< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/08/20

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: التنبيه الخامس: الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

تقدم التفسير الأول لكلام الميرزا (قد ) الذي ذكره لمنع جريان الاستصحاب التعليقي ،

وقد يعترض عليه بانه لا خلاف في استصحاب عدم النسخ عند الشك في بقاء الحكم في مرحلة الجعل مع ان الحكم في هذه المرحلة ليس فعليا انما هو معلق على تحقق الموضوع بتمام اجزاءه و قيوده، واتفاقهم هذا كاشف عن عدم شرطية فعلية الحكم في جريان الاستصحاب، فاذا كان التعليق لا يمنع من الاستصحاب في مرحلة الجعل فلماذا يمنع منه في محل الكلام؟ بل لعل التعليق في محل الكلام اهون من التعليق هناك لان التعليق في محل الكلام على خصوصية واحدة وهناك على جميع قيود الموضوع وشروطه

وجوابه : ان نفس التقدير والفرض بلحاظ الجعل امر شرعي ؛ فان الشارع قد افترض الموضوع بتمام قيوده واجزاءه ثم رتب عليه الحكم الشرعي ، ولان هذا التقدير والفرض صادر من الشارع فالقضية الفرضية التقديرية قضية شرعية ولذا يصح نسبتها الى الشارع فلا اشكال في جريان الاستصحاب فيها لانها مرتبة من مراتب الحكم بنظر العرف والعقلاء فلا مانع من استصحاب بقاء الحكم بتلك المرتبة لو شككنا في الحكم من جهة الشك في النسخ ، واما في محل الكلام فان الفرض والتقدير ليس شرعيا فلم يصدر من الشارع ان الحكم معلق على احد جزئي موضوعه بل الصادر منه هو تعليق الحكم على جميع أجزاء الموضوع وقيوده واما تعليق الحكم على احد أجزاءه فهذه قضية عقلية انتزاعية لم تصدر من الشارع فلا مجال لجريان الاستصحاب فيها ، والسر في ذلك هو : ان الحكم في عالم الجعل وان كان تعليقيا لكنه مرتبة من مراتب الحكم الصادر من الشارع ، بينما القضية في محل الكلام يحكم بها العقل فلا معنى للتعبد بها ،

مضافا الى ان المستصحب في استصحاب عدم النسخ هو نفس الجعل لا الحكم المجعول بذلك الجعل، ومن الواضح بان الجعل ليس تقديريا بل هو امر فعلي فلا معنى لان يقال بان الجعل تقديري، فالمستصحب فيه كان فعليا سابقا، نعم المجعول بذلك الجعل تعليقي، بينما في محل الكلام فالمستصحب لم يكن له وجود فعلي سابقا.

التفسير الثاني : وهو ما ذكره السيد الحكيم[1] ( قد ) وكذلك ذكره السيد الخوئي[2] ( قد ) وهو يبتني على ان القيد الدخيل في الحكم هل هو قيد للحكم ام انه قيد للموضوع ، على الثاني لا يجري الاستصحاب التعليقي ، اما اذا كان راجعا الى الحكم فلا مانع من جريان الاستصحاب التعليقي ،

والوجه فيه: ان القيد اذا كان راجعا الى الموضوع فهذا معناه ان موضوع الحكم مركب من شيئين او اكثر وحينئذ لا مجال لجريان الاستصحاب التعليقي باعتبار ان فعلية الحكم المترتب على موضوع مركب من جزئين متوقفة على تحقق كلا جزئي موضوعه لان نسبة الحكم الى الموضوع نسبة المعلول الى العلة، ومن هنا يظهر ان وجود احد الجزئين لا اثر له ولا يترتب عليه الحكم اطلاقا وبالتالي لا يوجد حكم حتى نشك في بقاءه ويجري فيه الاستصحاب، فلا يقين بهذا الحكم بل يمكن القول بانه يوجد يقين بعدم تحققه لعدم موضوعه.

اما اذا كان القيد راجعا الى الحكم فلا مانع من جريان الاستصحاب التعليقي لان رجوع القيد الى نفس الحكم يعني ان الحكم ثابت لهذا الموضوع لكن لا مطلقا بل هو حكم خاص مقيد بقيد فالحرمة المقيدة بالغليان تكون ثابتة للعنب فاذا وجد العنب في الخارج يثبت له حكمان احدهما تنجيزي وهو الحكم بطهارته وحليته والأخر تعليقي وهو الحكم بحرمته على تقدير الغليان ، وكل من هذين الحكمين التنجيزي والتعليقي يكون ثابتا للعنب ثبوتا فعليا غاية ما في الامر ان الثابت له هو الحكم الخاص المعلق ، وحينئذ لا اشكال في استصحابه اذا شككنا في بقاءه ، لان موضوع الحكم هو نفس العنب فيثبت له كلا الحكمين ، فاذا كان الثبوت فعليا فعند الشك في هذه القضية فلا اشكال في جريان الاستصحاب

وذكر السيد الحكيم[3] ( قد ) بان ما ذهب اليه المحقق النائيني ( قد ) من عدم جريان الاستصحاب التعليقي مطلقا مبني على رايه في رجوع كل القيود الى الموضوع حيث برهن على استحالة رجوعها الى الحكم .


[1] مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 416.
[2] موسوعة الامام الخوئي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 48 صفحة : 164.
[3] مستمسك العروة الوثقى المؤلف : الحكيم، السيد محسن الجزء : 1 صفحة : 416.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo