< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

41/10/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاخبار العلاجية

الامر الثالث الذي ذكره السيد الشهيد (قده): المراد بالمرجح السندي هو ما يكون الترجيح فيه ترجيح نقل على نقل من حيث الصدق والكذب فلا ينظر الى المنقول، واثره انه لا يشمل الخبرين المقطوع بصدورهما

بينما يكون الترجيح في المرجح المضموني للمضمون بحيث ينصب الترجيح على المنقول لا على النقل وهذا يتلائم بأن يكون ترجيحاً لأحد السندين على الآخر كما يتلائم مع كونه ترجيح لأحد المضمونين على الآخر

فلا مشكلة في ان نرجح نقل احد الراويين بلحاظ مضمونه على نقل الاخر فيكون ترجيح نقل على نقل ولكن الملحوظ فيه المضمون لكل منهما، وممكن ان يكون ترجيح مضموني صرف

ويترتب على هذا ان المرجح الذي ينصب فيه الترجيح على المضمون يمكن ان يجري في الخبرين القطعيين لان كون الخبر قطعياً لا يعني ان مضمونه قطعي بل النقل قطعي

وبناءً على هذا يكون كل مرجح سندي مثل الصفات لا يجري في الخبرين القطعيين وكل مرجح ينصب فيه الترجيح على المضمون يجري في الخبرين القطعيين سواءً قلنا بأن هذا الترجيح في المضمون يرجع الى ترجيح النقل على النقل بلحاظ المضمون او قلنا بأنه ترجيح لأحد المضمونين على المضمون الاخر

ثم ذكر بأن الترجيح بالصفات ترجيح سندي وهو ظاهر الادلة كالمرفوعة والمقبولة (خذ بما يقوله اعدلهما) فالاخذ اضيف الى قول الراوي وهذا يجعله ظاهراً بان الترجيح بلحاظ السند، بالاضافة الى أن مناسبات الحكم والموضوع تقتضي هذا حتى اذا فرضنا أن الترجيح بحسب ظاهر الدليل لا ظهور فيه بانه ترجيح سندي

واما الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة فان ظاهر رواية الراوندي بانه ترجيح مضموني لان الوارد فيها (إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه) ومعناه عرض المضمون على كتاب الله فالترجيح ينصب على المضمون وان مضمونه يوافق كتاب الله او لا، مضافاً الى ان الحديث هو المنقول لا النقل، وبناءً على هذا يشمل هذا الترجيح باطلاقه الخبرين القطعيين وان كان هو يتلائم مع ارجاعه الى الترجيح بلحاظ السند ويتلائم مع ارجاعه الى الترجيح بلحاظ المضمون فقط

الامر الرابع: وهو يرتبط بما ذكره السيد الخوئي (قده) من الاستشكال في جريان المرجحات في ما اذا كان التعارض بين مطلقين بنحو العموم من وجه باعتبار ان المرجحات انما تثبت في الحديثين المتعارضين والاطلاق ليس حديثاً فالتعارض بين اطلاقين لا بين حديثين والاطلاق شيء ثابت بحكم العقل وبلحاظ السكوت بعد تمامية مقدمات الحكمة فإن سريان الطبيعة الى تمام الافراد يستفاد من سكوت المتكلم عن بيان ما يدل على التقييد

فالاطلاق الذي يقابل التقييد لا يدخل في مدلول اللفظ لان اللفظ المطلق موضوع للطبيعة المهملة والسريان مستفاد من تمامية مقدمات الحكمة بأن يكون المتكلم في مقام البيان وعدم نصب قرينة على التقييد وعدم القدر المتيقن في مقام التخاطب، فالسريان شيء يحكم به العقل اذا تمت مقدمات الحكمة وليس هو مدلولاً للفظ المطلق والكلام ولا يمكن القول بان هذا الحديث بما له من المدلول يعارض هذا الحديث لان مدلول الحديث الاول هو الطبيعة المهملة، فان اكرم العالم بنحو القضية المهملة لا يعارض لا تكرم الفاسق بنحو القضية المهملة، والروايات تقول اذا ورد عليكم حديثان متعارضان بمعنى ان يكون الكلام بما له من المدلول يعارض الكلام الآخر بما له من المدلول، وهذا يتحقق في العموم باعتبار أن العموم مدلول وضعي للكلام دون الاطلاق لأن الاطلاق ليس مدلولاً لفظياً

والنتيجة: لا بد من أن نلتزم بسقوط كلا الاطلاقين ولا يمكن أن نلتزم بالاطلاق في كل منهما للتكاذب بينهما كما ان الالتزام ببقاء اطلاق احدهما دون الاخر ترجيح بلا مرجح، وكأن مادة الاجتماع تصبح فاقدة لكلا الدليلين فلا بد لإثبات الحكم فيها من التماس دليلاً آخر ولو كان هو الاصل العملي

واعترض عليه السيد الشهيد (قده) بعدة اعتراضات:

الاول: ان المقصود بالحديث في المقام هو نقل كل ما يكون حجة عن الامام وهذا لا يختص بما اذا كان المنقول كلاماً فلو كان الراوي ينقل فعلاً او تقريراً للامام يكون حديثاً فلا يختص الحديث بنقل كلام المعصوم بل يشمل نقل فعل وتقرير المعصوم ما دام يستفاد منه الحكم الشرعي ولذا لا اشكال في اننا نعمل المرجحات في ما اذا كان الحديثان المتعارضان ينقلان فعل المعصوم وكذا اذا نقلا تقرير المعصوم، والسكوت في المقام من هذا القبيل فلا يمنع من شمول المرجحات له فغاية ما هنالك ان الراوي ينقل لنا سكوت المعصوم فنقل الراوي للاطلاق حديث ويشمله عنوان (الحديثان المختلفان)

واما ما ذكره سابقاً من ان كل راوي له شهادتان شهادة ايجابية وشهادة سلبية، ولا يمكن تطبيق عنوان (الحديثان المختلفان) على الشهادتين السلبيتين لأن الشهادة السلبية ليست حديثاً

فذكر ان المقصود من هذا الكلام هو أن التفكيك بين أصل الكلام وبين الشهادة السلبية والسكوت غير عرفي فاذا اوقعنا التعارض والترجيح بين السكوتين يلزم منه التفكيك بين اصل الكلام وبين الشهادة السكوتية فاصل الكلام يبقى على حاله ولذا نستدل به على الحكم في مورد الافتراق ولكن الشهادة السكوتية تسقط لانها معارضة بالشهادة السكوتية للخبر الاخر

والحديث ينطبق على الحديث الاصلي والسكوت مندك فيه والشهادة السكوتية ليست حديثا وانما هي مندكة في الحديث ولانها مندكة في الحديث يكون التفكيك بينهما غير عرفي، وتطبيق المرجحات على الشهادتين السكوتيتين يؤدي الى التفكيك بينهما وهو غير عرفي

واما في المقام فالمقصود هو ان الخبر الذي ينقل عن الامام شيئاً هو حديث سواء نقل كلاماً للامام او نقل فعلا للامام او نقل تقريراً او سكوتاً، فالكلام الذي نقله الراوي حديث يصدق عليه (حديثان مختلفان)

فان الاطلاق وان لم يكن لفظا الا ان نقل الاطلاق حديث.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo