< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب: (مسألة 254): يجوز نصب الميازيب وتوجيهها نحو الطرق النافذة، فلو وقعت على إنسان أو حيوان فتلف لم يضمن(1) نعم، إذا كانت في معرض الانهيار مع علم المالك بالحال وتمكّنه من الإزالة أو الإصلاح ضمن(2)، وفي حكم ذلك إخراج الرواشن والأجنحة(3)

 

    1. كان الكلام في نصب الميازيب على الطريق وانتهي الكلام الى الحكم الوضعي بمعنى انه لو نصب ميزاباً ووقع على شخص وسبب التلف فهل يكون ضامناً او لا؟ وقلنا بأن في المسألة قولان

الاول: الضمان وذهب اليه الشيخ في الخلاف وتبعه جماعة

الثاني: عدم الضمان واختاره ابن ادريس والمحقق في الشرائع والعلامة والشهيدان في اللمعة والروضة بل هو ظاهر المفيد وسلار باعتبار انهما لم ينصا على الضمان في مسألة الميزاب وانما ذكرا ان الامر السائغ الجائز شرعاً لا يترتب عليه الضمان ولذا نسب اليهما القول بعدم الضمان

واستدل للقول بالضمان بامور:

الاول: صحيحتي الحلبي والكناني بدعوى انهما تشملان محل الكلام فان الوارد في صحيحة الحلبي ((كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه))[1]

وصحيحة أبي الصباح الكناني ((من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن))[2]

الثاني: رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : ((قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : من أخرج ميزابا ، أو كنيفا ، أو أوتد وتدا ، أو أوثق دابة ، أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن)) [3]

وذكر العلامة في المختلف بانها نص في محل الكلام

الثالث: دعوى أنه السبب في الاتلاف فيكون ضامناً فلو لم ينصب الميزاب لما حصل هذا التلف فيكون نصب الميزاب هو السبب في الاتلاف، صحيح ان النصب كان جائزاً له لكن إباحة النصب لا تسقط الضمان كما في مسألة التأديب والطبابة والبيطرة فهي اعمال جائزة ولكن يترتب عليها الضمان وكذا طرح القمامة وقشور البطيخ في الطريق فهو عمل جائز لكن يترتب عليه الضمان لو زلق به شخص

واما القول بعدم الضمان فاستدل له بالاصل، وبكونه سائغاً فلا يستتبع ضماناً، واستدل له بكونه محسناً وما على المحسنين من سبيل

ونوقش في أدلة الضمان، اما الدليل الاول بأن الروايتين لا يشملان محل الكلام فهي صريحة في الاضرار ومأخوذ فيها الاضرار بطريق المسلمين ومحل الكلام لم يفرض فيه الاضرار بل فرض فيه عدم الاضرار، نعم لو نصبه في موضع يزاحم المارة لشملته الروايتان ولكن هذا ليس هو محل الكلام

واما معتبرة السكوني فنوقش فيها بضعف السند والظاهر ان مقصودهم من الضعف هو وجود النوفلي فيها ولعله من جهة السكوني ايضاً باعتبار انه ليس امامياً، ونوقش فيها باحتمال اختصاصها بالمضر فلا يصح الاستدلال بها في محل الكلام لأن المفروض في محل الكلام عدم الاضرار بطريق المسلمين، فالاستدلال بها مع احتمال أن تكون مختصة بما اذا كان نصب الميزاب مضراً بطريق المسلمين غير صحيح

اما المناقشة السندية فقد تجاوزناها فالسند عندنا تام، واما المناقشة الاخرى فلاول وهلة ان هذا الاحتمال لا شاهد عليه فلا يعتنى به ولا داعي للتقيد به فنقول ان الرواية تنطبق على محل الكلام وتدل على الضمان في محل الكلام

ولكن جماعة من علمائنا ذكروا ان هناك قرينة من الرواية على اختصاصها بالمضر والقرينة هي قوله (فاصاب شيئا فعطب) بعد قوله (من اخرج ميزابا) فظاهر هذه العبارة ان اصابة الميزاب للشيء هي في حال كونه ثابتاً على الجدار لا أن الميزاب يصيب شيئاً بسقوطه عليه، وبناءً على هذا تختص بما اذا كان نصب الميزاب مضراً لوضوح ان الميزاب عندما يصيب شيئاً فيعطبه وهو ثابت في الجدار لا يكون الا اذا كان نصب الميزاب مضراً بطريق المسلمين اذ لا بد ان نفترض ان نصب الميزاب كان في اسفل الجدار

فلا يصح الاستدلال بها في محل الكلام لما قلناه بأن محل الكلام في ما اذا كان نصب الميزاب ليس مضراً بطريق المسلمين

وهذه النكتة في الجملة لا بأس بها وذكرها جملة من الاعلام وعلى الاقل انها توجب احتمال الاختصاص بحيث تجعلنا نشكك في ظهور الرواية في شمولها لمحل الكلام

واما الدليل الثالث: فمناقشته بما تقدم من أن المستفاد من الادلة أن الضمان في محل الكلام موضوعه الاضرار بطريق المسلمين وهذا معناه انه ليس كل ما يكون سبباً في الاتلاف يكون موجباً للضمان كما في من حفر بئراً في بيته فلو وقع فيه شخص ومات فهو سبب في الاتلاف لكن لا ضمان عليه، نعم اذا حفر بئراً في ملك الغير او في طريق المسلمين يكون ضامناً لأن هذا يعتبر اضرار، فليس كل سبب في الاتلاف يكون ضامناً بل لا بد من تقييده بما يكون مضراً بطريق المسلمين، ومن الواضح بأن وضع الميزاب في محل الكلام في المكان المناسب بحيث لا يكون مزاحماً للمارة ولا يكون موجباً لضيق الطريق ولا نحوه لا يكون اضراراً بطريق المسلمين

ومن هنا يظهر انه لا دليل على الضمان وحينئذ لا مانع من التمسك بالاصل لنفي الضمان

    2. هذا حكمه حكم الفرع الاخير من المسألة السابقة (لو بناه في ملكه ثمّ مال إلى الطريق أو إلى غير ملكه فوقع على عابر فمات ضمن) والمختار فيه هو عدم الضمان في صورة جهله بالحال او كان عالماً ولكن قبل تمكنه من ازالته، واما لو كان عالماً بالانهيار ومتمكناً من ازالته ولم يفعل فلو ترتب التلف يكون ضامناً لهذا التلف

    3. الحكم التكليفي هو الجواز، واما الحكم الوضعي فهو عدم ضمان ما يحدث بسببها من باب الاتفاق والصدفة الروشن والجناح: يشتركان في اخراج خشب من حائط المالك الى الطريق بحيث لا يصل الى الجدار المقابل ويبنى عليها ولو وصل فهو الساباط وربما فرق بينهما بأن الجناح توضع له اعمدة في الطريق

والمقصود انه امتداد في فضاء طريق المسلمين كالميزاب فيأتي فيه نفس الكلام السابق فإن كان مزاحماً لطريق المسلمين وترتب عليه التلف يكون ضامناً، وان لم يكن مزاحماً لطريق المسلمين يأتي فيه الحكم السابق وهو الجواز التكليفي وعدم الضمان وضعاً، وللتشابه بين المسألتين ألحقه بمسألة الميزاب ولا يوجد نص في مسألة الميزاب بل الحكم على مقتضى القواعد في المسألتين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo