< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 242): إذا أخطأ الختّان فقطع حشفة غلام ضمن (1)

(مسألة 243): من سقط من شاهق على غيره اختياراً فقتله، فإن كان قاصداً قتله أو كان السقوط ممّا يقتل غالباً فعليه القود (2)، وإلّا فعليه الدية (3)، و إن قصد السقوط على غيره ولكن سقط عليه خطأً فالدية على عاقلته (4)

(مسألة 244): إذا سقط من شاهق على شخص بغير اختياره، كما لو ألقته الريح الشديدة أو زلّت قدمه فسقط فمات الشخص، فالظاهر أنّه لا دية لا عليه ولا على عاقلته، كما لا قصاص عليه (5)

    1. انتهينا الى ان الضمان على الختّان ليس منوطاً بعدم أخذ البراءة وانما يضمن مطلقاً ومقصودنا الختّان في فرض المسألة والا فلو ترتب الضرر على عملية الختان التي اذن له بها فالضمان في هذه الحالة يكون منوطاً بعدم اخذ البراءة

والظاهر إن هذا هو مختار السيد الماتن -خلاف ما ذكرناه سابقاً- لأنه اطلق في هذه المسألة في حين قيده في قاطع العقدة بما اذا لم يأخذ البراءة باعتبار الفرق الواضح بين المسألتين

ولعل الشيخ ابن ادريس في العبارة التي نقلناها سابقاً يشير الى ما ذكرنا لانه ذكر في ذيل رواية الختان (يريد بذلك انه فرط بان قطع غير ما اريد منه سواء اخذ البراءة من وليه ام لم ياخذه) [1]

كما أن عبارة العلامة في التحرير حينما قال تعليقاً على رواية الختان (هذه الرواية مناسبة للمذهب ولا فرق بين ان ياخذ البراءة من وليه او لا لانه قطع غير المامور) [2] فهم ايضاً من الذين يقولون بالضمان مطلقاً في الختان

وما ذكرناه من أنه يمكن تخريج اخذ البراءة على القاعدة بلا حاجة الى الاستناد الى الرواية للتشكيك في شمول الرواية للختان على ما تقدم، فادرجناه في عموم المؤمنون عند شروطهم والظاهر انه لا مانع من كون الاسقاط فعلياً اذا قبل المريض بشرط الطبيب لكن متعلق الاسقاط هو الحق على تقدير تحقق موجبه، الظاهر انه لا مانع من الالتزام بهذا في الامور الاعتبارية

    2. تطبيقاً للميزان السابق في تحقق القتل العمدي الذي يترتب عليه القصاص وقلنا بأنه يتحقق بأحد امرين قصد القتل وان لم يكن الفعل مما يقتل عادة او كان الفعل مما يقتل غالباً وان لم يقصد القتل

    3. لأنه يدخل بالقتل شبه العمد لانه هناك تعمد بايقاع الفعل بالمجني عليه، كالضرب للتأديب الذي يترتب عليه القتل فانه يدخل في الخطأ شبه العمد فتكون الدية على الجاني

    4. وهذا حسب القواعد المتقدمة في ان الميزان في الخطأ المحض الذي تكون فيه الدية على العاقلة هو ان لا يقصد القتل بالنسبة الى المجني عليه ولا حتى ايقاع الفعل بالنسبة اليه

    5. وهذه المسألة تنفعنا في بعض الحالات الابتلائية كما لو كان السائق يسير بسيارته فيقع شخص على سيارته فيموت فلا قصاص عليه ولا دية عليه ولا على العاقلة، وما ذكره السيد الماتن هو المحكي عن المقنعة والنهاية والسرائر والتافع والتحرير والارشاد وغيرها

ويستدل لذلك بالاصل فان الاصل انه لا ضمان عليه ولا قصاص فالضمان وكذا القصاص بحاجة الى دليل مضافا الى ان الروايات الواردة في المقام ظاهرها ان الدية والقصاص يترتبان على الفعل الاختياري للانسان، غاية الامر ان هذا الصادر عن الانسان باختياره تارة يدخل في العمد واخرى في الخطأ شبه العمد وثالثة يدخل في الخطأ المحض، وهذا نفهمه من الروايات المتقدمة كما في صحيحة الحلبي ، قال : قال أبو عبد الله (عليه ‌السلام): (العمد كل ما اعتمد شيئا فأصابه بحديدة أو بحجر أو بعصا أو بوكزة ، فهذا كله عمد ، والخطأ من اعتمد شيئا فأصاب غيره( [3]

ورواية يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : (إن ضرب رجل رجلا بعصا أو بحجر فمات من ضربة واحدة قبل أن يتكلم فهو يشبه العمد فالدية على القاتل ، وإن علاه وألح عليه بالعصا أو بالحجارة حتى يقتله فهو عمد يقتل به ، وإن ضربه ضربة واحدة فتكلم ثم مكث يوما أو أكثر من يوم فهو شبه العمد)[4]

ورواية جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهما (عليهما ‌السلام) قال : (قتل العمد كل ما عمد به الضرب فعليه القود ، وإنما الخطأ أن تريد الشيء فتصيب غيره ، وقال : إذا أقر على نفسه بالقتل ، قتل وان لم يكن عليه بينة)[5]

ورواية أبان ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) ، قال : قلت له : أرمي الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله ، قال : (هذا خطأ ، ثم أخذ حصاة صغيرة فرمى بها ، قلت : أرمي الشاة فاصيب رجلا ، قال : هذا الخطأ الذي لا شك فيه ، والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله)[6]

فالروايات كلها ظاهرها ان هذه الامور تترتب على الفعل الاختياري وحيث ان المفروض في مسالتنا ان الفعل غير اختياري فهي غير مشمولة لهذه الادلة، ويضاف الى ذلك النصوص الخاصة التي تدل على انه ليس عليه شي

صحيحة عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه ‌السلام) عن رجل وقع على رجل فقتله ، فقال : (ليس عليه شيء)[7]

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما‌ السلام) : قال : في الرجل يسقط على الرجل فيقتله ، فقال : (لا شيء عليه)[8]

ورواية عبيد بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه ‌السلام) عن الرجل وقع على رجل من فوق البيت فمات أحدهما ، قال : (ليس على الاعلى شيء ، ( ولا على ) الاسفل شيء)[9] وهذه الرواية في سندها المعلى بن محمد ولم تثبت عندنا وثاقته وان عبر عنها كثير من الاعلام بالصحيحة

وكلامنا في الشق الاول فيما اذا كان الميت هو الذي وقع عليه

والاستدلال بهذه الروايات مبني على ان نفهم من الروايات عدم الاختيار، كما فهم الفقهاء منها ذلك كما لو وقع عليه لدفع الهواء له او انه زلق فوقع عليه ولذا استدلوا بها في محل الكلام

والامر الاخر ان نفهم من قوله لا شيء عليه انه نفي ان تكون هناك دية لا على الجاني ولا على العاقلة كما لا قصاص عليه واما إذا قلنا باننا لا نفهم منها ذلك انما المعنى ان الجاني ليس عليه شيء وقد يقال بان كون الدية على العاقلة لا يمكن نفيها بعبارة انه ليس عليه شيء فان معناها ان الجاني ليس عليه شيء، والظاهر انهم فهموا من العبارة نفي الدية عن الجاني وعن العاقلة ولذا عبر بعضهم كالعلامة في التحرير بنفي الضمان ولا يبعد ان يكون هذا هو الصحيح بمعنى ان عبارة ليس عليه شيء يمكن ان يستفاد منها انه لا دية عليه ولا على العاقلة

بتقريب ان المستفاد من الادلة التي تدل على ثبوت الدية في موارد الخطأ المحض يستفاد منها ان الدية على الجاني بمعنى ان المكلف بدفع الدية في مطلق الخطأ هو الجاني غاية الامر ان العاقلة تتحمل عن الجاني ما كلف به فان ادت العاقلة الدية فقد برئت ذمة الجاني والا وجب على الجاني ان يدفع الدية

يفهم ذلك من بعض الروايات التي صرحت في الخطأ المحض بان عليه الدية، من قبيل

صحيحة أبي العباس ، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال : سألته عن الخطأ الذي فيه الدية والكفارة ، أهو أن يعتمد ضرب رجل ولا يعتمد قتله؟ فقال : (نعم ، قلت : رمى شاة فأصاب إنسانا ، قال : ذاك الخطأ الذي لا شك فيه ، عليه الدية والكفارة)[10]

صحيحة محمد الحلبي ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه ‌السلام) عن رجل ضرب رأس رجل بمعول فسالت عيناه على خديه فوثب المضروب على ضاربه فقتله قال : فقال أبو عبد الله (عليه ‌السلام) : (هذان متعديان جميعا فلا أرى على الذي قتل الرجل قودا ، لانه قتله حين قتله وهو أعمى ، والاعمى جنايته خطأ يلزم عاقلته يؤخذون بها في ثلاث سنين في كل سنة نجما ، فان لم يكن للاعمى عاقلة لزمته دية ما جنى في ماله يؤخذ بها في ثلاث سنين) [11] فهذه الروايات تشير الى ان الجاني هو المكلف بدفع الدية ولذ في بعض الروايات يقول عليه الكفارة والدية وواضح من العطف انهما بمستوى واحد وان المكلف كما انه مكلف بالكفارة مكلف بالدية

بل يمكن ان يستظهر من الآية الشريفة هذا المعنى وهي واردة في الخطأ بقرينة عطف الدية على تحرير رقبة والمكلف بتحرير الرقبة هو الجاني بلا اشكال فيكون هو المكلف بدفع الدية الى اهل المقتول

ومن هذا كله يمكن ان نستفيد من قوله ليس عليه شيء انه ليس على الجاني الساقط دية ولا على عاقلته

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo