< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه السابع:الكلام في أدلة الحكم في الشبهة غير المحصورة:الكلام في الأدلة التي أقيمت على عدم تنجيز العلم الإجمالي في أطراف الشبهة غير المحصورة، أو بعبارة أخرى على جواز الترخيص في أطراف الشبهة غير المحصورة، تقدم الكلام في الإجماع وفي الرواية.

الدليل الثالث: هو ما اختاره الشيخ (قده) في تحديد الشبهة غير المحصورة واختاره أيضا في كونه دليلا على عدم التنجيز، وهو أن تبلغ الأطراف حداً يكون الاحتمال موهوماً، يعني في كل طرف طرف يكون احتمال وجود المعلوم بالإجمال النجس مثلا أو المغصوب أو المحرم مثلا، يكون احتماله ضعيفا لا يعتني به العقلاء، فأخذ فيه عدم اعتناء العقلاء بهذا الاحتمال لكونه ضعيفا جداً، فهذا المعنى هو أساسا في تحديد الشبهة غير المحصورة وأيضا في بيان لجواز ارتكاب هذا الطرف لأنه لا يعتني به العقلاء.

هذا الكلام طبعا تقدم الكلام فيه، وهو أنه بعضهم أرجعه إلى سيرة عقلائية فإذا أُرجع إلى السيرة العقلائية فيحتاج إلى إمضاء من قبل الشارع ولو بعدم الردع يكفي في الإمضاء عدم الردع، ولكن يحتاج إلى إثبات هذه السيرة العقلائية باعتبار أن موارد هذه السيرة المحتملة يُحتمل فيها أن يكون بعض أطرافها خارجا عن محل الابتلاء أو يحتمل فيها أن يكون بعض الأطراف مضطرا إلى فعلها أو يُحتمل أن يكون ترك جميعها أو ارتكاب جميعا موجب للعسر والحرج، وعندنا احتمال آخر أنه السيرة موجودة حتى مع عدم وجود هذه الأمور، ما نحتاج إليه هو القسم الأخير، إذا تمكنا أن نثبت قيام السيرة العقلائية على عدم الاعتناء بالاحتمال حتى في مورد لا يوجد فيه عسر وحرج ولا فيه اضطرار وليس خارجا عن محل الابتلاء كل الأطراف داخلة تحت محل الابتلاء ولا يوجد عسر وحرج ولا يوجد اضطرار، هل السيرة في مثل هذا المورد قائمة وثابتة؟ هذا ما لا دليل عليه فالنقطة إذاً الأساسية مع الشيخ إذا حملنا كلامه على أنه السيرة العقلائية قائمة النقطة الأساسية هي إثبات صغرى هذه السيرة المفيدة عندنا والمنتجة، وهي أنه مع تمامية شرائط التكليف وارتفاع الموانع مع ذلك للكثرة فقط العقلاء لا يعتنون بالاحتمال ول يرتبون الأثر ولا ينجزون العلم الإجمالي، هذا لا دليل عليه، وعلى فرض أنه شككنا هل السيرة قائمة أو غير قائمة؟ في مثل هذا المورد فكما هو معلوم بأن السيرة العقلائية دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن، فالمتيقن من قيام سيرتهم هو إذا فيه أحد أمور ثلاثة الخروج عن محل الابتلاء والاضطرار والحرج أنا في غيره فلا.وإن حملنا عبارته أو مراده (قده) على أن المقصود هو حصول الاطمئنان بعدم وجود المعلوم بالإجمال في الطرف المشكوك فيه، يعني لكثرة الأطراف لما آتي إلى الطرف الأول يحصل عندي اطمئنان بعدم وجود المعلوم بالإجمال النجس فيه، بل يوجد لازمه أو هو معه يوجد اطمئنان بوجوده في غيره، إذا حملنا على هذا المعنى فهو صحيح وتام، ولكن كما قلنا سابقا يخرج عن محل البحث كما نقلنا الكلام عن السيد المحقق الروحاني (ره) أنه هذا خروج عن محل البحث يعني إذا حصل عندي اطمئنان بعدم وجود النجس انتهى، كلامنا في حالة وجود علم إجمالي إما هذا وإما هذا، أما أن تقول عندي اطمئنان بعدم هذا ووجوده في ذاك هذا خارج عن محل البحث، ومحل بحثنا الشبهة غير المحصورة ما دام العلم الإجمالي موجود، يعني عندي علم إجمالي له صورتان تارة يكون في شبهة محصورة وتارة يكون في شبهة غير محصورة، في الشبهة المحصورة إذا حصل عندي اطمئنان بعدم النجاسة في الإناء (أ) انحل العلم الإجمالي لأني أطمأن بعدم وجوده في (أ) إذاً هو متعين في الثاني، الشبهة غير المحصورة نفس الكلام الأطراف كلها موجودة تقول عندي علم بعدم وجود النجاسة في هذا الطرف اطمئنان متاخم للعلم بعدم وجوده في هذا الطرف إذاً انحل العلم وخرج عن محل بحثنا.فعليه: كلام الشيخ لا يفيدنا بحسب التفسيرين لا يفيدنا في المقام.

الدليل الرابع: هو أن لزوم الاجتناب عن جميع الأطراف يستلزم العسر والحرج أو في الشبهة الوجوبية الإتيان بجميع الأطراف يستلزم العسر والحرج، وبما أنه يستلزم العسر والحرج فهو منفي بأدلة نفي الحرج في الشريعة الإسلامية، فعليه نقول: لا يتنجز العلم الإجمالي لأنه يوجب العسر والحرج.

هذا الدليل أيضا مخدوش:

أولاً: قلنا سابقاً في محل البحث أننا ننظر إلى الشبهة غير المحصورة بما هي شبهة غير محصورة يعني بما أن العلم الإجمالي أطرافه كثيرة جداً ولكن سائر الأمور والشروط متوفرة، إذا كان في أحد الأطراف أو بعض الأطراف أو في المقام يوجد عسر وحرج أو امتثال التكليف يقتضي العسر والحرج فهذا خارج عن محل بحثنا من الأول، متى ما وصل الأمر إلى العسر والحرج فهو منفي حتى في الشبهة المحصورة فضلاً عن الشبهة غير المحصورة، فإذاً النقطة الأساسية هي أن الكلام في الشبهة غير المحصورة مع توافر جميع الشروط وارتفاع جميع الموانع، يعني كلها داخلة تحت الابتلاء وليس مضطرا إلى بعضها ولم يقع الحرج في امتثالها، هنا هل يتنجز العلم أو لا يتنجز؟ فإذا فرضت الحرج والعسر ارتفع الموضوع يعني ليس هو محل البحث.

ثانياً: بالنسبة إلى العسر والحرج فهما أخذ فيهما العسر الشخصي وليس العسر النوعي يعني من يقع في الحرج هو الذي ينتفي عنه، لا نوع الناس لا تقول إنه النوع عندهم حرج فيرتفع عن الجميع حتى من لا حرج عليه، بل كل واحد بحسبه فمن كان يقع في الحرج ينتفي عنه الحكم فهذا البحث يأتي عادة مع البحث في قاعدة لا ضرر هناك يتعرضون على قاعدة نفي الحرج ويبين هذا المعنى.

فإذاً: هذا الدليل لا يفيدنا لأنه غايته أنه من يقع في الحرج ينتفي عنه الحكم، نحن نقول الآن كقاعدة عامة عندي علم إجمالي ولكن أطرافه غير محصورة هل يتنجز العلم أو لا يتنجز العلم؟ هل يرخص في العمل أو لا يرخص؟ إذا وقع شخص في الحرج هو حكمه وتكليفه خاص، أما سائر الناس من لم يقع في الحرج لا يشمله حكم النفي فعليه: أيضا هذه القاعدة لا تفيدنا في المقام.

الدليل الخامس: ما أفاده المحقق النائيني (قده) بناءً على مبناه في تحديد الشبهة غير المحصورة، على ما قدمناه أن مبناه في الشبهة غير المحصورة هو غير قادر على المخالفة القطعية يعني تبلغ الأطراف حداً من الكثرة بحيث لا يقدر المكلف على المخالفة القطعية، في حالة عدم القدرة على المخالفة القطعية إذاً لا يتنجز العلم الإجمالي، المخالفة القطعية أصل إلى وجوب الموافقة القطعية يعني وجوب الموافقة القطعية متفرع على حرمة المخالفة القطعية، إذا قلنا المخالفة القطعية حرام نقول بأن الموافقة القطعية واجبة كما ذكرناه سابقاً وكمثال توضيحي الآن في الشبهة المحصورة نقول: علمت بوجود النجاسة في أحد الإناءين هنا المخالفة القطعية متحققة يعني يمكنه أن يرتكب هذا الإناء وأن يرتكب هذا الإناء فتصدر منه المخالفة القطعية، الآن لما صدرت منه المخالفة القطعية نقول: هناك ملازمة بين حرمة المخالفة القطعية وبين وجوب الموافقة القطعية، وبما أنه يحرم عليه أن يخالف مخالفة قطعية إذاً يجب عليه الموافقة القطعية فيترك كلا الإناءين، فهناك ملازمة، لو قلنا لا تحرم المخالفة القطعية في الشبهة المحصورة مثلا لسبب من الأسباب نقول أيضا لا تجب الموافقة القطعية، هنا نفس الكلام أساساً في تحديد الشبهة غير المحصورة يقول تبلغ حدا من الكثرة لا يقدر المكلف على المخالفة القطعية وبما أنه لا تحرم عليه المخالفة القطعية إذاً لا تجب عليه الموافقة القطعية.

هذا الدليل طبعاً واضح مما تقدم الكلام فيه بعدم وجود الملازمة بينهما يعني لا توجد عندنا ملازمة إذا حرمت المخالفة القطعية وجبت الموافقة القطعية، وإذا لم تحرم الخالفة القطعية لم تجب الموافقة القطعية، هذه الملازمة من أين؟ الموجود عندنا أن العلم الإجمالي خصوصاً على القول بالاقتضاء الذي يقول به المحقق النائيني عندنا علم إجمالي في البين وبما أنه عندنا علم إجمالي في البين تنجيزه يتوقف على سقوط الأصول في الأطراف الأصول المؤمنة والمرخصة، علمت إجمالاً بنجاسة أحد الإناءين الآن أصالة الطهارة في الإناء (أ) يتعارض مع أصالة الطهارة في الإناء (ب) يسقط الأصلان ويتنجز العلم الإجمالي، فالتنجيز في الواقع لاحتمال التكليف الذي لا مؤمن له، أحتمل وجود تكليف في ضمن هذا الإناء ولا مؤمن لأن المؤمن هو الأصل وقد سقط فيتنجز التكليف، أحتمل وجود التكليف في الإناء الثاني ولا مؤمن له أيضا يتنجز، فإذاً تنجز العلم وعدم تنجزه منوط بسقوط الأصول وعدم سقوطها، هذا هو المدار وليس المدار أنه تحرم المخالفة القطعية أو لا تحرم، عليه: هنا نطبق هذه القاعدة إذا انطبقت يعني أمكن جريان الأصول في جميع الأطراف وسقوطها هنا يتنجز العلم الإجمالي وإذا ما أمكن الجريان لسبب من الأسباب لم يتنجز العلم الإجمالي، عادةً إذا قلنا لا تجري الأصول لا بد من وجود سبب إما هو خروجه عن محل الابتلاء أو مضطر إليه إما أنه يقع في الحرج أو شيء من هذا القبيل، هذا البحث قلنا يخرج عن محل البحث، وهذا أيضا يأتي إن شاء الله الكلام فيه في حالة الاضطرار إلى أحد الأفراد هل يتنجز العلم أو لا يتنجز مطلقا أو في بعض الصور سابق إلى الاضطرار أو الاضطرار سابق إلى العلم؟ هذا يأتي الكلام فيه في تنبيه آخر، المهم الآن هذه الملازمة المدعاة غير تامة.هذه الأدلة الخمسة التي أقيمت على عدم تنجيز العلم الإجمالي وكلها كما هو واضح مخدوش، فلا يوجد عندنا دليل ناهض يقول بعدم تنجيز العلم الإجمالي في الشبهات غير المحصورة فالشبهة غير المحصورة مثلها مثل الشبهة المحصورة إذا وُجد سبب لعدم جريان الأصل يعني وُجد السبب لعدم تنجيز العلم الإجمالي فبها وإن لم يوجد فالأصل فيها أنه يتنجز العلم الإجمالي ويكون منجزاً، هذا تمام الكلام في أصل البحث في تحديد الشبهة غير المحصورة وفي حكمها.هنا تُذكر بعض التنبيهات في ضمن هذا التنبيه أو نعبر عنه تذنيب ملحق بهذا التنبيه.

الأول: أنه على فرض أن العلم الإجمالي لا ينجز هل يجوز المخالفة القطعية أو لا تجوز المخالفة القطعية؟ العلم الإجمالي غير منجز وعندي أطراف ألف مثلاً هل يجو أن أستعمل هذه الأطراف الألف كلها فعندي مخالفة قطعية للعلم بحيث ارتكبت المعلوم بالإجمال أو لا، هنا ينبغي أن يكون الكلام فيه على حسب المباني المتقدمة، إذا قلنا المبنى في حرمة أو في عدم تنجيز العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة هو قيام الاجماع على عدم منجزيته وعلى الترخيص، إذا قلنا الاجماع على الترخيص فهو دليل لبي فيقتصر فيه على القدر المتيقن، طبعا هنا للتوضيح الإجماع تارة يكون له معقد وتارة لا يكون له معقد يعني أن تكون هناك عبارة واحدة اتفق الجميع عليها هذا نسميه معقد إجماع يعني جميع الفقهاء من تكلموا نفترض قالوا لا يتنجز العلم الإجمالي في الشبهة غير المحصورة بهذا التصريح هذا يكون له معقد، إذا كان مقعد موجود يمكن أيضا أن نتمسك بإطلاقه لا مانع منه أما إذا لم يكن هناك معقد وإنما نحن لما تابعنا أقوال الفقهاء مع اختلاف ألسنتها عرفنا أنهم مجمعون على هذا الحكم ليس هناك معقد، هنا الكلام الآن في مثل هذه الصورة وهذا الفرض، قام الإجماع حسب الدعوى على الترخيص في الشبهة غير المحصورة وعلى عدم التنجيز بدون أن يكون هناك معقد، هنا نقول دليل لبي يقتصر فيه على القدر المتيقن، نحن نشك هل هذا في جميع الصور يعني في صورة ما لو خالفت مخالفة قطعية يأتي أو لا، أنه ارتكب بعض الأطراف بحيث لا تصل إلى المخالفة القطعية، إذا شككت تقتصر على القدر المتيقن وان مراد المجمعين أنه يجوز لك ارتكاب بعض الأطراف بحيث لا يستلزم المخالفة القطعية، فإذاً على هذا المبنى نقول لا تجوز المخالفة القطعية في الشبهة غير المحصورة.

أما على المبنى الآخر: مبنى نفي الحرج أنه يلزم منه العسر والحرج على هذا المبنى أيضا لا تجوز المخالفة القطعية لأن هذا المبنى كما قلنا يلاحظ فيه الوقوع في الحرج متى لم يقع في الحرج فلا يأتي النفي هنا يرتفع الحرج بارتكاب بعض الأطراف لأنه لا بد أن يرتكب جميع الأطراف حتى يرتفع الحرج فيرتفع الحرج بارتكاب بعض الأطراف فإذاً لا تجوز له المخالفة القطعية أيضا على هذا المبنى.

على مبنى المحقق النائيني نقول أساساً هذا البحث لا موضوع له لأن البحث هل تحرم المخالفة القطعية أو لا تحرم؟ المحقق النائيني يقول أصل موضوعنا في الشبهة غير المحصورة عدم القدرة على المخالفة القطعية فلا يتناسب أن نقول عدم القدرة وتحرم، الموضوع هذا أساساً مرتفع.على مبنى الاطمئنان بالعدم نقول بأنه نطمأن بعدم وجود النجس في هذا الطرف فلهذا يجوز ارتكابه على هذا المبنى أيضاً نقول إنه بحيث لا يحصل عندك اطمئنان بارتكاب المحرم، أساساً في الشبهة غير المحصورة تقول يجوز لك ارتكاب هذا الطرف لأنك تطمأن بأن المحرم في غيره، فإذا واحد ارتكب الأول والثاني والثالث والرابع وحصل عنده الآن اطمئنان بأنه هذا ارتفع هذا الاطمئنان لأن هذا ما عندي اطمئنان بالعدم لا يجوز ارتكابه، فإذاً يجوز له ارتكاب أطراف إلى أن يرتفع هذا الاطمئنان فإذا فرضنا أن العدد ألف، الأول عندي اطمئنان بعدم النجس فيه واطمئنان بأن النجس في التسعمائة والتسعة وتسعين الباقية يجوز له ارتكابه، الثاني يقول أيضا عندي اطمئنان بهذا وأن النجس في الباقي وهكذا، نفترض أنه وصل مئة مثلا يقول الآن ليس عندي اطمئنان بالعدم في المئة وواحد نقول لا يجوز لك الارتكاب.فالنتيجة أنه تحرم عليه المخالفة القطعية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo