< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 241): لو رمى إلى طرف قد يمرّ فيه إنسان فأصاب عابراً اتّفاقاً، فالدية على عاقلة الرامي(4)، وإن كان الرامي قد أخبر من يريد العبور بالحال وحذّره فعبر والرامي جاهل بالحال فأصابه الرمي فقتله لم يكن عليه شي‌ء(5) و لو اصطحب العابر صبيّاً فأصابه الرمي فمات، فهل فيه دية على العابر أو الرامي أو على عاقلتهما؟ فيه خلاف، والأقرب هو التفصيل: فمن كان منهما عالماً بالحال فعليه نصف الدية، ومن كان جاهلاً بها فعلى عاقلته كذلك(6) [1]

توضيح يرتبط بمسألة 238: استدللنا على الحكم بأن مولى العبد لا يضمن جناية عبده باعتبار أن الادلة دلت على أن جناية العبد تتعلق في عنقه، وهو ما اشارت اليه الروايات في باب الضمان وفهم الفقهاء منها أن الجناية تؤخذ من العبد، وكما أن المولى لا شيء عليه كذلك ليس له من دية العبد شيء، باعتبار أن العبد ايضاً جنى على الحر فتثبت على الحر نصف قيمة العبد ويثبت على العبد نصف دية الحر فيحصل التهاتر حتى مع زيادة قيمة نصف العبد على نصف دية الحر لما دل على أن قيمة العبد لا تتجاوز دية الحر

5- قلنا لا قصاص عليه لعدم تحقق ضابط القتل العمدي في المقام، كما لا دية لأن المجني عليه قد اقدم على التلف، ويدل على ذلك مضافاً الى كونه مقتضى القواعد رواية أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) ، قال : ((كان صبيان في زمان علي (عليه ‌السلام) يلعبون بأخطار لهم ، فرمى أحدهم بخطره فدق رباعية صاحبه ، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) فأقام الرامي البينة بأنه قال : حذار ، فدرأ عنه القصاص ثم قال : قد أعذر من حذر)) [2] والمشكلة في سندها من جهة محمد بن الفضيل وهو موجود في كل طرقها

واما الدلالة

فالاشكال الاول: إنها تثبت القصاص في حق الصبي، وهو لا قصاص عليه ولذا حملها بعض الفقهاء على البالغ بقرينة أنه اقام البينة بالاضافة الى قوله (درأ عنه القصاص)،

والثاني: كيف يستدل بها على عدم ثبوت الدية في المقام

وقد يتمسك لذلك بقوله (قد أعذر من حذر) فقد فسرت في كتب اللغة نقلاً عن الجوهري بأنه صار صاحب عذر فيكون عذره مقبولاً بنحو لا يكون عمله مستتبعاً للضمان

6- ما ذكره السيد الماتن يعني اعتبار كل واحد منهما مشترك في القتل، فإذا كان كل منهما عالماً يدخل في الخطأ شبه العمد فعلى كل واحد منهما نصف الدية، واذا كان كل منهما جاهلاً يدخل في الخطأ المحض ويثبت على عاقلة كل واحد منهما نصف الدية، وإن كان احدهما عالماً والاخر جاهل فلكل منهما حكمه

وهذه المسألة مورد اختلاف الفقهاء في من يضمن دية الصبي بعد افتراض عدم العمد

فذهب جماعة منهم القاضي ابن البراج في المهذب والعلامة في التحرير الى أن الضمان على العابر دون الرامي معللين ذلك بأن الرامي لم يقصده والعابر عرضه للتلف باصطحابه معه فهو كالمباشر بل هو مباشر للقتل كالدافع في البئر والرامي بمنزلة حافر البئر،

وتردد جماعة اخرون في الحكم منهم المحقق في الشرائع والعلامة في القواعد ولعله لما تقدم ذكره في أدلة القائلين بأنها على العابر ومن جهة اخرى فإن الرامي هو الذي قتل غاية الامر إنه قتله خطئاً فإن الظاهر أن المسألة تدخل في الخطأ المحض بالنسبة الى الرامي

وفي الجواهر أدخل المقام في مسألة السبب والمباشر فالمباشر هو الرامي والسبب هو العابر، وذكر بأنه تارة نفترض اختلافهما في العلم والجهل واخرى نفترض عدم اختلافهما فإن اختلفا بأن كان احدهما عالماً بالحال والاخر جاهلاً به فالضمان على العالم منهما، ومعنى هذا أن القتل يستند اليه، واما إذا اتحدا بالعلم والجهل فالضمان على المباشر وهو الرامي لأن المباشر اقوى من السبب

وما ذكره السيد الماتن من التفصيل يدل على أنه يلتزم بالاشتراك في القتل بينهما في جميع الصور

وما يمكن أن يقال في المقام هو أنه في مسألة اجتماع السبب والمباشر فيمكن أن يقال مبدئياً إن القتل يستند الى المباشر بمعنى أن المباشر هو الذي يثبت عليه الضمان ومثالها الواضح هو مسألة حافر البئر والدافع فالضمان على الدافع والحافر سبب

والظاهر أن هذا لا يفرق فيه بين أن يكون المباشر عالماً بالحال او جاهلاً به فإن جهله بالحال لا يعني نفي استناد القتل اليه وانما صدر القتل منه خطئاً فيكون الضمان على عاقلته

ويستثنى من ذلك ما اذا كان المباشر بمنزلة الالة للسبب فالقتل ينسب الى السبب عرفاً وهو ما يعبر عنه بأن السبب اقوى من المباشر كما إذا أمر عبده بأن يقتل زيداً، فهو بحكم كونه عبداً لا ارادة له أمام مولاه

نعم الظاهر أن السبب يختلف حاله باختلاف علمه وجهله فاذا كان عالماً بالحال واصطحبه فلا يبعد استناد القتل الى العابر بالاشتراك مع الرامي فينسب القتل اليهما معاً، واما اذا كانا جاهلين فالظاهر أن القتل يستند الى الرامي ولا يستند الى العابر، فالظاهر انه عرفاً يقال بأن الرامي هو الذي قتل

ومن هنا يظهر بأن استناد الفعل الى المباشر ثابت في جميع الحالات ولا يشترط فيه علم المباشر بالحال، واستناد الفعل الى السبب يثبت حالة علمه بالحال ولكن على نحو الاشتراك مع المباشر

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo