< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/04/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه السابع:الميزان في الشبهة غير المحصورة:ذكرنا تعريف المحقق النائيني (قده) للشبهة غير المحصورة وأنه يبلغ العدد من حيث الكثرة إلى حد لا يمكن للمكلف أن يرتكب جميع الأطراف يعني لا يمكنه أن يأتي بالمخالفة القطعية، وأورد السيد الخوئي (ره) ثلاثة إيرادات تقدم الكلام فيها وفي مناقشتها.هنا إشكال نقضي أورده المحقق العراقي (قده) وأيضا اختاره الشيخ الوحيد (حفظه الله) وحاصله ما سيأتي من البحث في شبهة الكثير في الكثير يعني لو فرضنا علمنا بغصبية أو نجاسة ألف إناء في ضمن عشرة آلاف إناء أو في ضمن خمسة آلاف إناء هنا تسمى شبهة الكثير في الكثير، هذه مسألة مستقلة يأتي البحث فيها.

المحقق العراقي ينقض بهذه يقول: ينبغي لك أن تقول هناك بعدم تنجز العلم الإجمالي أيضا لأن المكلف لا يقدر على المخالفة القطعية، بينما هناك يقولون بالتنجيز لأن النسبة إذا كانت مثلا ألف إناء في خمسة آلاف إناء هي نسبة الواحد إلى خمسة فهي من حيث النسبة مثلها مثل الشبهة المحصورة، فحاصل النقض يقول بأن هناك لا يقدر المكلف على ارتكاب جميع الأطراف فيفترض أن لا يتنجز العلم الإجمالي هناك بينما هو منجز، هذا ما أفاده المحقق العراقي ولهذا قال بما هو لفظه في تقريرات بحثه يقول بعد أن ذكر المناقشة السابقة قال: مع أن لازمه اندراج شبهة الكثير في الكثير في غير المحصورة يعني أن ندرج شبهة الكثير في الكثير في ضمن الشبهة غير المحصورة من جهة تحقق الضابطة المزبورة وهو عدم القدرة على ارتكاب جميع الأطراف وعدم القدرة على المخالفة القطعية كما في العلم الإجمالي بنجاسة ألف ثوب في ألفين مع أنه لا شبهة كما سيجيء في كونها ملحقة بالمحصور، شبهة الكثير في الكثير ملحقة بالمحصور بينما على كلامك المفروض أن لا تلحق بالمحصور بل تلحق بالشبهة غير المحصورة، هذا ما أفاده المحقق العراقي كما قلنا وأيضا اختاره الشيخ الوحيد.

ولكن هو غريب منهما لأن المحقق النائيني (قده) يلتزم بعدم تنجز العلم الإجمالي في تلك المسألة، النقض حتى يصح أن يكون نقضا لا بد أن يتحد الموضوع والحكم، يعني لو كان المحقق العراقي هناك يختار التنجيز نقول له ينقض عليك به لأن هناك أيضا لا يمكن ارتكاب جميع الأطراف لكن المحقق النائيني لا يرى التنجيز أيضا ولهذا هو قال في ضمن ما أفاده فيما سيأتي تعرض لعدة أمور وقال: الثالث، مقتضى ما ذكرناه في وجه عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة غير المحصورة من عدم التمكن من المخالفة القطعية وتبعية وجوب الموافقة القطعية لحرمتها هو عدم وجوب الاجتناب حتى فيما إذا كان المعلوم بالإجمال بمقدار لو وزع على الأطراف لكانت الشبهة محصورة، مثلا إذا كان المعلوم بالإجمال مائة في ألف فإنه مع توزيع المعلوم على الأطراف وإن كانت الشبهة تنقلب محصورة فتصير نسبة واحد إلى عشرة، وهذه شبهة محصورة فيقول فإنه مع توزيع المعلوم على الأطراف وإن كانت الشبهة تنقلب محصورة إلا أنه من جهة عدم امتياز المحرم عن غيره لا يكون المكلف قادرا على المخالفة القطعية ولا يعرف أن هذه المائة هي المغصوبة وإنما المائة في ضمن الألف وبما أنه لا يميز إذاً يمتنع أن يرتكب جميع الأطراف وتمتنع المخالفة القطعية فعليه: لا يتنجز يقول: إلا أنه من جهة عدم امتياز المحرم عن غيره ل يكون المكلف قادرا على المخالفة القطعية فلا تكون محرمة، فإذاً هذا النقض من المحقق العراقي والشيخ الوحيد بالنسبة إلى المحقق النائيني لا يرد، يرد على من يرى في تلك المسألة تنجز العلم وهنا يفسر الشبهة غير المحصورة بعدم القدرة على المخالفة القطعية، من يفكك بين هذين هو الذي يرد عليه أما المحقق النائيني فلا.

الوجه الثاني: هو تعريف الشيخ الأنصاري (قده) حيث قال الملاك في الشبهة غير المحصورة بأنها تبلغ بما يبلغ فيها كثرة الأطراف حدا كون احتمال التكليف في كل منهما موهوماً بحيث لا يعتني به العقلاء، يعني الآن إذا فرضنا العلم الإجمالي بنجاسة إناء في ضمن ألف إناء هنا لما نضع يدنا على أي طرف مثلا نضع على رقم واحد نقول احتمال أن هذا هو النجس لا غيره احتمال واحد على الألف وهذا الاحتمال احتمال التكليف فيه موهوم جدا، وهو لا يعتني به العقلاء ولا يرتبون الأثر عليه، فإذا بلغت الأطراف هذا الحد بحيث يكون الاحتمال موهوما هنا تتحقق الشبهة غير المحصورة، فإذا قايسنا مثلا واحد في ضمن عشرة نقول احتمال أن هذا هو النجس واحد على عشرة احتمال ليس موهوما والعقلاء يعتنون به وواحد على مثلا يعتنون به أما لما يأتي إلى واحد على ألف نقول العقلاء لا يرتبون الأثر على مثل هذا الاحتمال هنا تصل المرحلة إلى الشبهة غير المحصورة، طبعا أوردت عليه عدة إشكالات ولكن قبل الإشكالات نذكر ما أفاده الشيخ الوحيد (حفظه الله) لبيان مطلب الشيخ الأنصاري بحيث إذا تم هذا البيان بكامله تتضح الأجوبة على بعض الإشكالات.

هو قدّم لتوضيح كلام الشيخ الأنصاري مقدمات:

المقدمة الأولى: أن أساس تنجيز العلم الإجمالي مبتني على احتمال الضرر الأخروي والعقوبة، فما دام هذا الاحتمال موجود ومحفوظ يتنجز العلم وإذا انتفى هذا الاحتمال لا يتنجز العلم، أساسا وهذا لعله ذكرناه في بعض الأبحاث السابقة أن العلم الإجمالي يتنجز لوجود احتمال العقوبة يعني لما أعلم إجمالا بحرمة أحد الأمرين هنا أحتمل العقوبة عندما آكل هذا مثلا أو أستعمل هذا مثلا وأيضا أحتمل العقوبة في الثاني واحتمال العقوبة التي هي احتمال الضرر الأخروي هذا الاحتمال منجز، إذاً المقدمة الأولى هكذا: أساس تنجيز العلم الإجمالي هو أنه نحتمل العقوبة في ارتكاب كل طرف طرف طبعا إذا ارتكب جميع الأطراف هنا يقطع بتحقق العقوبة ولكن بالنسبة إلى طرف يحتمل تحقق العقوبة فاحتمال تحقق العقوبة هو أساس إلى تنجيز العلم الإجمالي فيكون المدار عليه، إذا كان احتمال العقوبة مازال موجود ومحفوظ هنا يتنجز العلم، وإذا احتمال العقوبة غير محفوظ لا يتنجز العلم، هذه مقدمة أولى.

المقدمة الثانية: إذا قامت السيرة العقلائية على شيء في الفرض مثلا قامت السيرة العقلائية على عدم الاعتناء بهذا الاحتمال وعدم ترتيب الأثر عليه هنا مع كونه مما يبتلى به في الأمور الشرعية في مثل هذا المورد الشارع إما أن يرتضي ما قامت عليه السيرة العقلائية فيمضيه وإما أن لا يرتضيه فينهى عنه ويزجر عنه، إذا رأينا الشارع في مورد السيرة العقلائية التي يبتلى بها في الأمور الشرعية لم يردع عنها بنفس عدم ردع الشارع نستكشف إمضاءه لا يحتاج أن يقول أمضيت ما عليه سيرة العقلاء وإنما بنفس عدم ردعه هذا كافي للكشف عن الإمضاء وهذا أمر واضح ومسلم في السير العقلائية.

المقدمة الثالثة: أنه نرى بالوجدان أن الأطراف إذا بلغت حدا من الكثرة يوجب ذلك ارتفاع الاحتمال الذي يترتب عليه الأثر، بيان ذلك بالمثال: نلاحظ في الأمور العقلائية لما شخص مثلا يسمع عن وقوع حادث سير هنا إذا سمع بأن وقوع هذا الحادث في ضمن أسرته يصير عنده قلق كبير جدا إذا سمع بأنه وقع على واحد من بلده هنا يصير قلق لكن ليس كالقلق الأول لأنه الأطراف اتسعت لأن الاحتمال كان واحد من خمسة أنه من أهل بيته الآن مثلا واحد من عشرة آلاف أنه من بيته الباقي يتوزع، إذا مثلا في منطقة أكبر من بلده أيضا يضعف هذا القلق فبالوجدان نلاحظ أن الأطراف كلما كثرت الاحتمال يلغى عندهم بمعنى أن الأثر الذي يرتبونه على الاحتمال يضعف شيئا فشيئا.

بعد ما اتضحت هذه المقدمات نقول: المدار أن العلم الإجمالي إذا كان بنحو بحيث يلغى الاحتمال بنظر العقلاء فهو شبهة غير محصورة، فالعلم الإجمالي إذا وصلت أطرافه من الكثرة بحيث يلغى الاحتمال فهذه شبهة غير محصورة وإذا لم يصل إلى هذه المرتبة فهذه الشبهة محصورة، هذا حاصل كلام الشيخ مع هذا البيان.ثم الشيخ نفسه أمر بالتأمل في هذا، الآن نأتي إلى الإشكالات التي أوردت على الشيخ.

الإشكال الأول: كما أورده السيد الخوئي تبعا للمحقق النائيني، وهو أن هذا إحالة على مجهول لتعدد مراتب الوهم الشيخ عبّر كما ذكرنا في تعريفه الأول أن تبلغ الأطراف حدا بحيث يكون احتمال التكليف موهوما في الطرف، هذا الموهوم أمر مجهول لأن مراتب الوهم متعددة فإلى إي مرتبة، فلو قسنا على المدار المنطقي فعندنا نفترض إلى احتمال 49 هذا كله يعتبر احتمال موهوم و 48 وهم و 45 وهو و30 وهم إلى 5 بالمئة وهم أي مرحلة من المراحل إذا وصل الوهم نقول هذه شبهة غير محصورة وما لم يبلغه نقول شبهة محصورة، والإحالة إلى أن يكون الاحتمال موهوما إحالة إلى أمر مجهول، الضابطة لا بد أن تكون أمر غير مجهول ولا بد أن تكون معينة وواضحة، فالإشكال الأول أن ما أفاده الشيخ إحالة إلى مجهول.

الإشكال الثاني: أن موهومية الاحتمال لا تمنع من التنجيز للعلم الإجمالي بدليل أنه لو علمت إجمالا بنجاسة أحد إناءين شبهة محصورة قطعا ولكن عندي ظن 80 بالمئة أن النجاسة في الإناء (أ) وعندي احتمال 20 بالمئة أن النجاسة في الإناء (ب) هنا احتمال موهوم بالنسبة إلى ذاك حتى لو كان 90 بالمئة بحيث لا يصل إلى العلم أو الاطمئنان، والاحتمال الموهوم 10 بالمئة هنا هل تقول بعدم تنجز العلم الإجمالي لأن الاحتمال موهوم؟ لا تقول ذلك بل تقول إنه منجز، ولما قلت ذلك إذاً موهومية الاحتمال لا تؤثر في التنجيز حتى تقول إذا بلغت الأطراف حدا يكون الاحتمال موهوما فهو شبهة غير محصورة فلا يتنجز العلم الإجمالي بل يتنجز العلم الإجمالي مع كون الاحتمال موهوما في بعض الأطراف.

الإشكال الثالث: أن موهومية الاحتمال تأتي في المضار الدنيوية، نقول أنه احتمال موهوم لا يعتني به العقلاء، أما في الأمور الأخروية كما هو محل بحثنا فالاحتمال فيها متنجز حتى لو كان الاحتمال ضعيفا، إذا أحتمل وجود تكليف يعني أحتمل وجود ضرر أخروي يعني أحتمل وجود عقوبة في ارتكاب الشيء المعين هذا الاحتمال ينجز التكليف، يعني دفع الضرر المحتمل إذا كان أخروي عقلا في مثل هذا المورد حتى لو كان الاحتمال ضعيفا فهو منجز عليك، فإذاً ما أفاده الشيخ يفيد في الأمور الدنيوية أما في الأمور الأخروية فهذا المعنى لا يأتي.

هذا حاصل ما أورد من الإشكالات الثلاثة على الشيخ الأنصاري، وبالنسبة إلى تعليق الشيخ الوحيد على هذه الإشكالات الثلاثة بحيث تندفع كلها، سيأتي إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo