج من تحت الابتلاء يقول: لا يوجد فيه مناط التخصيص، أنت لم تحرز مناط التخصيص، وبما أنه لا يوجد فيه مناط التخصيص فهو باقٍ تحت العام، عليه: على هذا التوجيه والتفسير لكلام الشيخ لا يرد الإشكال من أصله، تقول: المخصص إذا كان متصلاً يسري إجماله إلى العام وإذا كان منفصلاً لا يسري إجماله إلى العام وما نحن فيه بمثابة المتصل، نقول: لا، أساساً هنا المخصص عقلي خصص خصوص المعلوم خروجه عن تحت الابتلاء وأما الباقي فهو لا يوجد فيه مناط التخصيص، يعني لا يوجد فيه مناط حكم العقل الاستهجان، إذا لا يوجد فيه مناط حكم العقل فهو باقي تحت العموم، فالإشكال من أساس لا يأتي.

هذا الكلام طبعاً من السيد (قده) لا يتناسب مع كلام الشيخ (قده) في ذيل كلامه.

الشيخ هنا قال في ذيل كلامه: وأما إذا شُك في قبح التنجيز فيرجع إلى الإطلاقات فمرجع المسألة إلى أن المطلق المقيد بقيد مشكوك التحقق في بعض الموارد لتعذر ضبط مفهومه على وجهٍ لا يخفى مصداق من مصاديقه كما هو شأن أغلب المفاهيم العرفية، هل يجوز التمسك به أو لا؟ والأقوى الجواز، فيصير الأصل في المسألة وجوب الاجتناب، هذا الكلام يتناسب مع كون نفس المخصص دار أمره مردد في نفسه بين التخصيص الواسع أو التخصيص الضيق، أن المطلق المقيد بقيدٍ هذا القيد مشكوك التحقق في بعض الموارد، هذا يتناسب مع مثل المثال الأول، لا تكرم الفساق من الفقراء، هنا هذا القيد مشكوك التحقق، هل هو شامل لمرتكب الصغيرة أو غير شامل لمرتكب الصغيرة؟ وفيما نحن فيه أيضاً يفترض أنه يوجد تردد، فصار الأمر دائر بين تخصيص الأقل وبين تخصيص الأكثر، حتى لو كان المخصص عقلي أو المخصص عرفي، أن المطلق المقيد بقيدٍ هذا القيد مشكوك التحقق في بعض الموارد لتعذر ضبطه على حسب تقريب السيد (قده) ما عندنا مشكوك التحقق، الخارج عن محل الابتلاء قطعاً داخل في التخصيص والمشكوك في خروجه عن محل الابتلاء قطعاً غير مخصص، ما عندنا مشكوك التحقق في بعض الموارد لتعذر ضبط مفهومه على وجهٍ لا يخفى مصداق من مصاديقه كما هو شأن أغلب المفاهيم العرفية، فإذاً ذيل كلام الشيخ لا يتناسب مع هذا التوجيه، نعم صدر كلامه ربما يتناسب مع هذا التوجيه.

يقول: إلا أن هذا ليس بأولى أن يقال: إن الخطابات بالاجتناب عن المحرمات مطلقة غير معلقة والمعلوم تقييدها بالابتلاء في موضع العلم بتقبيح العرف توجيهها من غير تعليق بالابتلاء كما لو قال اجتنب عن ذلك الطعام النجس الموضوع قدام أمير البلد مع عدم جريان العادة بابتلاء المكلف به أو لا تتصرف أو تصرف في اللباس المغصوب الذي لبسه ذلك الملك أو الجارية التي غصبها الملك وجعلها من خواص نسوانه مع عدم استحالة ابتلاء المكلف بذلك كله عقلاً ولا عادةً، إلا أنه بعيد الاتفاق، فهنا وأما إذا شُك في قبح التنجيز فيرجع إلى الإطلاقات، إلى هنا هذه التعبيرات تتناسب مع ما أفاده السيد، يعني أن الحاكم في التخصيص هو العقل والمخصص حكم عقلي وهذا المخصص الحكم العقلي يقول: إذا خرج عن الابتلاء قطعاً لا نتمسك بالعام يعني قطعاً مخَصص، ما يشك فيه داخل تحت العام لعدم وجود مناط المخصص فيه، نعم يقول هكذا: إلا أن الخطابات بالاجتناب عن المحرمات مطلقة غير معلقة والمعلوم تقييدها بالابتلاء في موضع العلم بتقبيح العرف توجيهها من غير تعليق بالابتلاء، ثم قال: وأما إذا شُك في قبح التنجيز فيرجع إلى الإطلاقات يعني ما نعلم أنه داخل في ضمن الاستهجان هذا خارج عن العام وما نشك فيه داخل يعني لا يوجد فيه المناط فما أفاده السيد متين على صدر كلام الشيخ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo