< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

تكملة التنبيه الخامس:

كان الكلام بالنسبة إلى ما إذا كان في أحد أطراف العلم الإجمالي أثر زائد، فهل هنا يتنجز العلم أو لا يتنجز؟ تقدم الكلام في تنجزه وذكرنا أيضا بأن السيد الخوئي (ره) تعرض إلى مثالين آخرين، المثال الأول تقدم الكلام فيه.

المثال الثاني: لو علم بنجاسة ثوبه وتردد الأمر أن يكون متنجسا بالدم أو أن يكون متنجسا بالبول، إذا طُهر بالماء غير الجاري فبالنسبة إلى الدم يحتاج إلى مرة واحدة وبالنسبة إلى البول يحتاج إلى التطهير مرتين، فهنا إذا غسل هذا الثوب مرة واحدة فهل نجري أصالة البراءة مثلا أو أصالة البراءة من وجوب غسله مرة ثانية؟ الدم قلنا يحتاج إلى غسله مرة واحدة الآن هذا قدر متيقن، غسله مرة واحدة، هل يجب عليه أن يغسله مرة ثانية باعتبار احتمال أن يكون متنجسا بالبول أو له أن يجري أصالة البراءة عن وجوب الغسل؟ طبعا هنا على فرض البراءة عن وجوب الغسل باعتبار أنه وجوب شرطي في التطهير فما يرد عليه بعض ما أورد.

هنا السيد الخوئي يقول: الأصل لا يجري لأن هذا الأصل محكوم بأصل آخر وهو أصالة بقاء النجاسة هذا أصل موضوعي مقدم على أصالة البراءة من الوجوب أو من غسله مرة ثانية، يعني هو يشك هل يجب عليه غسله مرة ثانية أو لا؟ فإن أريد أصالة عدم وجوبه أو أصالة البراءة من وجوبه، يقول عندنا أصل موضوعي آخر وهو استصحاب بقاء النجاسة هذا الثوب كان نجسا والآن لما غُسل مرة واحدة هل طهُر أو لا زال نجسا؟ نستصحب بقاء النجاسة، هذا استصحاب هو استصحاب موضوعي مقدم على أصالة عدم وجوبه الذي هو استصحاب حكمي على عدم وجوبه مرة ثانية، فعليه يقول: بأنه يشترط أن لا يوجد هناك أصل موضوعي حاكم حتى يمكن جريان الأصل يشترط أن لا يوجد أصل موضوعي حاكم، هذا ما ذكره في المثال.

طبعا هذا المثال مع وضوح أن الأصل الحاكم متى ما وجد يقدم على الأصل المحكوم هذا سيأتي إن شاء الله في بعض المباحث الآتية وهو أمر لا إشكال فيه ولكن هل ما نحن فيه من قبيل ما ذكره يعني نجري استصحاب بقاء النجاسة أو لا؟

نقول: هنا استصحاب بقاء النجاسة أيضا محكوم لاستصحاب آخر موضوعي مقدم عليه، وهو أصالة عدم ملاقاة الثوب للبول هنا نشك هل أن هذا الثوب لاقى البول أو لم يلاقه؟ فنستصحب عدم ملاقاة الثوب للبول، على هذا يتنقح موضوع التطهير.

بيان ذلك: نحن عندنا بأن الثوب إذا تنجس يُغسل، هذا الأمر بالغسل أمر مطلق يعني يصدق على الغسل مرة واحدة، فالثوب متى ما تنجس يُغسل بالماء، خرج عن هذا الدليل الثوب إذا تنجس بالبول -طبعا إذا طُهر بغير الجاري- الثوب إذا تنجس بالبول يجب غسله مرتين يعني تطهيره يتوقف على غسله مرتين، هذا ثوب تنجس الآن بالوجدان ثوب تنجس هذا جزء من الموضوع والجزء الثاني من الموضوع أنه تنجس بغير ملاقاته بالبول يعني بعد أن رأينا الدليل المطلق وهو الذي يستفاد منه الغسل مطلقا بحيث يصدق على المرة وبعد تقييده بالثوب إذا لاقى البول يكون عندنا الموضوع هكذا: الثوب إذا تنجس بغير ملاقاته للبول يطهر بغسله مرة واحدة، الموضوع هكذا صار، هذا الموضوع مركب من جزأين، جزء هو الثوب المتنجس وهذا بالوجدان والجزء الثاني بغير ملاقاته بالبول، هذا نحرزه بالأصل أصالة عدم ملاقاة الثوب للبول فصار عندنا الموضوع تام، أحد الجزأين بالوجدان والآخر بالأصل، ثوب تنجس بغير ملاقاته بالبول، والحكم الذي يترتب عليه هو كفاية تطهيره بغسله مرة واحدة وأصالة عدم ملاقاته بالبول مقدم على النجاسة لأنا رفعنا موضوعه هو غسل مرة واحدة قطعا ولكن هل نحتاج إلى غسله مرة ثانية أو لا؟ هو يقول نستصحب بقاء النجاسة وهو مترتب على أن تكون الملاقاة للبول فإذا استصحبنا عدم الملاقاة للبول يتنقح موضوع المطهرية فيكون في الواقع نجري هذه الأصالة ونحكم عليه بالطهارة.

ربما يقال: بأن أصالة عدم ملاقاته للبول معارضة بأصالة عدم ملاقاته للدم وتردد الأمر هل لاقاه دم أو لاقاه بول؟ تجري أصالة عدم ملاقاته للبول نقول هي معارضة بأصالة عدم ملاقاته للدم.

هذا القول لو قيل به فهو غير تام: لأن أصالة عدم ملاقاته للبول لا أثر له، يعني أحد أمرين إما أن يراد به إثبات أن الملاقاة بالبول وهذا أصل مثبت، أصالة عدم ملاقاته للدم حتى نثبت الملاقاة للبول هذا لازمه فهو أصل مثبت غير ثابت، أو نقول ليس من هذه الجهة نقول نفس أصالة عدم ملاقاته للدم لا أثر له لأن الملاقاة للدم موجبة للغسل مرة واحدة والتنجس حصل قطعا ووجوب الغسلة حصل قطعا، فأصالة عدم ملاقاته للدم لا يفيدنا شيء، فعليه نقول: أصالة عدم ملاقاته للبول الأصل جاري لا معارض له وهو مقدم على ما أفاده، فالنتيجة: نقول من جهة المثال الذي صوره غير صحيح ولكن في النتيجة نشترط عدم وجود أصل موضوعي حاكم إذا وجد فنحن والأصل الحاكم إذا هو اقتضى الانحلال في بعض الأطراف من بعض الجهات يعني في الأثر الزائد نمشي ونمضي عليه، هذا تمام الكلام في التنبيه الخامس.

التنبيه السادس: في تنجيز العلم الإجمالي في التدريجيات، عندنا أمور تدريجية تحصل في ساعات اليوم مثلا أو تحصل في خلال الشهر مثلاً، فلا توجد دفعة واحدة، إذا علمنا إجمالا وتردد الأمر بين الفعلي والتدريجي أو أحد أفراد التدريجي الموجود فعلا وما سيأتي هل هنا العلم الإجمالي يتنجز أو لا؟ هنا الشيخ الأنصاري (قده) تعرض لهذا التنبيه لا بأس بنقل عبارته أولاً:

قال في جملة ما قال: (السادس، لو كان المشتبهات مما يوجد تدريجاً، كما إذا كانت زوجة الرجل مضطربة في حيضها بأن تنسى وقتها وإن حفظت عددها، فيعلم إجمالا أنها حائض في الشهر ثلاثة أيام مثلا، فهل يجب على الزوج الاجتناب عنها في تمام الشهر، ويجب على الزوجة أيضا الإمساك عن دخول المسجد وقراءة العزيمة تمام الشهر أم لا؟ وكما إذا علم التاجر إجمالا بابتلائه في يومه أو شهره بمعاملة ربوية، فهل يجب عليه الامساك عما لا يعرف حكمه من المعاملات في يومه أو شهره أم لا؟

التحقيق أن يقال: إنه لا فرق بين الموجودات فعلا والموجودات تدريجا في وجوب الاجتناب عن الحرام المردد بينها إذا كان الابتلاء دفعة، وعدمه، لاتحاد المناط في وجوب الاجتناب. [هنا يظهر التفصيل من عبارة الشيخ]

نعم، قد يمنع الابتلاء دفعة في التدريجيات، كما في مثال الحيض، فإن تنجز تكليف الزوج بترك وطء الحائض قبل زمان حيضها ممنوع، فإن قول الشارع: (فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) ، ظاهر في وجوب الكف عند الابتلاء بالحائض، إذ الترك قبل الابتلاء حاصل بنفس عدم الابتلاء، فلا يطلب، فهذا الخطاب كما أنه مختص بذوي الأزواج ولا يشمل العزاب إلا على وجه التعليق، فكذلك من لم يبتل بالمرأة الحائض.ويشكل الفرق بين هذا وبين ما إذا نذر أو حلف على ترك الوطء في ليلة خاصة، ثم اشتبهت بين ليلتين أو أزيد، ولكن الأظهر هنا وجوب الاحتياط، وكذا في المثال الثاني من المثالين المتقدمين).([1] )

مثال آخر: لو نذر أن يصوم يوما تحقق النذر لكن تردد يصوم اليوم أو غدا الخميس أو الجمعة هنا نستطيع أن نقول المناط متحقق حتى للمستقبل يعني مناط صوم يوم الجمعة الذي سيأتي متحقق وإن تردد بين الخميس والجمعة ولكن المناط هو فعلية تحقق النذر خصوصا أن النذر مثل تحقق الواجب المعلق على القول به، يعني فعلا الوجوب متحقق وزمان الواجب متأخر، الآن فعلا لما تحقق النذر فعلا وجوب الصوم متحقق وزمان الصوم يوم الخميس أو الجمعة فالمناط يكون تام وإذا كان تاما يتنجز العلم فيفرق بين مسألة الحائض وبين مسألة النذر، فمسألة الحائض حرمة مكثها في المسجد أو قراءة العزائم بالنسبة لها يتوقف على أن تكون حائضا، هي لا تعلم أنها حائض أو ليست بحائض فالمناط غير متحقق، فإذاً الشيخ هنا فصّل الكلام. طبعا هو المسألة في المجمل يوجد فيها ثلاثة أقوال:القول الأول: هو هذا التفصيل الذي قرأناه عن الشيخ.القول الثاني: قول المحقق صاحب الكفاية، وهو أنه تجري الأصول في الطرفين بلا معارض ولا يتنجز العلم، يعني في المثال الذي ذكرناه في الحائض في الثلاثة الأيام الأولى هي تشك هل هو حيض أو ليس بحيض تجري استصحاب العدم إلى آخر ثلاثة أيام من آخر الشهر هل هذا حيض أو لا؟ أيضا تشك وتجري أصالة البراءة، فيجري الأصل في الطرفين.القول الثالث: للمحقق النائيني، وهو تنجز العلم الإجمالي وعدم جريان الأصل في الطرفين فيصير في نقطة مقابلة لكلام الآخوند ولكن بيان ذلك يحتاج أولاً لبان تحرير محل النزاع بالضبط، أي الأمثلة تدخل في البحث وأي الأمثلة لا تدخل، ويأتي الكلام فيه.والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo