< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاشتغال.

تنبيهات الاشتغال.

التنبيه الأول: في ثمرة النزاع بين القول بالعلية والقول بالاقتضاء

كما ذكرنا سابقا أن المحقق العراقي يرى علية منجزية العلم الإجمالي بالنسبة إلى الموافقة القطعية، أما بالنسبة إلى المخالفة القطعية الجميع يقولون بعلية التنجيز، أما بالنسبة إلى الموافقة القطعية فالمحقق العراقي يقول بعلية العلم الإجمالي للتنجيز للموافقة القطعية، والمقق النائيني والكثير من الأصوليين ذهبوا إلى الاقتضاء ومعنى الاقتضاء أن العلم الإجمالي لا يتنجز إلا بعد تعارض الأصول المرخصة وتساقطها، الكلام الآن في ثمرة هذا النزاع.ذكروا في أن الثمرة تظهر فيما إذا كان في أحد أطراف العلم الإجمالي يوجد أصل مرخص وبالنسبة إلى الطرف الآخر لا يوجد فيه لا أصل مرخص ولا أصل مثبت للتكليف في مثل هذا المورد على القول بعلية العلم الإجمالي للتنجيز نقول بالتنجيز حتى لو كان أحدهما يجري فيه أصل مرخص والآخر لا يجري فيه نقول بالتنجيز على القول بالعلية لأن المدار على العلم الإجمالي وهو موجود فيتنجز.أما على القول بالاقتضاء فهنا نقول لا يتنجز العلم الأصل المرخص موجود في أحد الطرفين فيجري بلا معارض لأن الطرف الثاني يفترض أنه لا يوجد فيه أصل مرخص، فالطرف الذي يجري فيه الأصل المرخص يجري الأصل بلا معارض وقلنا بأن القول بالاقتضاء يتنجز العلم بعد تعارض الأصول وتساقطها فمع عدم وجود الأصل المرخص في أحدهما لا يكون هناك تعارض، هكذا ذُكر في بيان الثمرة.ولكن هذه الثمرة أيضا وقعت محل نزاع بين المحقق النائيني ومن تبعه والمحقق العراقي، المحقق النائيني قال: بأن هذا الفرض وهو أن يكون في أحد الطرفين أصل مرخص ولا يوجد في الطرف الآخر لا أصل مرخص ولا أصل مثبت للتكليف هذا بعيد بل أولا عبّر بالبعد ثم قال بل الظاهر لا يمكن، وفي عبارة أخرى له قال: فرض خلو أحد الأطراف عن كل من الأصل المثبت للتكليف والنافي له مما لم نعثر على مثاله، فإذاً الثمرة تترتب على وجود أصل مرخص في أحد الطرفين والطرف الآخر لا يوجد فيه أصل مرخص ولا أصل مثبت للتكليف، حتى لا يكون هناك تعارض، هنا يقول مثل هذا المورد لا وجود له، عدم وجود الأصل المرخص واضح حتى لا يكون معارض للأصل المرخص الآخر، أما نفي الأصل المثبت للتكليف لماذا تتوقف الثمرة عليه؟ يقول باعتبار أنه إذا وجد الأصل المثبت للتكليف ينحل العلم الإجمالي بهذا المثبت إذا انحل العلم الإجمالي لا يتنجز، يعني من باب المثال لو علمنا بأن هذا نجس سابقا والآخر طاهر ووقعت النجاسة في أحد الإناءين هنا الأصل المرخص يجري في الذي كنا نعلم بطهارته استصحاب الطهارة مرخص فلو لم يكن هناك استصحاب أصالة الطهارة أيضا تجري مرخص، بالنسبة للإناء الثاني عندنا الحكم بالنجاسة لو فرضنا وُجد أصل مثبت يعني هو الدليل الأول أثبت النجاسة فيه الحكم بنجاسة هذا تكفي لانحلال العلم الإجمالي، يعني الآن عندي علم تفصيلي بنجاسة هذا وعندي شك بدوي بنجاسة الآخر فلهذا العلم الإجمالي ينحل، فالمحقق النائيني ينفي وجود مثل هذا بحيث أنه في أحد الطرفين يوجد أصل مرخص وفي الطرف الآخر لا أصل مرخص ولا مثبت للتكليف هذا يقول لم نعثر له على مثال.نعم ذكر مثالين وناقشهما، المثال الأول: يقول الأصل الجاري في وادي الفراغ بتعبيره كما لو علم بعد دخول المغرب في الليل أنه ترك إحدى الصلوات الخمس في هذا اليوم وتردد الأمر بين فوات صلاة الظهر وبين فوات صلاة المغرب هنا بالنسبة إلى قاعدة الحيلولة الشك بعد الوقت تجري بالنسبة إلى صلاة الظهر لأنه الآن شك في صلاة الظهر بعد أن صار المغرب فقاعدة الحيلولة تقول له ابن على أنك صليت فهذا أصل مرخص، بالنسبة لصلاة المغرب لا يوجد أصل مرخص لأنه في الوقت فلم يشك بعد الوقت فهنا على هذا الأساس نبني الثمرة، نقول في أحد طرفي العلم الإجمالي صلاة الظهر فاتت أو المغرب في أحد طرفي العلم الإجمالي نستطيع أن نجري قاعدة الحيلولة وهي الشك بعد الوقت وبالنسبة إلى صلاة المغرب لا نستطيع أن نجري قاعدة الحيلولة فعليه هنا نجري الأصل على القول بالاقتضاء وعلى القول بالعلية لا نجري الأصل، يعني على القول بالعلية لا بد أن يأتي المكلف بالظهر والمغرب وأما على القول بالاقتضاء يكفي الاتيان بالظهر، هذا المثال يقول أيضا مندفع ولا يصلح أن يكون مثالا للثمرة والسر في ذلك، يقول نحن عندنا هنا في صلاة المغرب قاعدة الاشتغال يعني ذمته كانت مشغولة بصلاة المغرب والآن يشك في فراغ ذمته ولا زال في الوقت فمقتضى قاعدة الاشتغال، الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني وينحل العلم الإجمالي علمت إما أن الظهر فاتت أو المغرب بواسطة قاعدة الاشتغال انحل العلم الإجمالي فالذي فات نحكم أنه صلاة المغرب، فلا على القول بالاقتضاء يتنجز ولا على القول بالعلية يتنجز، فهذا المثال لا يصح أن يكون مثالا لبيان الثمرة، لأننا نريد أن نثبت على القول بالعلية الاحتياط وعلى القول بالاقتضاء نجري الأصل المرخص، فهنا ينحل العلم الإجمالي، ويجب فقط صلاة المغرب.

المثال الثاني: الذي ذكره هو ما لو فرضنا أنه علمت بنجاسة أحد الإناءين وكان أحدهما متيقن الطهارة سابقا يعني هذا الإناء (أ) أتيقن أنه طاهر سابقا قبل العلم الإجمالي والإناء (ب) أشك أنه طاهر أو نجس بغض النظر عن العلم الإجمالي هذا الإناء لو شككت فيه استصحب الطهارة والإناء الثاني لو شككت فيه أجري قاعدة الطهارة، الآن علمت بنجاسة أحد هذين الإناءين أحدهما متيقن الطهارة سابقا والآخر ليس متيقن الطهارة، هنا يمكن أن نصور الثمرة أيضا بهذا التقريب: الآن بالنسبة إلى الأصول المرخصة في الإناء (أ) الذي يجري فيه استصحاب الطهارة في الإناء (ب) الذي يجري فيه قاعدة الطهارة أصالة الطهارة، هنا يتعارضان يعني لو حكمنا بطهارة كلا الإناءين بواسطة هذين الأصلين يتعارض مع العلم بنجاسة أحدهما فهنا الأصلان يتعارضان ويسقطان، إذا سقطا تأتي قاعدة الطهارة فب الإناء (أ) الذي كان متيقن الطهارة قاعدة الطهارة فيه لا معارض لها لأن بين قاعدة الطهارة واستصحاب الطهارة بينهما طولية يعني الاستصحاب مقدم على القاعدة ففي حين جريان استصحاب الطهارة لا مورد لقاعدة الطهارة فالإناء (أ) الذي كان متيقن الطهارة سابقا الآن أجرينا فيه استصحاب الطهارة في هذا الوقت لا نجري قاعدة الطهارة فيه، الإناء الثاني لم نتيقن طهارته سابقا فنجري فيه قاعدة الطهارة الآن قاعدة الطهارة تعارضت مع استصحاب الطهارة سقطا، تأتي النوبة إلى قاعدة الطهارة في الإناء الذي أجرينا الاستصحاب وسقط أي الذي كان معلوم الطهارة، في هذه الرتبة قاعدة الطهارة تجري بلا معارض، على هذا عندما نريد أن نطبق الثمرة نقول على القول بالعلية جريان قاعدة الطهارة الآن لا فائدة فيها لأن العلم الإجمالي منجز على كل تقدير، على القول بالاقتضاء نقول نعم قاعدة الطهارة تجري بلا معارض ولا يتنجز العلم الإجمالي.

هذا المثال الثاني أورد عليه المحقق النائيني بما حاصله: أن تعارض الأصول باعتبار تعارض مؤدياتها باعتبار تعارض ما هو المجعول بغض النظر أن الأداة ما هي، عندنا المؤدى في استصحاب الطهارة هو الطهارة طهارة المشكوك ومؤدى قاعدة الطهارة أيضا طهارة المشكوك، فعليه استصحاب الطهارة من طرف مع قاعدة الطهارة في طرفه مؤداهما واحد وهذا المؤدى يتعارض مع مؤدى قاعدة الطهارة في الإناء الثاني، فالمدار إذاً في تعارض الأصول على المؤدى، مؤدى استصحاب الطهارة هو طهارة الإناء المشكوك ومؤدى قاعدة الطهارة هو طهارة الإناء المشكوك، في الإناء (أ) عندنا استصحاب وعندنا قاعدة ولكن مؤداهما واحد وهو طهارة المشكوك، الإناء (ب) عندنا فقط قاعدة الطهارة مؤداها أيضا طهارة المشكوك عندما تعارضت الأصول من حيث المؤدى لا من حيث أن هذا استصحاب أو من حيث أنه قاعدة طهارة، كلٌ منهما مؤداه واحد الحكم بطهارة هذا مع الحكم بطهارة هذا يلزم منه التعارض، الحكم بطهارة الإناء (أ) بالقاعدة او بالاستصحاب والحكم بطهارة الإناء (ب) بالقاعدة أو بالاستصحاب هنا يتعارضان، فعليه الأصلان في (أ) يتعارضان مع الأصل في (ب) فلا تظهر إذاً الثمرة فعليه يقول النتيجة لا ثمرة بين القول بالعلية وبين القول بالاقتضاء يعني لم نجد مثالا يصلح أن يكون ثمرة، هذا حاصل كلامه.المحقق العراقي أورد على كلامه هنا في المثال الثاني: في المثال الثاني أورد عليه إشكالين:

الإشكال الأول: يقول إنه يمكن ثبوتا جعل طهارتين طوليتين لا يمكن اجتماعهما في زمان واحد ولا رتبة واحدة، فإذاً الجعل يكون متعددا وليس متحدا، النائيني يقول أن التعارض بين الأصول من حيث المؤدى مؤداهما واحد يتعارضان، المحقق العراقي يقول يمكن أن يكون هناك جعلان، جعل للطهارة بواسطة الاستصحاب وجعل آخر للطهارة بواسطة قاعدة الطهارة فيكون المجعول طهارتان طوليتان إحداهما في طول الأخرى بحيث لا يمكن أن يجتمعا في زمان واحد الطهارة الحاصلة في الاستصحاب والطهارة الحاصلة من القاعدة ولا في رتبة واحدة لأن رتبة الاستصحاب متقدمة على رتبة قاعدة الطهارة فعليه القول بأن تعارض الأصول من حيث المؤدى لا معنى له المؤدى متعدد المجعول متعدد وبما أنه متعدد لا مانع من جعلهما، هذا الإشكال الأول، وهو يترتب على هذا نفس الثمرة السابقة يعني في الرتبة الأولى أجرينا استصحاب طهارة الإناء (أ) في هذه الرتبة وفي هذا الزمان لم تصل النوبة لقاعدة الطهارة في هذه الرتبة نجري قاعدة الطهارة في الإناء الثاني فيقع التعارض بينهما، لما تعارضا تساقطا الآن جاءت رتبة قاعدة الطهارة التي في طول استصحاب الطهارة في الإناء (أ) بلا معارض.

هذا الإشكال على المحقق النائيني يمكن أن يجاب عنه: بأن غرض المحقق النائيني (قده) ليس أنه هناك تعدد في المجعول أو لا يوجد تعدد في المجعول هذا لا ينبغي أن يتوهم في حق المحقق النائيني أن الطهارة المجعولة من قبل الاستصحاب تختلف عن الطهارة المجعولة من قبل القاعدة فهو ليس غرضه أنه لا تعدد من حيث المجعول حتى نثبت التعدد وإنما غرضه ان هذا الحكم الظاهري وهو الحكم بطهارة هذا الإناء الذي ربما يستفاد من الاستصحاب وربما يستفاد من القاعدة هذا الحكم الظاهري بالطهارة يتنافى مع الحكم الظاهري بالطهارة في الإناء الثاني، فإذاً ليس غرضه أنه لا يوجد تعدد، بل يوجد تعدد ولكن الحكم الظاهري بالطهارة يتعارض مع الحكم الظاهري بالطهارة هناك سواء كان بالقاعدة أو بالاستصحاب، إذا كان هذا مراده لا يأتي عليه الإشكال.

أورد ثانيا المحقق العراقي: يقول بأنه يمكن أن يكون جعل الشارع للطهارة الواحدة المجعولة بطريقين عندنا طهارة مجعولة من قبل الشارع هذه الطهارة المجعولة من طرف الشارع يمكن أن تُجعل بطريقين أحدهما في الرتبة الأولى والآخر في الرتبة الثانية فعليه من حيث الدال لا من المدلول، من حيث الدال، الدال على الطهارة الأولى في رتبة والدال على الطهارة الثانية في رتبة، في رتبة الدال الأول لا يوجد دليل إلى الدال الثاني لأنه في رتبة ثانية، فالموجود عندنا الآن في الرتبة الأولى هو الدليل عموم دليل الاستصحاب هذا يتنافى مع قاعدة الطهارة أولاً، الدال الثاني لما ارتفع الدال الأول الدال الثاني أمكن التمسك بعمومه فيمكن التمسك بعموم دليل قاعدة الطهارة في المقام بلا معارض، فيؤكد على هذه النقطة أن أحدهما في مرتبة الدلالة في طول الآخر لا من حيث المدلول، بحيث لا تصل النوبة إلى عموم الثاني مادام الاستصحاب موجود ليس عندي عموم اتمسك به في أصالة الطهارة، إذا ارتفع هذا الدال الأول بعد ذلك يأتي عموم الدليل الثاني.

النتيجة على هذا أن تظهر الثمرة في المقام، على القول بالاقتضاء نجري قاعدة الطهارة بعد ارتفاع الاستصحاب وعلى القول بالعلية لا نجري، ومن هذا جعل المحقق العراقي ان هذه الثمرة التي ذكرناها الآن جعلها نقضا على القول بالعلية، يعني يقول في مثل هذا المقام لا يمكن أن نحكم بالطهارة، بينما على القول بالاقتضاء ينبغي لكم أن تحكموا بالطهارة ولم تفعلوا، والتفصيل يأتي إن شاء الله. والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo