< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

42/02/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان/ تزاحم الموجبات

فروع تزاحم الموجبات: (مسألة 276): إذا وقع من شاهق أو في بئر أو ما شاكل ذلك فتعلّق بآخر ضمن ديته، وإذا تعلّق الثاني بالثالث ضمن كلّ من الأوّل والثاني نصف دية الثالث، وإذا تعلّق الثالث بالرابع ضمن كلّ من الثلاثة ثلث دية الرابع، وإذا تعلّق الرابع بالخامس ضمن كلّ من الأربعة ربع دية الخامس، وهكذا. هذا كلّه فيما إذا علم بتعلّق المجذوب بالآخر، وإلّا فالقتل بالإضافة إليه خطأ محض (2)، والدية فيه على العاقلة. نعم، يستثني من ذلك ما إذا وقع في زبية الأسد فتعلّق بالآخر وتعلّق الثاني بالثالث والثالث بالرابع، فقتلهم الأسد، ضمن أهل الأوّل ثلث دية الثاني، والثاني ثلثي دية الثالث، والثالث تمام دية الرابع كان الكلام مع السيد الماتن حين ذكر ان مقتضى القاعدة هو ما ذكره في المتن وقلنا بانه مبني على القول بالتشريك بين المباشر والسبب وهذا صار مثاراً للتساؤل فكيف يقول به والحال انه لا يقول بالتشريك وانما يقول بتقديم المباشر على السبب في الضمان اذا اجتمعا وصرح في مسألة متقدمة بأن الضمان يكون على المباشر في حالة علمه بالحال نعم هو ذهب الى التشريك في حالة جهله بالحال، وقلنا بأن المقام من صور العلم بالحال، فالكلام في ان الثاني هل يضمن تمام دية الثالث الذي جذبه ام يشترك مع الاول في ضمان الدية وهكذا الرابع وهكذا الخامس واما الثاني فهو سقط في البئر نتيجة جذب الاول له فليس الا المباشر، والفرق بين القولين يظهر في الثالث، فالثاني عالم بأنه سوف يسقط في البئر وتمسك بالثالث ولا يمكن أن يقال بأنه غير عالم بالحال نعم يمكن أن يقال انه لا ارادياً تمسك بالثالث لكنه عالم بالحال، مضافاً الى انه لا يمكن جعل القضية اللولائية هي المناط في القول بالتشريك فالاول يشترك مع الثاني في ضمان دية الثالث لانه لو لا جذب الاول للثاني لما سقط الثالثلان هذه القضية موجودة في كل سبب يجتمع مع المباشر فلا بد ان نلتزم بالتشريك في جميع الحالات حتى في صورة علم المباشر، فالتعليل غير مقبولوالى هنا فالصحيح هو ان القتل لا يستند الا الى المباشر لا انه يستند الى كل منهما لأن المباشر له تمام التأثير في حصول التلف بنحو لا يكون السبب مشاركاً له في هذا التأثير وإن كان السبب له دخل ما في حصول التلف ولكن ليس كل ما له شان في حصول التلف يسند اليه التلف والا لكان السبب ضامناً دائماً نعم هناك شيء يمكن ان يكون تخريجاً لما ذكره السيد الماتن وحاصله ان نقول بان الضمان وإن كان على المباشر اذا اجتمع مع السبب ولكن في بعض الحالات -تقدم التعرض لها سابقاً- يكون السبب قوي بحيث يكون ملجيء للمباشر، فالمباشرة تصدر من المباشر بالإلجاء وفي هذه الحالات يحكم بالتشريك فليس دائماً اذا اجتمع السبب والمباشر يكون الضمان على المباشر دون السبب، ففي ما اذا كان هناك إلجاء في المباشرة كما تقدم في ما اذا كان الساقط في البئر اعمى فقالوا بأن الحافر الجأه الى السقوط في البئر فلا يقال بأنه قتل نفسه ففي محل الكلام وإن كان الثاني هو المباشر لجذب الثالث واتلافه لكن جذب الاول للثاني يوجب حصول حالة ارباك بالنسبة الى الثاني فيريد ان يتشبث بكل شيء حتى ينقذ نفسه وفي هذه الحالة هو تشبث بالثالث، فكأن الاول بجذبه الثاني وقوة قبضه عليه الجأ الثاني على مباشرة جذب الثالث فالمباشرة من قبل الثاني حاصلة بالإلجاء من قبل الاول وفي هكذا حالة يلتزم بالتشريك لانه لا يبعد ان يقال بان القتل يسند اليهما في هكذا حالة وبعبارة اخرى ان العرف يرى ان الاول الملجيء للثاني الى جذب الثالث بمنزلة المباشر لجذب الثالث، ولذا ينسب الجذب اليهما لا الى خصوص الثاني وهذا ما صرح به ابن ادريس في السرائر واختاره وبناء على هذا يكون الحكم في المقام هو التشريك في الضمان بالنحو الذي ذكره في المتن ويكون ما ذكره في المتن هو مقتضى القاعدة، فهنا لا بد من البحث عن امرين: اولا: لا بد ان نعرف ان هذا التوجيه في حد نفسه صحيح او لا، بان نلتزم ان مقتضى القاعدة هو ما ذكره المحقق بناء على التشريك لأنه في المقام يوجد الجاء فيستند التلف اليهما، بمعنى نبحث هل فرض في المسألة الالجاء او لا؟وثانيا: هل يمكن ان يكون هذا توجيهاً لما ذكره السيد الماتن؟

اما الاول: فلا يبعد أن يكون الإلجاء مفروض في المسألة فإن طبيعة المسألة تقتضي ان يكون ما قام به الثاني من جذب الثالث انه الجيء اليه لا انه بتمام اختياره سحب الثالث ومع فرض الالجاء يكون التشريك ثابتاً فيصح ما ذكره المحقق في الشرايع بناء على التشريك وما ذكره السيد الماتن في المتن من ان

واما الثاني: فإن الظاهر أن هذا خلاف عبارة السيد الماتن لأنه علل اسناد القتل اليهما بأن الاول لو رفع اليد عن الثاني لم يقع الثالث وكذا الثاني لو رفع اليد عن الثالث لم يقع الرابع

ومن الواضح بأن مجرد ذلك لا يكفي في صحة الاسناد لأن هذا موجود في كل سبب يجتمع مع المباشر ولا احد يلتزم بالتشريك في جميع موراد اجتماع السبب مع المباشر بل لا بد ان يعلل بما ذكرناه من مسألة الالجاء وبالجاءه الى المباشرة فالعرف يعتبر الاول بمنزلة المباشر لجذب الثالث وعلى كل حال فالظاهر ان هذا التوجيه تام مع افتراض ان الالجاء مفروض في مسألتنا وهو غير بعيد فيكون مقتضى القاعدة هو ما ذكر في المتن وبناء على هذا فإن مضمون الروايتين السابقتين مخالف لمقتضى القواعد على القول باختصاص الضمان بالمباشر وعلى القول بالتشريك، فلا بد من الاقتصار في الرواية التامة سنداً على موردها وهو اذا وقعوا في زبية الاسد بتعلق أحدهم بالآخر وماتوا بسبب افتراس الاسد لهم وفي غير هذا المورد نلتزم بمقتضى القاعدة

2- قوله (هذا كلّه فيما إذا علم بتعلّق المجذوب بالآخر، وإلّا فالقتل بالإضافة إليه خطأ محض، والدية فيه على العاقلة) يبدو ان المقصود من العاقلة عاقلة الثاني اي ان القتل بالنسبة الى الثالث يكون على عاقلة الثاني اي عاقلة المجذوب فكيف تصبح دية الثالث على عاقلة الثاني والحال اننا لا نعلم بتعلق الثاني بالثالث يعني اننا نحتمل ان لا يكون موت الثالث بسبب سقوطه بنفسه بالحفرة كما سقط الاول بالحفرة لا انه بسبب تعلق الثاني به

لم يصدر من الثاني فعلاً قصد به غير الثالث فوقع على الثالث اشتباهاً حتى ندخله في مناط الخطأ المحض فلا علم بان الثاني جذب الثالث ومع عدم العلم بانه جذب الثالث فكيف نحكم بانه خطأ محض وان على عاقلته دية الثالث قد يوجه كلام السيد الماتن بان المقصود بالعبارة هو (اذا علم بتعلق المجذوب بالاخر عن ارادة وقصد) حتى اذا كان ملجأ في قبال ان يتعلق بشخص لا عن ارادة كالنائم والمغمى عليه وحينئذ يأتي الكلام السابق، لأنه كان مبني على ادخال المقام في القتل شبه العمد، فلا بد من افتراض العلم بتعلق الثاني بالثالث وان هذا التعلق عن ارادة وقصد لكن عندما يكون قد قصد فعلا فيه ولكن لم يقصد فيه القتل ولا كان الفعل مما يقتل مثله، والا يثبت القصاص قوله (والا) اي لم يعلم بتعلق الثاني بالثالث عن ارادة وقصد اي نحتمل انه تعلق به لا عن ارادة وقصد فيكون شبيه النائم فيدخل في الخطأ المحض وتكون الدية فيه على العاقلة كما تقدم في مسألة النائم اذا انقلب على غيره وقتله

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo