< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/10/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 242): إذا أخطأ الختّان فقطع حشفة غلام ضمن (1)

    1. الظاهر إنه لا كلام في الضمان فيما إذا كان الختان قاصراً غير عارف وكذلك لا اشكال في الضمان إذا كان عارفاً ولكنه كان مفرطاً، وكذلك الظاهر انه لا اشكال في الضمان فيما اذا كان الختان غير مأذون من قبل من يعتبر اذنه

وانما يقع الكلام في ما اذا كان الختان عارفاً غير قاصر ولم يكن مقصراً وكان ماذوناً

والقول الاول في المسالة: قد يقال بعدم الضمان استناداً الى دليلين:

الدليل الاول: إنه مأذون ومع الاذن يسقط الضمان كما هو الحال في الاذن في التصرف بالمال اذا اوجب التلف فإنه لا يوجب الضمان

الدليل الثاني: إن الختان عمل جائز شرعاً فلا يستتبع ضماناً

اما الدليل الاول فيلاحظ عليه إن التلف في المقام ترتب على قطع الحشفة وهو غير مأذون به، فما ترتب عليه التلف ليس مأذوناً به، فحتى لو سلمنا بقاعدة سقوط الضمان مع الاذن فالمراد بها سقوط الضمان في التلف المترتب على الفعل المأذون فيه، وليس المقصود بذلك سقوط الضمان على كل تلف وإن ترتب على فعل غير مأذون فيه

ويلاحظ على الوجه الثاني ما تقدم من ان الجواز الشرعي لا ينافي الضمان كما في الضرب للتأديب وامثاله

القول الثاني: الضمان ويستدل لذلك بدليلين

الاول: ادخال المقام في الخطأ شبه العمد باعتبار انطباق ضابطة الخطأ شبه العمد عليه وهو أن يقصد الفعل بالنسبة الى المجني عليه ولا يقصد القتل به فتدل على الضمان فيه الادلة المتقدمة الدالة على الضمان في الخطأ شبه العمد

الدليل الثاني: التمسك بمعتبرة السكوني التي يرويها الشيخ في التهذيب بإسناده عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن النوفلي عن السكوني ، عن جعفر (عليه السلام) عن أبيه ، ((أن عليا (عليه ‌السلام) ضمن ختانا قطع حشفة غلام)) [1]

وهي ثابتة سنداً عندنا وإن ناقش في سندها جماعة باعتبار ما هو المعروف من عدم ثبوت وثاقة النوفلي ومقتضى هذين الدليلين هو ثبوت الضمان على الختان لا على عاقلته، اما الدليل الاول فواضح واما الدليل الثاني فلظهور المعتبرة في إن الضمان على الجاني

والدليل الاول بنظرنا تام ولكن يمكن أن يلاحظ على الدليل الثاني بأن الحكم بالضمان في هذه المعتبرة صدر من الامام في واقعة خارجية خاصة، ويحتمل وقوع تفريط وتقصير في هذه الواقعة من قبل الختان وهذا غير محل الكلام

كما أن الرواية لا اطلاق فيها حتى يتمسك به لإثبات الضمان مع عدم التقصير وهذه الملاحظة تختلف عما ذكره الشيخ ابن ادريس (قده) في السرائر فيفهم منه أن التفريط مفروض في أصل المسألة باعتبار أنه فسر التفريط بقطع غير ما يراد منه قطعه وهذا مفروض في الرواية، واذا كان مفرطاً يكون ضامناً بلا اشكال وهذا غير ما ذكرناه فإن أصل فرض المسألة يتلائم مع التفريط ومع فرض عدم التفريط، ولكن حيث إن الرواية واردة في واقعة خارجية فلا اطلاق فيها ليتمسك به في المقام ويحتمل أن تكون الحادثة الخارجية قد اقترنت بالتفريط فالعمدة هو الدليل الاول ومقتضاه ثبوت الضمان على الجاني لا على العاقلة

نعم نسب الى بعض العامة ثبوت الدية على العاقلة بل ورد في بداية المجتهد[2] أن الدية في ما اخطأ الطبيب عند الجمهور على العاقلة ثم اعتبر عنوان ضمان الطبيب يشمل الختان

مضافاً الى أن ظاهر بعض الروايات عندنا أن الدية على العاقلة

ففي رواية الجعفريات باسناده عن جعفر بن محمد عن ابيه عن جده عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) ((انه ضمن ختانة ختنت جارية فنزفت الدم فماتت فقال لها علي (عليه السلام) ويلا لامك أفلا أبقيت فضمنها على دية الجارية وجعل الدية على عاقلة الختانة))[3]

وفي دعائم الاسلام -ولعلها نفس الرواية- عن علي (عليه السلام) ((أنه ضمن ختانة ختنت جارية فنزفت دمها فماتت فقال لها ويلك فهلا أبقيت من ذلك فضمنها الدية وجعلها على عاقلة الختانة وكذلك الختان إذا كان أخطأ))[4]

ولكن ما ذهب اليه الجمهور لا يكون ملزماً لنا، والروايات غير تامة سنداًفلا يمكن رفع اليد عن مقتضى ما دل على الضمان على الجاني في صورة الخطأ شبه العمد وهناك أمر لم يتعرض له السيد الماتن وهو أنه لا ينبغي الاشكال بان ضمان الختان ليس منوطا بعدم اذن من يعتبر اذنه بل يثبت الضمان على الختان إذا اخطأ سواء كان مأذونا له او لم يكن لما تقدم من ان الاذن ليس في قطع الحشفة حتى يكون موجبا لسقوط الضمان وانما الاذن في الختان وقطع الجلدة وهذا لم يترتب عليه التلف فالضمان ثابت حتى مع الاذن، كما ان معتبرة السكوني المتقدمة -بغض النظر عن الاشكال السابق- القدر المتيقن منها هو صورة الاذن فإن الختان يختن بطلب من اولياء المختون ويقع الكلام في أن ضمان الختان هل هو منوط بعدم أخذ البراءة من الولي او انه يكون ضامناً مطلقاً وإن أخذ البراءة

القول الاول: ما ذهب اليه صاحب الجواهر وغيره من إناطته بعدم أخذ البراءة بمعنى إن ضمان الختان كضمان الطبيب منوط بعدم أخذ البراءة،

القول الثاني: الضمان مطلقاً، ولم اجد من صرح به، فحتى الشيخ ابن ادريس وإن صرح بالاطلاق، ولكن ذلك في صورة التفريط والتقصير ولكن كلامنا ليس في صورة التفريط

والسيد الماتن وإن كان ظاهر كلامه الاطلاق ولكن الظاهر أنه لا يريد ذلك بقرينة ما ذكره في مسألة 224 (إذا أمر شخصاً بقطع عقدة في رأسه مثلاً ولم يكن القطع ممّا يؤدّي إلى الموت غالباً، فقطعها فمات، فلا قود، وكذلك لا دية على القاطع إذا كان قد أخذ البراءة من الآمر، وإلّا فعليه الدية)[5] والظاهر أنه لا فرق عنده بين من قطع عقدة في رأسه وبين الختان لأن الدليل على أخذ البراءة هو معتبرة السكوني ((من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه و إلا فهو له ضامن)) وصدق عنوان تطبب على الختان اقرب من صدقه على من قطع عقدة في رأسه، فإن شملت هذه الرواية ما ذكره في تلك المسألة تكون شاَملة للختان

ثم انهم ذكروا بأن الدليل على إناطة ضمان الختان بعدم أخذ البراءة هو معتبرة ةسكوني المتقدمة ((من تطبب أو تبيطر فليأخذ البراءة من وليه و إلا فهو له ضامن)) ومن هنا قد َيستشكل في هذه الاستفادة فإن الوارد هو عنوان الطبابة َوالبيطرة وصدقهما على عمل الختان محل تأمل فإن ما يمارسه لا يعد عملية طبابة ولا بيطرة

ولكن ليس معنى ذلك أننا نرفع اليد عن الحكم الذي اتفقوا عليه بل نشلتزم به حتى مع التشكيك في شمول الرواية له باعتبار أنه يمكن تخريجه على مقتضى القاعدة باعتبار أنه اشترط عليهم فالتزموا بذلك والمؤمنون عند شروطهم فهو اشتراط لإسقاط الضمان على تقدير تحقق موجبه كالطبيب وبهذا يمكن تعميم هذا الحكم الى كل الموارد المشابهة لذلك كالحجام وعملية الفصد فإذا أخذ البراءة لا يكون ضامناً

[2] بداية المجتهد، ج2، ص413.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo