< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه السابع:
التذنيب الثاني شبهة الكثير في الكثير:

مما ينبغي الإشارة إليه في ذيل البحث حول الشبهة غير المحصورة هو شبهة الكثير في الكثير، وذلك ما إذا كانت الأطراف المعلومة بالإجمال كثيرة في نفسها في ضمن أطراف كثيرة غير محصورة، فهل هنا يتنجز العلم الإجمالي أو لا يتنجز؟ بحيث لو لا حظنا النسبة تكون قليلة ولكن الأطراف كثيرة، مثلاً: لو علم بنجاسة خمسمائة إناء في ضمن ألفين إناء فنفترض أن الألفي إناء شبهة غير محصورة وهي عدد كثير ولكن المعلوم بالإجمال أيضا عدد كبير، لو لاحظنا نسبة الخمسمائة إلى الألفين تكون نسبة الربع فتكون كنسبة ما لو علمت بنجاسة إناء واحد في ضمن أربعة أواني، أيضا لو كثرنا النسبة وقلنا مثلاً علم بنجاسة مائة إناء في ضمن ألف إناء كأنك علمت بنجاسة إناء واحد في ضمن عشرة أواني، في مثل هذا الفرض هل يتنجز العلم الإجمالي أو نجري القاعدة – طبعا على القول بانحلال العلم أو عدم تنجيز العلم أو ترخيص في أطراف الشبهة غير المحصورة – فهل هذا المعنى نجريه في مثل هذا المورد أو لا؟

هنا ينبغي أن يكون على حسب المبنى هناك، إذا قلنا هناك بمبنى الشيخ الأنصاري (قده) وهو أن يكون الاحتمال موهوماً يعني احتمال المعلوم بالإجمال على كل طرف طرف يكون احتمالاً موهوماً لا يعتني به العقلاء، إذا قلنا هناك بهذه المقالة هنا لا يمكن تطبيق ذلك على المقام لأن هنا لا تكون النسبة موهومة، إذا لاحظنا مائة إناء في ضمن ألف قلنا تكون النسبة نسبة الواحد إلى العشرة احتمال واحد من عشرة هنا لا يكون موهوماً لا يعتني به العقلاء، فعليه: القاعدة أو الملاك الذي بواسطته قلنا بالترخيص في الشبهة غير المحصورة هنا لا ينطبق فلهذا يكون العلم الإجمالي منجزا في المقام على مبنى الشيخ.

أيضا نفس الكلام على مبنى آقا ضياء العراقي بحسب ما قررناه، أن يحصل عندنا اطمئنان بعدم المعلوم بالإجمال بعدم النجاسة مثلاً في ضمن هذا الفرد بحيث يكون عندنا اطمئنان بأن النجاسة موجودة في بقية الأفراد، على هذا المبنى أيضا هنا لا يمكن تطبيقه على المقام لأنه كما قلنا نسبة الواحد على العشرة لا يجعل الاحتمال موهوماً بحيث أنه نقول: نطمأن بعدم وجود المعلوم بالإجمال فيه، لا يمكن المصير إلى هذا، فعليه: أيضا يتنجز العلم الإجمالي.

أما على مبنى المحقق النائيني (قده): قلنا بأن مبناه أن لا يكون قادراً على المخالفة القطعية، أن تكون الأطراف كثيرة بحيث لا تمكن المخالفة القطعية ولا يقدر عليها، على هذا المبنى يمكن أن نجري تلك القاعدة في المقام باعتبار أن الأطراف غير محصورة حتى ولو كانت المعلومة بالإجمال كثيرة في نفسها ولكن سعة دائرة الأطراف كلها غير محصورة وبما أنها كذلك يعني هو غير قادر على المخالفة القطعية وإذا لم يكن قادرا عليها يجوز له الارتكاب، هذا المبنى هناك ينطبق على المقام فلا يتنجز العلم الإجمالي في شبهة الكثير في الكثير عنده، وإن كان كما ذكرنا سابقا يظهر من المحقق العراقي والشيخ الوحيد كان أحد إشكالاتهم على عدم تنجيز أو على بيان الملاك عند المحقق العراقي بعدم القدرة بأنه يلزمك أن تقول بعدم التنجيز في شبهة الكثير في الكثير بأنه أيضا غير مقدور، وقلنا هذا الإشكال لا يرد على المحقق النائيني لأنه يلتزم بذلك وأنه في شبهة الكثير في الكثير العلم الإجمالي لا يتنجز باعتبار أن المناط في عدم التنجيز في صورة الشبهة غير المحصورة حتى في شبهة الكثير في الكثير.

فالحاصل: بأن الرأي هنا يتفرع على المختار هناك، فالملاك الموجود هناك قد ينطبق وقد لا ينطبق على المقام، وأما إذا قلنا من الأساس بأن كون الشبهة غير محصورة لا تقتضي عدم تنجز العلم الإجمالي فهنا من باب أولى أيضا العلم الإجمالي يتنجز كثرة الأطراف في حد نفسها لا تقتضي عدم تنجيزه في الموارد السابقة فهنا من باب أولى.

التذنيب الثالث: على القول بعدم تنجيز العلم الإجمالي في الشبهات غير المحصورة، هل يعتبر العلم الإجمالي كلا علم أو يعتبر الشك كلا شك أو الإثنين معاً فيعتبر العلم كلا علم والشك كلا شك؟ يدور الأمر في الواقع بين هذين الإثنين هل نعتبر العلم كلا علم فقط؟ أو نعتبر العلم كلا علم والشك كلا شك في المقام، ماذا نعتبر؟ طبعاً هناك فرق واضح بينهما فإذا قلنا بأن العلم كلا علم يعني العلم منزل منزلة عدم العلم بدون التصرف في الشك فالشك على ما هو عليه في كل طرف طرف يكون الشك موجوداً، إذا كان الشك موجودا في كل طرف نلاحظ حالة الأصل في ذلك الطرف في حالة الشك، ربما يكون هذا الطرف يجري فيه أصالة الاشتغال لأنّي أشك فقط بغض النظر عن العلم الآن، قلنا العم كلا علم ولكن الشك موجود، نلاحظ هذا المورد هل هو مجرى للاشتغال أو مجرى للبراءة؟ ربما يكون مجرى للاشتغال فنطبق عليه قاعدة الاشتغال، أم إذا قلنا بأن الشك كلا شك الشك منزل منزلة العدم، هنا لا نأتي ونقول إنه تجري فيه أصالة الاشتغال، يعني الاشتغال لا يأتي من حيث العلم الإجمالي لأننا اعتبرنا العلم كلا علم، والاشتغال لا يأتي من جهة الشك لأننا فيه في هذا المورد مجرى للاشتغال، لأنا قلنا إن الشك كلا شك، إذا قلنا العلم كلا علم والشك كلا شك هنا ما عندنا ما يسبب الاشتغال لا من ناحية العلم الإجمالي ولا من ناحية الشك، مثلاً تطبيق ذلك: إذا علمتُ إجمالاً بوجود مضاف في ضمن ألف إناء هذه شبهة غير محصورة نفترض، إناء واحد مضاف في ضمن هذه الآنية، إذا قلنا في الشبهة غير المحصورة نزّلنا العلم كلا علم الآن نأتي إلى هذا الإناء، وافترضنا ما عندي علم إجمالي لأنه نزلنا العلم كلا علم، ولكن يشترط في ماء الوضوء أن يكون مطلقاً، يشترط إحراز الإطلاق وليس المضاف مانعاً، هذه النقطة مهمة في الجريان، هل الإطلاق شرط في ماء الوضوء؟ أو الإضافة مانعة من الوضوء؟ نقول الشرط هو الإطلاق وليس الإضافة مانعة، هنا الآن عندما نزّلت العلم منزلة عدم العلم هذا الإناء أشك فيه والشك لازال باقي أشك هل هو ماء مضاف أو ليس ماء مضاف، وبما أن الشك باقٍ فهنا لا أستطيع الوضوء من هذا الإناء لأنه يشترط في ماء الوضوء إحراز كونه مطلقاً وما عندي محرز لإطلاقه، لأنه قلنا أنه ليس المراد أن المضاف مانع حتى تستطيع أن تجري مثلا أصالة عدم الإضافة بل هنا نشترط الإطلاق وما أننا نشترط الإطلاق فإذا أردنا أن نجري أصل غير أصل الاشتغال عندنا استصحاب العدم الأزلي إذا قلنا به من حيث الكبرى وقلنا أنه يجري في الأمور الذاتية لأنه هناك بحث عند القائلين بجريان استصحاب العدم الأزلي هل يجري في الذوات أو لا؟ إذا قلنا بالإثنين نستصحب عدم الإطلاق في النتيجة عدم المائية يعني المساوق لعدم الإطلاق فعليه أيضا إذا قلنا بعدم الإطلاق أحرزنا عدم كونه مطلقا لا يجوز الوضوء منه، وإذا ما أجرينا أصالة العدم فهنا عندنا الاشتغال، أنا ذمتي مشغولة بالوضوء بماء مطلق ولم أحرز ذلك، نقول إذا نزّلنا العلم منزلة عدم العلم في الشبهة غير المحصورة فهنا نرجع إلى أن الشك موجود ونلاحظ الأصل في ظرف الشك، في مثل هذا المثال الذي ذكرناه لا بد من إحراز الإطلاق إذاً لا أتوضأ من شيء من هذه الأواني كلها، لأنه فقط العلم نزلناه منزلة العلم وكل طرف طرف لم يثبت عندي إطلاقه. أما لو قلنا بأن الشك منزل منزلة عدم الشك، الشك كلا شك مضافاً طبعاً إلى العلم كلا علم يجوز الوضوء منه لأنه ليس عندي الآن علم إجمالي بكون أحد هذه الآنية مضاف وأيضا الشك منزل منزلة عدم الشك فلا أشك في الإضافة والإطلاق فيجوز الوضوء في واحد من الأواني، فعليه: لا بد أن يلاحظ هذه الجهة إذا لاحظنا الآن هل العلم منزل منزلة عدم العلم أو الشك منزل منزلة عدم الشك؟ ينبغي أن نرجع من المباني وماذا يستفاد من نفس المباني، فعلى مبنى الشيخ الأنصاري قلنا بأن يكون الاحتمال موهوماً لا يعتني به العقلاء، يعني ينزل العلم منزلة عدم العلم فقط، يقول كأنك غير بوجود هذا المعلوم، الشك لا يتصرف فيه أنا أشك في الإضافة إذاً لا يجوز الوضوء منه.أيضا على مبنى المحقق الراقي نفس الكلام، فالمحقق العراقي يقول يحصل عندك اطمئنان بعدم الإضافة في هذا الطرف، يعني نزل العلم منزلة عدم العلم، لكن الشك باقي على ما هو عليه، أنت تشك هل هذا أو ليس مضاف؟ الشك باقي ولا بد من إحراز إطلاق ماء الوضوء.على مبنى المحقق النائيني، هو يقول بأنك غير قادر وبما أنك كذلك يعني أنت لا تشك، إذا فهمنا طبعاً من كلامه عدم الشك فهنا الحكم يختلف عن هذا الحكم. فإذاً الحاصل: أنه يرتبط هذا المقام أيضا بتفسير الملاك هناك هل هو نزّل العلم منزلة العدم والشك أيضا منزلة العدم، المبنى المختار هناك يؤثر في النتيجة، هذا تمام الكلام في هذا التنبيه.
التنبيه الثامن: في انحلال العلم الإجمالي لو اضطر لبعض الأطراف هل ينحل العلم الإجمالي أم لا؟ اضطر إلى شرب أحد الإناءين هل هنا ينحل العلم الإجمالي أو لا ينحل؟ بحث مهم ومفصل وعنده كلام طويل.هنا مقدمة أثارها السيد الخوئي (ره) قبل الدخول في البحث لا بأس من بيانها وهي تحدد محل البحث، حاصل هذه المقدمة:يقول: بحثنا فيما إذا كان الاضطرار يوجب رفع جميع الآثار، أما لو كان الاضطرار يرفع بعض الآثار دون بعض فهنا خارج عن محل البحث، مثلاً: تارة أعلم بنجاسة أحد الخلّين، هنا الأثر المترتب على هذا العلم هو حرمة شربهما شرب هذا الإناء وهذا الإناء حرام، لما يضطر إلى هذا الإناء هنا ارتفع جميع الآثار الموجودة عندنا أثر واحد وهو حرمة الشرب لما اضطر إليه هذا الإناء المضطر إليه قد ارتفعت حرمته ولا تكليف فيه الآن، الإناء الثاني يمكن أن أجري فيه الأصل، أما لو فرضنا مثلاً أنه علم بنجاسة إما الماء أو الحليب الأثر المترتب على الماء هو يجوز شربه ويجوز الوضوء منه فيكون الأثر المترتب على نجاسته أثر تكليفي حرمة شربه وأثر وضعي عدم صحة الوضوء منه، بالنسبة إلى الحليب عندي أثر واحد وهو حرمة شربه فقط، الآن لما اضطر إلى شرب الماء ارتفع أثر واحد الاضطرار أوجب رفع أثر واحد وهو حرمة الشرب أما الأثر الثاني وهو عدم صحة الوضوء باقي على ما هو عليه، الاضطرار لا يقول يجوز لك الوضوء منه، المكلف مضطر إلى الشرب يقول له اشرب ولا يقول له توضأ، فهذا الاضطرار لم يرفع الآثار كلها رفع فقط أثر واحد، هل يأتي الكلام هنا أن هذا مضطر إليه إذاً يجوز استعماله مطلقاً والآخر مشكوك فنجري فيه الأصل؟ لا يأتي لأنه ارتفع أثر واحد وهو حرمة الشرب بقي عندنا الأثر الثاني فالآن عندنا علم إجمالي إما بعدم صحة الوضوء بهذا الماء أو بحرمة شرب الحليب، لأنك علمت إجمالاً بنجاسة أحدهما الشرب مضطر إليه ارتفعت الحرمة تكليفاً الأثر الثاني باقي وصار عندك علم إجمالي إما بعدم صحة الوضوء من هذا الإناء أو بحرمة شرب الحليب، أيضا لو كان لا على التعيين نفس الكلام، إذا اضطر إلى أحدهما لا على التعيين نفس الكلام، النكتة واحدة، هل الاضطرار يرفع جميع الآثار فيكون محل البحث، وإذا كان الاضطرار يرفع بعض الآثار دون بعض فهذا يكون خارج عن محل البحث يعني العلم الإجمالي منجز بلا إشكال، هذه مقدمة للدخول في البحث ويأتي فيه الكلام إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo