< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

فروع:

(الأوّل): من دعا غيره ليلاً فأخرجه من منزله فهو له ضامن حتّى يرجع إلى منزله، فإن فقد ولم يعرف حاله فعليه ديته (1)

    1. قال في الجواهر وفاقاً للمشهور بل عن ظاهر غير واحد الاجماع عليه بل في الغنية ونكت النهاية وغاية المرام الاجماع عليه ولعله كذلك لاني لم اجد فيه مخالفا الا ابن ادريس

واستدل له بروايتين:

الاولى: ما رواه الشيخ الصدوق باسناده عن عمرو بن أبي المقدام قال : كنت شاهدا عند البيت الحرام ورجل ينادي بأبي جعفر الدوانيقي وهو يطوف ويقول يا أمير المؤمنين إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إلي ووالله ما أدري ما صنعا به ، فقال لهما : ما صنعتما به؟ فقالا : يا أمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله ، فقال لهما : وافياني غدا عند صلاة العصر في هذا المكان فوافوه صلاة العصر من الغد ، فقال لأبي عبد الله (عليه ‌السلام) وهو قابض على يده : يا جعفر اقض بينهم فقال : اقض بينهم أنت ، قال له بحقي عليك إلا قضيت بينهم ، قال : فخرج جعفر (عليه ‌السلام) فطرح له مصلى قصب فجلس عليه ثم جاء الخصماء فجلسوا قدامه فقال للمدعي : ما تقول؟ فقال : يا ابن رسول الله إن هذين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله ووالله ما رجع إلي ووالله ما أدري ما صنعا به ، فقال : ما تقولان؟ فقالا : يا بن رسول الله كلمناه ثم رجع إلى منزله فقال أبو عبد الله (عليه‌ السلام): يا غلام اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) ) : كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلا أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله ، يا غلام نح هذا الواحد منهما واضرب عنقه فقال : يا ابن رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله) ما أنا قتلته ولكني أمسكته ثم جاء هذا فوجأه فقتله، فقال : أنا ابن رسول الله (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) يا غلام نح هذا فاضرب عنقه للآخر ، فقال : يا ابن رسول الله والله ما عذبته ولكني قتلته بضربة واحدة فأمر أخاه فضرب عنقه ، ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه وحبسه في السجن ووقع على رأسه يحبس عمره ، يضرب كل سنة خمسين جلدة )) [1]

والثانية ما رواه الشيخ الطوسي بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن عبد الله بن ميمون ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) ، قال : ((إذا دعا الرجل أخاه بليل فهو له ضامن حتى يرجع إلى بيته)) [2]

اما الرواية الثانية فليست تامة سنداً فالشيخ الطوسي يرويها عن جعفر بن محمد وطريقه اليه ضعيف بابي المفضل وابن بطة، واما جعفر بن محمد فهو جعفر بن محمد الاشعري القمي بقرينة روايته عن عبد الله بن ميمون القداح، فان عبد الله بن ميمون القداح له كتاب راويه جعفر بن محمد بن عبيد الله والظاهر -كما يقول السيد الخوئي- اتحاد العنوانين، وهو لم تثبت وثاقته الا بناءً على مبنى ان رواية محمد بن احمد بن يحيى عن شخص في نوادر الحكمة وعدم استثناءه دليل على وثاقته، فان محمد بن احمد بن يحيى قد روى عنه ولم يستثن

واما عبد الله بن ميمون القداح[3] فقد وثقه النجاشي

واما الحديث الاول فقد رواه المشايخ الثلاثة

اما سند الكافي فهو محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن بعض رجاله عن محمد بن الفضيل عن عمرو بن ابي المقدام

فهناك ارسال في السند كما ان محمد بن الفضيل تعارض فيه التوثيق والتضعيف، وهذا بقطع النظر عن عمرو بن ابي المقدام فانه سياتي الكلام فيه

واما في التهذيب فقد رواه الشيخ عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الفضيل عن عمرو بن ابي المقدام

وكما قلنا بان محمد بن الفضيل ورد فيه التوثيق والتضعيف

واما سند الفقيه فقد نقلها مباشرة عن عمرو بن ابي المقدام وطريقه اليه هو (محمد بن الحسن (يعني ابن الوليد) عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابي الخطاب عن الحكم بن مسكين قال حدثنا عمرو بن مقدام) وهو صحيح وان كان فيه الحكم بن مسكين

ونحن اثبتنا وثاقة الحكم بن مسكين برواية ابن ابي عمير عنه بسند معتبر كما في الكافي والتهذيب كما روى عنه البزنطي بسند معتبر في التهذيب فيكون الطريق معتبر والرواية تامة سندا بحسب نقل الشيخ الصدوق الى عمرو بن ابي المقدام

واما عمرو بن ابي المقدام فهو عمرو بن ثابت بن هرمز الحداد من اصحاب الصادقين كما نص على ذلك النجاشي والبرقي نعم ذكر النجاشي انه روى عن علي بن الحسين (عليه السلام) ولكن ناقش السيد الخوئي في روايته عن علي بن الحسين وذكر بانه لا توجد ولا رواية واحدة يروي فيها عن علي بن الحسين وذكر بانه لم يذكر ذلك لا الشيخ الطوسي ولا البرقي، وهناك احتمال طرح في بعض الكتب وهو ان ما يذكره النجاشي من انه روى عن الصادقين والسجاد يرجع الى الاب ثابت بن هرمز لا الى الابن

وهذا الرجل لا نص على وثاقته نعم ورد في اسانيد كامل الزيارات واسانيد تفسير القمي والظاهر ان السيد الخوئي اعتمد على ذلك لاثبات وثاقته،

لكن يمكن اثبات وثاقته بطريق اخر وهو رواية ابن ابي عمير عنه بسند صحيح

كما في الكافي ج8 ص212 ح59

وفي كمال الدين ص654 ايضا

وبناءً على تمامية هذا تكون الرواية معتبرة سنداً والظاهر انه لا مشكلة في ان يروي ابن ابي عمير عن عمرو بن ابي المقدام فانه يروي عن اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) وتؤيد هذه الرواية بالطرق الاخرى التي نقلت نفس الرواية

واما الدلالة فدلالتها على ما ذكره في المتن ظاهرة (قال رسول الله صلى الله عليه واله كل من طرق رجلا بالليل من منزله فاخرجه فهو ضامن الا ان يقيم بينة انه قد رده الى منزله))

والبينة مجرد طريق والغرض ان يرجع الى بيته فالمهم ان يثبت رجوعه الى بيته وتارة يحرز هذا وجدانا واخرى يحرز بالبينة، فهذا لا ينافي ما ذكره في المتن بانه يكون ضامنا حتى يرجع الى منزله

نعم الحكم بالضمان في الرواية يبدو انه مخالف للقاعدة سواء كان الضمان ضمان الدية اوكان الضمان القصاص فلا بد من اثبات الجناية حتى نحكم بالضمان فالضمان على خلاف القاعدة ففي كل فرع من الفروع الاتية لا تشمله الرواية لا بد ان يرجع فيه الى القاعدة

والصور المتصورة في المقام

الاولى ما اشار اليها السيد الماتن ان نفترض انه لم يعلم بحاله هل هو حي او ميت

واخرى نفترض انه علم بحاله وهذه لها صور فتاره يفرض انه وجد مقتولا واخرى ميتا ليس عليه اثر القتل وثالثة قد يفرض وجدانه حيا وهذه الصورة خارجة عن محل الكلام

اما الصورة الاولى فيظهر من كلمات الاصحاب انها الصورة المتيقنة من النص فيثبت حينئذ ضمان الدية للنص وهو وان لم يقل ضمان الدية ولكن المراد هو هذا او لا اقل من انه المتيقن منه لانه في محل الكلام لا يوجد احتمال القود والقصاص لانه لم يثبت القتل، وكون الدية على العاقلة يمكن نفيه بالبراءة لان الرواية لا تدل على ذلك ولو بقينا نحن والقاعدة لحكمنا بعدم الضمان لانه لم تثبت الجناية ولكن حيث دل النص على الضمان التزمنا بالضمان لكن لا ضمان القود والقصاص لانه يتوقف على اثبات القتل

وبعبارة اخرى ان القاعدة تقتضي عدم الضمان وعدم القود لعدم ثبوت الجناية على المخرج نعم خرجنا عن مقتضى القاعدة والتزمنا بضمان الدية للنص، اذ لا يحتمل مع عدم العلم بحاله القود لاحتمال كونه حياً، كما ان ضمان العاقلة منفي بالاصل

ويبقى قول الامام (عليه السلام) في الرواية مخاطبا الغلام (ياغلام نح هذا واضرب عنقه)

وهذا لا دلالة فيه على القصاص لما قلناه من عدم ثبوت القتل ولم يثبت ان هذا قاتل باقرار او بينة ولذا حمل الفقهاء هذا بانه رعاية لمسألة التقرير وبيان الحال وانتزاع الاعتراف بالواقع،

وعلى كل حال فضمان الدية في حالة ما اذا لم يعلم بحاله الظاهر انه من المسلمات لديهم

نعم الشيخ ابن ادريس ذهب الى عدم ضمانه الدية اذا كان غير متهم وكان لا يعلم بينهما مخاصمة وعداوة بل كان يعلم بينهما صلح وتآخي

والشهيد في اللمعة ظاهره عدم الضمان مطلقاً وعلله في الروضة باصالة البراءة منه ديةً ونفساً حتى يتحقق سببه وهو في غير حالة القتل مشكوك فيه،

ويردهما النص وكأن ما ذكراه مبني على عدم الاعتماد على النص كما صرح الشهيد بأنه ضعيف وابن ادريس رأيه واضح في اخبار الاحاد


[3] حصل اشتباه في الدرس في مسالة عدم وثاقة عبد الله بن ميمون وما اثبتناه في التقرير من وثاقته كان بعد مراجعة سماحة الشيخ الاستاذ (دام ظله).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo