< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/08/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاشتغال، منجزية العلم الإجمالي.

شمول إطلاقات أدلة الأصول لأطراف العلم الإجمالي:هذا البحث بحث إثباتي، وهو يترتب على البحث الثبوتي المتقدم، فتقدم عندنا بأن جريان الأصول في جميع الأطراف ثبوتا ممتنع إلا في بعض الصور، بمعنى أنه على حسب ما تقدم عندنا صورتان في الواقع:تارة يكون متعلق العلم هو الحكم الإلزامي والأصول الجارية في الأطراف مرخصة، وتارة العكس، فإذا كان المعلوم بالإجمال حكما إلزاميا مثلا أعلم بنجاسة أحد الإناءين والحكم هنا يجب الترك، والأصول الجارية في الأطراف هي استصحاب الطهارة في الموردين، كل طرف طرف كان طاهرا والآن نشك في نجاستها، هنا جريان الأصول في جميع الأطراف يستلزم منه الترخيص في المعصية، ولهذا قلنا هناك لا يمكن ثبوتا جريان الأصول في الأطراف، أما إذا انعكس الأمر فعلمنا إجمالا بطهارة أحد الإناءين وكانت الحالة السابقة فيهما هي النجاسة فهنا استصحاب النجاسة في كلا الإناءين لا يستلزم منه الترخيص في المعصية، فعليه ثبوتا لا محذور فيه خصوصا وأنه قلنا في الأصول أنها ليست في لوازمها فجريان استصحاب نجاسة هذا الإناء ونجاسة الإناء الآخر لا يستلزم منه محذور. بناءً على هذا يأتي الكلام هنا وهو في عالم الإثبات، هل أدلة الأصول بإطلاقها تشمل موارد العلم الإجمالي بحيث التي لم تمتنع ثبوتا يمكن جريان الأصول فيها، أو لا إطلاق فيها؟قلنا بأن الشيخ الأنصاري (قده) قال بعدم الإطلاق بناءً على أنه لو شملت الأصول لأطراف العلم الإجمالي للزم التناقض والتهافت بين صدر الدليل وذيل الدليل، فعندنا في دليل الاستصحاب لا تنقض اليقين بالشك هكذا في صدره، وفي ذيله ولكن أنقضه بيقين آخر، مقتضى الصدر أنه يأتي في كل طرف من أطراف العلم الإجمالي، يعني لو وضعنا يدنا على الإناء الأول وكانت حالته السابقة النجاسة والآن نشك يصدق عليه لا تنقض اليقين بالشك، أيضا الطرف الثاني الإناء الثاني يأتي فيه لا تنقض اليقين بالشك، معنى الصدر أنه لا يجوز نقض الإثنين يعني لا يجوز استعمالهما هذا نجس حكما وهذا نجس حكما ولا يجوز استعمالهما، ومقتضى ذيل الحديث ولكن انقضه بيقين آخر، إذا قلنا بأن اليقين شامل للعلم الإجمالي فمعناه انقض أحدهما، مقتضى العلم الإجمالي أعلم بطهارة أحدهما يعني انقض أحدهما، هنا تهافت بين لا تنقض كليهما وانقض أحدهما كما هو معلوم أن الموجبة الكلية نقيضها السالبة الجزئية والعكس بالعكس، هنا لا تنقض شيء منهما وانقض أحدهما يستلزم التهافت والتناقض، وبما أنه يستلزم التهافت والتناقض لا بد من رفع اليد عن أحد الأمرين إما أن نرفع اليد عن الأول فنقول لا تنقض اليقين بالشك لا يشمل أطراف العلم الإجمالي وإما أن نرفع اليد عن اليقين الثاني فنقول ليس المقصود هو اليقين الإجمالي العلم الإجمالي، وبما أنه لا مرجح لأحد الأمرين فهنا يقع الإجمال يكون دليل الأصل مجمل، فإذا كان مجمل لا يمكن التمسك به في المقام، هذا حاصل ما أفاده الشيخ.

هنا وقع كلام الشيخ موقع إشكال عند الأعلام، فالمحقق صاحب الكفاية أشكل عليه بأن هذا يتم في هذه الرواية التي يوجد فيها هذا الذيل، ولكن عندنا روايات أخرى لا يوجد فيها هذا الذيل -وليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبداً- ما عندنا ولكن انقضه بيقين آخر، فالإجمال إذا سُلم فهو في هذه الرواية فقط أما في الروايات الأخرى التي لا يوجد فيها هذا الذيل فلا إجمال فيها، ولا يسري الإجمال من دليل إلى دليل آخر، عندنا الدليل الأول مجمل إجماله لا يسري إلى الدليل الآخر الذي ليس بمجمل، فعليه: غايته نقول كأن هذه الرواية لم تكن من أدلة الاستصحاب، عندنا أدلة أخرى الروايات التي تقول: لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك ابدا، هذه الروايات نتمسك بها، فحاصل جواب الإشكال: أنه بما أن المانع من شمول الإطلاق هو إجمال هذه الرواية في النتيجة نرفع اليد عن هذه الرواية ونتمسك بالروايات الأخرى غير المجملة التي لم تكن مذيلة بذيل.

الإشكال الثاني: أورده غير واحد من الأصوليين على الشيخ، وهو أنه اليقين الموجود في ذيل الرواية – ولكن انقضه بيقين آخر- هو خصوص اليقين التفصيلي ولا يشمل اليقين الإجمالي فتخرج الرواية أصلا من الإجمال ولا تعارض فيها، وبيان هذه الجهة، أن صدر الرواية يقول: لا تنقض اليقين بالشك، ظاهر في اليقين التفصيلي، هذا المورد أشك فيه هذا الإناء كنت على يقين من نجاسته والآن أشك فيه، هنا يصح لا تنقض اليقين بالشك، الآن لما يأتي، ولكن انقضه بيقين آخر، يكون هذا اليقين الآخر متعلق بعين ما تعلق به اليقين الأول، اليقين الأول يقين تفصيلي تعلق بنجاسة هذا الإناء بخصوصياته الآن ولكن انقضه بيقين آخر، ليس المقصود كل يقين حتى ولو كان أجنبيا، أنا عندي يقين بطلوع الشمس أنقض به اليقين بالنجاسة لا معنى له، هنا أيضا نفس الكلام ولكن انقضه أي أنقض ذلك اليقين بيقين آخر يتعلق به فإذاً ما تعلق به اليقين الأول هو الذي يتعلق به اليقين الثاني هذا ينحصر في اليقين التفصيلي، كنت على يقين من نجاسة الإناء الآن أشك في نجاسة الإناء فتقول لا تنقض اليقين بالشك، تيقنت من طهارته أقول انقض هذا اليقين باليقين بالطهارة، فعليه: إذا قلنا بأن اليقين الثاني هو اليقين التفصيلي فأيضا تخرج الرواية عن إشكال الشيخ، فإشكال الشيخ بناءً على أن المقصود من اليقين هو اليقين الإجمالي يعني يشمل اليقين التفصيلي ويشمل اليقين الإجمالي، بناءً عليه يقول بالتناقض والتهافت، أما إذا قلنا اليقين تفصيلي فلا يوجد تناقض ولا تهافت، فعليه: يكون مقتضى هذه الأدلة هو الإطلاق، أن لا تنقض اليقين بالشك تشمل موارد العلم الإجمالي تشمل أطراف العلم الإجمالي، هذا الطرف على يقين منه فشككت والطرف الآخر أيضا على يقين فشككت، بناءً على هذا النتيجة نقول هكذا أنه في مثل ما إذا كان متعلق العلم الإجمالي حكما ترخيصيا وكان متعلق الأطراف الأصول حكما إلزاميا هنا لا محذور ثبوتا في جريان الأصول ولا الإثبات يدل عليه، لأنه إذا كنت أعلم بنجاسة الإناءين سابقا والآن علمت بطهارة أحدهما، أحدهما طُهر قطعا هنا كل طرف طرف كل إناء أقول كنت على يقين من النجاسة فشككت استصحب النجاسة، الثاني أيضا كنت على يقين من النجاسة فشككت الآن استصحب النجاسة، استصحاب نجاسة كليهما لا محذور فيه ثبوتا، بخلاف ما لو أنا استصحبت طهارة كلا الإناءين هناك يلزم منه الترخيص في المعصية وهنا لا يلزم منه الترخيص في المعصية، فثبوتا لا محذور في جريان الأصول ومقتضى الإطلاق في الأدلة شمول الأصول لأطراف العلم الإجمالي وهنا يتم الكلام.

يترتب على هذا ثمرة وهي: إذا قلنا بمقالة الشيخ الأنصاري، وهو أن الأصول لا تجري، هنا علمت إجمالا بطهارة أحد الإناءين، لو لاقى الثوب أحد الإناءين هنا لا أحكم عليه بالنجاسة كما أيضا سيأتي في بحث ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة، لاقى الثوب أحد الطرفين هنا لا موجب للقول بالنجاسة، مقتضى العلم الإجمالي ينجز المعلوم بالإجمال، والمعلوم بالإجمال يقول لك اجتنب كليهما ثم أنك تعلم أن أحدهما نجس والآخر طاهر هنا لا تشرب من أحدهما ولا تتوضأ بأحدهما، لو توضأ بأحدهما نقول له لم تحرز الطهارة فصلاته لا تكون صحيحة، أما الحكم بالنجاسة لا مقتضي له، عندما لاقى الثوب أحد الطرفين فهنا لم يحصل عندي يقين بتنجس الثوب، ربما لاقى الطاهر في الواقع فهذا الثوب يُشك فيه هل لاقى النجس أو لاقى الطاهر، هنا لا موجب للحكم بنجاسته، أما إذا قلنا بجريان الأصول وأجرينا الأصل في كليهما الإناء الأول حكمنا عليه بالنجاسة بمقتضى الاستصحاب، والإناء الثاني أيضا حكمنا عليه بالنجاسة بمقتضى الاستصحاب، فكل واحد من الإناءين محكوم عليه بالنجاسة فإذا لاقى الثوب أحد الطرفين نقول لاقى الثوب الماء المحكوم عليه بالنجاسة فينجس، فإذا تظهر الثمرة في مثل هذا المقام، هل نحكم بالنجاسة أو لا نحكم؟ إذا قلنا لا تشمل الإطلاقات موارد العلم الإجمالي فهنا لانحكم بالنجاسة أما إذا قلنا بالشمول فنحكم بالنجاسة في مثل المقام، فهذه الثمرة مهمة أيضا في محل النزاع.

تبقى هنا نقطة: وهي أنه هل يمكن أن نقول بأن هذا الكلام يبتني على المبنى في العلم الإجمالي، العلم الإجمالي على حسب ما تقدم تارة يتعلق بالجامع الإنتزاعي وتارة يتعلق بغيره، الآن ما أفاده المشكل الثاني وهو السيد الخوئي (ره) أيضا يستفاد من كلمات العراقي، إذا كان العلم الإجمالي يتعلق بالجامع الإنتزاعي بما هو جامع، هنا إذا تعلق بالجامع بما هو جامع لا شأن له مع الأطراف فيأتي الجواب الثاني أن اليقين المأخوذ في الذيل هو العلم التفصيلي لأن العلم الإجمالي يتعلق بالجامع والجامع الإنتزاعي لا شأن له بالأطراف، فنقول هذا الطرف تفصيلا كنت أعلم بنجاسته الثاني أيضا نفس الكلام، الآن أعلم إجمالا بطهارة أحدهما وهنا لا يسري إلى الأطراف فيرتفع إشكال الشيخ، أما إذا قلنا بأن العلم الإجمالي يتعلق بالجامع بما هو مشير إلى الخارج إذا كان كذلك هنا نقول حتى لو إذا وُجد عندنا علم إجمالي أيضا يتهافت مع صدر الدليل، يعني الدليل يقول هذا محكوم بالنجاسة وذاك أيضا محكوم بالنجاسة ومقتضى العلم الإجمالي يقول هكذا: أن أحدهما محكوم بالطهارة وهذا أحدهما ليس فقط عنوان انتزاعي وإنما عنوان انتزاعي مشير إلى الفرد المتعين في الخارج، فكأنك قلت أحدهما بعينه في الخارج محكوم بالطهارة وكلاهما محكومان بالنجاسة، على هذا يمكن أن نقول أن الجواب الثاني عن الشيخ الأنصاري غير تام، يعني يبقى كلام الشيخ الأنصاري على قوته يعني إذا وجد عندنا علم إجمالي بطهارة أحدهما والعلم الإجمالي يتعلق بالجامع ولكن الجامع المشير الطرف الموجود في الخارج واقعا فهنا يبقى التهافت يرجع ولا ينحل، فإذاً ما أُفيد تام على مثل مبنى السيد الخوئي مبناه على أنه يتعلق بالجامع بغض النظر عن الأطراف هنا يكون تاما، أما على المبنى الآخر لا يكون تاما، فإذا نرجع إلى إشكال الآخوند صاحب الكفاية، يعني أنه هذه الرواية مجملة نرفع اليد عنها ونتمسك بالروايات الأخرى غير المجملة، وهنا أيضا يأتي سؤال وهو أنه هل هذا الجواب كافي يعني نقول نرفع اليد عن هذه أو الإجمال الموجود فيها يسري إلى بقية الروايات، بمقتضى دعوى صاحب الكفاية أن الإجمال الموجود في هذه الرواية لا يسري إلى بقية الروايات، وهذا يأتي إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo