< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 246): لو ركبت جارية جارية أُخرى فنخستها جارية ثالثة فقمصت الجارية المركوبة قهراً وبلا اختيار فصرعت الراكبة فماتت، فالدية على الناخسة دون المنخوسة

    1. قمصت بمعنى رفعت يديها عن الارض وفي القاموس فسرها بانها وثبت فزعة، وهذه المسالة محل خلاف بين الفقهاء وفيها اقوال:

القول الاول ان الدية نصفان بين الناخسة والمنخوسة وقالوا بان هذا هو المشهور بين الاصحاب كما في الشرائع

وفي المسالك وغاية المراد ذهاب الشيخ واتباعه الى ذلك، واستدل له برواية الاصبغ بن نباتة المروية في التهذيب وفي الفقيه، رواها في التهذيب بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي عبد الله ، عن محمد بن عبد الله بن مهران ، عن عمرو بن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن سعد الاسكاف ، عن الاصبغ بن نباته ، قال : (قضى أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) في جارية ركبت جارية فنخستها جارية اخرى فقمصت المركوبة فصرعت الراكبة فماتت ، فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة)[1]

ورواها في الفقيه باسناده عن عمرو بن عثمان والسند في الفقيه ضعيف بابي جميلة وبجهالة طريق الصدوق الى عمرو بن عثمان واما سند التهذيب فهو مضافاً الى ضعف ابي جميلة هو ضعيف بابي عبد الله الموجود في السند اذا اريد به ابو عبد الله الرازي الجاموراني -على ما ذكره السيد الخوئي- الذي استثناه ابن الوليد من رواة نوادر الحكمة ونصوا على ضعفه

بينما صاحب مفتاح الكرامة وكذا الجواهر قال ان المراد به البرقي وهو ايضا ضعفوه ولكنه لم يثبت موجب لتضعيفه نعم ثبت انه يروي المراسيل ويروي عن الضعفاء وهذه وان كانت عيوب الا انها لا تسلب منه الوثاقة

وايضاً ضعيف السند بمحمد بن عبد الله مهران قال عنه النجاشي غالي كذاب فاسد المذهب والحديث مشهور بذلك

القول الثاني: أن على الناخسة والقامصة ثلثا الدية ويسقط الثلث الباقي لركوبها عبثاً وهو خيرة المفيد في المقنعة وابن زهرة في الغنية واستحسنه المحقق في الشرايع والنافع وكذا العلامة في المختلف وفي مجمع البرهان انه جيد على ما حكي

واستدل له بما رواه المفيد مرسلاً في الارشاد والمقنعة (ان عليا (عليه ‌السلام) رفع إليه باليمن خبر جارية حملت جارية على عاتقها عبثا ولعبا ، فجائت جارية اخرى فقرصت الحاملة (فقفزت لقرصها) فوقعت الراكبة فاندقت عنقها فهلكت ، فقضى علي (عليه ‌السلام) على القارصة بثلث الدية ، وعلى القامصة بثلثها ، وأسقط الثلث الباقي لركوب الواقصة عبثا القامصة ، فبلغ النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) فأمضاه)[2] وذكر بعضهم ان المقصود (لركوب الموقوصة)

القول الثالث: ان الدية على الناخسة فقط ان كانت قد الجأت بنخسها القامصة على القماص والا فالدية على القامصة، واختاره ابن ادريس في السرائر والعلامة في الارشاد وولده في الايضاح والشهيد في الروضة وفي الشرايع بعد ان نقله قال وهو وجه ايضا وفي الجواهر ان المتجه العمل بما ذكره الشيخ ابن ادريس

وقد استدل له بأن مقتضى القاعدة هو هذا باعتبار ان ما فعلته القامصة في صورة الالجاء يستند حقيقة الى الناخسة، والقامصة كالآلة لان المفروض ان الناخسة الجأتها الى هذه الحركة فصدرت منها الحركة قهراً وبلا اختيار فتدخل في باب القتل الخطأ شبيه العمد وتثبت عليها الدية كاملة لان المفروض انه لا يوجد قصد للقتل والمفروض ان الفعل لا يقتل مثله، واما اذا لم نفترض الالجاء فكانها قامت بهذه الحركة باختيارها، نعم لولا النخس لما قامت بهذه الحركة ولكن بالنتيجة صدر منها هذا العمل باختيارها ففي هذه الحالة تكون الدية على القامصة لا على الناخسة لاستقلالها بهذا الفعل

القول الرابع: التفصيل بين ما اذا كانت الراكبة لاعبة وكان الركوب عبثاً فيلتزم بالقول الثاني وتقسيم الدية أثلاث ثلث على القامصة وآخر على الناخسة ويسقط الثلث الثالث، وبين ما اذا كان ركوبها بأجرة فيلتزم بالقول الاول وتقسيم الدية نصفين، وهذا مختار الحلبي في الكافي وابن زهرة في الغنية وكأن مستنده الجمع بين الروايتين فتحمل رواية الاصبغ على ما اذا كان الركوب باجرة ورواية المفيد على ما اذا كان عبثاً ولعله بدعوى أن الراكبة في الصورة الثانية اذا كانت ركبت عبثاً كأنها ساهمت في قتل نفسها فيسقط من الدية بمقدار الثلث وأما في الصورة الاولى وهي صورة ما اذا ركبت باجرة فانها لا تساهم في قتل نفسها لأن ركوبها كان باستحقاق باعتبار الاجرة فلا يسقط من الدية شيء وتكون الدية على الناخسة والمنخوسة

وهناك اقوال اخرى في المسألة لكنها ليست مهمة

اما القول الاول فمستنده ضعيف نعم في بعض الكتب ذكروا بأن ضعف السند منجبر بالشهرة المحكية حيث قال في الشرائع والتحرير وحواشي الشهيد بان ما تضمنته الرواية من الحكم هو المشهور بين الاصحاب وقد نسب ما تضمنته الى الشيخ واتباعه في غاية المراد والتنقيح والمسالك

ولكن محاولة التصحيح هذه غير مسلمة كبرى وصغرى فان عمل المشهور بالرواية لا يجبر ضعف السند كما ثبت في محله

واما صغرى فقد ذكر في مفتاح الكرامة انه بعد التتبع التام لم نجد من عمل بهذه الرواية الا الشيخ والقاضي

واما القول الثاني فالامر فيه اوضح باعتبار ان مستنده مرسلة للشيخ المفيد ولم تذكر في المجاميع الحديثية ولا توجد شهرة عملية ولا شهرة روائية

واما القول الرابع فلا دليل عليه ولعل دليله هو محاولة الجمع بين الخبرين المتقدمين مضافاً الى أن مسألة الركوب اذا كان مستحقاً وباجرة ليس واضحا انه يسقط الضمان، فيمكن ان يقال بانها ساهمت في قتل نفسها سواء ركبت عبثا او باجرة

يبقى القول الثالث والظاهر انه هو المتعين لانه موافق للقاعدة باعتبار انه في صورة الالجاء تكون القامصة بمنزلة الآلة ويسند الفعل الى الناخسة فلا بد أن تدفع تمام الدية نعم في صورة عدم الالجاء وصدور الفعل باختيارها فهي التي تتحمل الدية

وعليه فما في المتن من ان الدية على الناخسة فقط واضح ان المقصود هو صورة الالجاء كما هو صرح بذلك وهو الصحيح


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo