< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاشتغال/ منجزية العلم الإجمالي.

الجهة الإثباتية في شمول أدلة الأصول لبعض الأطرافكان الكلام في شمول أدلة الأصول لبعض أطراف العلم الإجمالي وقلنا إن هناك جهتان للبحث جهة ثبوتية وجهة إثباتية.أما الجهة الثبوتية قلنا لا مانع من الشمول يمكن للشارع أن يرخص في أحد الأطراف.

أما الجهة الإثباتية: فنقول البراءة على قسمين البراءة العقلية والبراءة الشرعية، البراءة العقلية أُخذ في موضوعها عدم البيان والعلم الإجمالي بيان عرفاً وعقلاءً يقولون قام البيان عندما تعلم إجمالا بحرمة أحد الأمرين أو نجاسة أحد الأمرين عرفا وعقلاءً يقال قام عندك البيان، وهذا البيان يستتبع العقوبة أي لا يمنع من العقوبة، فإذاً بالنسبة إلى البراءة العقلية ينتفي موضوعها مع وجود العلم الإجمالي لهذا لا نقول بشمول الدليل لأطراف العلم الإجمالي وهذا واضح.

إنما الكلام في البراءة الشرعية، هل أدلة البراءة الشرعية تشمل أحد أطراف العلم الإجمالي أو لا؟ ذكرنا بأن السيد الخوئي(ره) قال بأنها لا تشمل يعني القصور في مرحلة الإثبات باعتبار أن شمولها لأحد الدليلين بعينه يكون من الترجيح بلا مرجح لتساوي النسبة في الطرفين، نسبة العلم الإجمالي إلى الطرف الأول ونسبة العلم الإجمالي إلى الطرف الثاني متساويتان ومع تساويهما نقول هذا الدليل يشمل هذا الطرف بعينه دون ذاك يكون ترجيحا بلا مرجح، وشموله للفرد المردد قلنا الفرد المردد لا وجود له، أحدهما غير المعين قال السيد(قده) بأنه لا يفيدنا شيء لأنه أحدهما غير المعين عادة وغالبا يتلازم مع العلم بالطرف الآخر يعني إذا علمتُ بنجاسة أحد الإناءين فيحصل عندي علم بطهارة أحدهما ومع وجود العلم بطهارة أحدهما هنا لا يأتي الأصل لأن الأصل موضوعه الشك فمع العلم بطهارة أحدهما لا معنى لأن نجري أصالة الطهارة، فأصالة الطهارة مع الشك. على فرض أنه شككنا في الطرف الآخر يعني علمتُ إجمالا بنجاسة أحد الإناءين وأيضا شككت في الطرف الآخر لم يحصل عندي علم بطهارته كما لم يحصل عندي علم بنجاسته وإنما شككت فيه هل هو طاهر أو ليس بطاهر، هنا قلنا سابقا بأن هذه الصورة لا يشملها كلام السيد الخوئي السابق لأن عدم جريان الأصل في المقام اعتبره من جهة وجود العلم يعني لم يتحقق موضوع الأصل وهو الشك علمُ بالطهارة، هنا قلنا شك، علمتُ بنجاسة أحد الإناءين وشككتُ في الآخر فإذا شككت الأصل يتحقق يعني موضوعه يكون موجودا، هنا أشار السيد الخوئي إلى رفع هذه الجهة حتى لو لم تدخل في الكلام السابق أن هذا الشك أيضا لا يفيدنا في المقام باعتبار أن العلم الإجمالي الموجود صار منجز ولم يوجد المؤمن عنه بعبارة ثالثة أنه يجب عليك أن تجتنب عن الحرام المعلوم بما أنك علمت إجمالا بحرمة أحدهما أو علمت إجمالا بنجاسة أحدهما هذا العلم يقتضي أن تجتنب عنه في الواقع ولا يمكن الإجتناب عنه إلا بترك الطرفين، فعليه: أنا علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين في الطرف الثاني في الصورة الأولى قلنا علمت بالطهارة، لا يأتي الأصل لوجود العلم والأصل أخُذ في موضوعه الشك، في الصورة الأخرى علمت إجمالا بنجاسة أحد الإناءين وشككت في نجاسة الآخر لم أعلم بالطهارة ولكن شككت في نجاسة الطرف الآخر، هنا عندما شككت بنجاسة الطرف الآخر، نفس احتمال الطهارة والنجاسة فيه لا تفيد لأن العلم الإجمالي بالنجاسة الأول يقول يجب الإجتناب عن النجاسة الواقعية الموجودة في أحد هذين، هذا الإجتناب لا يتم إلا بترك كليهما إذا لم أترك كلا الإناءين لا أستطيع أن أترك النجاسة الموجودة فحتى لو احتملت نجاسة الآخر هذا الإحتمال أيضا لا يسبب لي جواز أنت أقول كل شيء لك طاهر لأن علمك بالنجاسة سابقا إجمالا هو يقتضي أن تجتنب عن النجاسة الواقعية الموجودة في هذين الإناءين، هذا الإجتناب يقول أن تترك الإثنين فلا يشمله كل شيء لك طاهر، هذا ما أفاده السيد الخوئي (ره).

قلنا هنا بيان آخر دقيق للسيد الروحاني (قده) في المنتقى لبيان قصور الأدلة من حيث الإثبات حاصل كلامه كما أشرنا، أنه في حالة العلم الإجمالي بنجاسة أحد الطرفين عندها جهتان الجهة الأولى هي الشك في النجاسة أو في الحرمة من حيث هي هذا مشكوك فيه هذه الجهة مشكوك الحلية والحرمة واقعا عندنا جهة أخرى وهي أن هذا أحد طرفي العلم الإجمالي في النجاسة أو بالحرمة الأصل العملي الذي يقول إذا شككت كل شيء لك طاهر حتى تعلم بالنجاسة هذا الأصل يؤمننا عن الشك في الأول عن الجهة الأولى بما أنني شككت هل هذا نجس أو ليس بنجس في نفسه هنا تقول كل شيء لك طاهر وبالتالي أنت في أمن من ارتكابه، أيضا إذا شككت في حرمة شيء هذا الشيء حرام أو حلال أشك هنا أيضا أتمسك بكل شيء لك حلال وهذا يؤمنني من العقاب، عندي جهة ثانية وهي أن هذا الطرف المشكوك فيه أحد أطراف العلم الإجمالي الأصل لا يؤمنني من هذه الجهة يؤمنني من جهة أنه مشكوك فيه بحد ذاته أما أنه أحد طرفي العلم الإجمالي يؤمنني؟ لا، إلا أن يكون الدليل ناظرا إلى الترخيص في أطراف العلم الإجمالي أما في نفس الدليل العام غير الناظر هذا لا يفيد، الدليل الناظر إلى أطراف العلم الإجمالي يكون مثل موارد جعل البدل، موارد جعل البدل هنا في صورة العلم الإجمالي أنا أعلم إجمالا في الواقع ومع ذلك الشارع يقول رضيت بهذا البدل حتى ولو كان على خلاف الواقع، هذا الدليل الذي دل على جعل البدل دل على جعله في موارد العلم الإجمالي يعني هو ناظر إلى مورد العلم الإجمالي مثل هذا نعم يمكن أن نقول بشمول الدليل له أما في غيره لا، الآن في محل كلامنا عندي شك في مورد العلم الإجمالي والدليل يقول كل شيء لك طاهر أو كل شيء لك نجس بهذا المقدار لا نقول بالشمول، هذ تقريبا حاصل كلامه، لا بأس أن نذكر بعض عباراته للتوضيح لأنه هو في الأخير قال (فتدبر واستفد فإنه لا يخلو من دقة وهو مما تفردنا به حسب ما نعلم) هو قال هكذا: «ان كل طرف فيه جهتان : إحداهما : انه مشكوك الحرمة واقعا. والأخرى: انه أحد طرفي العلم الإجمالي المنجز للتكليف الواقعي فيه لو كان، والمصحح للعقوبة عليه لو فرض انه حرام واقعا.

ومن الواضح ان أدلة الأصول إنما تتكفل جعل الإباحة والحلية في المشكوك بما أنه مشكوك الحرمة، أما جهة كونه من أطراف العلم الإجمالي فهي مما لا نظر فيها إليها.»وعليه: فهي بجعل الحلية فعلا إنما تستتبع التأمين من العقاب من جهة انه مشكوك الحرمة لا أكثر، لأنها هي الجهة الملحوظة في الحلية المجعولة، وأما التأمين من العقاب من جهة أخرى فلا نظر للدليل إليها.لا نقول: بان الدليل يتكفل جعل الحلية من جهة الّذي أنكرناه سابقا على المحقق العراقي.بل الدليل يتكفل جعل الحلية فعلا، لكن موضوع الحلية هو الشك في الحرمة، وهذا يستتبع الأمان من العقاب ـ الّذي هو لازم الحلية والّذي يهمنا فيما نحن فيه دون نفس الترخيص ـ من جهة دون جهة، فلا ينفع في رفع منجزية العلم الإجمالي.

وعلى هذا، فعدم الالتزام بجريان الأصل من باب ان جعل الحلية لا ينفع في التأمين من ناحية العلم الإجمالي..... نعم، لو ورد دليل على الترخيص في خصوص موارد العلم الإجمالي كان مؤمنا من العقاب من جهته، فينفع في عدم وجوب الموافقة القطعية. ومن هذا الباب جميع موارد جعل البدل، فان مرجع جعل البدل إلى ما عرفت من الترخيص في بعض الأطراف بملاحظة العلم الإجمالي المستلزم للتأمين من جهته»[1]

ثم بين الفرق بين الموردين وهو واضح مما سبق في موارد جعل البدل هنا باعتبار أن الدليل ناظر إلى مورد العلم الإجمالي أما في محل كلامنا الآن فهو غير ناظر إلى مورد العلم الإجمالي فلا تنفع في الدليل.

هنا يمكن أن نقول عندنا وقفتان مع السيد (قده)

الوقفة الأولى: أصل ما ذكره من الجهتين تام، عندنا جهتان في الموارد مشكوك من حيث أنه مشكوك الحلية والحرمة من جهة وهذا طرف من أطراف العلم الاجمالي من جهة أخرى، هذا واضح ولكن ما رتبه عليه نقول بأن دليل التأمين يقول كل شيء لك طاهر حتى تعلم النجاسة أو كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام، وبصياغة أخرى أن كل ما شككت فيه في حليته وحرمته فلك أن تحكم عليه بالحلية، هذا الدليل في حد نفسه مطلق يعني يشمل صورة الشك البدوي ويشمل صورة الشك المقترن بالعلم الاجمالي يعني هذا الطرف لو لاحظناه في نفسه نقول هذا مشكوك فيه، ينطبق عليه كلما شككت فيه فاحكم عليه بالطهارة أو احكم عليه بالحلية، إذاً نفس الدليل في حد نفسه مطلق وإذا كان مطلق من حيث الشمول يشمله بلا فرق أن منشأ ما هو، المدار في الدليل موضوعه هو المشكوك، موضوع الدليل هو المشكوك فيه، إذا جاء الموضوع مشكوك الحلية والحرمة يأتي المحمول احكم عليه بالحلية، هذا المشكوك له نحوان: تارة تشك فيه ابتداءً وتارة تشك فيه لكونه مقترنا بالعلم الاجمالي فالعلم الاجمالي هنا أشبه ما يكون بالحيثية التعليلية يعني علة الشك في هذا الطرف هو وجود علم إجمالي كونه حيثية تعليلية لا يضر ليس حيثية تقييدية حتى يضر بموضوع الدليل هو حيثية تعليلية موضوع الدليل هو الشك وموضوع ما نحكم عليه بالحلية هو المشكوك، المشكوك الحلية والحرمة حلال المشكوك الحلية والحرمة متى ما تحقق ينطبق الحكم غايته منشأ الشك ما هو، تارة منشأ الشك أمور خارجية تارة منشأ الشك هو العلم الاجمالي فالعلم الاجمالي لم يؤثر في المقام يعني من حيث أصل الشمول لأن كلامنا الآن في أصل شمول دليل الإطلاق كونه داخلا في دائرة العلم الاجمالي أحد أطراف العلم الاجمالي لا يخرجه عن كونه مشكوكا، فالجهة الأولى وهي الشك فيه من حيث هو تقول مؤمن الشك فيه من حيث أطراف العلم الاجمالي غير مؤمن، هذا لا ينفع في عدم الشمول ينفع في مجال آخر يعني لا نقول بالنتيجة أنه نتمسك بالأصل في الطرفين، ولكن في أصل الشمول هل الشمول قاصر أو غير قاصر؟ الدليل من حيث الإثبات قاصر للشمول؟ نقول لا غير قاصر للشمول، وهذه الجهة التي أفادها السيد (قده) لا تفيد القصور هذه الجهة الأولى والوقفة الأولى.

الوقفة الثانية: كأنه يظهر من كلامه في الأخير أن مرجع جعل البدل إلى ما عرفت من الترخيص في بعض الأطراف كأنه جعل ملازمة بين جعل البدل والترخيص في بعض الأطراف يعني كل مورد من موارد جعل البدل فهو ترخيص في بعض أطراف العلم الاجمالي فهو يؤمن من حيث أنه طرف في العلم الاجمالي، نقول هذا الكلام ليس على إطلاقه موارد جعل البدل عندنا أحيانا علم تفصيلي، بعد أن ركعت علمت تفصيلا بأنني تركت القراءة نسيت وتركت القراءة، هنا الشارع اكتفى بهذا بما أنك علمت بعد الدخول في الآخر هنا تأتي قاعدة لا تعاد بما أن القراءة ليست من جملة الأمور الخمسة فهي إذاً فأنت معذور هنا جعل البدل يعني كيف جعل البدل، يعني أولاً وبالذات الشارع أراد من المكلف أن يأتي بالصلاة بجميع أجزائها وشرائطها من التكبير إلى السلام، هذا الجعل الأول ولكن الشارع في حالة النسيان إذا نسيت أحد الأمور غير الخمسة يقول هذا المأتي به كافي نكتفي به هنا جعل بدل هنا لا يوجد عندي علم إجمالي حتى تقول دليل جعل البدل ناظر إلى الترخيص في بعض الأطراف لا هنا علم تفصيلي إذا كان علم تفصيلي الشارع جعل بدل أصلا غير ملاحظ جهة العلم المتعلق بالحكم أنا أعلم بالحكم تفصيلا وعلمت أيضا تفصيلا بتركه هنا لا نظر له أصلا إلى ذلك فموارد جعل البدل غير الترخيص في بعض الأطراف فلا بد أن نأتي بأمثلة تكون ترخيصا في بعض الأطراف علم إجمالي بشيء وتقول هذا الطرف بما أنه غير مقترن به فإذاً يجوز التمسك بالأصل في الطرف الآخر هنا إذا صح هذا المثال يكون من باب جعل البدل في بعض الأطراف ويكون مؤيد للسيد في هذا المقام أما ما ذكرناه فلا، هذا حاصل الكلام مع السيد وهناك إشكال على أصل المطلب، إن شاء الله يأتي الكلام فيه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo