< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه السادس: الأقوال في منجزية العلم الإجمالي في التدريجيات:تقدم الكلام عندنا في تحرير محل البحث في جريان العلم الإجمالي في الأمور التنجيزية وقلنا بأن محل البحث ما إذا كان أحد الطرفين مقيدا بأمر زماني متأخر أو زمان متأخر ولا يكون التكليف فعليا على كل تقدير وإنما يكون فعليا في الطرف الذي هو موجود الآن وليس بفعلي على فرض وجوده في الطرف المستقبلي ويمكن التمثيل لهذا بمثالين، المثال الأول الذي ذكرناه في الدرس السابق وهو مسألة المرأة المستحاضة التي يتصل الدم عندها في تمام الشهر، هنا إذا فرضنا أنها علمت إجمالا بتحيضها في ثلاثة أيام من الشهر ولكن لا تعلم ثلاثة في العشرة الأولى أو العشرة الثانية أو العشرة الأخيرة لا تعلم، هنا أحد الطرفين وهو الدم الآن على فرض أنه صادف الواقع فهو فعلي وعلى فرض أن الحيض آخر الشهر فليس بفعلي فدار الأمر في التكليف بين ما يكون فعليا الآن وما يكون فعليا في المستقبل الآن ليس بفعلي، هنا هل يتنجز العلم الإجمالي أو لا يتنجز؟أيضا مثال آخر وهو مثال النذر على القول باستحالة الواجب المعلق، أما على القول بعدم استحالته ويمكن الواجب التعليقي فنتصور أن يكون التكليف فعليا الآن ولكن المتعلق متأخر وأما على القول بالاستحالة فلا نتصور الوجوب الآن والواجب في المستقبل، فهو عندما نذر ولا يعلم صوم اليوم أو صوم الغد، فهنا بالنسبة إلى صوم اليوم يكون التكليف فعليا على فرض مطابقته للواقع، وعلى فرض أن يكون المطلوب هو الصوم غدا فهو ليس بفعلي الآن وإنما يكون فعليا في المستقبل فهنا علم إجمالا بوجوب صوم إما اليوم أو غد هنا أيضا يدخل في البحث.إذا اتضح محل البحث فقول بالنسبة إلى الاستدلال على الأقوال، عندنا كما ذكرنا ثلاثة أقوال. القول الأول: قول المحقق صاحب الكفاية وهو عدم تنجيز العلم الإجمالي في الطرفين وجريان الأصول العملية في الطرفين. القول الثاني: وهو كلام المحقق النائيني بتنجيز العلم الإجمالي وعدم جريان الأصول في الطرفين.القول الثالث: قول الشيخ الأنصاري وهو إذا كان الملاك تاما فعلا يتنجز التكليف وإذا لم يكن الملاك تاما فعلا لا يتنجز التكليف فهو قول بالتفصيل.هنا السيد الخوئي (ره) قال: فذلكة للبحث، يعني ذكر المناط الذي أوجب هذا الاختلاف وتعدد الأقوال يقول هكذا: إنه علمنا بأن العلم الإجمالي لا يتنجز أو يتوقف على العلم بالتكليف الفعلي من نظر إلى هذه الجهة قال بأن العلم الإجمالي لا يتنجز إلا إذا كان متعلق التكليف المعلوم فعليا فهنا لا يحصل التنجز أو لا يتنجز العلم، باعتبار أن التكليف كما ذكرنا الآن ليس فعليا على كل تقدير وإنما هو فعلي على تقدير أن يصادف اليوم في الصوم أو على تقدير أن يصادف الثلاثة الأولى هي أيام الحيض، وعلى التقدير الآخر لا يكون فعليا فإذا أخذنا هذه الجهة أن تنجيز العلم الإجمالي يتوقف على فعلية التكليف فهنا التكليف ليس فعليا فعليه: لا يتنجز العلم فصاحب الكفاية (قده) كان نظره إلى هذه الجهة، يعني أنه يشترط في تنجيز العلم الإجمالي أن يكون التكليف فعليا والآن التكليف ليس فعليا على كل تقدير وإنما على تقدير فعلي وعلى تقدير ليس بفعلي، فعلى هذا تجري الأصول المؤمنة في الأطراف فبالنسبة إلى مثال المرأة يجري استصحاب عدم الحيضية إلى آخر الشهر يجري البراءة من أحكام الحيض فيجري الأصل المؤمن في الطرفين. أما من لم يربط تنجيز العلم الإجمالي بالفعلية بهذا المعنى بل يكتفي بأن يكون هناك علم بالتكليف إما اليوم أو غد، إما في أول الشهر أو في آخر الشهر، هنا على هذا القول يتنجز بالعلم، أو نقول على جعل المدار على الملاك في التكليف وليس على نفس التكليف، إذا جعلنا الملاك هو على أصل التكليف فجعلنا المدار على أصل وجود الملاك فهنا نلاحظ، هل يوجد ملاك أو لا يوجد؟بعبارة أخرى: تارة نلاحظ تمامية المقتضي نلاحظ هل أن المقتضي تام ولكن منع منه مانع، أو أن المقتضي ليس تاما؟ إذا كان المقتضي تام ولكن وُجد هناك مانع فهنا نقول بالتنجيز، المقتضي الملاك موجود لكن الخطاب غير موجود لأن الخطاب يتوقف على ذلك الزمان، يعني في مثال النذر إذا منعنا من الواجب المعلق لما تحقق منه النذر وانعقد النذر وُجد المقتضي للمنذور، الملاك تام ولكن بما أنه يستحيل أن يكون الوجوب فعلي والواجب استقبالي فمنع مانع من تنجيز هذا المقتضي، أو بعبارة أصح من فعلية هذا المقتضي بحيث يؤثر أثره، فمتى يؤثر أثره؟ إذا وجد ذلك الزمان ارتفع المانع إذاً الآن وجد ذلك الزمان قلنا الوجوب صار فعليا فصار في مثل هذا المورد الخطاب ليس فعليا والتكليف ليس فعليا وإنما التكليف إذا جاء وقته ولكن المقتضي موجود. على هذا الفرض الشيخ يقول بما أن الملاك تام فعلا والمقتضي موجود فعلا حتى لو لم يوجد التكليف الفعلي ولم يوجد الخطاب الفعلي أيضا يتنجز العلم الإجمالي، القعل يقبح تفويت نفس الخطاب إذا وُجد أيضا يرى قبح تفويت المقتضي إذا وُجد، فإذاً في هذه الصورة وهي ما إذا كان الملاك تاما حتى لو لم يكن الخطاب فعليا يتنجز العلم الإجمالي.أما إذا لم يكن المقتضي تام هنا لا يتنجز العلم الإجمالي، في مثال الحيض هنا لا تعلم الثلاثة الأيام الأولى هي الحيض أو الثلاثة الأخيرة هي الحيض، فإذا لا تعلم فهي لا تحرز الملاك فلا وجود المقتضي، فهنا ليس فقط أن الخطاب والتكليف غير موجود بل الملاك أيضا غير متحقق، وإذا كان الملاك غير متحقق هنا نقول نجري الأصول ولا نقول بتنجيز العلم الإجمالي، فلهذا في مثل هذه الصورة يقول أيضا الشيخ بأنها تستصحب عدم الحيضية في الثلاثة الأولى والثلاثة الثانية إلى الثلاثة الأخيرة تستصحب عدم الحيضية، وبالنسبة إلى الثلاثة الأخيرة هنا نقول أنه نجري البراءة ولا تستصحب لأنه بعد دخولها في أول ساعات اليوم ما قبل الثالث في الثلاثة الأخيرة، هنا علمت أنه جاءها حيض وجاءها طهر في الأثناء لأنه تعلم في كل الشهر ثلاثة أيام تكون حائضا، الآن قبل أن تدخل الثلاثة أيام الأخيرة تشك هل طرقها الحيض أو لا؟ تستصحب العدم، ولما دخلت في الثلاثة أيام الأخيرة الآن لا تستطيع أن تستصحب عدم الحيضية لأنه قطعا صارت حائضا ومر عليها طهر ومر عليها حيض، فالاستصحاب هنا لا يجري ويتعارض الاستصحابان، يدخل الشيخ هذه المسألة في موارد تعاقب الحالتين، ففيها شخص علم أنه في وقت كان على حدث وفي وقت آخر كان على طهارة، ولم يعلم المتقدم والمتأخر، هنا استصحاب الطهارة يتعارض مع استصحاب الحدث، فلا يجريان، هنا من هذا الباب لو أراد الاستصحاب في الثلاثة الأيام الأخيرة يتعارض مع الاستصحاب الأول، فعليه الشيح عدل عن هذا قال: إلى ما قبل الثلاثة الأيام الأخيرة تستصحب عدم الحيض، عندما تدخل في الثلاثة الأيام الأخيرة تشك هل يحرم عليها المكث في المسجد أو مس كتابة القرآن وهكذا تجري أصالة البراءة تخلصا من تعارض الاستصحابين.فالنتيجة: أن الشيخ في مثل هذا المورد يقول لا يتنجز العلم الإجمالي وتجري الأصول في الأطراف، هذا الوجه للشيخ.أما رأي المحقق النائيني: أنه يتنجز العلم الإجمالي في الطرفين وفي الأمرين الذين ذكرهما الشيخ وفصل فيهما، يعني في الطرف الذي يكون المقتضي فيه تاما فعلا الملاك تام وأيضا في المورد الذي لا يكون تام فعلا، بالنسبة إلى مثال النذر قلنا الملاك تام فعلا ولكن الخطاب يأتي مؤخرا، بالنسبة إلى مسألة الحيض قلنا الملاك غير تام فعلا، المحقق النائيني يقول بتنجيز العلم في الموردين في الصورتين، في الصورة الأولى واضحة بنفس ما ذكرناه عن الشيخ، وفي الصورة الثانية وهي إذا لم يكن الملاك فعلا تام يقول هنا: باعتبار أنه نعلم هي المرأة تعلم بطرو الحيض في خلال الشهر فهي تعلم بوجود الملاك، الملاك الآن أو فيما بعد، وتفويت الملاك الملزم قبيح حتى لو لم يحن وقته، هذا الملاك يأتي في الوقت الفلاني تفويته من الآن قبيح، اعتبرها أولوية في المقدمات المفوتة، إذا يعلم المكلف بالتكليف ويعلم أنه إذا لم يأت بهذه المقدمة يفوت الواجب في وقته، هناك يقبح عليه تفويت الواجب في وقته فيلزم بالإتيان بالمقدمة المفوتة، هنا أيضا يعلم بوجود الملاك في وقته تفويت الملاك أيضا قبيح، فلهذا يتنجز العلم الإجمالي، هذا حاصل ما أفاده السيد الخوئي (ره) لبيان أسس هذه الأقوال.ولكن لو دخلنا في البحث بصورة أخرى ربما تكون فنية أكثر، يعني مثلا نأتي إلى كلام المحقق الآخوند نقول: كلام المحقق الآخوند لم يتنجز العلم الإجمالي يجري الأصول في الأطراف، هنا ما هو السبب؟ على حسب ما مرّ عندنا أن هناك أركانا لمنجزية العلم الإجمالي فهو يهدم أي الأركان حتى لا يتنجز العلم، نتصور أحد أمرين.الأمر الأول: أنه يهدم الركن الأول، العلم الإجمالي بالتكليف، يقول هنا لا يوجد عندنا علم إجمالي بالتكليف لأن المقصود هو العلم الإجمالي بالتكليف الفعلي على كل تقدير، عندما نتحدث عن العلم الإجمالي فهو يكون بالتكليف الفعلي على كل تقدير، هذا المعلوم بالإجمال غير موجود، فإذا علم بالتكليف الفعلي غير موجود، فينهدم الركن الأول من أركان منجزية العلم الإجمالي، إذا قلنا بأن مراده هذا كما يظهر من الكفاية هذا المعنى، نقول: بأنه ما هو المراد من التكليف الفعلي؟ هل المراد أن يكون فعلا التكليف يعني الخطاب الآن، أو لا حتى لو في عمود الزمان، بمعنى في الأمثلة العرضية المعروفة التكليف الفعلي الآن موجود، أعلم الآن بحرمة أحد هذين الإناءين، ففعلا أعلم بحرمة أحدهما، المرأة تعلم بحرمة المكث في المسجد إما في الثلاثة الأيام الأولى من الشهر مثلا أو في الأيام الثلاثة الأخيرة من الشهر، هل علم بهذا لا يسمى علما بالتكليف؟ أو هو علم بالتكليف، هي تعلم بحرمة المكث في المسجد إما في هذه الثلاثة أو في الثلاثة الأخرى الآتية، بما أن الزمان محدود ومعين وهي تعلم أن بينها بين الحدين تعلم بحرمة المكث فهنا نقول هذا المقدار داخل في العلم الإجمالي، يعني بعبارة أخرى أن التكليف هنا واصل كما أن التكليف التفصيلي الفعلي واصل أيضا التكليف الإجمالي بهذا النحو يكون واصلا للمكلف ووصول الحكم بنحو من الأنحاء للمكلف هو المسوغ لتنجيزه فهنا نقول هذا التقريب الذي أريد منه هدم الركن الأول غير تام، العلم الإجمالي التكليف الفعلي موجود غاية ما هنالك هذا أو ذاك، هذا المقدار كافي في الوصول، هذا التقريب الأول لكلامه.التقريب الثاني: أن نقول: بأنه يريد أن يزلزل الركن الثالث من أركان العلم الإجمالي، والركن الثالث على ما ذكرناه سابقا أن الأصول تجري في الأطراف في حد نفسها مع غض النظر عن العلم الإجمالي، أن تكون الأصول جارية في نفسها، لما علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين أو غصبية أحد الإناءين هذا الإناء (أ) مع غض النظر عن العلم الإجمالي لو شككت فيه أجري أصالة الطهارة، والإناء (ب) مع غض النظر عن العلم الإجمالي أجري فيه أصالة الطهارة، لما وُجد العلم الإجمالي هنا تعارضا وتساقطا، أيضا في مثال الغصبية.هنا ما ينبغي أن يقال لكلام الآخوند: في هذا الفرض بالنسبة إلى المرأة في الطرف الأول يمكنها أن تجري أصالة البراءة عن المكث أو استصحاب عدم الحيضية، هذا الأصل المؤمن في هذا الطرف فعلا لا يعارضه شيء لأن ذاك لم يحن وقته بعد ولم يكن فعليا، الطرف الثاني لم يكن مثل الإناءين الموجودين بالفعل، إذاً هذا الطرف يجري فيه الأصل بلا مانع لأنه لم يبتلِ بالطرف الآخر بعد، ولما جاء وقت الطرف الآخر أيضا يمكن أن يجري فيه الأصل المؤمن بلا معارض، فإذاً نقول بأن الركن الثالث جريان الأصول في الأطراف ولكن ببركة العلم الإجمالي يتعارضان ويسقطان هنا يجري كلا الأصلين بلا أي محذور فهنا يجري وهناك يجري فينحل العلم الإجمالي أيضا، أو مع غض النظر عن الطرف الثاني نقول: فعلا هذا الطرف يجري فيه الأصل بلا معارض ينحل العلم الإجمالي، هذا المعنى أيضا يكن أن يقرب به كلام الآخوند بصورة فنية، ولكن يرد عليه الإشكال.حاصل الإشكال: أنه ما هو المراد من التعارض، يعني التعارض هل هما بنحو أن يكونا ضدين، هذا يزاحم الآخر لا بد أن يوجدا معا ويشترط فيهما الوقت الزمان واحد فيكون هذا ضد لذاك، أو لا هو بمعنى آخر، إذا كان التعارض بهذا المعنى يأتي كلامه، أنه فعلا لا يوجد معارض للأصل في هذا الطرف، أما إذا قلنا التعارض باعتبار أن دليل الأصل لا يمكن شموله لهما معاً، عندي دليل أصالة البراءة أو دليل الاستصحاب، ودليل الاستصحاب لا يمكن أن يشمل طرفي العلم الإجمالي معاً، لأنه يخالف العلم فيصير عندي مخالفة للعلم مخالفة قطعية وواقعية، بما أنه عندي مخالفة واقعية نقول هذان متعارضان، فقصدنا من التعارض هو عدم إمكان الشمول دليل الأصل لهما، هذا المعنى موجود. الآن بالنسبة إلى مثال النذر نذر أن يصوم ولكن تردد بين اليوم أو غداً، هنا الآن لما يجري أصالة البراءة في اليوم ويجري أصالة البراءة في غد هنا يتنافى مع العلم، هو يعلم بوجوب صوم قطعا، ويلزم منه المخالفة القطعية، هنا نقل يتعارض الأصلان حتى لو قلنا بأن الأصل الثاني لم يحن وقته بعد، فنجري أصالة البراءة في هذا اليوم محل الابتلاء، على التصوير يمكن أن نقول ولكن لا نحن ننظر إلى الجميع، بما أنك عندك علم أي الناذر عنده علم بوجوب صوم ولكن دار أمره بين اليوم أو غد هنا لما يجري الأصل هنا ويجري الأصل هنا يلزم منه مخالفة قطعية ويلزم منه مخالفة للعلم فلهذا نقول: الدليل لا يشمل كلا هذين الأصلين معاً، فعليه: كلام صاحب الكفاية يندفع القائل بعدم التنجيز، وأيضا يندفع كلام الشيخ في المورد الذي قال لم يتم فيه الاقتضاء نفس الكلام يندفع بما ذكرناه، علم إجمالي موجود والأصول لا يمكن أن تجري في الأطراف فيتنجز العلم الإجمالي. والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo