< فهرست دروس

الأستاذ الشيخ نزار آل سنبل

بحث الأصول

40/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- الاشتغال- منجزية العلم الإجمالي.

تفصيل الصورة الثالثة:فيما إذا كان المعلوم بالإجمال حكما ترخيصيا مثلا بأنه صلى المغرب والعشاء وبعد الفراغ من الصلاتين علم أو شك بصحة إحداهما وبفساد الأخرى، هنا عنده علم إجمالي بصحة إحدى الصلاتين فالمعلوم بالإجمال هنا حكم ترخيصي وهو الحكم بصحة إحدى الصلاتين، في مثل هذا الفرض لا يمكن جريان قاعدة الفراغ في الموردين لتنافيها مع العلم الإجمالي ببطلان إحداهما، وجريانها في أحد الأطراف دون الآخر ترجيح بلا مرجح، عليه ليس عندنا هنا إلا الاشتغال، كانت ذمته مشغولة بصلاتي المغرب والعشاء الآن يشك بفراغ ذمته من صلاة المغرب فيجري الاشتغال وكذلك في العشاء، هنا ليس عندنا إلا قاعدة الاشتغال، هل جريان قاعدة الاشتغال في المقام فيه محذور ثبوتي أم لا؟ نقول ليس هناك محذور ثبوتي في ذلك عندما يجري الاشتغال يجب عليه أن يعيد الصلاتين وإعادة الصلاتين لا يستلزم منه المخالفة العملية ولا الترخيص في المعصية، فالمحذور الأول لا يأتي هنا، وبالنسبة للمحذور الثاني وهو المناقضة هنا أيضا لا يأتي لأنه يبتني على وجود اللازم كما قلنا في الأمارة ففيها مدلول مطابقي والتزامي وكلاهما حجة فالمدلول الإلتزامي في الأمارة الأولى ينافي المدلول المطابقي في الأمارة الثانية والمدلول الإلتزامي في الأمارة الثانية ينافي المدلول الإلتزامي في الأمارة الأولى، فهنا يحصل محذور التناقض ، يعني كأنه قال بأن كليهما نجس وأحدهما طاهر وهذا لا يمكن، وهذا المحذور لا يأتي في مثل الأصل العملي المحرز أو التنزيلي فضلا عن الأصل العملي غير المحرز كما هو في قاعدة الاشتغال، لأن مدلولها فقط أنه ذمتك مشغولة بصلاة المغرب، أما أنه لازمه أن ذمتك غير مشغولة بصلاة العشاء هذا اللازم غير تام يعني الأصل لا يثبته فكل من الأصلين الأصل الأول جريان أصالة الاشتغال في المغرب لا يقول بأن ذمتك مشغولة بصلاة المغرب وبريئة من صلاة العشاء أيضا الأصل الثاني في الاشتغال بالنسبة إلى الفريضة الثانية أيضا يقول ذمتك مشغولة بصلاة العشاء ولا ينفي عدم الاشتغال بصلاة المغرب، عليه لا يوجد أي مناقضة، فالمحذور الثبوتي الذي يتصور هما هذان الإثنان لا يأتيان في المقام.

توهم:- ربما يتوهم بأن الإشكال الذي أفاده الشيخ الأنصاري في معارضة ذيل روايات الاستصحاب مع الصدر يأتي هنا لأنه حسب ما ذكره في مبحث الاستصحاب وذكره أيضا في بعض مباحث البراءة هو أنه عندنا مثلا في روايات الاستصحاب ليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك ولكن تنقضه بيقين آخر، بالنسبة إلى صدر الرواية ينطبق على موارد أطراف العلم الإجمالي، لأنه طرف العلم الإجمالي الأول كنت على يقين سابق والآن شك لاحق، هنا لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك فتلزم بعدم نقض اليقين بالشك وبالنسبة إلى ذيل الرواية يقول ولكن انقضه بيقين آخر اليقين هنا يشمل العلم التفصيلي والاجمالي لأن العلم الإجمالي أيضا يقين، فعليه لو أردنا أن نتمسك بالأصل في أطراف العلم الإجمالي يلزم التهافت بين صدر الرواية وذيلها، فعليه نقول بأنه لا نجري أصالة الاشتغال في طرفي العلم الإجمالي، هذا الاحتمال يمكن أن يتوهم في المجال ولكن الصحيح بغض النظر عن وجود الإجابة عنه وعدم وجوبها لأنه ليس هذا محله، محله في المقام الثالث أنه هل هناك مانع إثباتي من جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي أم لا؟ الآن كلامنا في مرحلة الثبوت، هل يوجد مانع ثبوتي من جريان الأصول في أطراف العلم الإجمالي أم لا؟ وكلام الشيخ ناظر إلى المرحلة الإثباتية من حيث الإثبات يوجد مانع وهذا سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

الحاصل:- أنه لا يوجد مانع ثبوتي في مثل موردنا، وللتوضيح أكثر نقول ملخصا: بأن المعلوم بالإجمال تارة يكون حكم إلزامي والأصل الجاري في الأطراف ترخيصي في مثل هذا المورد نقول سواء كان الحكم الظاهري مستفاد من الأمارة أو الأصل التنزيلي أو غير التنزيلي في جميع هذه الموارد الثلاثة لا يجري، لأنه ترخيص في المعصية ويقبح ذلك، أما إذا قلنا بأن المعلوم بالإجمال هو حكم ترخيصي و الحكم الظاهري الجاري في أطراف العلم هو حكم إلزامي هنا بالنسبة إلى الأمارة لا تجري في الطرفين يعني هناك مانع ثبوتي من جريان الأمارة في الطرفين، بالنسبة إلى الأصول مطلقا لا مانع ثبوتيا من جريانها.

هذا كله في المرحلة الأولى وهي المرحلة الثبوتية.

عندنا مرحلة ثانية أيضا ثبوتية ولكن هل تجري الأصول في بعض أطراف العلم الإجمالي أو لا؟ أو بعبارة أخرى: هل هناك مانع ثبوتي من جريان الأصول أو الاحكام الظاهرية مطلقا في بعض أطراف العلم الإجمالي أو لا يوجد؟ في المرحلة الأولى المانع الثبوتي عن جريان الأصول أو الحكم الظاهري في الأطراف الآن الكلام في بعض الأطراف نريد أن نجري في طرف ولا نجري في طرف آخر هل ممكن ثبوتا أو هناك مانع منه ثبوتا، هنا وقع محل بحث بينهم.

المعروف والمشهور بينهم أنه لا مانع منه ثبوتا، ولهذا قالوا: بأن وجوب الموافقة القطعية ليست بنحو العلية يعني العلم الإجمالي علة تامة بالنسبة إلى المخالفة القطعية يعني يمنع من المخالفة القطعية ولكن هل يلزم الموافقة القطعية أو لا؟ المشهور قالوا يمكن.وذهب غير المشهور وهو صاحب الكفاية (قده) وبعض تلاميذه إلى أنه يوجد محذور ثبوتي فيكون العلم الإجمالي علة تامة من ناحية حرمة المخالفة القطعية وأيضا من ناحية وجوب الموافقة القطعية.

أما على رأي المشهور: وهو عدم وجود المحذور الثبوتي فيقال هكذا: بأن العلم الإجمالي ليس بأقوى من العلم التفصيلي، يعني العلم التفصيلي أشد من العلم الإجمالي ومع ذلك في العلم التفصيلي يمكن أ يرخص الشارع في بعض أطرافه، فإذا أمكن في العلم التفصيلي فجريانه في العلم الإجمالي من باب أولى بيان ذلك:

العلم التفصيلي مثلا أعلم تفصيلا بوجوب الصلاة عليَّ الآن بعد الدخول في السجود شككت هل أني ركعت أم لا هنا الشارع يقول بلى لقد ركعت يعني يقول لك أجرِ قاعدة التجاوز، هنا عندي علم تفصيلي بوجوب صلاة الظهر مثلا ليس علما إجماليا، ويحتمل أنني لم أركع في الواقع وعليه تقع الصلاة فاسدة، مع ذلك الشارع اكتفى بالامتثال الاحتمالي في المقام فقال بلى قد ركعت، أبنِ على الركوع وصلاتك صحيحة، ولا محذور عقلي ثبوتي فيه وإلا لما اكتفى الشارع بالامتثال وعليه إعادة الصلاة، فإذاً في العلم الإجمالي نفس الكلام ففيه عندي يجب علي إما مثلا صلاة الظهر قصرا أو صلاة الظهر تماما هنا هل يمكن للشارع أن يقول اكتفِ بإحدى الصلاتين وأنت أيها المكلف مخير فتأتي بها قصرا أو تماما، كاحتمال فهو ممكن لا مانع منه لا محذور فيه، فإذا ما عليه المشهور يقولون بأن الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي في أطراف العلم الإجمالي ممكن ثبوتا ولا يوجد محذور عقلي ثبوتي، بعبارة أخرى المحذوران المذكوران في جريان الأصول في جميع الأطراف لا يأتيان هنا، هناك المحذور الأول هو الترخيص في المعصية هنا لا يوجد ترخيص ومحذور المناقضة لا يأتي هنا.

أما صاحب الكفاية (قده) فذهب إلى وجود المانع الثبوتي وعدم الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي وذلك لأن العلم الإجمالي مثل العلم التفصيلي فإنه إذا فرضنا أنه يجوز الترخيص في جميع أطراف العلم الإجمالي أيضا يجوز الترخيص في العلم التفصيلي وإذا قلنا لا يجوز الترخيص في العلم التفصيلي أيضا لا يجوز الترخيص في جميع أطراف العلم الإجمالي يوجد هذه الملازمة لأن العلم الإجمالي مثل العلم التفصيلي من حيث فعلية الحكم ومن حيث تنجيز الحكم، إذا كان الحكم فعليا من جميع الجهات فهنا يكون منجزا ولا يجوز الترخيص فيه سواء كان علم تفصيلي أو كان علم إجمالي، لأنه لا فرق بينهما من حيث الانكشاف الفرق من حيث المعلوم أنا من حيث العلم فلا يختلفان، فعليه يقول إذا فُرض أن الحكم الفعلي فعليا من جميع الجهات فهنا لا يجوز الترخيص فيه حتى لو كان العلم به إجماليا، وإذا لم يكن فعليا من جميع الجهات فكما يجوز الترخيص في العلم الإجمالي يجوز الترخيص في العلم التفصيلي، فإذاً المدار عنده على فعلية الحكم، هل فعلية الحكم من جميع الجهات أم لا؟ أما من جهة أن المخالفة قد تكون احتمالية أو غير احتمالية فمن هذه الجهة هما على حد سواء بمعنى كما أنه في العلم التفصيلي لا يجوز المخالفة مباشرة فتجب الصلاة تفصيلا ثم يقول الشارع أنت مرخص في الترك لا يمكن فيصير تناقضا، أيضا عندما نقول تجب إحدى الصلاتين إما القصر أو التمام مع ذلك يقول أنت مرخص في أحدهما، احتمال الترخيص في الواقع كما أن التناقض والمحذور العقلي يقع بين المتناقضين أيضا بين احتمال التناقض، بعبارة أخرى كما يستحيل التناقض يستحيل احتمال التناقض، إذا قلت المتناقضان لا يجتمعان، احتمال أن المتناقضين يجتمعان أيضا مستحيل لا يمكن.

فعليه: بما أنه العلم الإجمالي كالتفصيلي من حيث الانكشاف وبما أن المدار على فعلية الحكم إذا كان فعليا من جميع الجهات فلا يرخص فيه لأنه كما أن اجتماع المتناقضين مستحيل احتمال اجتماعهما أيضا مستحيل فلهذا لا يرخص الشارع في أطراف العلم الإجمالي يعني يستحيل الترخيص من طرف الشارع في أطراف العلم الإجمالي، هذا حاصل ما أفاده صاحب الكفاية (قده).

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo