< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/10/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاشتغال، منجزية العلم الإجمالي.

جواب آخر عن إشكال المحقق العراقي (قده)من الوجوه التي يمكن أن يجاب بها عما أفاده المحقق العراقي (قده) بقوله إمكان جريان أدلة الأصول في أحد الأطراف تخييرا على القول بالاقتضاء لو قلنا بالاقتضاء للزم أن نقول بجريان الأصول في أحد الأطراف تخييرا.الجواب عليه: أن هناك مجموعة من الروايات في موارد مختلفة تدل على تنجيز العلم الإجمالي وعدم جريان الأصول في أطراف العلم، فلو كان هذا المراد في مثل هذه الموارد بين الإمام (ع) أن يجري الأصل في أحد الطرفين تخييرا، ولكن الإمام في هذه الموارد بين تنجيز العلم الإجمالي إذاً: أدلة الأصول لا تجري فلو فرضنا أنها مطلقة بحيث تشمل موارد العلم الإجمالي تكون هذه الروايات مقيدة لها فتبين أ ن هذه الروايات حاصلها أن أدلة الأصول لا تجري في أطراف العلم لو كانت هي مطلقة تشمل أطراف العلم وغير أطراف العلم بواسطة هذه الروايات نرفع اليد عن شمولها لأطراف العلم الإجمالي، هذه الروايات من جملتها.

موثقة سماعة في الإناءين المشتبهين إذا وقع في أحدهما قَذَر، (عن سماعة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره، قال: يهريقهما جميعا ويتيمم)[1]

هنا واضح أن المسألة من أطراف العلم الإجمالي وقع في أحدهما قذر الإمام (ع) قال يهريقهما جميعا ويتيمم أمره (ع) بالإهراق إشارة إلى أنه لا يجوز استعمالهما فيما يشترط فيه الطهارة يعني شرب مثلا في وضوء لا يجوز استعماله يهريقهما ويتيمم، لو كانت أدلة الأصول تجري في أطراف العلم لقال له (ع) أن تأخذ بأحدهما وتترك الآخر على أنه أصالة الطهارة في الطرفين ولكن تأخذ بأحدهما وتترك الآخر ولكن الإمام (ع) أمر بإهراقهما والانتقال إلى التيمم هذا دليل على عدم جريان الأصول في أطراف العلم.

أيضا نفس الباب موثقة عمار نفس المضمون، (عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) في حديث، قال سئل عن رجل معه إناءان...إلخ) [2] نفس المضمون.

من جملة الروايات أيضا صحيحة صفوان، (عن صفوان بن يحيى أنه كتب إلى أبي الحسن (ع) يسأله عن الرجل معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدرِ أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع، قال: يصلي فيهما جميعا)[3]

هنا حاصل السؤال يقول إنه عنده ثوبان نحن نعلم بأنه يشترط في ثوب المصلي الطهارة أو على احتمال آخر يشترط عدم نجاسة الثوب، هنا أصاب أحدهما نجاسة وليس عنده غيرهما، هنا الإمام (ع) لم يقل له صل بأحدهما واترك الآخر، الإمام (ع) قال صل بهما جميعا، وليس المقصود أن يلبسهما معا ويصلي هنا تكون مخالفة قطعية، المقصود أنه يصلي بأحد الثوبين مرة وبالآخر مرة أخرى يعني احتاط حتى يبرء ذمته، مع أنه كان بالإمكان لو صح الإطلاق أن نقول صل بأحدهما وتمسك بالطهارة أو الاستصحاب في الثوب وعليه يصلي في أحدهما.عليه: هذه الرواية يستفاد منها أيضا عدم جريان أدلة الأصول الترخيصية في كلا الطرفين.

من جملة الروايات أيضا صحيحة زرارة «قال قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من مني .... إلى أن قال، قلت فأني قد علمت أنه قد أصابه ولم أدرِ أين هو فأغسله، قال: تغسل من ثوبك الناحية التي ترى أنه قد أصابها حتى تكون على يقين من طهارتك» [4]

هنا كيفية الاستدلال على ما نريد أن السائل يسأل أن الثوب أصابته نجاسة من النجاسات، يعلم بالإصابة لو لم يعلم فالأمر واضح تجري أصالة الطهارة بلا معارض ولكن علم أن النجاسة أصابت الثوب ولكن لم يدر أي ناحية هو الإمام (ع) لم يقل مثلا اكتف بغسل ناحية منه وانما قال اغسل الناحية التي علمت انه وقع فيها وربما وقعت في طرف الثوب ولكن يقتضي أن يغسل أكثر لأن دائرة العلم الإجمالي تقتضي أن يغسل أكثر حتى يكون على يقين من طهارته، فلا ينحصر في طرف دون طرف في هذه الناحية هذا أيضا دليل على أن العلم الإجمالي منجز في الطرفين وأن أدلة الترخيص لا تأتي في الطرفين أو أحد الطرفين تخييرا.

أيضا موثقة سماعة غير الموثقة السابقة، «يقول عن سماعة قال سألته عن بول الصبي يصيب الثوب فقال اغسله قلت فإن لم أجد مكانه قال اغسل الثوب كله» [5]

هنا أيضا نفس المضمون نفس الدلالة وقعت قطرة البول على جزء من الثوب وهو لم يعلم مكان إصابة البول فالإمام (ع) يقول اغسل الثوب كله ولم يكتف بغسل طرف دون طرف والكلام نفس الكلام السابق.

من جملة الروايات أيضا، باب حكم بيع الذكي المختلط بالميت والنجس بالميتة، (عن علي بن الحكم عن أبي مروة عن الحلبي صحيحة عن الحلبي قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: إذا اختلط الذكي والميتة باعه ممن يستحل الميتة وأكل ثمنه) [6]

وروايات بهذا المضمون متعددة وفي رواية أخرى أيضا (عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) سئل عن رجل كان له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منه فيعزله ويعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا، قال: يبيعه ممن يستحله ويأكل ثمنه فإنه لا بأس) [7]

بالنسبة للروايتين السابقتين يمكن أن يقال نفس الكلام فلما اختلط الذكي بالميتة عندنا علم إجمالي بحرمة أحدهما الإمام لم يقل اترك أحدهما واستعمل الآخر، وإنما قال بعهما ممن يستحل، معناه أن العلم الإجمالي الموجود فيهما منجز ولا يصح لك أن تستعمل أحدهما وتترك الآخر ولكن تبيعه ممن يستحله هناك يجوز لك استعمال الثمن، هذا يدل على تنجيز العلم الإجمالي.هنا بالنسبة إلى هذه الطائفة من الروايات يمكن أن نقول بعدم صحة الاستدلال بهما في المقام، وذلك لأن الروايات السابقة عندنا قاعدة الطهارة أو استصحاب الطهارة يمكن أن يجرى في كل من الطرفين ولكن مع وجود العلم الإجمالي الإمام (ع) لم يجر الاستصحاب أو قاعدة الطهارة وإنما قال له بتنجيز العلم الإجمالي وهنا ما يوافق محل الكلام لأن محل الكلام هو أن أدلة الأصول الترخيصية هل تشمل بإطلاقها الطرفين بحيث نرفع اليد عن الإطلاق ونتمسك بها في أحد الطرفين أو لا؟ هنا لما نأتي إلى القاعدة الجارية في الطرفين وهي أصالة عدم التذكية عندنا ميتة وعندنا مذكى واختلطا ولا ندري أيهما، لو أردنا أن نجري القاعدة في كل منهما نجري أصالة عدم التذكية ولما نجريها لا نزاع لنا مع المحقق العراقي في ذلك يعني بالنسبة إلى الأصلين المثبتين للحكم هنا لا يوجد مانع من جريانهما كما أشرنا سابقا بأنه إذا كانت الحالة السابقة في الإناءين هي النجاسة وطُهر أحدهما الآن علمنا بطهارة أحدهما إجمالا نستصحب النجاسة في كل من الطرفين ولا نستعمل أي منهما، في مثل هذا الفرض ليس هو محل النزاع بين المحقق العراقي وبين غيره النزاع أن هناك أصل ترخيصي أصالة الطهارة أو استصحاب الطهارة أو الحلية، والأصل الذي يكون على خلاف العلم الإجمالي هو محل النزاع فهاتين الروايتين يمكن المناقشة فيهما ولا يمكن الاحتجاج فيهما على المحقق العراقي ويجيب بهذا الجواب.

ومن جملة الروايات، صحيحة محمد بن عيسى (عن الرجل (ع) أنه سُئل عن رجل نظر إلى راعٍ نزا على شاة، قال: إن عرفها ذبحها وأحرقها وإن لم يعرفها قسمها نصفين أبدا حتى يقع السهم بها فتذبح وتحرق وقد نجت سائرها) [8]

هنا في مثل هذا الفرض أن الحيوان موطوء الإنسان يحرم أكله هذا أمر مسلم فعلا الآن رأى هذا الراعي ينزو على واحدة من هذا القطيع، هنا الإمام (ع) لم يقل له اترك واحدة واستعمل الجميع حتى يكون الأصول المرخصة موجودة وإنما أعمل القرعة إذاً هو نجّز العلم الإجمالي ولم تجر الأصول في الأطراف ولكن أوجد حل آخر لا ربط له بالأصول هذا الحل الآخر وهو القرعة أن يقسمهما نصفين ويقترع ثم النصف الذي خرجت عليه القرعين يقسمه نصفين وهكذا إلى أن تبقى واحدة فيخرجها، نفس اللجوء إلى القرعة دليل على عدم جريان الأصول المرخصة في أطراف العلم الإجمالي.

إذاً هذه الروايات في موارد مختلفة يستفاد منها كلها أن الأصول الترخيصية لا تجري في أطراف العلم الإجمالي ولو تخييرا، المحقق العراقي يريد أن يقول بناء على القول بالاقتضاء لا على القول بالعلية، يقول بأنه يلزم أن نرفع اليد عن الإطلاق في دليل الأصول ومعنى رفع اليد عن الإطلاق أن نقول باستعمال أحدهما تخييرا بمعنى أنه نجري أصالة الطهارة في هذا بشرط ترك الآخر وفي الثاني كذلك بشرط ترك الآخر، هذه الروايات تكون دليل على خلاف قولهم، الإمام (ع) هنا لم يعمل الأصول ولم يأمر السائل بإعمال الأصول، فعليه: إن قلنا أن أدلة الأصول غير مطلقة من الأول فنحن في راحة وإن قلنا أنها مطلقة كما هو يقول هذه الروايات مقيدة لما يقوله فتكون دليلا عليه.

نعم لو فرضنا أن الأصل المرخص لا يجري في نفسه في أحد الطرفين يعني الآن قلنا لا نجري الأصول لوجود تعارض على حسب ما ذكرناه سابقا وهو جريان الأصل تعيينا ترجيح بلا مرجح والمردد لا هوية له أحدهما غير المعين يستدعي التعارض، إذاً يتنجز العلم الإجمالي، لو فرضنا أن أحد الموردين لا يجري فيه الأصل المرخص في حد نفسه هنا نجري الأصل المرخص في الآخر.يعني مثلا الآن لو فرضنا أنه كان أحد الإناءين نجس يقينا والآخر طاهر يقينا ووقعت قطرة بول في أحدهما في النجس أو في الطاهر فأصالة الطهارة في الإناء النجس لا تجري يقينا في حد نفسها وأصالة الطهارة في الثاني لا معارض لها هذا يخرج من الأدلة، أو لو فرضنا أنه قام أصل حاكم في أحد الطرفين هذا الأصل الحاكم يجري الآخر لا يكون له معارض، هذه الأمور ستتضح إن شاء الله فيما بعد في ذكر التنبيهات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo