< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

انحلال العلم الإجمالي:فرع:هنا فرع يرتبط بما تقدم حاصله أنه لو علم المكلف بوجوب إحدى الصلاتين القصر أو التمام، وجوب صلاة الظهر مثلا، فإذا صلى المكلف إحداهما صلى الظهر تماما الآن يشك في وجوب صلاة القصر هل تجب عليه صلاة الظهر قصرا أو لا؟ هنا هل نقول بانحلال العلم الإجمالي باعتبار أن وجوب صلاة التمام لا يأتي فيها الأصل وبالنسبة إلى صلاة القصر يأتي فيها الأصل المؤمن بلا معارض أصالة عدم الوجوب أو البراءة من الوجوب، هل يمكن القول بهذا أو لا؟ لأن المدار على ما تقدم في الانحلال أنه تنجز العلم الإجمالي يتوقف على تعارض الأصول وسقوطها، هنا لا يوجد تعارض للأصول حينئذ، الجواب: أنه لا يجري الأصل هنا لأن الشك وإن كان شكا في التكليف ولكنه ناشئ من الشك في الامتثال، أشك في أنه الآن هل تجب عليّ صلاة الظهر قصرا أو لا؟ شك في التكليف ولكن منشؤه هو الشك في الامتثال، علمت إجمالا بوجوب إحدى الصلاتين هذا العلم الإجمالي يقتضي أن أفرغ ذمتي وفراغ الذمة يتوقف على الإتيان بكلتيهما، فإذا أتى بواحدة، يشك فإذا شك يجري الأصل نقول: لا، هذا الشك راجع إلى الشك في الامتثال وليس شكا جديدا في نفس التكليف إذاً هذه النقطة مهمة ينبغي الالتفات إليها أن الشك في أطراف العلم الإجمالي إذا كان في طرف دون طرف ويرجع إلى الشك في الامتثال هنا لا يجري أما إذا كان راجعا إلى الشك في أصل التكليف فهو يجري، هنا ليس كذلك.إن قلت: أن المدار على ما تقدم في تنجز العلم الإجمالي هو على تعارض الأصول خصوصا على القول بالاقتضاء، يقول الأصل في الطرف الأول يعارضه في الطرف الثاني يسقطان بعد ذلك يتنجز العلم، أما إذا جرى الأصل في أحد الطرفين بلا معارض هنا يجري الأصل لأن المانع هو المعارض وهو غير موجود، فنفس الكبرى التي قدمناها تأتي هنا فنشك في وجوب الإتيان بالقصر فيرتفع وجوبه عن طريق الأصل.

نقول: الجواب هو ما تقدم من أن هذا الشك وهو أنه هل تجب صلاة القصر أو لا؟ ليس شكا جديدا وإنما هو نفس ذلك الشك الذي وجد حين العلم الإجمالي يعني بمجرد أن علمت أن وجوب إحدى الصلاتين أنا أشك هل تجب عليّ صلاة الظهر قصرا أشك، هل تجب عليّ صلاة الظهر تماما أشك، وهذا الشك موجود من الأول، هذا العلم الإجمالي لما وجد الآن جريان أصالة البراءة عن وجوب صلاة الظهر تماما يعارضه أصالة البراءة عن وجوب الظهر قصرا، هذا التعارض وجد تساقطا فتنجز العلم الإجمالي، الآن لما صلى صلاة الظهر تماما يقول عندي شك في وجوب صلاة الظهر قصرا، نقول هذا الشك نفس ذلك الشك الأول وجرى الأصل وسقط والآن الأصل لا يعود من جديد فالساقط لا يعود، والنكتة التي أبرزناها في أول الكلام أن الشك يرجع إلى الشك في الامتثال وبما أنه كذلك لا يجري الأصل المؤمن.

هذا الكلام كله كان في المقام الأول وهو انحلال العلم الإجمالي بالعلم التفصيليالمقام الثاني في البحث:وهو انحلال العلم الإجمالي بالأمارات هل ينحل أو لا؟ بالنسبة إلى الانحلال الحقيقي للعلم الإجمالي هنا غير متصور، في العلم التفصيلي تصورنا الانحلال الحقيقي كما تقدم، أما هنا في المقام وهو الانحلال بقيام الأمارة لا ينحل العلم الإجمالي انحلالا حقيقيا لأن الأمارة أساسا لا تفيد العلم بغض النظر عن اعتبارها وعدم اعتبارها.فالانحلال المتصور يتصور على نحوين:

النحو الأول: انحلال العلم الإجمالي حقيقة بالتعبد، ليس تكوينا وواقعا ولكن انحلال العلم الإجمالي حقيقة بالتعبد يعني انحلاله تعبداً.

هنا في بعض الكلمات الموجودة في التقارير صار خلط في الانحلال الحقيقي تعبدا مع الانحلال الحقيقي لهذا نركز على هذه النقطة فالأول انحلال حقيقي بالتعبد.

النحو الثاني: وهو انحلال العلم الإجمالي حكما.

بالنسبة إلى الأول وهو الانحلال الحقيقي تعبدا نتصوره بهذا التصوير على مبنى القول بأن الأمارة نُزلت منزلة العلم على مبنى المحقق النائيني ومن تبعه هو جعل الطريقية والكاشفية بحيث تنزل الأمارة منزلة العلم، هنا يمكن أن نتصور الانحلال الحقيقي تعبدا، فنقول: بما أن الأمارة نُزلت منزلة العلم فهي يترتب عليها جميع الآثار المترتبة على العلم وفي العلم قلنا سابقا إذا قام العلم التفصيلي وعيَّن المورد هنا من آثاره انحلال العلم الإجمالي لما علمت إجمالا بوقوع قطرة الدم في أحد الإناءين ثم علمت تفصيلا بأن هذه القطرة وقعت في الإناء (أ) من آثار هذا العلم انحلال العلم الإجمالي، نفس الكلام نصوّره في الأمارة علمت بنجاسة أحد الإناءين بالدم وقامت الأمارة على أن البينة قامت على أن قطرة الدم وقعت في الأناء (أ) الآن الأمارة نُزلت منزلة العلم يعني كأني علمت بوقوع القطرة ومن آثار العلم انحلال العلم الإجمالي فينحل العلم الإجمالي حقيقة ولكن ببركة التعبد لأن الشارع عبّدنا بتنزيل الأمارة منزلة العلم.

ولكن هذا النحو المتصور غير تام وذلك لأن الطريقية يمكن أن تُفسر بأحد تفسيرين:

الأول: تنزيل الأمارة منزلة العلم فتترتب عليها آثار العلم.

الثاني: أنه جعل ما ليس بعلم علما تعبدا لأجل أن تترتب عليه الآثار.

وعلى كلا التفسيرين نقول بأن أثر الانحلال أثر تكويني للعلم وبما أنه كذلك فلا يترتب على المجعول التعبدي لأنه عندما يجعل الشارع شيئا تعبدا فلأجل أن تترتب عليه آثار التعبد المجعولة الاعتبارية الشرعية أو ما يترتب عليها مثل التنجز فالتنجز يترتب على الحكم الشرعي، هنا عندما نقول نُزلت الأمارة منزلة العلم أو جُعل مليس بعلم علما هنا الغرض منه هو ترتيب الآثار الشرعية المترتبة على العلم أما الآثار التكوينية للعلم فلا دخل لها في المقام، وانحلال العلم الإجمالي أثر تكويني للعلم وليس أثرا تعبدياً، لا ربط له بتعبد الشارع فالآن الشارع لما قال الأمارة بمنزلة العلم تترتب على ذلك آثار العلم ولكن الآثار المجعولة شرعا أما الآثار التكوينية للعلم لا دور لها، فعليه هذا الوجه لا يتم وهذا النحو الذي ينسب للمحقق النائيني غير صحيح، فنقول: الانحلال الحقيقي تعبدا غير صحيح.والنحو الثاني المتصور هو الانحلال الحكمي والمقصود منه ليس ارتفاع العلم فالعلم الإجمالي الواقعي على ما هو عليه وجدانا، ولكن أجري الأصول في أحد مورديه الذي لم يقم عليه المنجز، بعبارة أخرى: المقصود من الانحلال التعبدي هو نتيجة الانحلال الحقيقي، والانحلال الحقيقي يترتب عليه أنه أجري الأصل في الطرف الآخر بلا معارض، هذه النتيجة تترتب على الأمارة، فإذا علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم جاءت الأمارة وقالت لي بأن هذا الإناء (أ) نجس الآن هذا الإناء (أ) لا يجري فيه الأصل لأن الأمارة قامت مقام العلم، الأصل أُخذ في موضوعه الشك وأنا الآن أعلم فالأصل لا يجري في الطرف الذي قامت الأمارة على تنجيزه، بالنسبة إلى الطرف الثاني أشك فيه شكا بدويا ولم ينجز فأجري فيه الأصل المؤمن بلا أي معارض، هذا معنى الانحلال الحكمي فالمراد منه هو نتيجة الانحلال يعني جريان الأصل المرخص في الطرف الآخر الذي لم يقم على تنجيزه منجز، لم تقم الأمارة على تنجيزه.هذا الانحلال الحكمي في الجملة صحيح ولا إشكال فيه ولا غبار عليه، ولكن للتوضيح أكثر نقول هنا نتصور عدة صور لما قامت عليه الأمارة كما صوّرنا أيضا هناك في العلم:

الصورة الأولى: أن نقول بأن متعلق العلم الإجمالي هو النجاسة المختصة المتميزة نجاسة أحد الإناءين بالدم، ثم قامت الأمارة على أن الدم وقع في هذا الإناء بخصوصه، هنا يتحقق الانحلال الحكمي والطرف الثاني يجري فيه الأصل بلا معارض، هنا لا يوجد أي إشكال وهي شبيهة بما إذا علم تفصيلا بأن الدم وقع في الإناء الفلاني.

الصورة الثانية: نفس الأولى من حيث أنه النجاسة الواقعة هي المتعينة لكن لسان الأمارة ليس لسان تعيين، هناك على الفرض الذي فرضناه لسان الأمارة لسان تعيين تقول البينة قطرة الدم وقعت هنا، طبعا هناك يوجد في الصورة الأولى كان عندنا بالمطابقة قطرت الدم وقعت في هذا الإناء وبالدلالة الإلتزامية أنها لم تقع في الإناء الثاني أما في الصورة الثانية لسانها ليس لسان تعيين بل تقول فقط أن هذا الإناء فيه دم هل هي تلك القطرة أم غيرها؟ ليس لسانها لسان تعيين أيضا عنا الأمارة منجزة وهذا يجب الاجتناب عنه الآن بمقتضى الأمارة الثاني أشك فيه وأجري أصالة الطهارة ولكن هناك عندنا دلالة مطابقية ودلالة التزامية يعني نفس الأمارة دلت بالالتزام على عدم تنجس الطرف الآخر هنا ما عندنا هذا الأمر ولكن مع ذلك يجري الأصل بلا إشكال لعدم وجود المعارض.

الصورة الثالثة: أن لا تكون النجاسة متعينة مثلما صورنا ذلك سابقا، أعلم بنجاسة أحد الإناءين ولكن هل هي نجاسة دم أو شيء آخر؟ أعلم بنجاسة أحد الإناءين ثم قامت الأمارة على أن هذا الإناء المعين (أ) نجس في هذا الفرض أيضا نفس الكلام ينحل العلم الإجمالي حكماً، الأمارة قامت على تنجز بأن هذا نجس ويجب الاجتناب عنه وبالنسبة إلى الإناء الثاني أشك فيه فأجري أصالة الطهارة، لكن يشترط أن لا يكون المنجز مثبتا لتكليف مغاير لما عليه العلم، بمعنى علمت إجمالا بنجاسة أحدهما الأمارة قامت على النجاسة هذا المقدار، أما لو فرضنا أني علمت بنجاسة أحدهما والأمارة قامت على حرمة هذا الإناء لكونه مغصوبا هنا التكليف مغاير وإن كان عندي منجز ولكن الحكم الذي نجزه هو حرمته لأجل الغصب والعلم الإجمالي يقول أعلم بالنجاسة والعلم الإجمالي لازال باقي وأركانه تامة والمعلوم بالتفصيل لا ينطبق عليه المعلوم بالإجمال لازال يتنجز فنقول هنا يتعارض أصلان أصالة الطهارة هنا مع أصالة الطهارة هنا، صحيح أن هذا لأنه غصب يجب الاجتناب عنه ولكنه أجنبي عن العلم الإجمالي فالعلم الإجمالي العلم بالنجاسة هذا العلم بالنجاسة أصالة الطهارة هنا تتعارض مع أصالة الطهارة هناك، فإذاً هذا القيد لا بد من أخذه أن الأمارة لم تقم على حكم مغاير للعلم الإجمالي، أيضا لو كان غير مغاير ولكن فيه إضافة، يعني لو علمت إجمالا بنجاسة أحد الثوبين بنجاسة لا توجب التطهير بأكثر من مرة ثم قامت الأمارة بوقوع قطرة البول في أحد الثوبين هنا لا ينحل العلم الإجمالي لأن حكم البول أكثر من حكم الآخر لأنه يحتاج إلى تعدد الغسل، فالمعلوم بالتفصيل لا ينطبق عليه المعلوم بالإجمال، هذه الأمور لا بد من ملاحظتها.

أيضا يأتي نفس ما ذكرناه سابقا نلاحظ أن المنجز وجوده لا يكون متأخرا عن وجود العلم الإجمالي بحيث أن العلم الإجمالي يحكي عن يوم الجمعة والأمارة تحكي عن يوم السبت هنا مع وجود هذا التغاير لا يجري وهذا أمره واضح، هذا تمام الكلام في المقام الثاني ولا يحتاج إلى أكثر من هذا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo