< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

41/03/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - تنبيهات الاشتغال.

التنبيه الثاني:كلمة قبل البدء بالدرس:في الرواية عن الإمام الصادق (ع): (اطلبوا العلم ولو بخوض اللجج وشق المهج)، هذه الرواية تفيد أن طلب العلم فيه من الفضل ما لا يدركه الإنسان بحيث لو أدرك الإنسان ما في طلب العلم من الفضل لبذل له الغالي والنفيس ولا يوجد عند الإنسان أغلى من مهجته ومع ذلك لأجل طلب العلم سيبذل مهجته، وأيضا من أصعب الأمور على الإنسان وخصوصاً في تلك الأزمنة، هو ركوب موج البحار للتنقل من بلد إلى بلد، مع ذلك لو علم الإنسان ما في طلب العلم من الفضل لطلبه حتى مع ارتكاب تلك الأمور الصعاب.مهجة الإنسان التي هي أغلى ما عنده وأمواج البحار مع صعوبتها مع ذلك عليكم بطلب العلم، وهذا يدل على فضل كبير لطلب العلم وهذا ما نلاحظه في سير أعلامنا أنهم يبثون العلم في أشد الظروف قساوة، مثلا في ترجمة الشهيد الثاني كما ينقل عن تلميذه الذي كان مختصا به ينقل الظروف العصيبة التي مر عليها الشهيد الثاني لأنه كان مطلوبا لدى الدولة العثمانية، يقول كان يتنقل من ضيعة إلى ضيعة ومن جبل إلى جبل مع ذلك كان يكتب كتاب المسالك الذي إلى الآن حاضر عند الفقهاء والعلماء بل عد الشهيد الثاني خصوصا في المسالك أنه مؤسس فقه المعاملات الذي فرع هذه الفروع والتشقيقات وجاء من بعده من العلماء ومشوا على هديه.في ترجمة صاحب مفتاح الكرامة في بعض كتبه في مفتاح الكرامة يقول: كتبته في هذه الليلة والعدو كان على السور يعني كان يقصد الوهابية لما هجموا على النجف بعدما هجموا على كربلاء، واستعد له الشيعة والعلماء وكان في زمانه الشيخ جعفر كاشف الغطاء، وكانت أزمة شديدة ومحاطون بالعدو من كل الجهات والعدو لا يرحم أشبه ما يكون داعش في هذه الأيام، هجموا على كربلاء وسرقوا الأموال والأشياء الثمينة بالحضرة وعلى تعبيرهم أنهم دقوا لقهوة على القبر الشريف، المهم في تلك الأزمة وصاحب مفتاح الكرامة يقول أنهيت كتابا في هذه الليلة ويذكر وجود العدو.هكذا علماؤنا كانوا لما نقرأ في تراجمهم في أوقات عصيبة كانوا يطلبون العلم تعليما أو تعلما أو كتابة أو تقريرا أو نشرا أو ما شاكل، إلى العصور المتأخرة على زمن السيد الخوئي رحمه الله وفي الأزمات التي صارت على النجف من قبل البعثيين مع ذلك كان يستمر في درسه في ظروف صعبة وحالكة، لذلك نحن نقول في الدرس: الذي يستطيع الحضور فليحضر والذي لا يستطيع لأمور قاهرة فهو معذور، أما الترك للدرس بحسب ذهني القاصر أرى أنه ليس لم منشأ، ومن يكون له عذره فهو معذور سواء من التدريس أو الحضور أما فقط لوجود أزمة بهذا المقدار بحسب المقتضى الموجود المتعارف عليه بين علمائنا لا مبرر له والله أعلم، ومع ملاحظة الرواية وما كان عليه الأعلام هكذا يكون، لهذا نحن نبدأ على بركة الله ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد إن شاء الله.الكلام كان في تنبيهات الاشتغال وأنهينا الكلام حول التنبيه الأول والآن نتكلم في التنبيه الثاني.

التنبيه الثاني: بحسب ما ذكره السيد الخوئي في المصباح، وليست فيه تلك المادة الصعبة وإنما يستفاد مما تقدم وهو ذكره فقط إشارة إلى نقطة وقع فيها المحقق النائيني وأراد أن يصححها.

حاصل هذا التنبيه: بحسب ما تقدم عندنا في مباحث الاشتغال وفي التنبيه الأول مرت عندنا أمور:

الأمر الأول: أن التنجيز الإجمال بالنسبة إلى حرمة المخالفة القطعية يكون بنحو العلية، إذا علمت بحرمة أحد الإناءين هنا المخالفة القطعية بحيث أرتكب كلا الإناءين وأنا قادر على تركهما، هذه المخالفة القطعية والعلم الإجمالي المنجز بنحو العلية التامة، تحرم المخالفة القطعية لوجود هذا العلم الإجمالي وهذا الأمر تقدم وهو واضح.

الأمر الثاني: أن تنجيز العلم الإجمالي بالنسبة إلى وجوب الموافقة القطعية يكون بنحو الاقتضاء _اختلفوا فيه طبعا_ بين المحقق العراقي وغيره ولكن على حسب ما تقدم قلنا بنحو الاقتضاء.

الأمر الثالث: أن تنجيز العلم الإجمالي وعدمه يدور مدار جريان الأصول في الأطراف وعدم الجريان بمعنى إذا جرت الأصول في جميع الأطراف وتعارضت تسقط الأصول ويتنجز العلم الإجمالي، لو أمكن جريان الأصل في أحد الطرفين دون الآخر لا يتنجز العلم الإجمالي يعني لو فرضنا في بعض الموارد كما تقدم في بعض الأمثلة أنه أمكن جريان الأصل في طرف دون طرف لأي سبب كان، هنا بما أنه تجري أصالة الطهارة أو الإباحة أو البراءة يعني الأصل المرخص في أحد الأطراف فهنا لا يتنجز العلم الإجمالي وينحل فالعلم الإجمالي لا يجتمع تنجيزه مع جريان الأصل في أحد الأطراف، هذا أيضا تقدم.

على ذلك إذا اتضحت هذه الأمور الثلاثة التي يفترض وضوحها مما سبق تتضح عندنا أنه لا ملازمة بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية وهذه النقطة هي التي أراد أن يركز عليها السيد الخوئي ردا على المحقق النائيني، المحقق النائيني قال بوجود ملازمة إذا حرمت المخالفة القطعية وجبت الموافقة القطعية وإذا لم تحرم المخالفة القطعية لم تجب الموافقة القطعية ورتب على ذلك جواز اقتحام أطراف الشبهة غير المحصورة لهذا السبب، طبعا سيأتي تنبيه خاص في الشبهة غير المحصورة هناك بحث أيضا مفصل.النقطة هنا المرتبطة بذلك البحث هذه النقطة: بالنسبة إلى الشبهة غير المحصورة لا يقدر المكلف على ارتكاب جميع أطراف الشبهة بما أنها غير محصورة بخلاف الشبهة المحصورة يمكن ارتكاب جميع الأطراف، في الشبهة غير المحصورة لا يمكن ارتكاب جميع الأطراف بما أنه لا يمكن ارتكاب جميع الأطراف هنا لا تحرم المخالفة القطعية لأنه لا يمكن إذاً لا تجب الموافقة القطعية، أنا بإمكاني ترك جميع الأطراف لكن ليس بإمكاني أن أرتكب جميع الأطراف وإذا لم يمكن أن أرتكب جميع الأطراف إذاً لا تحرم المخالفة القطعية، النتيجة لا تجب الموافقة القطعية، إذاً المحقق النائيني ادعى هذه الدعوى وهي دعوى الملازمة بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية ورتب هذا الأثر.بالنسبة إلى الأثر سيأتي الكلام عنه ان شاء الله ما هو العلاج في الشبهة غير المحصورة وهل أن العلم الإجمالي ينحل أو لا ينحل؟ وبماذا ينحل؟ أو كيف يجوز الارتكاب لبعض الأطراف هذا سيأتي إن شاء الله الكلام فيه في التنبيه السابع.

الكلام الآن في هذه النقطة في الملازمة، هل هذه الملازمة تامة أو غير تامة؟ نقول هذه الملازمة غير تامة، عندنا بين حرمة المخالفة القطعية ووجوب الموافقة القطعية عموم وخصوص من وجه يلتقيان في بعض الأطراف ويفترقان في أطراف أخرى ومحل اللقاء إذا علمت إجمالا بحرمة أحد الإناءين هذا الإناء حرام أو ذاك الإناء حرام، أصالة الإباحة أو الحلية في هذا الطرف تتعارض مع أصالة الإباحة أو الحلية في ذاك الطرف بما أنهما يتعارضان يسقطان، ويتنجز العلم الإجمالي هنا تحرم المخالفة القطعية يعني أرتكب كلا الإناءين وأشرب منهما كلاهما حرام هنا تجب الموافقة القطعية فهنا يجب علي ترك كلا الإناءين والموافقة القطعية لا تتم إلا بترك كلا الإناءين فهنا يجب علي ترك كلا الإناءين، فهنا نلاحظ حرمة مخالفة قطعية ووجوب موافقة قطعية، إذاً هنا عندنا في هذا المورد إلتقاء في الموردين.

أما المورد الآخر عندنا مثلا تحرم المخالفة القطعية ولا تجب الموافقة القطعية، مثلا علمت إجمالا بحرمة أحد الإناءين أو بحسب الأمثلة السابقة علمت بنجاسة إما الماء أو الثوب هنا أصالة الطهارة تتعارض مع أصالة الطهارة في الآخر ولكن عندنا أصالة الحلية في الماء لا معارض لها إذا لا حظنا الأصلين الأولين عندنا موافقة قطعية ومخالفة قطعية وإذا لاحظنا انفراد أحد الطرفين في أصل لا معارض له يجوز شربه فيجوز ارتكابه فهنا يجوز ارتكابه ولكن لا تصح الصلاة فيه يعني المخالفة القطعية غير جائزة فتحرم المخالفة القطعية بحيث أشرب من هذا الإناء وأصلي في ذلك الثوب هنا نقول لا يجوز، ولكن الموافقة القطعية جائزة يعني لا يجب علي تركهما ويجوز لي أن أشرب من الإناء فهنا نلاحظ بالنسبة إلى المخالفة القطعية غير جائزة ووجوب الموافقة القطعية جائز أو إذا فرضنا أن هذا المثال لا يحكي الصورة لأن المقصود أصلين أحدهما لا يجري نقول بنحو مجمل إذا علمت بحرمة أحد أمرين ولكن لسبب من الأسباب جرى الأصل في أحدهما دون الآخر فهنا تحرم المخالفة القطعية ولا تجب الموافقة القطعية، ارتكاب كليهما حرام ولكن ارتكاب أحدهما الذي يجري فيه الأصل دون الآخر جائز، فنلاحظ الانفكاك بين حرمة المخالفة القطعية وبين وجوب الموافقة القطعية.أيضا عندنا في الطرف الآخر تجب الموافقة القطعية ولا تحرم المخالفة القطعية بعكس الصورة السابقة مثلا لو علمنا بحرمة المكث في إحدى الغرفتين في ساعة معينة الساعة 12 ظهرا يحرم المكث إما في هذه الغرفة أو في هذه الغرفة، هنا بالنسبة إلى الموافقة القطعية ممكنة ففي هذه الساعة أجلس في مكان ثالث هنا حققت الموافقة القطعية ولم أرتكب المحرم أصلا، ولكن المخالفة القطعية غير ممكنة لأني في الساعة 12 إما أن أكون في هذه الغرفة أو في تلك الغرفة ولا يمكن أن أكون في كلتيهما إذاً لا يمكن المخالفة القطعية وإذا لم تمكن فلم تحرم، فنلاحظ هنا بالنسبة إلى المخالفة القطعية لا تحرم لأنها غير ممكنة وبالنسبة إلى الموافقة القطعية تجب، نقول أترك في هذا الوقت كلتا الغرفتين فنلاحظ هنا إذاً انفكت الموافقة القطعية عن المخالفة القطعية، فبعد هذا التفصيل نعرف أن بين المخالفة القطعية والموافقة القطعية عموم وخصوص من وجه مع وجود هذا لا يأتي ما أفاده المحقق النائيني (قده) أن هناك ملازمة بين حرمة المخالفة وبين وجوب الموافقة القطعية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo