< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب:

(مسألة 259): إذا كان حفظ الزرع على صاحبه في النهار كما جرت العادة به فلا ضمان فيما أفسدته البهائم. نعم، إذا أفسدته ليلاً فعلى صاحبها الضمان (1) [1]

(مسألة 260): لو هجمت دابّة على اُخرى فجنت الداخلة، ضمن صاحبها جنايتها إذا فرّط في حفظها (2)، وإلّا فلا (3)، ولو جنت بها المدخولة كانت هدراً (4) [2]

    1. وهذا التفصيل تدل عليه روايتان

معتبرة السكوني السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم‌السلام) قال : «كان علي (عليه‌السلام) ، لا يضمن ما أفسدت البهائم نهارا ، ويقول : على صاحب الزرع حفظ زرعه ، وكان يضمن ما أفسدت البهائم ليلا» [3] ويفهم منها انه يضمن ما افسدته ليلاً لانه ليس على صاحب الزرع حفظ زرعه ليلاً

ومعتبرة الكليني عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عن البقر والغنم والابل تكون في الرعي (او في المرعى) فتفسد شيئا ، هل عليها ضمان؟ فقال : «إن أفسدت نهارا فليس عليها ضمان ، من أجل أن أصحابه يحفظونه ، وإن أفسدت ليلا فانه عليها ضمان»[4] فهي ظاهرة بوضوح في هذا التفصيل بين الافساد ليلاً والافساد نهاراً مع افتراض ان على صاحب الزرع حفظ زرعه في النهار دون الليل

ويظهر من الروايات ان المسألة منوطة بالتفريط وعدمه، فباعتبار ان على صاحب الزرع ان يحفظ زرعه بالنهار فصاحب البهائم لا يكون مفرطاً لو افسدته نهاراً فلا يكون ضامناً لما افسدت، بخلاف ما اذا افسدته ليلاً فمعه يكون تفريط من قبل صاحب البهائم فالمفروض انه ليس على صاحب الزرع ان يحفظ زرعه ليلاً فارسال البهائم ليلاً مع علمه بأن صاحب الزرع لا يحفظ زرعه ليلاً يعد تفريطاً فيكون ضامناً

فالمدار على العادة ولا خصوصية لليل والنهار، فلو جرت العادة على أن كل صاحب زرع يحفظ زرعه ليلاً ونهاراً فلا ضمان على ما افسدته البهائم ليلاً ونهاراً

    2. الظاهر ان ضمان الجناية مع تفريط مالك الدابة الداخلة وعلمه بالحال يكون واضحاً على ضوء ما تقدم من الفروع السابقة فقد استدللنا بصحيحة الحلبي وصحيحة علي بن جعفر اللتان مفادهما ان على صاحب الدابة المهاجمة الضمان

ففي صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : سئل عن بختي اغتلم فخرج من الدار فقتل رجلا فجاء أخو الرجل فضرب الفحل بالسيف؟ فقال : «صاحب البختي ضامن للدية ويقتص ثمن بختيه»[5]

وقلنا هناك بأن الرواية مطلقة من حيث التفريط وعدمه فإما أن نتمسك بإطلاق الرواية للاستدلال بها في محل الكلام او نقول أن القدر المتيقن منها التفريط إن لم نقل أن التفريط هو مورد الرواية

ولا فرق بين أن تهاجم الدابة رجلاً او تهاجم حيواناً، فمع افتراض التفريط من قبل صاحب الدابة المهاجمة يكون الضمان واضحاً، ويمكن تاييد هذا بروايتين

رواية مصعب بن سلام التميمي ، عن أبي عبدالله ، عن أبيه (عليه‌السلام) «أن ثورا قتل حمارا على عهد النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، فرفع ذلك إليه وهو في اناس من أصحابه فيهم أبوبكر وعمر ، فقال : يا أبا بكر اقض بينهم ، فقال : يا رسول الله بهيمة قتلت بهيمة ما عليهما شيء ، فقال : ياعمر اقض بينهم ، فقال مثل قول أبي بكر ، فقال : يا علي اقض بينهم ، فقال : نعم يا رسول الله إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن أصحاب الثور ، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهما قال : فرفع رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) يده إلى السماء ، فقال : الحمد لله الذي جعل مني من يقضي بقضاء النبيين» [6]

والاخرى رواية سعد بن طريف الاسكاف ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : (أتى رجل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقال : إن ثور فلان قتل حماري ، فقال له النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : ائت أبا بكر فسله ، فأتاه فسأله فقال : ليس على البهائم قود ، فرجع إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فأخبره بمقالة أبي بكر ، فقال له النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : ائت عمر فسله ، فأتى عمر فسأله ، فقال مثل مقالة أبي بكر ، فرجع إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فأخبره فقال له النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : ائت عليا فسله ، فأتاه فسأله ، فقال علي (عليه‌السلام) : إن كان الثور الداخل على حمارك في منامه حتى قتله فصاحبه ضامن ، وإن كان الحمار هو الداخل على الثور في منامه فليس على صاحبه ضمان ، فرجع إلى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فأخبره فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : الحمد لله الذي جعل من أهل بيتي من يحكم بحكم الانبياء)[7]

وهاتان الروايتان مطلقتان من حيث التفريط وعدمه ولكن تحملان على صورة التفريط فلا يمكن العمل باطلاقهما للضعف السندي أما سند الرواية الاولى فإن مصعب بن سلام مجهول وابو الخزرج وهو الحسن بن الزبرقان الانصاري مجهول وفي الرواية الثانية سعد الاسكاف فان الشيخ الطوسي ذكر في رجاله عنه انه (صحيح الحديث) وقال عنه (له كتاب اخبرنا به جماعة) وهذه فيها نوع من الدلالة على الاعتناء بكتابه بحيث يرويه جماعة ولكن من جهة اخرى ضعفه الغضائري فلا تثبت وثاقته، مضافاً الى ان الرواية فيها ارسال، فالروايتان غير تامتين سنداً ومن هنا يمكن تأييد الضمان في صورة التفريط بهما

    3. المهم انه لم يكن مفرطاً إما بأن يكون جاهلاً بالحال او انه لم يتمكن من حفظها، وكان قتل الدابة المدخول عليها من باب الاتفاق ومن باب القضاء والقدر فحينئذ لا ضمان على ضوء ما تقدم من أن (العجماء جبار) فهو دال على عدم ضمان ما تجنيه العجماء والقدر المتيقن منه صورة عدم التفريط إن لم نقل أن موردها هو عدم التفريط كما استقربنا ذلك،

ويؤيده مرسلة عبيد الله الحلبي ، عن رجل ، عن أبي جعفر (عليه‌السلام) قال : (بعث رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) عليا (عليه‌السلام) إلى اليمن فأفلت فرس لرجل من أهل اليمن ومر يعدو ، فمر برجل فنفحه برجله فقتله ، فجاء أولياء المقتول إلى الرجل فأخذوه فرفعوه إلى علي (عليه‌السلام) فأقام صاحب الفرس البينة عند علي (عليه‌السلام) أن فرسه أفلت من داره ونفح الرجل فأبطل علي (عليه‌السلام) دم صاحبهم ، فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) فقالوا : يا رسول الله إن عليا ظلمنا وأبطل دم صاحبنا ، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : إن عليا ليس بظلام ولم يخلق للظلم ، إن الولاية لعلي من بعدي والحكم حكمه ، والقول قوله ، لا يرد حكمه وقوله وولايته إلا كافر)[8] وموردها هو ان الدابة قتلت رجلاً ولكن لا فرق بين ان تقتل رجلاً او دابة فبمجرد ان يقيم بينة على انه ليس مفرطاً ينتفي الضمان،

    4. لو جنت المدخول عليها على الداخلة فلا ضمان، لعدم التفريط فإن مالك الدابة المدخول عليها ليس مفرطاً حتى يضمن.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo