< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/11/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اخبار التوقف والارجاء

كان الكلام في أخبار التوقف والإرجاء وهي على طائفتين:

الطائفة الاولى: ما ورد بلسان الأمر بالرد الى الائمة (عليهم السلام)

وذكرنا رواية دالة على ذلك وهي ما رواه في مستطرفات السرائر نقلاً من كتاب مسائل الرجال لمحمد بن علي بن عيسى،

وقلنا بأنه ذكرها في جامع احاديث الشيعة [1] عن السرائر نقلا من مسائل محمد بن علي بن عيسى حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن زياد وموسى بن محمد بن علي بن عيسى قال كتبت إلى الشيخ موسى الكاظم أعزه الله ...الخ

ثم اضاف رواية اخرى نقلاً عن بصائر الدرجات حدثنا محمد بن عيسى قال أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابه إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) وجوابه بخطه فقال نسألك عن العلم المنقول وذكر نحوه

وهناك روايات اخرى تأمر بالرد اليهم ايضاً ولكن ليس من الواضح انها واردة في موارد تعارض الحديثين من قبيل ما رواه الحسن بن محمّد الطوسي في (الأمالي) عن أبيه ، عن المفيد ، عن جعفر بن محمّد ، عن محمّد بن يعقوب ، عن عليِّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (عليه السلام) في حديث قال : «انظروا أمرنا وما جاءكم عنّا ، فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به ، وإن لم تجدوه موافقاً فردّوه ، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده ، وردّوه إلينا ، حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا»[2]

فهي أمر بالرد اليهم عليهم السلام ولكن لا ظهور في انه وارد في تعارض الحديثين لأنه يعطي قاعدة عامة للعمل بخبر الواحد وهو عرضه على القران الكريم وهذا غير محل الكلام في اختلاف الحديثين

والظاهر أن الداعي للسؤال في رواية السرائر وما كان من قبيلها هو اختلاف الحديث فهو متحير من جهة وجود اختلاف في الحديث ويفهم من هذا أنه لولا الاختلاف في الحديث لما كان متحيراً ولما كان له باعث على السؤال وهذا معناه الفراغ عن حجية كل من الخبرين في حد نفسه قبل التعارض فلولا الاختلاف لما تحير في العمل به فيكون موردها التعارض بين خبرين كل واحد منهما حجة في حد نفسه لولا التعارض وهذا هو محل الكلام

والجواب عنه: اما من ناحية السند فالرواية غير تامة سنداً باعتبار أن السند بين الشيخ ابن ادريس وبين كتاب مسائل الرجال لمحمد بن عيسى مجهول وليس كتاب الرجال من الكتب المشهورة المتداولة بحيث لا تحتاج الى طريق اليها فليس حالها حال الكافي بالنسبة الينا بحيث نقول ان صاحب السرائر لا يحتاج الى طريق اليها لأن نسبتها الى مؤلفها نسبة واضحة

مضافاً الى ما قد يقال من أن مؤلف الكتاب وهو محمد بن علي بن عيسى مجهول

ومحمد بن عيسى عنونه النجاشي وقال بأنه كان وجها في قم واميراً عليها من قبل السلطان وكذلك كان ابوه يعرف بالطلحي له مسائل لابي محمد العسكري

وكذلك عنون الطوسي محمد بن علي بن عيسى وقال له مسائل

فاذا كان المؤلف هو محمد بن علي بن عيسى القمي الطلحي، فيمكن اثبات حسنه بعبارة النجاشي ولكن اذا كان شخصاً آخر فلا طريق الى اثبات حسنه فضلاً عن وثاقته

وأما من حيث الدلالة فإن هذا الخبر حتى لو تم سنداً فهو لا يعارض أخبار الترجيح فهي تتقدم عليه، ويكون معارضاً بأخبار التخيير، فكل ما تم من أخبار الترجيح يكون مقدماً على هذا الخبر باعتبار أن هذه الرواية تأمر بالرد اليهم (عليهم السلام) اذا لم يعلموا أنه قولهم، فاذا علمنا انه قولهم فلا رد بل نعمل به

فاذا تمت الادلة على الترجيح بالمرجحات سوف ترفع موضوع الرد اليهم (عليهم السلام) تعبداً فتكون حاكمة عليها، فالظاهر أن التقديم من جهة الحكومة لا التخصيص كما ذكر

وأما أخبار التخيير فإنها تكون معارضة لهذا الخبر سواء كان لسانها التخير بين الخبرين المتعارضين مطلقاً او تدل على التخيير بعد فقدان المرجحات

فهي معارضة لهذه الرواية باعتبار أن هذه الرواية تدل على لزوم الرد اليهم بلا تخيير بينما اخبار التخيير تقول تخير بينهما اما مطلقاً او بعد فقد المرجحات، فعلى كل حال هذه الرواية تنافي ما دل على التخيير

الطائفة الثانية: ما ورد بلسان الأمر بالتوقف عند الشبهة وإرجاء الواقعة الى حين لقاء الامام (عليه السلام)

وهذا ورد في ذيل مقبولة عمر بن حنظلة بعد أن فرض السائل تساوي الخبرين بلحاظ جميع المرجحات التي ذكرت في المقبولة قال الامام «اذا كان ذلك فارجئه حتى تلقى امامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات»[3]

وهذه الطائفة قد يقال بأنها تكون معارضة لأخبار التخيير ايضاً سواء كانت تدل على التخيير مطلقاً او بعد فقد المرجحات لانها تدل على التوقف بعد فقدان المرجحات فلا تخيير لا مع وجود المرجحات ولا مع فقدانها، فمع وجود المرجح في أحد الخبرين فالمقبولة تدل على انه لا تخيير لأنها تأمر بالأخذ بالمرجح ومع فقد المرجح فلا تخيير ايضاً لانها تامر بالتوقف، وهذه نقطة ضعف في هذه الرواية

ولكنهم قالوا بأنها لا تعارض أخبار التخيير لأنها إنما أمرت بالتوقف ولم تأمر بالتخيير لخصوصية في موردها وهي أن موردها الخصومة والنزاع ومن الواضح انه في باب الخصومة والقضاء لا معنى للحكم بالتخيير لأن القضاء يحتاج الى فصل الخصومة وحل النزاع فلا بد من ترجيح أحد الحديثين الذي استند اليهما الحاكمان على الآخر أو نأمر بالتوقف، دون الحكم بالتخيير لأن معنى التخيير بقاء الخصومة على حالها

وهذا معناه أن ما ورد في المقبولة من الارجاء والتوقف وعدم التخيير لخصوصية في مورد المقبولة فلا تنافي أخبار التخيير في محل الكلام، فليس فيها دلالة على عدم التخيير في محل الكلام حتى تكون منافية لأخبار التخيير

كما انها لا تنافي اخبار الترجيح لأنها تأمر بالتوقف والارجاء بعد فقد المرجحات، فاذا وجد مرجح في أحد الخبرين المتعارضين يتعين العمل به والعمل به لا يكون منافياً لهذه الرواية.

وتبين من خلال ما ذكرناه أن هذه الروايات لا تمنع من العمل بأخبار التخيير اذا تمت أخبار التخيير إما لضعف سندها او لضعف دلالتها كما انها لا تمنع من العمل بأخبار الترجيح فيتعين العمل بأخبار الترجيح التي هي تامة عندنا بمرجحات مخصوصة على ما تقدم.

ونكتفي بهذا المقدار من أخبار التوقف والإرجاء وبهذا نكون قد استكملنا كل الابحاث المرتبطة بابحاث التعارض

ويبقى بحث يذكر في ابحاث التعارض لم ندخل في تفاصيله وإن اشرنا اليه سابقاً والدخول في تفاصيله مهم جداً وهو بحث التزاحم

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo