< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب:

(مسألة 255): لو أجّج ناراً في ملكه فسرت إلى ملك غيره اتّفاقاً، لم يضمن ، إلّا إذا كانت في معرض السراية، كما لو كانت كثيرة أو كانت الريح عاصفة، فإنّه يضمن، ولو أجّجها في ملك غيره بدون إذنه ضمن ما يتلف بسببها من الأموال والأنفس، ولو كان قاصداً إتلاف النفس أو كان التأجيج ممّا يترتّب عليه ذلك عادةً وإن لم يكن المقصود إتلافها ولم يكن الشخص التالف متمكّناً من الفرار والتخلّص ثبت عليه القود[1]

    1. مورد ثبوت القصاص هو أن يقصد اتلاف النفس او أن ما فعله مما يقتل مثله واضاف السيد الماتن بان يكون الشخص غير متمكن من الفرار او التخلص واشرنا سابقاً بانه اذا كان متمكناً من ذلك فكأنه اعان على نفسه فهو قتل نفسه وحينئذ لا يكون قصاص على من أشعل النار

وهذا المطلب صحيح كما ذكره بناءً على الادلة الدالة على القصاص وما هو موضوع القصاص

وقد يقال بأن هناك رواية ناظرة الى هذا الفرع الأخير فيمكن الاستدلال بها على هذا الفرع

وهي معتبرة السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم‌السلام) «أنه قضى في رجل أقبل بنار فأشعلها في دار قوم فاحترقت واحترق متاعهم ، قال : يغرم قيمة الدار وما فيها ، ثم يقتل»[2]

هكذا رواها في التهذيب ورواها الشيخ الصدوق بزيادة (احترق اهلها) وهي غير موجودة في رواية التهذيب

وكأن الاستدلال بالرواية في الفرع الذي نحن فيه مبني على رواية الفقيه اي انه فرض في السؤال تلف الانفس وحينئذ يقال بأن الرواية تدل على ان اشعال النار في الدار ترتب عليها تلف الانفس، ومبني على ان يستفاد من الرواية ان من اشعل النار كان قاصداً تلف الانفس ايضاً

وهذا معناه تحقق موضوع القصاص، فحينئذ لا بد ان يراد بقوله (عليه السلام) (يغرم قيمة الدار وما فيها) ضمان الاموال التالفة و المراد بقوله (ثم يقتل) القصاص وحينئذ تكون الرواية بينت حكم تلف الاموال وهو غرامة قيمة الدار وما فيها وحكم تلف النفوس هو القصاص

واما اذا قلنا بأن القتل في الرواية يراد به شيء آخر غير القصاص فهذا معناه أن الرواية لم تبين حكم تلف النفوس، فلا بد أن يكون المراد بالقتل في الرواية هو القصاص، وواضح أنه لا مجال لأن يقال بأن القصاص يدخل في قوله (عليه السلام) يغرم قيمة الدار وما فيها

وبهذا البيان يستدل بالرواية في محل الكلام

ولكن يناقش في كلا الامرين الذين يبتني عليهما الاستدلال:

اما الاول فلأن نقل الفقيه معارض بنقل التهذيب فظاهر التهذيب ان هذه الفقرة غير موجودة في الرواية وانما اقتصر فيه على احتراق الدار والمتاع وهذا معناه ان هذه الزيادة لا تثبت

وقد يقال بأنه يمكن ترجيح ما في الفقيه على ما في التهذيب تمسكاً بأصالة عدم الزيادة في نقل الفقيه والغرض من إجرائها إثبات النقيصة في نقل التهذيب

ولكن ذكرنا في ابحاث سابقة بأنه ليس هناك أصل واضح من الاصول العقلائية وإن ذكرت له مناشيء الا انها غير تامة في حد نفسها مع أنه معارض بأصالة عدم النقيصة في نقل الشيخ الطوسي في التهذيب وبه يثبت ان ما ذكره في الفقيه زيادة، فيتعارضان ويتساقطان

واما الامر الثاني: فإن الرواية ليس فيها دلالة على القصد، فليس فيها دلالة على أكثر من ترتب الاحتراق على اشعال النار في الدار خصوصاً مع العطف بالفاء ولا دلالة فيها على القصد، وهذا من قبيل ما لو ورد (أن رجلاً حفر بئراً في ملك الغير فسقط فيه شخص فمات) فلا يستفاد من هذه العبارة أنه قاصد لايقاعه في البئر

والانصاف أن افتراض عدم القصد بالنسبة الى احتراق الدار واحتراق المتاع بعيد جداً لأن المفروض في الرواية أن الرجل اقبل بنار فاشعلها في دار قوم والظاهر من هذا التعبير أنه كان قاصداً احتراق الدار واحتراق المتاع، وبهذا يختلف عن مثال (من حفر بئراً) ففيه لا مشكلة في افتراض عدم القصد

فاذا افترضنا انه كان قاصداً احراق الدار فقد يكون هذا قرينة على قصد احراق ما في الدار من الاموال والنفوس لصعوبة التفكيك بينها لانها وردت في سياق واحد فلا يبعد أن يقال بأن الرواية فيها دلالة على قصد تلف النفوس

وعلى كل حال فان هذا لا يكفي فلا بد من اثبات وجود الزيادة وقد عرفت انه لا دليل عليها لأن نقل الفقيه معارض بنقل التهذيب

وقوله (ثم يقتل) لا بد من حملها على وجه آخر من قبيل ما اشار اليه في كشف اللثام وصاحب الجواهر من أنه يحمل هذا القتل على أنه حد لا قصاص من قبيل ما اذا كان هذا الشخص معتاداً على أنه يشعل ناراً ويحرق دور الآخرين فيكون مفسداً او محارباً فحينئذ يقتل حداً لا قصاصاً فتكون الرواية اجنبية عن محل الكلام


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo