< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه الثامن:
مناقشة دليل السيد الخوئي (ره):

مما تقدم من إشكال الشيخ الوحيد (حفظه الله) على جواب المحقق النائيني (قده) يتضح أيضاً الإشكال على ما أفاده السيد الخوئي (ره) عن دليل الاستصحاب، دليل الاستصحاب كانت خلاصته أننا نعلم بالتكليف قبل الاضطرار وبعد الاضطرار نشك هل لا زال هذا التكليف موجود أو لا؟ إن كان التكليف في ضمن الفرد المضطر إليه فقد انتفى قطعاً وإن كان في ضمن الفرد الباقي غير المضطر إليه فلا زال موجودا قطعاً فهنا نشك في بقاء التكليف نستصحب بقاءه، هذا حاصل دليل الاستصحاب.

السيد الخوئي (ره) قال بأن هذا الاستصحاب غير جاري وهناك فرق بينه وبين كلي الحدث، وعدم جريانه أننا الآن لما حصل عندنا العلم الإجمالي بوجود النجاسة بوجوب الاجتناب عن أحدهما، فعلاً أحد الطرفين زال قطعاً، المضطر إليه نقطع بعدم التكليف فيه، فالتكليف فيه منتفى، وبالنسبة إلى الفرد الموجود غير المضطر إليه نشك في أصل التكليف في ثبوت التكليف فلهذا يكون مجرى للبراءة ومع جريان البراءة لا يجري استصحاب التكليف، يعني يدور الأمر بين الفرد المقطوع العدم من ناحية الحكم والفرد المشكوك ثبوت الحكم فيه، هذا الإشكال يتضح جوابه مما ذكرناه من إشكال الشيخ الوحيد (حفظه الله) على كلام المحقق النائيني (قده).

وتوضيح ذلك: أن السيد الخوئي (ره) لاحظ الحالة الفعلية للمكلف الآن فعلاً بحسب مثالنا السابق في وقت العصر الآن شك هل أن التكليف موجود في ضمن الفرد المضطر إليه؟ فقد زال قطعاً، أو في ضمن الموجود وهو موجود قطعاً؟ نشك في أصل التكليف في ثبوت التكليف، فالمهم يكون عندنا شك في أصل التكليف، بينما لو لاحظ العلم الإجمالي على أنه كاشف بنحو الطريقية فهنا وإن تحقق العلم الإجمالي متأخراً في العصر يعني بعد الاضطرار ولكن هو يكشف عن وجود التكليف قبل الاضطرار، يشك الآن المكلف لما علم إجمالاً بحرمة شرب أحد الإناءين أو وجوب الاجتناب عن أحد الإناءين قبل الاضطرار هذا المتعلق، ثم هذا الحكم الذي علمنا بوجوده وعلمنا بثبوته قبل الاضطرار نشك في سقوطه وفي بقاءه، إن كان هذا الحكم في ضمن الفرد المضطر إليه فقد زال وإن كان في ضمن الفرد غير المضطر إليه فلا زال باقياً، هذا الحكم وهذا التكليف الآن نستصحب بقاءه فهو عيناً مثل مثال الحدث الذي ذكرناه، صدر الحدث من المكلف ولكن تردد بين الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر، بعد الوضوء إن كان الحدث الصادر هو الحدث الأصغر فقد ارتفع قطعاً وإن كان الصادر هو الحدث الأكبر فلا زال باقياً، هنا عندنا علم بكلي الحدث وشك في بقاءه أركان الاستصحاب تامة نستصحب بقاء كلي الحدث، هنا نفس الكلام عندنا علم بثبوت التكليف، التكليف وجد قطعاً الصبح ونشك إن كان في ضمن الفرد المضطر إليه زال قطعاً وإن كان في ضمن الفرد الآخر لا زال باقي نستصحب بقاء هذا التكليف، مثل نفس المثال، فإذاً السيد الخوئي (ره) لما لاحظ الحالة الفعلية قال بالشك في ثبوت التكليف ولكن إذا لاحظنا الحالة قبل الاضطرار التي هي محل الانكشاف العلم كشف عنها فهنا نقول ليس عندنا شك في ثبوت التكليف بل الشك في سقوط التكليف فالاستصحاب على هذا الأساس يجري، بمعنى أن الجواب غير تام، جواب السيد الخوئي عن استدلال الاستصحاب لا يكون تاماً، هذا يظهر مما ذكرناه سابقا عن الشيخ الوحيد.

يبقى عند الشيخ الوحيد (حفظه الله) إشكال آخر على أصل الاستصحاب وهو أورد إشكالين على هذا الاستصحاب.

الإشكال الأول: أن مورد استصحاب الكلي -هنا طبعاً نريد أن يكون استصحاب كلي ومن القسم الثاني- مورد استصحاب الكلي هو ما إذا كان الجامع جامعاً حقيقياً جامعاً واقعياً مثلما يقال في الإنسان وزيد جامع حقيقي بين الحدث وبين الحدث الأصغر أو الحدث الأكبر، في مثل هذه الموارد يمكن جريان الكلي إذا كان له أثر شرعي أن الأثر الشرعي هذا مأخوذ في جميع الاستصحابات ما لم يكن في الاستصحاب أثر شرعي أو ليس موضوعاً لأثر شرعي فلا يجري، فالكلي إذا كان له أثر شرعي مجرى الاستصحاب يكون إذا كان هذا الكلي واقعياً حقيقياً، أما إذا كان انتزاعي مثل الجامع، الآن تقول علمت بنجاسة أحد الإناءين، أحد الإناءين جامع انتزاعي وليس جامعاً حقيقياً، يعني لاحظنا عندنا فردان سقطت النجاسة في أحد الفردين فانتزعت عنوان أحد، أحد الطرفين أو أحد الأطراف، هذا الجامع الإنتزاعي ليس في الحقيقة إلا الفرد ليس عندنا غير نفس الفرد الخارجي، عنوان أحد هذا العنوان الإنتزاعي ليس هو في الحقيقة إلا نفس الفرد وينطبق على نفس الفرد، بخلاف الجامع الحقيقي فالجامع الحقيقي مثل الإنسان الواقعي ينطبق على زيد وبكر وعمرو، وفي الحدث هذا الحدث إن كان حدث نوم صدق عليه أنه حدث أصغر وإن كان جنابة صدق عليه حدث أكبر، هذا الانطباق هذا فرد ويتحقق فيه الحدث وهذا فرد أو خصوصية ويتحقق فيه الحدث، فالفرق أن الجامع الإنتزاعي جامع عقلي العقل انتزعه من الأفراد، الجامع الحقيقي ليس جامعاً بانتزاع العقل، الاستصحاب من القسم الثاني استصحاب الكلي يجري في الأول ولا يجري في الثاني يعني يجري فيما إذا كان الكلي جامعاً حقيقياً ولا يجري إذا كان الكلي جامعاً انتزاعياً.

عليه: عندما نريد أن نطبق هذا المعنى على المقام، في المقام علمت بنجاسة أحد الإناءين علمت بحرمة أحد الإناءين أو علمت بوجوب الاجتناب عن أحد الإناءين، نفس الحرمة في حد ذاتها نفس الوجوب في حد ذاته بدون المتعلق ليس مجعولاً من قبل الشارع المجعول من قبل الشارع حرمة هذا المغصوب مثلاً حرمة اللحم المغصوب أو الماء المغصوب أو شرب الخمر يعني هذه الحرمة المتعلقة بشيء بطرف، الحرمة المتعلقة بطرف هي المجعول، هنا نريد أن نستصحب حسب المدعى كلي التكليف وهو ليس مجعولاً شرعياً إنما المجعول الشرعي هذا التكليف الخاص، أما أن تقول الحرمة بدون طرف هذا ليس مجعولاً شرعياً هذا صار منتزعاً، عندما قلت أعلم بنجاسة أحد الإناءين يعني بحرمة أحدهما وهذا أحدهما هو عنوان انتزاعي عقلي وليس هو محل لاستصحاب الشارع، فإذاً العقل يحكم بلزوم امتثال الحكم الشرعي لا كلام في ذلك، وهذا الحكم الشرعي سواء كان بالوجدان أو كان بالتعبد ولكن يفترض أن يكون الموضوع هو المجعول الشرعي أما إذا لم يكن الموضوع هو المجعول الشرعي فلا يجري هذا الاستصحاب تعبدا حتى نقول يجب امتثاله، فإذاً الإشكال الأول ملخصه: أن القاعدة في جريان استصحاب الكلي هو أن يكون الكلي الجامع جامعاً حقيقياً أما إذا كان جامعاً انتزاعيا فلا يجري الاستصحاب، هذا أولاً.

ثانياً: استصحاب الكلي إذا كان بلحاظ الآثار الشرعية المترتبة عليه هذا لا غبار فيه، مثل مثال الحدث فالحدث له آثار شرعية تترتب على نفس الحدث، الحدث الأصغر يوجب الوضوء والأكبر يوجب الغسل وهذا مختصان، كلي الحدث أصغر أو أكبر يوجب حرمة مس كتابة القرآن فعندنا أثر شرعي لنفس هذا الكلي إذاً يجري فيه الاستصحاب بلا إشكال، أما فيما نحن فيه على فرض أن الاستصحاب يجري هنا لا يترتب عليه أثر شرعي وذلك أن الأثر المترتب هنا هو أثر عقلي والأثر العقلي على نحوين أو الحكم العقلي بتعبيرٍ على نحوين حكم عقلي تنجيزي وحكم عقلي تعليقي، الحكم العقلي التنجيزي يترتب بلا أي تعليق إذا علمت بالحكم وجدانا أو تعبدا العقل يقول يجب الامتثال والانقياد، هنا بدون تعليق نعبر عنه حكم عقلي منجز تنجيزي، عندنا حكم عقلي ولكن تعليقي معلق مثل الاحتياط فهو حكم عقلي لأجل الامتثال يجب الاحتياط لأجل الامتثال يعني العقل أولاً يقول للمكلف يجب عليك الامتثال، هذا المورد مورد الاحتياط لا يتم الامتثال إلا بالاحتياط فالعقل يقول يجب عليك الاحتياط ولكن هذا الاحتياط كحكم عقلي حكم معلق على عدم ترخيص الشارع في هذا الطرف، إذا الشارع اكتفى مثلاً بأحد الأطراف وقال لا يلزم الاحتياط الحكم العقلي ينتفي بانتفاء موضوعه، فإذاً الحكم العقلي بوجوب الاحتياط حكم معلق على عدم الترخيص لأن الاحتياط كما قلنا في الأساس لأجل الامتثال والامتثال لا يتحقق إلا بالاحتياط وهذا الامتثال لأجل حفظ أغراض المولى، أعلم بأن المولى له تكليف وله حكم في المقام حفظ غرضه وتكليفه لا يتم إلا عن طريق الاحتياط فلهذا نقول بأن هذا الحكم العقلي معلق على عدم الترخيص الشرعي، أنت تريد أن تحفظ غرض المولى إذا المولى قال لا أريدك أن تحفظه بتمامه وأكتفي بفرد ولا يجب عليك الاحتياط، انتفى موضوع الحكم العقلي، يعني ينتفي الحكم العقلي بانتفاء موضوعه، هذا بنحو عام، إذا عرفنا هذا عندنا حكم عقلي تنجيزي منجز لا يتوقف على شيء إلا على ارتفاع الحكم مباشرةً، وعندنا حكم عقلي معلق.

الآن في المقام عندما نريد أن نطبق على المقام، المقام نحن نريد جريان الاستصحاب استصحاب كلي التكليف على فرض الآن ثبوته نريد نستصحب كلي التكليف لأجل أن تقول يجب عليك الاحتياط بترك هذا الفرد الموجود لعل التكليف فيه فلا تحرز التكليف الآن بالنسبة إلى هذا الطرف الموجود لا تحرز التكليف، عندي فرد مضطر إليه ارتفع يقيناً، لو كان الحكم فيه ارتفع، عندي فرد أشك هل التكليف فيه أو ليس فيه؟ أنت تقول استصحب التكليف لأجل أن تقول يجب عليك الاحتياط بترك هذا الطرف، إذاً الحكم العقلي الموجود في المقام حكم عقلي معلق وليس حكماً عقليا منجزاً، إذا كان كذلك نلاحظ هذا الطرف بما أنني أشك فيه هل ثبت التكليف فيه أو لم يثبت التكليف فيه؟ يكون مجرى البراءة نفس هذا الطرف مجرى البراءة وإذا كان كذلك يعني وُجد مرخص في هذا الطرف، إذاً الحكم العقلي ينتفي بانتفاء موضوعه لأن الحكم العقلي بلزوم الاحتياط معلق على عدم الترخيص من قبل الشارع والشارع رخّص بجريان البراءة فانتفى إذاً موضوع الحكم العقلي فنقول هذا التكليف لا أثر له، هذا الاستصحاب أيضا لا يجري لأن الاستصحاب يجري إذا كان هناك أثر وإلا فلا يجري، فإذاً بهذين الإشكالين نقول الاستصحاب المذكور غير تام.

عليه أيضا: نقول بأن الدليل الأول الذي هو دليل الاشتغال بنتفي بنفس النكتة، الدليل الأول الذي ناقشه المحقق النائيني وذكرنا الجواب عن كلماته هو حكم عقلي الاشتغال الدليل الأول هكذا يقول: الصبح وُجد التكليف والظهر اضطررت إلى أحدهما العصر علمت بوجود التكليف منذ الصباح علمت بالتكليف وأشك في سقوطه، الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، قاعدة الاشتغال حكم عقلي ولكن ليس حكما عقليا منجزا بل هو حكم عقلي معلق على عدم الترخيص من قبل الشارع فإذا أجرى البراءة في الطرف انتفى هذا الحكم المعلق بانتفاء موضوعه.

النتيجة: أن الذي ذهب إليه الشيخ الوحيد (حفظه الله) نحن نقول بعدم التنجيز لأن دليل الاشتغال غير ناهض ودليل الاستصحاب أيضا غير ناهض فنرجع إلى ما ذكرناه سابقاً بأن أطراف منجزية العلم الإجمالي غير تامة في المقام فلهذا لا يكون العلم الإجمالي منجزاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo