< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع التسبيب:

(مسألة 247): إذا أدخلت المرأة أجنبيّا في بيت زوجها فجاء الزوج وقتل الرجل، فهل تضمن المرأة ديته؟ فيه وجهان، والأقرب عدم الضمان (1)

(مسألة 248): لو وضع حجراً في ملكه لم يضمن دية العاثر به اتّفاقاً، ولو وضعه في ملك غيره أو في طريق مسلوك وعثر به شخص فمات أو جرح ضمن ديته، وكذلك لو نصب سكّيناً أو حفر بئراً في ملك غيره أو في طريق المسلمين فوقع عليه أو فيها شخص فجرح أو مات ضمن ديته(2) هذا إذا كان العابر جاهلاً بالحال، وأمّا إذا كان عالماً بها فلا ضمان له(3)

(مسألة 249): لو حفر في طريق المسلمين ما فيه مصلحة العابرين فاتّفق وقوع شخص فيه فمات، قيل: لا يضمن الحافر، وهو قريب(4)

    1. كان الكلام في الرواية التي استدل بها على الحكم في المسألة

في سند الكافي (بسنده عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص ، عن عبدالله بن طلحة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام))

عبد الله بن طلحة مجهول ولا دلالة على وثاقته، والظاهر ان محمد بن حفص متأخر عن ابراهيم بن هاشم باعتبار ان محمد بن حفص من اصحاب الامام العسكري (عليه السلام) على ما نصوا عليه بينما ابراهيم بن هاشم متقدم عليه

فلا يمكن التعويل على رواية الكافي ولا على رواية التهذيب

ورواها في الفقيه وجعل الراوي عن الامام (عليه السلام) عبد الله بن سنان فقد رواها عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سنان

واما طريق الصدوق الى يونس بن عبد الرحمن فالظاهر ان له طريقين لا ثلاثة لأن الموجود في الفهرست (اخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة عن ابي جعفر بن بابويه عن محمد بن الحسن وعن احمد بن محمد بن الحسن عن ابيه عنه ....الى ان يقول: ورواها ابو جعفر بن بابويه عن حمزة بن محمد العلوي ومحمد بن علي ماجيلويه عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن اسماعيل وصالح عنه)

واستفدنا منه ان الصدوق له طريق الى كتب يونس وهو انه يرويها بواسطة محمد بن الحسن بن الوليد

وقوله وعن احمد بن محمد بن الوليد معطوف على جماعة فهذا لا يسستكشف منه طريق جديد للشيخ الصدوق لان الصدوق غير مذكور فيه

وقلنا بان الطريق الثاني صحيح وعليه المعول واما الطريق الاول فنستبعد ان يروي بن الوليد عن يونس بلا واسطة

على اننا نحتمل قوياً بان الصدوق اخذ الرواية مباشرة من كتب يونس وهي مشهورة ومعلومة الانتساب اليه، وانما ذكر الطريق لاخراج الرواية عن حد الارسال

وبناء على هذا فالرواية تامة سندا وهي صحيحة لعبد الله بن سنان ودلالتها على ضمان الدية واضحة

ولكن الالتزام بمضمونها لا يخلو من شيء فالظاهر ان الاصحاب اعرضوا عنها فلم يفتي بمضمونها احد، نعم ذكرها الشيخ الطوسي كرواية وصرح في الجواهر انه لم نجد عاملا بها على ظاهرها، مضافاً الى انها مخالفة للقواعد المسلمة فان المرأة لم يصدر منها غير ادخال صديقها الى منزل زوجها وهذا لا يستوجب الضمان حتى اذا صار هذا سبباً في قتل زوجها له لان السبب لا يضمن مع وجود المباشر، مضافاً الى ان هذا الصديق دمه هدر لقيام الادلة على جواز قتل من دخل دار انسان لغرض الزنا فالزام المرأة بالدية بلا موجب

وذكر المحقق في نكت النهاية وجها للجمع به بين صحة الرواية ومخالفتها للقواعد فانّ (هذا الحكم إشارة إلى واقعة، و الفعل لا عموم له، فيحمل على أنّه حكم بذلك، لعلمه ما يوجب ذلك الحكم و إن كان الراوي نقله من غير علم السبب المقتضي له فلا تعدّي)[1]

ولكن هذا لا يمكن الموافقة عليه لانه ليس واضحاً انها واقعة جزئية، مضافاً الى ان الامام لا يحكم بمقتضى علمه وانما يحكم على طبق الموازين المتوفرة لديه

    2. هذه المسألة فيها نصوص كثيرة المستفاد منها قاعدة عامة مفادها: أن الانسان اذا تصرف في ما له حق التصرف فيه بأن حفر بئراً فيه او وضع حجراً او نصب حديداً فوقع فيه او عليه أحد ومات فلا يكون ضامناً لديته واما اذا تصرف في ما ليس له حق التصرف فيه سواء كان في ملك الغير او كان في الطريق العام المسلوك للمسلمين فاذا وقع عليه شخص ومات كان ضامناً للدية

وتدل على ذلك عدة روايات:

منها: صحيحة سماعة ، قال : سألته عن الرجل يحفر البئر في داره أو في أرضه ، فقال : (أما ما حفر في ملكه فليس عليه ضمان ، وأما ما حفر في الطريق ، أو في غير ما يملك فهو ضامن لما يسقط فيه)س [2]

صحيحة زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : قلت له : رجل حفر بئرا في غير ملكه فمر عليها رجل فوقع فيها ، فقال : (عليه الضمان لان كل من حفر في غير ملكه كان عليه الضمان)[3] ومفهومها انه اذا حفر في ملكه فليس عليه الضمان

ومنها: صحيحة أبي الصباح الكناني ، قال : قال أبو عبدالله (عليه‌السلام) : (من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن)[4]

ومنها: صحيحة زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (لو أن رجلا حفر بئرا في داره ثم دخل رجل فوقع فيها لم يكن عليه شيء ولا ضمان ، ولكن ليغطها)[5]

ومنها: صحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : سألته عن الشيء يوضع على الطريق فتمر الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره؟ فقال : (كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه)[6]

ومنها: رواية علي بن سويد ، عن أبي الحسن موسى (عليه‌السلام) قال : (إذا قام قائمنا قال : يا معشر الفرسان سيروا في وسط الطريق ، يا معشر الرجالة سيروا على جنبي الطريق فأيما فارس أخذ على جنبي الطريق فأصاب رجلا عيب ألزمناه الدية ، وأيما رجل أخذ في وسط الطريق فأصابه عيب فلا دية له)[7]

والموجود في سندها محمد بن إسماعيل بن بزيع عن حمزة بن بريد عن علي بن سويد، وفي نسخة حمزة بن زيد

وذكر السيد الخوئي (قده) بان كل هذه الاحتمالات محرف، والصحيح حمزة بن بزيع بقرينة ساير الروايات، فان حمزة بن بزيع اخو اسماعيل بن بزيع يروي عن علي بن سويد كثيرا

والظاهر ان هذا لم تثبت وثاقته بل روى الشيخ الطوسي في الغيبة الطعن فيه

ومنها: معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : (قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : من أخرج ميزابا ، أو كنيفا ، أو أوتد وتدا ، أو أوثق دابة ، أو حفر شيئا في طريق المسلمين فأصاب شيئا فعطب فهو له ضامن)[8]

    3. لأنه مع علمه يكون قد اقدم على قتل نفسه فلا ضمان

    4. الخصوصية في هذه المسألة أن عمله يكون لما فيه مصلحة المسلمين

ذهب الى عدم الضمان الشيخ الطوسي في النهاية والمبسوط والمحقق في الشرائع والعلامة في التحرير والارشاد والشهيد الثاني في المسالك

واستدل لعدم الضمان في المقام بانه فعل سائغ فلا يستتبع ضماناً واستدل له بأنه محسن وما على المحسنين من سبيل

نعم خالف في ذلك فخر المحققين في الايضاح وقال بالضمان وايده في الجواهر لكن مع عدم اذن الامام فمع اذن الامام له لا يكون ضامناً واستدل له باطلاق نصوص الضمان، وذكروا بأن مسألة بأنه محسن وما على المحسنين من سبيل وانه فعل سائغ، هذه لا تنافي الضمان

والسيد الخوئي بعد ان اختار عدم الضمان استدل عليه بصحيحة الحلبي وقال بأن المستفاد منها ان موضوع الضمان هو الاضرار بطريق المسلمين: (كل شيء يضر بطريق المسلمين فصاحبه ضامن لما يصيبه)

وايضاً يدل عليه صحيحة أبي الصباح الكناني ، قال : قال أبو عبدالله (عليه‌السلام) : (من أضر بشيء من طريق المسلمين فهو له ضامن)

وذكر السيد الخوئي (قده) بان الظاهر من صحيحة الحلبي ان موضوع الضمان هو الاضرار بطريق المسلمين فموضوعه وضع شيء يضر بطريق المسلمين، وكأنه يريد أن يقول بأنه من الواضح ان الحفر في محل الكلام اذا كان لمصلحة المسلمين فهو ليس مضراً بطريق المسلمين

ولكن الظاهر أن هذا يحتاج الى تتميم حتى نستدل بالروايتين على عدم الضمان في محل الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo