< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/10/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - الاشتغال، منجزية العلم الإجمالي.

مناقشة جواب السيد الشهيد الصدر (قده):

تقدم الكلام في جواب السيد الخوئي (ره) على المحقق العراقي وذكرنا بأن للسيد الخوئي بيانين البيان الذي نقلناه عن مصباح الأصول والدروس المسجلة والبيان الآخر الذي ذكره الشهيد الصدر وأيضا هو يظهر من كتاب الدراسات للشاهرودي ويظهر من الجواهري في غاية المأمول والهداية للصافي لكن مع اختلاف وتوسعة.

حاصله كما قلنا بأن البيان الثاني الذي تعرض له السيد الصدر بأن المحذور الموجود في المقام ليس هو الجمع بين الترخيصين وإنما هو الترخيص في الجمع، الجمع بين الترخيصين يعني مرخص لك هذا ومرخص لك هذا والجمع بين الترخيصين ينحل بما أفاده المحقق العراقي على أن نقول مرخص لك هذا بشرط ترك ذاك هنا لا يقع المكلف في المحذور لأن المحذور الجمع بين الترخيصين، لكن المقام ليس هو من محذور الترخيص في الجمع بل في المقام المحذور هو الجمع بين الترخيصين يعني يرخص لك هذا في حين يرخص لك في الآخر فعندك ترخيصان هذان الترخيصان لا يرفعهما المحذور الموجود في الترخيص بين الأمرين في الجمع بين الترخيصين هذا لا يرفعه تقييد احدهما بترك الآخر، هنا كما أوضحنا أن السيد الصدر أورد بما أرجعه إلى الجمع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري، وصور المسألة هكذا: عندنا حكم واقعي وهو وجود حرمة الخمر في أحد هذين الإناءين ووجود حكم ظاهري بالترخيص، رخص ظاهرا في هذا بشرط ترك ذاك، لما نرجع المسألة إلى الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري هنا يأتي نفس الكلام المذكور هناك أن المحذور في وجود حكم ظاهري وواقعي من أي جهة لا يخلو إما من حيث الجعل والجعل أمران اعتباريان لا تضاد بينهما يعني جعل الحرمة وجعل الإباحة أمران اعتباريان لا تضاد بينهما فلا محذور في هذه الجهة، أو يكون المحذور في المبدأ في الملاك أيضا بالنسبة إلى الملاك في المقام لا يوجد محذور لأن المحذور في الملاك أن تكون عندنا مصلحة ملزمة مع مفسدة ملزمة ولكن مصلحة الحكم الواقعي ناشئة من نفس المتعلق يعني مصلحة في المتعلق ومصلحة الحكم الظاهري ناشئة في الجعل وليس في المتعلق إذاً ليس هناك موضوع واحد يتوارد عليه المصلحة والمفسدة في مقام المبدأ فلا تعارض ولا تنافي بينهما، يبقى عندنا التعارض والتنافي في مرحلة الامتثال ففيها أيضا لا يوجد تنافي بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري لأن الحكم الواقعي متى ما وُجد لا موضوع للحكم الظاهري فلا يتنافى معه ولا يأتي الحكم الظاهري إلا مع عدم الحكم الواقعي فحين وجود الحكم الواقعي لا وجود للحكم الظاهري حتى ينافيه وفي حين وجود الحكم الظاهري عدم وجود الحكم الواقعي فلا ينافيه، فإذاً في مرحلة الانتهاء لا يوجد تنافي أيضا، عليه: نفس الكلام المذكور في الجمع بين الحكم الواقعي والحكم الظاهري يأتي هنا بالتمام فيرتفع الإشكال.

هكذا صور الإشكال السيد الصدر (ره)، لكن هذا الكلام غير تام بالنسبة لكلام السيد الخوئي، السيد الخوئي هنا في تقريره المصباح ويظهر أيضا من كلمات في التقريرات الأخرى التي ذكرناها يفرق بين المقام وبين مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي في مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي كما شرحناه وهو الذي اختاره السيد الخوئي.

لكن هنا يقول: نفس الترخيص فيهما في الإثنين معاً هذا هو قبيح سواء كان مطلقا أو كان مقيدا لا فرق في ذلك، على حسب الكلام مع مثاله، يقول الآن إذا قيدنا أحدهما بترك الآخر فقلنا يجوز لك هذا بشرط ترك ذاك وقلنا أيضا يجوز لك فعل ذاك بشرط ترك ذاك، إذا تركهما معا باختياره حقق الشرطين حقق شرط الأول وحقق شرط الثاني، هنا وُجد مرخصان الآن فعلا أنت مرخص في فعل هذا بتحقق شرطه وأنت مرخص في فعل الآخر وقد تحقق شرطها، هذان الترخيصان ترخيصان في الإتيان بهما ترخيص في المعصية حتى لو لم يمكن في الواقع أن يعصي لكن فعلا ترخيص في المعصية هذا الترخيص في المعصية قبيح بغض النظر مطلقا أو مشروطا، الآن مثلا المثال الذي يُمثل إذا علم بحرمة المكث في أحد مكانين عند طلوع الشمس هو في الواقع لا يستطيع أن يأتي بهما معا لا يستطيع أن يمكث في هذا المكان وفي هذا المكان عند طلوع الشمس إذاً هو لا يمكنه أن يمتثلهما معا ولكن عنده علم إجمالي بحرمة المكث في أحدهما، هنا هل نقول بما أنه لا يستطيع أن يخالف مخالفة قطعية يعني لا يستطيع أن يجمع بينهما هل نقول يجوز له ارتكاب أحدهما بشرط ترك الآخر؟ لا، لأن هذا هو بنفسه هذا الترخيص في المعصية حتى لو يمكنه هذا الترخيص في المعصية قبيح.

لا يقال لشخص والعياذ بالله: يجوز لك الزنا وهو لا يستطيع الزنا لأنه لا يستطيع لا تقول له يجوز لك هذا الترخيص قبيح، هنا من هذا القبيل يقول: نفس الجمع بين الترخيصين قبيح لأنه ترخيص في المخالفة ترخيص في الإتيان بهما هذا الترخيص هو قبيح.

ويختلف المقام عن مقام الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي فهناك عندنا شك في الحكم الواقعي لم يصل للمكلف، المكلف عنده شك في الحكم الواقعي مع وجود هذا الشك يأتي دور الحكم الظاهري لو علمت بالحكم الواقعي ينتفي الحكم الظاهري، في مقامنا عندنا علم فرض المسألة التكليف وصل للمكلف كبرى وصغرى ولكن تردد متعلقه، أعلم بحرمة شرب الخمر وأعلم أن بين هذين الإناءين يوجد خمر، إذاً التكليف بالحرمة وصل للمكلف كبرى وصغرى لما وصل للمكلف عندما تقول أنت مرخص في الإتيان بهذا بشرط ترك ذاك وأنت مرخص بهذا بشرط ترك ذاك هذا الحكم في مخالفة قطعية للواقع ليس فيه مخالفة عملية الآن ولكن فيه مخالفة قطعية للواقع، هذا الترخيص هو المحذور يعني نفس الترخيص هو القبيح عند السيد فإذاً الفرق أن هنا يوجد علم واصل للمكلف هناك لم يوجد علم واصل للمكلف، على هذا العلم الواصل للمكلف يمكن أيضا أن نقول في المقام يوجد تنافي في مقام الامتثال، في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي قلنا لا يوجد تنافي في الجعل ولا في المبدأ ولا في المنتهى هنا نقول يوجد في المنتهى لأن مقتضى التكليف الواصل للمكلف فعلا مقتضاه أنه لا تأتِ بأحدهما لا ترتكب أحدهما ومقتضى الترخيص افعل أحدهما هنا يكون التنافي هذا يدعوك للترك عن الإثنين وهذا يرخص لك في الفعل وإن كان في فعل أحدهما، إذاً في مقام الامتثال يوجد تنافي وهنا نقطة الفرق المهمة بين مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي وبين هذه المسألة، في مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي لا يوجد تنافي في مرتبة الامتثال، هنا يوجد تنافي في مرتبة الامتثال، العلم الإجمالي يقول لا تفعل الترخيص يقول افعل أحدهما فهما متنافيان، هذا المعنى لعله هو مراد السيد الخوئي (ره) عندما قال في المصباح عبر في أواخر كلامه قال هكذا: بأن الحكم الظاهري لا يأتي إلا مع عدم العلم بالمخالفة نقول حكم ظاهري مع عدم العلم بالمخالفة أما مع وجود العلم فلا دور لوجود الحكم الظاهري، هنا عدم العلم بالمخالفة ربما يورد عليه بظاهر هذا التعبير بما سنذكره الآن ولكن في التفسير الذي ذكرناه لا يأتي يعني مقصوده عندما قال بأن الحكم الظاهري لا يأتي في حالة العلم بالمخالفة للواقع مقصوده أن مع وجود العلم بالحكم التكليف الواصل للمكلف هنا لا دور للحكم الظاهري لوجود التنافي في مرحلة الامتثال صورنا وأوضحنا أنه في مسألتنا يوجد تنافي في مرحلة الامتثال وفي مسألة الحكم الظاهري والواقعي لا يوجد تنافي في مرحلة الامتثال، فتعبيره عندما قال بهذا النحو من التعبير أنه يعتبر في الحكم الظاهري إحتمال المطابقة للواقع فلا يعقل جعله في طرف القطع بمخالفة الواقع، ظاهر العبارة هو هذا أنه أنا أعلم بأن الواقع عندي حرمة مطلقة وعندي إباحة مطلقة لما علمت بوجود الخمر في أحد الإناءين أعلم بأن الخمر حرام مطلق لا بقيد ترك الآخر وأعلم بأن المائع الآخر مباح مطلق لا بقيد ترك الأول، عندما تقول هذا حلال بشرط ترك ذاك تكون هنا مخالفة قطعية للواقع، هنا يعتبر في الحكم الظاهري احتمال المطابقة للواقع فلا يعقل جعله في طرف القطع بمخالفة الواقع ربما يظهر من هذه العبارة هذا المعنى، لكن نقول لعل مقصوده ما ذكرناه أن في مرحلة الحكم الظاهري لا يوجد تنافي مع الحكم الواقعي لا في المبدأ ولا في المنتهى هنا مع وجود علم إجمالي يوجد منافاة في مرحلة الامتثال وليس مقصوده ظاهر عبارته، على هذا لا يرد إشكال آخر على ظاهر هذه العبارة التي ذكرناها الآن ربما يورد بأن المخالفة الإلتزامية للأصول أنت تسلم بها فهذا حكم ظاهري على خلاف الواقع قطعا، مثلا علمت بطهارة أحد الإناءين والحالة السابقة فيهما النجاسة هنا أستصحب نجاسة الإناء الأول وأستصحب نجاسة الإناء الثاني فأحكم بالنجاسة على كليهما هذا مخالف قطعا للواقع الواقع أحدهما طاهر والآخر نجس وهنا حكمت بالنجاسة بناء على الاستصحاب هذا مخالف للواقع قطعا مع ذلك تجريه السيد الخوئي يجريه لا مانع منه لأنه لا توجد مخالفة عملية غايته توجد مخالفة إلتزامية وهي لا تضر، هذا الإشكال يمكن أن يورد على ظاهر عبارته كيف تقول بأنه يعتبر في الحكم الظاهري احتمال المطابقة للواقع فلا يعقل جعله في طرف القطع بمخالفة الواقع وهنا اعتبرته استصحاب النجاسة في هذا وفي ذاك، هذا الإشكال ينحل أيضا بالبيان الذي ذكرناه، مقصوده ليس هو الواقع يعني عندنا حكم واقعي وأن لا تكون الأصول مخالفة له ولو التزاما، مقصوده أن الحكم الظاهري الذي جعلناه في مرحلة الشك إنما نأتي به إذا لم تكن بينه وبين الحكم الواقعي أية منافاة لا في المبدأ ولا في المنتهى ومع وجود المنافاة في أحدهما لا يأتي الحكم الظاهري، في مسألة استصحاب النجاسة في الإناءين لا توجد منافاة لأنه علمي بطهارة أحدهما لا يدعوني للشرب ولا يجبرني على الشرب فلهذا لا تأتي المنافاة، هنا لا هنا يقول أنت مرخص لك شرب الخمر ولكن بشرط ترك المائع المباح في الواقع هكذا، أحدهما خمر أنت مرخص لك بشرب الخمر بشرط ترك المائع الآخر، كما أنه مرخص لك في شرب المائع الآخر بشرط ترك الخمر الواقعي هذا فيه تنافي كما بيناه في مرحلة الامتثال، لهذا يختلف المقام عن مرحلة الحكم الظاهري والواقعي ويندفع الإشكال عن السيد الخوئي الذي أفاده السيد الشهيد والمحتمل الذي ذكرناه.

من هذا يظهر، النتيجة: أن في حالة العلم الإجمالي بحرمة أحدهما بنجاسة أحدهما هنا الأصول لا تجري في الجميع لأنهل ترخيص في المعصية الواقعية ثبوتا لا يصح، جريان أدلة الأصول في أحدهما المعين دون الآخر ترجيح بلا مرجح وجريانه في أحدهما المردد، المردد لا وجود له ولا هوية له، وأحدهما غير المعين يقتضي التعارض، جريانه في هذا يتعارض مع جريانه في ذاك، بالنتيجة يتنجز العلم الإجمالي ولا ينحل.

والحمد لله رب العالمين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo