< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال:

التنبيه الخامس:إذا كان في أحد طرفي العلم الإجمالي أثر زائد بحيث يختص به، وكان بينهما أثر مشترك، فما هي الوظيفة هنا؟ هل يتنجز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الأثر الزائد، أو يمكن جريان الأصل فيه؟ هنا توجد عندنا صورتان لهذا التنبيه.

الصورة الأولى: أن لا يكون هناك أثر مشترك أساسا، بحيث نجعل التنبيه أن يكون في أحد الطرفين أثر زائد والآخر أقل منه، هنا الصورة الأولى أن لا يكون أثر مشترك، السيد الخوئي مثّل بما إذا علم بوجوب ليلة الجمعة إما قراءة سورة الواقعة أو سورة التوحيد نفترض أنه نذر أن يقرأ إحداهما ونسي أنها هذه أو تلك، هنا لا شك أن سورة الواقعة فيها أثر زائد أكثر من سورة التوحيد فهل هنا يتنجز العلم الإجمالي في المقدار الزائد أو لا؟ في مثل هذه الصورة قال نعم لا إشكال في تنجز العلم الإجمالي، يعني أصالة البراءة عن الوجوب بالنسبة إلى سورة الواقعة يتعارض مع أصالة البراءة عن الوجوب بالنسبة إلى سورة التوحيد يتعارضان فيسقطان وليس بينهما أثر مشترك، وهذه الصورة أمرها واضح ولا إشكال فيها.

الصورة الثانية: وهي المهمة ومحل البحث، أن يكون بين الطرفين أثر مشترك ويختص أحدهما بأثر خاص به، مثلا لو علم بنجاسة أحد الإناءين الإناء الأول فيه ماء مطلق والإناء الثاني فيه ماء مضاف علم بنجاسة أحدهما بالنسبة إلى الإناء الذي فيه ماء مطلق هنا يوجد فيه أثران الأثر الأول إذا كان ماء مطلق يجوز شربه والأثر الثاني يجوز الوضوء منه، بالنسبة إلى الإناء الثاني الذي فيه ماء مضاف ليس فيه إلا أثر واحد وهو جواز الشرب، نلاحظ هنا أن أحد الأثرين مشترك بينهما وهول جواز الشرب وجواز الوضوء يختص به الإناء ذو الماء المطلق يجوز الوضوء منه هنا هل يتنجز العلم الإجمالي بالنسبة إلى الأثرين فنقول لا يجوز شربهما ولا يجوز الوضوء من الإناء المطلق؟ أو نقول الأصل يجري بالنسبة إلى جواز الشرب لأنه مشترك بينهما ولا يجري بالنسبة إلى الوضوء لأنه يختص بأحدهما، هنا قولان في المسألة.

القول الأول: ما أفاده المحقق النائيني كما نسبه إليه السيد الخوئي، وهو جريان الأصول في خصوص الأثر المشترك أصالة البراءة من جهة الشرب يتعارض مع أصالة البراءة في الثاني، هل يجوز الشرب من هذا الماء المطلق أو لا يجوز؟ نجري أصالة البراءة عن عدم الجواز، وبالنسبة للثاني أيضا البراءة من جهة عدم الجواز، يتعارض الأصلان هنا يتنجز العلم الإجمالي في هذا المقدار المشترك وبالنسبة إلى الأثر الزائد الذي يختص به أحدهما هنا يجري فيه الأصل بلا معارض فيجوز الوضوء منه ولكن لا يجوز شربه، هذا ما أفاده المحقق النائيني.

أورد عليه السيد الخوئي: السيد الخوئي طبعا ذهب إلى التنجيز ومع بيان جهة التنجيز يتضح الإيراد على المحقق النائيني، السيد الخوئي يقول: إن العلم الإجمالي يتنجز بالنسبة إلى كلا الأثرين ولا يختص تنجزه بخصوص الأثر المشترك بل في كلا الأثرين فالآثار الثلاثة تكون في النتيجة يتنجز العلم الإجمالي، والسبب في ذلك يقول بأنه جواز الوضوء متفرع عن أصالة الطهارة إذا أجرينا أصالة الطهارة يتفرع عليه جواز الوضوء منه لأنه طاهر كما يتفرع عليه جواز الشرب منه فإذا نحن قلنا بأن أصالة الطهارة ساقطة في الإثنين، أصالة الطهارة في هذا الإناء تتعارض مع أصالة الطهارة في الإناء الثاني، فلا يبقى عندنا كلا الأثرين يعني لا يجوز الشرب ولا يجوز الوضوء منه، فنحتاج بالنسبة إلى الوضوء منه أن يكون هناك أصل آخر غير ذلك الأصل الساقط والفرض عدمه ليس عندنا أصل نجريه بحيث يترتب عليه جواز الوضوء منه، فحاصل كلام السيد الخوئي بأن الأثر المختص كالأثر المشترك متفرع على جريان أصالة الطهارة، ومع سقوطها يسقط كلا الأثرين ليس أثر دون أثر.

هنا أورد السيد الصدر على السيد الخوئي: بأن ظاهر كلامه الاعتراف بخروج هذا الأثر عن دائرة أطراف العلم الإجمالي فلهذا اعترف بخروجه عنه، إذاً لماذا لم يجري فيه الأصل إذا خرج عن دائرة العلم الإجمالي، يقول أن ما لا ينفى باعتبار عدم وجود أصل ترخيصي مخصوص في أحدهما ولو وجد لجرى هذا الأصل بلا محذور، فالسيد الصدر ينسب إلى السيد الخوئي أن الأثر المختص وهو جواز الوضوء من هذا الإناء بالماء المطلق، هذا الأثر المختص خارج عن دائرة العلم، يأتي السؤال إذا كان خارجا عن دائرة العلم لماذا لا يجري فيه الأصل وتنجز العلم الإجمالي؟ يقول لم يجري الأصل لعدم وجود أصل مرخص فيه ولو وجد أصل مؤمن لجرى بلا محذور وبلا معارض.

ثم قال بعد أن بيّن كلام السيد الخوئي: بأنه الأثر المختص إن كان منجزا بالعلم الإجمالي وكان طرفا من أطراف العلم الإجمالي لم يجدي فيه جريان أي أصل باعتبار أنه تنجز بالعلم الإجمالي وكان أحد أطراف العلم الإجمالي، وإذا كان خارجا عن أطراف العلم الإجمالي وغير منجز به فهنا يجري فيه الأصل الترخيصي لأنه خارج عن أطراف العلم الإجمالي فيجري فيه الأصل الترخيصي لأنه لا يوجد محذور عندنا بعد ذلك ولو كان لوحده تمسكا بإطلاق أدلة الأصل الترخيصي.

نحن نقول عندنا ملاحظتان في كلام السيد (قده).

الملاحظة الأولى: من أين عرفت أن السيد الخوئي (ره) يقول بخروج الأثر المختص عن دائرة أطراف العلم الإجمالي، السيد الخوئي يقول هكذا: إن جواز التوضؤ من هذا الإناء متفرع على جريان أصالة الطهارة ومادام لم تجر فيهما للمعارضة فلا يجوز الحكم بطهارته ولا مسوغ لذلك لكي يجوز الوضوء منه، هذه العبارة لا تدك أنه يقول إنه خرج عن دائرة أطراف العلم الإجمالي، يقول أصل هذا الأثر المختص وهو جواز الوضوء متفرع على جريان أصالة الطهارة وهذا طبيعي أنه إذا شككنا في ماء هل هو طاهر أو لا؟ يشترط الطهارة في ماء الوضوء فاحتاج إلى ما يدل على طهارته ولو ظاهرا فأجري فيه أصالة الطهارة، فإذاً جواز الوضوء متفرع على جريان أصالة الطهارة، إذا علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين فهنا أشك في طهارته ونجاسته المفروض أجري فيه أصالة الطهارة والثاني أيضا أجري فيه أصالة الطهارة تعارضا وتساقطا، ما هو المسوغ للوضوء؟ لا يوجد مسوغ، لأن المسوغ هو جريان الأصل وهو سقط لوجود العلم الإجمالي، فلما وجد العلم الإجمالي أوجي التعارض بين هذا الأصل وهذا الأصل فيتعارضان فيسقطان، فكيف عرفنا من كلام السيد الخوئي أنه يقول إن هذا الأثر المختص خارج عن دائرة العلم الإجمالي لا ليس خارجا، عندنا أحد الطرفين له أثران وكلا الأثرين يترتبان على أصل الطهارة وأصل الطهارة سقط بالمعارضة مع الأصل الثاني فلا معنى لأن ننسب إلى السيد الخوئي هذا الأمر، هذا أولاً.

الملاحظة الثانية: أن قوله نفس قول السيد لما قال (فيه) وأشكل على السيد الخوئي، قال إن الأثر المختص إن كان منجزا بالعلم الإجمالي وطرفا من أطرافه تنجز بالعلم ولم يجدي فيه حتى الأصل المختص وإن لم يكن منجزا بالعلم وطرفا من أطرافه فيجري فيه الأصل الترخيصي، هذا الكلام يستبطن نوع من التناقض بين أوله وآخره، هنا معنى التنجيز ما هو؟ معنى تنجيز العلم على مبنى السيد الخوئي القائل بالاقتضاء هو تعارض الأصول يعني بعد تعارض الأصول وتساقطها يتنجز العلم الإجمالي فمعنى التنجيز يعني أنه لم يجر الأصل ولو الأصلان انحل، معنى عدم التنجيز أن يجري الأصل في أحدهما، الآن تقول إن الأثر المختص إن كان منجزا بالعلم الإجمالي وطرفا من أطرافه تنجز بالعلم ولم يجري فيه حتى الأصل المختص معنى تنجزه هو عدم وجود أصل، عندما تقول هذا العلم الإجمالي منجز معناه أنه لم يوجد أصل في طرفه مختص حتى تقول لم يجدِ فيه حتى الأصل المختص، يعني لو فرضنا وجود أصل مختص في أحد الطرفين لا يجري الأصل المختص لأن العلم الإجمالي منجز، التناقض هنا، معنى تنجز العلم يعني عدم وجود أصل ووجود أصل مختص معناه ينحل العلم الإجمالي فلا يجتمعان، تقول علم إجمالي منجز حتى مع فرض وجود أصل مختص لا معنى له، عندما قلت علم إجمالي منجز يعني تعارض الأصلان قولك فيما بعد حتى لو وجد أصل مختص هذا تناقض تهافت مع ما تقدم.

فعليه نقول: لو وجد أصل مختص للأثر المختص يجري هذا الأصل حتى ولو كان أحد أطراف العلم الإجمالي، علمنا إجمالا بنجاسة أحدهما إذا فرضنا أنه يوجد أصل مشترك بينهما يتعارضان الأصلان ويسقطان، فإذا فرضنا وجد أصل مختص بأحدهما هذا الأصل يجري بلا معارض، ولا يمكن الفرض إذا كان العلم الإجمالي منجزا وكان أحد أطرافه لا يجري الأصل حتى ولو كان أصلا مختصا هذا لا معنى له.

فعلى مبنى السيد الخوئي أن تنجز العلم الإجمالي متفرع عن تساقط الأصول في الأطراف فإذا فرضت وجود أصل مختص يعني غير معارض فهنا ينحل العلم الإجمالي بالنسبة له، فإذاً هذا الفرض يستبطن التناقض.فلهذا نقول إننا نلتزم أنه لو وجد أصل مختص بالأثر المختص يجري فيه الأصل بلا معارض، هذا ما فيه.حاصل الكلام إلى هنا، أن ما أفاده السيد الخوئي متين، إذا وجد عندنا مورد يترتب عليه أثران ومورد يترتب عليه أثر واحد بما أن الأثرين يترتبان على الأصل هذا الواحد فجريان هذا الأصل يتعارض مع جريان الأصل في الطرف الآخر ويسقطان ويتنجز العلم الإجمالي.ثم ذكر السيد الخوئي (ره) مثالين آخرين يختلف الحال فيهما، المثال الأول يقول إنه لو فرضنا أن الموضوع واحد ما فرضناه الآن عندنا موضوعان، ماء مضاف وماء مطلق لو فرضنا أن الموضوع واحد ولكن تردد الأمر في السبب، مثلا لو علمت إجمالا بأنه إما اقترض واستدان من زيد عشرة دراهم أو أنه أتلف عشرين درهماً، الموضوع واحد وهو أن له في ذمته لفلان مقدار من الدراهم السبب ما هو؟ هل أتلف عشرين درهما أو أنه اقترض عشرة دراهم؟ هذا أيضا أحدهما فيه زيادة على الآخر وفيه أثر زائد، في مثل هذا الفرض السيد الخوئي يقول بأن المدار على المسبَّب وبما أنه على المسبَّب وليس لنا شغل مع السبب فهنا عنده قدر متيقن وهو وجود عشرة دراهم في ذمته لزيد، هل يوجد في ذمته العشرة الأخرى أو لا توجد؟ هذا المقدار الزائد يشك فيه، هذا المقدار الزائد يجري فيه الأصل بلا معارض، بالنسبة إلى المقدار العشرة الدراهم متيقن قطعا في ذمته سواء كان السبب هو الاقتراض أو كان السبب هو الاتلاف عشرة دراهم في ذمته، والعشرة دراهم الأخرى هذا الذي يشك فيه هل هي في ذمته لأنه أتلف عشرين درهما أو ليست في ذمته؟ هنا يجري أصالة البراءة عن هذا الزائد، فإذاً هذا المورد غير الذي ذكرناه وإن كان هو أثر زائد ولكن هذا يدور أمره بين الأقل والأكثر، الأقل متيقن والأكثر مشكوك الحدوث يجري فيه أصالة البراءة وهذا الأمر فيه واضح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo