< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب: (مسألة 253): لا يضمن مالك الجدار ما يتلف من إنسان أو حيوان بوقوع جداره عليه إذا كان قد بناه في ملكه أو في مكان مباح ، وكذلك الحال لو وقع في طريق فمات شخص بغباره(1)، نعم، لو بناه مائلاً إلى غير ملكه أو بناه في ملك غيره فوقع على إنسان أو حيوان اتّفاقاً فمات ضمن(2) و لو بناه في ملكه ثمّ مال إلى الطريق أو إلى غير ملكه فوقع على عابر فمات ضمن مع علمه بالحال وتمكّنه من الإزالة أو الإصلاح قبل وقوعه، ولو وقع مع جهله أو قبل تمكّنه من الإزالة أو الإصلاح لم يضمن(3)(مسألة 254): يجوز نصب الميازيب وتوجيهها نحو الطرق النافذة (4)، فلو وقعت على إنسان أو حيوان فتلف لم يضمن(5)

    1. ذكرنا بانه لا يكون ضامناً في هذه الحالات من دون فرق بين أن يكون هذا الجدار وقع في ملكه او انه وقع في طريق فمات شخص بسقوطه او بغباره او بتطاير الاحجار لأنه بناه بناءً محكماً في ملكه او في مكان مباح

    2. يتعرض هنا الى فرضين:

الفرض الاول: ما اذا بناه في ملكه مائلاً الى غير ملكه

الفرض الثاني: ما اذا بناه في غير ملكه

وفي كلا الفرضين اذا وقع على انسان او حيوان فمات يكون ضامناً لما يتلف بسقوطه ويعلل بأنه يكون متعدياً على الغير، مضافاً الى ان هذا اضرار بالمسلمين وتقدم ان موضوع الضمان على ما يستفاد من بعض الاخبار المتقدمة هو ما كان مضراً بالغير والبناء هنا مضر بالغير

من دون فرق بين ان يكون التالف بذلك حيواناً او انساناً فيضمن الاول بمثله او قيمته ويضمن الثاني بديته

    1. ذهب المحقق في الشرائع [1] الى التفصيل بين ما اذا تمكن من الازالة فلم يزله وبين ما اذا وقع قبل التمكن من ازالته واختار الضمان في الاول وعلل الضمان فيما اذا وقع بعد التمكن من الازالة بالتعدي بينما اذا سقط قبل تمكنه من الازالة فحكم بعدم الضمان

والشيخ الطوسي في موضع من المبسوط [2] والعلامة في التحرير -على ما حكي عنه- ذهبا الى عدم الضمان وعلله (بأنه بناه في ملكه ومال بغير فعله فلا يضمن)،

وفي موضع آخر من المبسوط[3] ذهب الى التفصيل بين ما اذا وقع قبل المطالبة بنقضه وقبل الاشهاد عليه او بعد المطالبة وقبل تمكنه من نقضه فهنا ذهب الى عدم الضمان وبين ما اذا وقع بعد المطالبة والاشهاد والقدرة على نقضه ففي هذه الحالة يحكم بالضمان

ويحتمل -كما ذكر بعض الفقهاء- بأن الوجه في هذا التفصيل بان هذا حق للحاكم في الطريق وحق للجار فيما اذا مال الى داره بالمطالبة بنقضه فإذا لم يطالبا بنقضه ولم يشهدا يكونا كانهما اسقطا حقهما وابرءاه فلا ضمان بخلاف ما اذا طالباه واشهدا

ولكن من الواضح بأن هذا لا يصلح أن يكون توجيهاً باعتبار انه ليس توجيهاً لتمام التفصيل الذي ذكره الشيخ فإنه لا يكون توجيها للتفصيل بين ما قبل القدرة على نقضه وبعدها

ولا بد من ان نفترض ان الجار والحاكم علما بذلك حتى يكون سكوتهما اسقاطاً للحق، مضافاً الى ان الحق لا يسقط بعدم المطالبة والاشهاد بل لا يسقط الا بالاسقاط، وعدم المطالبة ليس اسقاطاً للحق حتى مع فرض العلم به

واما ما اختاره الشيخ في الموضع الاول من المبسوط من عدم الضمان مطلقاً، وعلله بأنه بناه في ملكه ومال بغير فعله فيلاحظ عليه بأن هذا التعليل وان كان تاماً ولكن لا بد من تقييده بما اذا لم يعلم بميله الى غير ملكه او اذا لم يتمكن من ازالته بعد علمه

واما مع علمه بالحال مع قدرته على الازالة فلم يفعل فالظاهر هو الضمان، فعدم الضمان الذي ذكره ليس على اطلاقه بل لا بد من تقييده بما ذكرناه، وهذا هو التفصيل الذي اختاره السيد الماتن

والوجه في ذلك هو انه مع علمه بان جداره مال عن ملكه والتمكن من الازالة يكون متعدياً ومضراً بالغير

    2. اما الحكم التكليفي بجواز نصب الميازيب وتوجيهها الى الطريق المسلوك فالظاهر انه لا ينبغي الاشكال في الجواز لقيام السيرة العملية على ذلك وهي غير مختصة بزمان دون زمان ولا ببلد دون بلد ولا رادع عنها، مضافاً الى الاتفاق عليه بين المسلمين على ما حكي، مضافاً الى انه مقتضى القواعد باعتبار انه لا يعتبر هذا تعدي على احد ولا تفريط بحق احد لو نصبها في المكان المناسب لها

نعم ذكر ابن حمزة في الوسيلة [4] انه (يجوز للمسلمين المنع عنه)، وعن النهاية للشيخ عده مما ليس له احداثه

لكن ما ذكراه لا يخلو من غرابة لما قلناه من قيام السيرة العملية لجميع المسلمين من قديم الازمان على ذلك ومن هنا قيده جماعة بما اذا كان مضراً كما اذا وضعه في موضع يزاحم المارة او وضعه في مكان اوجب ضيق الطريق بل ذكر بعض الفقهاء حتى لو اوجب ظلمة الطريق فهذا غير جائز ولكن هذا غير محل الكلام

فنحن نتكلم عن وضع الميزاب في المكان المناسب له، والظاهر انه لا ينبغي الاشكال في جوازه

ويظهر من كلمات الفقهاء اختصاص هذا الكلام بخصوص الطرق النافذة دون الطرق المسدودة وعلل ذلك في كلماتهم بأن الطرق المسدودة تكون مع فضائها ملكاً لاصحابها فلا يجوز التصرف فيه الا مع أخذ الاذن من الباقين باعتبار ان هذا صار ملكاً لهم

    3. واما الحكم الوضعي بالضمان فقد ذكر العلامة في القواعد «فلو وقع الميزاب على احد فمات ففي الضمان قولان» [5] فهو يشير الى قولين في المسألة

القول الاول: الضمان، وذهب اليه الشيخ في المبسوط والخلاف وادعى في الخلاف ان عليه اجماع الامة، واستدل له بمجموعة من الامور:

الامر الاول: صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : «كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه»[6]

وصحيحة أبي الصباح الكناني ، قال : قال أبو عبدالله (عليه‌السلام) : «من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن»[7]

وقالوا بأن هذه الرواية تدل على الضمان في المقام لأن هذا نصب الميزاب ووجهه على طريق المسلمين فهو اضرَّ بالمسلمين

الثاني: رواية السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : من أخرج ميزابا ، أو كنيفا ، أو أوتد وتدا ، أو أوثق دابة ، أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن»[8]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo