< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

 

فروع التسبيب: (مسألة 263): يضمن راكب الدابّة وقائدها ما تجنيه بيديها (1) و كذلك ما تجنيه برجليها إن كانت الجناية مستندة إليهما، بأن كانت بتفريط منهما، وإلّا فلا ضمان (2)، كما أنّهما لا يضمنان ما ضربته الدابّة بحافرها (3) إلّا إذا عبث بها أحد، فيضمن العابث جنايتها (4)، وأمّا السائق فيضمن ما تجنيه الدابّة برجلها دون يدها إلّا إذا كانت الجناية مستندة إليه بتفريطه فإنّه يضمن (5)

3-كأنه فرق بين العنوانين، العنوان السابق ما تجنيه الدابة برجلها والعنوان هنا ما ضربته بحافرها، والا فلو كان الثاني داخلاً في الاول فلا داعي لذكره مرة اخرى

واستدل عليه بمعتبرتي ابي مريم وغياث والموجود في معتبرة ابي مريم (وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه) كما في الكافي، وفي التهذيب (وما بعجت برجلها)، والموجود في معتبرة غياث (ما بعجت برجلها) كما في التهذيب والموجود في الكافي (ما نفحت) والظاهر انهما بمعنى واحد والمراد هو الضرب او الرفس بالرجل

فإذا أمكن الاستدلال على ما ذكره في المتن من عدم ضمانهما ما ضربته الدابة بحافرها بمعتبرتي ابي مريم وغياث فيمكن الاستدلال عليه بصحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد فالوارد فيهما (ما اصابت برجلها) وهو يشمل ما ذكره في المتن، لأن الدابة اذا بعجت برجلها او نفحت برجلها يصدق انها اصابت برجلها والوارد في الصحيحتين (ما اصابت برجلها)ً نعم لا اشكال في أن العنوان الموجود في الصحيحتين اعم من عنوان نفحته برجلها او بعجته برجلها لأن الاصابة بالرجل قد تصدق على ما اذا وطأت الدابة شيئاً فاتلفته لكن لا يصدق انها بعجت او نفحت لأنها لم ترفسه برجلها بل وطأته،

وعلى كل حال يمكن الاستدلال على عدم ضمان الراكب والقائد ما ضربته بحافرها ببعض هذه الروايات على الاقل مضافاً الى أن عدم الضمان هو مقتضى القاعدة لأن المفروض عدم التفريط وعدم استناد الجناية الى الراكب او القائد

4- يدل على كون الضمان على العابث معتبرة اسحاق بن عمار ((ان عليا كان يضمن الراكب ما وطأت الدابة بيدها ورجلها الا ان يعبث بها احد فيكون الضمان على الذي عبث بها)) [1] وهنا نقول إن ما ضربته بحافرها لا يضمنه الراكب والقائد الا اذا عبث بها عابث فيكون الضمان على العابث

وهذا الاستثناء منقطع والا لو كان متصلاً لكان الضامن هو الراكب او القائد الا ان هذا ليس هو المراد وانما الاستثناء منقطع، والظاهر ان هذا هو المراد مما ورد في معتبرتي ابي مريم ((قضى امير المؤمنين (عليه السلام) في صاحب الدابة انه يضمن ما وطأت بيدها ورجلها، وما نفحت برجلها فلا ضمان عليه الا ان يضربها انسان)) ومعتبرة غياث ((فلا ضمان عليه الا ان يضربها انسان)) [2] فالمقصود ان الضمان يكون على الضارب لا على الراكب او القائد، فالظاهر ان ما في المعتبرتين اشارة الى ما صرحت به معتبرة اسحاق بن عمار

ففي كل هذه الروايات لا يراد اثبات الضمان على صاحب الدابة وانما على الضارب فيكون الاستثناء منقطعاً

5- والكلام في حال عدم التفريط وفصل في المتن بين ما تجنيه برجلها فيضمنه السائق دون ما تجنيه بيدها

والمشهور المعروف هو ضمان السائق ما تجنيه الدابة بيدها ورجلها خلافاً للسيد الماتن بل ادعى عليه الاجماع في الغنية، وفي الخلاف نفى الخلاف فيه والظاهر ان مقصوده انه لا خلاف فيه بين المسلمين وفي الجواهر لا خلاف اجده فيه بين كل من تعرض له منا

واستدلوا عليه بأمرين:

الاول: رواية العلاء بن فضيل ((وان كان يسوقها فعليه ما اصابت بيدها ورجلها ايضاً)) [3]

والثاني: التمسك بالتعليل الوارد في صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد المتقدمتين في تعليل الحكم بعدم ضمان الراكب لما تجنيه الدابة برجلها ((لانها خلفه)) ويفهم منه تعليل ضمان ما تصيبه بيدها بأنها قدامه

ويقال في محل الكلام بأن جميع هذه الامور قدام السائق فكل من اليد والرجل بين يديه وليس شيء منهما خلفه فمقتضى التعليل انه يكون ضامناً لكل منهما، نعم الراكب لا يكون ضامناً لما تجنيه برجلها لأنها خلفه

واستدل السيد الماتن على ما ذهب اليه بمعتبرة السكوني المتقدمة عن ابي عبد الله (عليه السلام) ((ما اصاب الرجل فعلى السائق وما اصاب اليد فعلى القائد والراكب)) [4] فما على السائق هو ضمان ما تصيبه الرجل فقط، واما ما تصيبه اليد فهو على الراكب والقائد

واجاب عن الاستدلال برواية العلاء بن الفضيل بأنها غير تامة سنداً لوجود محمد بن سنان في سندها ولم يتعرض للدليل الثاني ولعل عدم تعرضه له لعدم وضوح كيفية الاستدلال به

ويلاحظ على أدلة المشهور، أما الاستدلال بالرواية فهي غير تامة سنداً فلم تثبت عندنا وثاقة محمد بن سنان ولا حسنه

وأما التعليل فليس واضحاً أن كلاً من اليدين والرجلين قدام السائق، نعم ان كلاً منهما ليس خلفه ولكن هل يصدق أن اليدين قدام السائق وبين يديه بمعنى أنه يضعها حيث يشاء كما في بعض الروايات

واذا فسرنا ذلك بالتمكن من المراعاة وعدمها يكون الاشكال اوضح فليس واضحاً انه يتمكن من مراعاة اليدين فإن من يكون خلف الدابة عادة لا يتمكن من مراعاة اليدين

واما أدلة السيد الخوئي (قده) فقد ناقش بعض من اختار قول المشهور في الاستدل بمعتبرة السكوني بأنه ليس فيها دلالة على خلاف رأي المشهور وإنما حملوها على إرادة بيان الفرق في الجملة بين السائق وبين غيره -كما في مفتاح الكرامة والجواهر وغيرهم- وهو أن السائق يضمن ما تجنيه الدابة برجلها بينما الراكب والقائد لا يضمنان ما تجنيه الدابة برجلها، واما ان السائق يضمن ما تجنيه الدابة برجلها فقط فهذا ليس هو المقصود بيانه في هذه الرواية

والظاهر ان مقصودهم ان الرواية في مقام بيان اختصاص ضمان ما تصيبه الرجل بالسائق وهذا لا ينافي ان يكون السائق ضامنا لما تصيبه اليد

وهذه المناقشة يمكن التأمل فيها بأنه اذا كان المراد من قوله (عليه السلام) ((ما اصابت الرجل فعلى السائق)) بيان اختصاص ما تصيبه الرجل بالسائق فحينئذ يكون المراد من قوله (عليه السلام) ((ما اصابت اليد فعلى الراكب والقائد)) بيان اختصاص ضمان ما اصابت اليد بالراكب والقائد ايضاً لانهما في سياق واحد، وعلى هذا تكون الرواية دليلاً على ما يقوله اصحاب الرأي الثاني فتصلح الرواية لأن تكون رداً لقول المشهور

فالظاهر تمامية الاستدلال بمعتبرة السكوني على أن السائق يضمن ما تصيبه الرجل دون ما تصيبه اليد الا مع التفريط، وهو الموافق للقاعدة في المقام التي تقتضي عدم الضمان مع عدم التفريط.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo