< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

42/01/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: التزاحم

كان الكلام حول ترجيح الواجبين المتزاحمين اذا كانا مشروطين بالقدرة الشرعية بالاهمية

وذهب المحقق النائيني (قده) الى عدم الترجيح بالاهمية بينما خالفه السيد الخوئي (قده) وقال بالترجيح بها وذكرنا دليل كل منهما

والملاحظة التي ذكرناها بانه اذا فسرنا القدرة الشرعية بعدم الاشتغال باي واجب آخر فيتم ما ذكره المحقق النائيني لأن كل منهما مشروط بعدم الاشتغال بالآخر ومعناه أن الاشتغال بأحدهما يرفع الآخر خطاباً وملاكاً ولازمه انه يتخير بينهما ولا يلزم من اشتغاله بالمهم محذور عقلي لانه انما يلزم عندما يكون الاشتغال بالمهم مفوتاً للملاك الاهم وهذا غير موجود في المقام لأن المفروض أن ملاك الاهم معلق على عدم الاشتغال بالمهم فعند الاشتغال بالمهم لا ملاك للاهم

نعم اذا فسرنا القدرة الشرعية بعدم المعجز المولوي وهو الأمر بأن يصرف قدرته في امتثال شيء آخر كما لو فرضنا أن المعجز المولوي عن الامر بالمهم هو الامر بالاهم فالزام المكلف بأن يصرف قدرته بالاهم معجز مولوي عن امتثال المهم، وهكذا المعجز المولوي عن الأهم هو الامر المولوي بالمهم تعييناً ولازمه الامر بصرف قدرته في امتثاله

وهذا لا ربط له بالاشتغال خارجاً فالشرط هو القدرة الشرعية بمعنى عدم وجود معجز مولوي

وعلى هذا يتم جواب السيد الخوئي (قده) ويصح ان يقال بانه لا مجال للترجيح بالقدرة الشرعية اذا كان الواجبان مشروطين بالقدرة الشرعية باعتبار أن المعجز المولوي بالنسبة للأهم غير موجود وهذا معناه ان الامر بالأهم يكون ملاكه فعلياً على كل حال للقدرة عليه عقلاً وشرعاً فهو قادر عليه عقلاً وشرعاً لأنه لا معجز مولوي عنه لأن المعجز عنه هو الامر الشرعي بالمهم تعييناً منجزاً على المكلف وهذا غير معقول لأن المفروض أن ملاك الاهم فعلي لأنه قادر عليه عقلاً وشرعاً فاذا كان فعلياً والامر بالمهم مشروط بحسب الفرض بعدم المعجز المولوي والمعجز المولوي عن المهم موجود وهو الامر بالاهم على نحو التنجيز

ويجري الترجيح بالاهمية بالرغم من ان كلا الواجبين مشروطان بالقدرة الشرعية

وسياتي بحث الصحيح من الرأيين في مرجح قادم

وذكر السيد الشهيد (قده) طرقاً لثبوت الاهمية

الطريق الاول: دعوى التمسك باطلاق الخطاب لحالة الاشتغال بالآخر فانه يثبت أهمية ذلك الخطاب وهنا لا بد من افتراض أن الدليل الذي يراد التمسك باطلاقه لفظياً اما لو كان لبياً فلا اطلاق له ولا بد من افتراض ان الخطاب الآخر لبياً لا يمكن التمسك باطلاقه بينما لو كان الخطاب الآخر لفظياً له اطلاق فحينئذ يقع التعارض بين الاطلاقين، واطلاق الخطاب الاول كاشف عن الاهمية كشف المعلول عن علته لأن اطلاقه لحالة الاشتغال بالآخر مسبب عن اهميته

ولوحظ على هذا الطريق هو انه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصص لأن الخطاب له مقيد لبي بحكم العقل وهو عدم الاشتغال بما لا يقل عنه اهمية

ففي المقام نحن نشك في أن الثاني أقل أهمية من الاول حتى يبقى الاطلاق على حاله او انه ليس أقل أهمية حتى يقيد الاطلاق بعدم الاشتغال به، فنحن نتمسك باطلاق الخطاب في الشبهة المصداقية لمخصصه

الطريق الثاني: ان يستكشف من بعض الادلة مزيد اهتمام الشارع بهذا الواجب على نحو يفهم منه أنه مقدم على غيره مما لم يرد فيه امثال هذه التعبيرات كما لو كان هذا الواجب من الاشياء التي وردت الادلة انها مما بني عليها الاسلام فاذا وقع التزاحم بينه وبين غيره مما لم يرد فيه هذا الشيء

الطريق الثالث: أن يرد في الروايات التشديد على عدم تركه فالتشديد وتحذير المكلفين من مخالفته وتركه يكشف عن اهميته ويمثل له بمسألة الحج فقد عبر القران عن تركه بالكفر ((ومن كفر فان الله غني عن العالمين)) والروايات تعبر عن من تركه بأنه إن شاء مات يهودياً او نصرانياً، فهذا يكشف عن احتمال الاهمية على الأقل إن لم يكن كاشفاً عن الأهمية فيتقدم بإحتمال الأهمية

الطريق الرابع: أن يستفاد ذلك من بعض الروايات المتعلقة بذلك الواجب التي تتحدث عن شروطه وخصوصياته من قبيل الصلاة التي ورد فيها انه لا تترك بحال من الاحوال وهذا يكشف عن أهميتها بنظر الشارع

الطريق الخامس: مناسبات الحكم والموضوع وهي قضية استظهارية، فالطرق السابقة اعتمدت على الاستظهار من الادلة واما مناسبات الحكم والموضوع فهي مناسبات عرفية فهي تكون موجودة في الاحكام العرفية العقلائية لا الاحكام التعبدية الصرفة ففرق بين وجوب مسح مقدم الرأس في الوضوء وبين حفظ النفس المحترمة، ومعظم الاحكام الشرعية احكام تعبدية لا يدركها العقلاء ولكن بعضها احكام عقلائية كحرمة الغصب ووجوب حفظ النفس المحترمة فهي راسخة في اذهان العقلاء، ومناسبات الحكم والموضوع في أمثال هذه الاحكام تكون طريقاً لمعرفة الأهمية

كما لو وقع تزاحم بين وجوب حفظ النفس المحترمة وحرمة الغصب كما لو توقف انقاذ نفس الانسان على هدم داره والتصرف في امواله بغير اذنه، فمناسبات الحكم والموضوع تقول لا بد من تقديم حفظ النفس، لأن العقلاء يدركون أن حرمة التصرف في مال الغير بغير اذنه حكم احترامي ملاكه احترام مال الغير فاذا تزاحم هذا الحكم الاحترامي مع وجوب حفظ النفس الذي يوجب تفويت أصل وجود الغير لا تفويت ماله فلا اشكال في انه يقدم ما فيه حفظ اصل وجود الغير على ما فيه حفظ ماله لأن حفظ المال ناشيء من احترام الغير

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo