< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه السادس:منجزية العلم الإجمالي في التدريجيات:نقلنا سابقا كلام الشيخ الأنصاري في المقام والذي يظهر من مجموع كلماته أنه مثّل لذلك بثلاثة أمثلة:

المثال الأول: ما إذا علم المكلف بابتلائه في اليوم أو في الشهر مثلا بجريان معاملة ربوية ولا يعلم أنه الأولى أو الثانية أو الثالثة.

المثال الثاني: بالنسبة إلى المرأة المضطربة في حيضها فتعلم بأنها حائض في ثلاثة أيام في الشهر ولكن لا تعلم أي الثلاثة أيام هي.

المثال الثالث: ما لو نذر شخص بمثال الشيخ لو نذر وطئ زوجته ولكن تردد الأمر بين أي ليلة.

في بعض هذه الموارد أجرى المنجزية وفي بعضها أجرى الأصول العملية ولكن لتوضيح ذلك ذكر السيد الخوئي مقدمة هي في الواقع لبيان تحرير محل النزاع، هل هو على إطلاقه أو لا، في موارد خاصة.

قال: إن محل النزاع ما إذا لم تكن الأطراف موردا للاحتياط في حد نفسها بغض النظر عن العلم الإجمالي ومثل لذلك بالمعاملة الربوية بابتلاء المكلف بالمعاملة الربوية في أثناء اليوم، يعلم أنه في هذا اليوم سيجري عدة معاملات إحدى هذه المعاملات يحتمل أن تكون ربوية، هنا في مثل هذا المورد يقول: بأن المورد هو مورد للاحتياط وذلك لأن الشبهة حكمية يعني لو فرضنا مثلا أنه سيجري عدة معاملات ومن جملة هذه المعاملات هو أنه يريد أن يبدل فئة الخمسة وعشرين ألف بفئة الألف دينار على أن يعطي خمسة وعشرين ويأخذ ستة وعشرين من فئة الألف ولا يعلم هل هذه معاملة ربوية أو ليست معاملة ربوية؟

هنا عندما يشك وظيفته هي الاحتياط حتى لو لم يقترن بعلم إجمالي، الآن سيجري هذه المعاملة لوحدها لا يوجد عندي علم إجمالي، هذه شبهة حكمية هل هي ربوية أم لا من حيث الشبهة الحكمية، ما هو حكم هذه المعاملة؟ في الشبهة الحكمية يجب عليه الاحتياط ولا يجوز له أن يجري الأصل المرخص قبل الفحص، فإذاً: لا بد أن يفحص ويسأل عن حكم هذه المسألة وإلا عليه أن يحتاط، فهذا المورد مورد احتياط، وفي الشبهة الحكمية بالنسبة للحكم الوضعي نحكم بالفساد بمعنى أن عندهم في المعاملات الأصل هو الفساد ومقصودهم هو عدم تحقق النقل والانتقال، ما عند البائع يبقى عنده وما عند المشتري يبقى عنده فيسموها أصالة الفساد في المعاملات، هذا إذا كان قبل الفحص.

ربما يقال: بأنه يمكن أن نتمسك بآية الوفاء بالعقود ﴿أوفوا بالعقود﴾ وهي عامة يعني كل عقد يجب الوفاء به وهذا عقد فنقول يجب الوفاء به، لكن هذا القول غير صحيح، باعتبار أن الشك هنا ليس شكا في التخصيص الزائد وإنما هو شك في الانطباق، بمعنى أنه عندي الآن عموم خرج من تحت هذا العموم البيع الربوي وهو لا يجب الوفاء به، الآن هذه المعاملة التي أشك في كونها ربوية أو ليست بربوية أشك هل هي داخلة تحت المخصص أو هي باقية تحت العموم، أوفوا بالعقود هذا عام خرج من تحته البيع الربوي فخصص، إذاً الآية نتيجتها يجب الوفاء بالعقد غير الربوي، هذه المعاملة تبديل خمسة وعشرين بستة وعشرين هل هي معاملة ربوية فتكون داخلة تحت المخصص أو هي ليست ربوية فباقية تحت أوفوا بالعقود، هنا الشك في انطباق أوفوا بالعقود على هذه المعاملة يعني بعبارة أخرى الشك في الشبهة المصداقية للمخصص لا يمكن التمسك بالعموم، كما عليه رأي الأصوليين، فعليه لا يمكن أن أتمسك بأوفوا بالعقود في المقام وإذا كان كذلك فيجب الاحتياط في هذه المعاملة.

فالحاصل: أن البيع المشكوك أنه ربوي مورد للاحتياط في حد نفسه بغض النظر عن كونه أحد أطراف العلم الإجمالي، فعليه هذا النوع يخرج من تحت البحث، فالمثال الذي مثله الشيخ تكون هذه خارجة عن محل البحث لأنها مورد للاحتياط بغض النظر عن العلم الإجمالي فلا نحتاج أن نقول يتنجز العلم الإجمالي في المقام أو لا يتنجز فهذا خارج.

عندنا نقطة ثانية أيضا تكون داخلة في بيان تحرير محل البحث: وهي بيان لأقسام تدريجية العلم الإجمالي، كيف نقول إن هذا العلم الإجمالي علم إجمالي في الأمور التدريجية هذه التدريجية لها أقسام بعضها داخل في البحث وبعضها خارج.

القسم الأول: أن تكون التدريجية مستندة إلى اختيار المكلف نفسه، مثلا أعلم بأن أحد هذين الثوبين مغصوب نفترض قميصا وسروالا، بإمكان المكلف أن يلبسهما دفعة واحدة عليه تكون مخالفة قطعية للعلم الإجمالي لكن هو أراد أن يلبس القميص نهارا ويلبس السروال ليلا هذه تدريجية، يعلم الآن أحد هذين الفعلين التدريجيين ما سيأتي به في النهار وما سيأتي به في الليل يعلم بأن أحدهما مغصوب، هنا هل نقول بدخوله في محل البحث لأنه أمر تدريجي؟ نقول: لا، هذا الأمر الحكم فيه فعلي الآن فعلا أعلم بحرمة لبس أحدهما والمكلف بإمكانه الموافقة القطعية فيترك كليهما وبإمكانه المخالفة القطعية فيلبس كليهما، إذاً هذا العلم الإجمالي منجز بلا إشكال، حكم فعلي على كل تقدير وجريان البراءة في أحدهما يعارضه جريان البراءة في المورد الآخر فيتنجز العلم الإجمالي بلا إشكال هذا يخرج أساسا عن محل البحث، هذا ليس مما نبحثه في التدريجيات.

القسم الثاني: أن تكون التدريجية مستندة إلى عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما فيضطر أن يأتي بالفعل الأول ثم الفعل الثاني ولكن هو بإمكانه أن يأتي بأي واحد من الطرفين أولاً، مثلاً يعلم إجمالاً بوجوب إما صلاة الظهر أو صلاة الجمعة هنا نقول تدريجي بمعنى أنه لا يمكنه أن يجمع بينهما فيصلي في وقت واحد الظهر والجمعة فهو مستحيل، فعليه لا بد أن يصلي إحداهما أولاً ثم الأخرى ثانياً، فالتدريجية نشأت من عدم إمكان الجمع بينهما ولكن بإمكانه أن يصلي الظهر أولاً ثم يصلي الجمعة، وبإمكانه أن يصلي الجمعة أولا ثم الظهر فالإمكانية موجودة، في مثل هذا الفرض نقول إن فعلية التكليف موجودة على كل تقدير، فعليه لا يمكن أن يجري أصالة البراءة عن الجمعة وأصالة البراءة عن الظهر فتكون هناك مخالفة قطعية، فمثل هذا المورد التنجيز حاصل وخارج عن محل البحث، ونظيره في جانب الحرمة ما لو تعلق التكليف في فعلين متضادين ولهما ثالث، وهناك متضادين ليس لهما ثالث يعني إذا أتى بأحدهما يستحيل الآخر وهكذا فلا يمكن الجمع بينهما ولا يمكن ترك كليهما، يعني لو دار الأمر بين وجوب السكون أو الحركة ليس عنده طريق آخر فلا يمكنه الجمع في وقت واحد فهنا لا يمكن الموافقة القطعية ولا يمكن المخالفة القطعية فهذا لا نبحث فيه، فإذا علم حرمة الجلوس إما في هذه الدار أو في هذه الدار وأحد الجلوسين في إحدى الدارين حرام، هنا ضدان لهما ثالث فيمكنه الجلوس في دار ثالثة، فيمكنه الموافقة القطعية ويمكنه المخالفة القطعية، لأنه لا يمكن أن يكون في كليهما معاً دفعة، هنا عنده تكليف فعلي بحرمة الجلوس في أحدهما التدريجية تحصل لعدم إمكان الجمع بينهما هنا لا يمكن جريان الأصول ويتنجز العلم الإجمالي وليس هو محل للبحث والنزاع.

القسم الثالث: أن تكون التدريجية مستندة إلى تقيد أحدهما بزمان استقبالي أو بزماني استقبالي، الزمان واضح يوم الجمعة أو السبت مثلا والزماني هو ما يقع في الزمان يسمونه زماني، هذا الفعل إذا تقيد بزمان مستقبل أو بزماني يأتي في المستقبل تكون التدريجية، يعن دار الأمر بين أن يكون أحدهما الفعلي هو الواجب أو الحرام وبين أحدهما المرتبط بزمان في المستقبل أو بزماني في المستقبل، هنا حصلت التدريجية يعني أعلم بين هذا الفعلي وبين ذاك الاستقبالي، هذا القسم هو هنا المراد من التدريجية ولهذا بعضهم عبر بهذا التعبير: التدريجية أن أحدهما بخصوصه لا يمكن أن يقع إلا في المستقبل، أحد الطرفين بخصوصه لا يمكن أن يقع إلا في المستقبل، وغير التدريجي هو ما يمكن أن يقع كل منهما في الحال في حد ذاته، حتى يشمل القسم الأول والثاني.

فالقسمان الأولان خارجان والقسم الثالث الذي يتقيد أحدهما بزمان في المستقبل أو بزماني في المستقبل هنا أيضا يتصور على صورتين صورة تكون خارجة وصورة تكون هي محل البحث.الصورة الأولى أن يكون التكليف المعلوم فعليا على كل تقدير مثلاً لو تعلق النذر بصوم أحد اليومين الخميس أو الجمعة، النذر معلق على شيء وقد تحقق أو هو نذر ابتداءً والآن تردد هو نذر الخميس أو الجمعة، إذا قلنا بإمكانية الواجب المعلق الذي يكون فيه الوجوب فعلي والواجب استقبالي يكون النذر من هذا القبيل، النذر الآن تكليف فعلي متى يأتي به الواجب استقبالي هل يوم الخميس أو هو يوم الجمعة هنا يتردد لكن التكليف فعلي وبما أن التكليف فعلي على كل تقدير إن كان الخميس أو كان الجمعة يجب الصوم، هنا التكليف فعلي وبما أنه كذلك على كل تقدير فعلى حسب ما ذكرنا سابقا في منجزية العلم إذا كان التكليف فعليا على كل تقدير لا يمكن جرين الأصول في الأطراف فجريان أصالة البراءة عن صوم يوم الخميس يتعارض مع جريان أصالة البراءة عن صوم يوم الجمعة يتعارضان يتنجز العلم، هذا إذاً ينبغي خروجه عن محل البحث وهذا الآن لما نرجع إلى أمثلة الشيخ أحدهم النذر وهو يكون مرتفع.

القسم الثاني: أن لا يكون فعليا على كل تقدير، مثلا يعلم بوجوب مردد بين كونه فعليا الآن أو كونه فعليا في المستقبل فيما بعد مثل تردد الأمر بين الواجب المطلق والواجب المشروط هل أنه واجب مطلق يأتي به الآن أو واجب مشروط يأتي به إذا تحقق شرطه، فصار هنا التدريجية أحدهما متقيد بزمان مستقبل لا يمكن أن تأتي به الآن يعني الآن لا فعلية له غير مأمور به وهذا مثل الواجبات المشروطة وجوب صلاة الظهر قبل الزوال وهكذا بقية الأمور المشروطة، فهنا يدور الأمر فالتكليف نفسه يكون بين كونه فعليا أو كون فعليته في المستقبل، هذا المورد هو محل البحث في الأمور التدريجية، فنريد من الأمور التدريجية هو أن يكون أحدهما بخصوصه لا يمكن أن يؤتى به إلا مستقبلا، فإذا كان هو الواجب فالواجب مستقبلا ليس الآن، والثاني غير التدريجي أن يكون فعليا الآن يمكن أن آتي به، فإذا دار الأمر بين ذلك فمثاله هو المثال الثالث الذي أتى به الشيخ وهو محل البحث، وهو أن المرأة تعلم حسب الفرض أن ثلاثة أيام من الشهر هي حائض ولكن مضطربة ولا تعلم هل هي الثلاثة الأولى أو الوسطى أو الأخيرة نفترض أن الدم عندها متصل، هنا يدور الأمر إما أن يكون هذه الثلاثة الأولى فعلا هي الحائض فيها وتترتب عليها أحكام الحائض أو لا؟ تترتب أحكام الحائض على الوسطى أو الأخيرة فالآن غير مخاطبة فعلاً، فتعلم إجمالا بحرمة دخول المسجد ومس كتابة القرآن إما في الثلاثة الفعلية الأولى أو الثلاثة الأخيرة التي ليست هي فعلية الآن، هل هذا العلم الإجمالي منجز فيجب عليه الاحتياط في كل شهر أو هذا العلم الإجمالي غير منجز؟ هنا يأتي الخلاف، المحقق الآخوند قال: هنا لا يمكن جريان أصالة البراءة في الطرفين بالنسبة إلى الفعلي تشك هل هو الحيض وهل يجب عليها ترك المكث في المسجد أو لا؟ تجري البراءة وهي الآن ليست محل ابتلاء بالنسبة إلى الثلاثة الأخيرة، وإذا جاءت الثلاثة الأخيرة الآن يشك أيضا تجري البراءة، والمحقق النائيني قال العلم الإجمالي يتنجز ولا يمكن جريان البراءة في الطرفين والشيخ الأنصاري قال بالتفصيل وهذا الواجب الاستقبالي هل ملاكه موجود فعلا؟ التكليف غير موجود فعلا ولكن هل ملاكه موجود فعلا أو ليس موجود؟ إذا كان موجود بالفعل فالعلم الإجمالي يتنجز وإذا كان غير موجود فالعلم الإجمالي غير منجز، وهذا ما يأتي توضيحه إن شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo