< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 231): من حمل متاعاً على رأسه فأصاب إنساناً فعليه ديته في ماله، ويضمن المال إذا تلف منه شي‌ء على المشهور(2)، و فيه إشكال، والأقرب أنّ الدية على العاقلة، و لا ضمان عليه في تلف المال إذا كان مأموناً غير مفرط(مسألة 232): من صاح على أحدٍ فمات، فإن كان قصد ذلك أو كانت الصيحة في محلٍّ يترتّب عليها الموت عادةً وكان الصائح يعلم بذلك فعليه القود (3)، وإلّا فعليه الدية (4)، هذا فيما إذا علم استناد الموت إلى الصيحة

2- والصحيح في هذه المسألة هو ما ذكره السيد الماتن من أن الاقرب أن الدية على العاقلة، وأما ضمان المال فإنّ ما ذكره السيد الماتن موافق للقواعد وقرأنا رواية تدل عليه، وكأن السيد الماتن قد فسّر الأمين بغير المفرط في عبارته، ويمكن تفسيرها بأن كل منهما يكون شرطاً في عدم الضمان، وهو الصحيح

3- لأنها جناية عمدية، نعم يظهر من السيد الماتن أنه يعتبر علم الجاني بترتب القتل على فعله في كون الجناية عمدية، وتعرضنا لهذا المطلب سابقاً فقد وقع الكلام في الدليل على كون القتل عمداً عندما لا يكون قصد للقتل وإنما كان الفعل مما يقتل مثله

وقد حاول السيد الخوئي (قده) إدخال هذا في العمد على أساس توفر المناط الاول وهو قصد القتل، فإنّ قصد الفعل الذي يترتب عليه الموت عادة مع العلم بترتب الموت عليه ملازم لقصد القتل، فلا نحتاج الى روايات خاصة تدل على دخوله في القتل العمدي، فمع العلم والالتفات يكون قصد الفعل ملازماً لقصد القتل

وقلنا هناك بأن ما ذكره من الملازمة بين قصد الفعل وقصد القتل مع العلم به قد يكون صحيحاً ولكن كلامنا في الاعم من الالتفات وعدمه

فما ذكره قد يثبت دخول المسالة في الجناية العمدية باعتبار تحقق قصد القتل ولكنه في خصوص صورة الالتفات وكلامنا في الاعم، بل كلامنا حتى لو علم بعدم ترتب الموت على فعله

ولذا قلنا بأنه يتعين الاستدلال على ذلك باطلاق النصوص فإن مقتضى إطلاقها دخول المورد في القتل العمدي بمجرد أن يكون الفعل الصادر من الجاني مما يترتب عليه القتل عادة، والروايات مطلقة ولم تقيده بالالتفات، والروايات هي

صحيحة الفضل بن عبد الملك ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) انه قال : ((إذا ضرب الرجل بالحديدة فذلك العمد)) [1] باعتبار أن الحديدة مما يقتل مثلها، ومقتضى اطلاقها كونه عمداً سواء التفت او لا وقصد القتل او لا

ومعتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال : ((جميع الحديد هو عمد))[2] ومقتضى اطلاقها شمولها لحالة الالتفات وعدمه، فإن الحديد مما يقتل عادة، فالمتعين التمسك باطلاق هذه النصوص

4- فلم يتحقق كلا المناطين فلا قصد قتل ولا صيحته مما يقتل مثلها، وهذا يختلف بإختلاف الحالة النفسية للشخص والزمان والمكان كما لو كان الشخص واقفاً على جبل، واذا لم تدخل هذه الحالة في العمد تدخل في الخطأ شبه العمد لأنه يوجد قصد للفعل بالنسبة الى المجني عليه فتثبت فيه الدية على الجاني

ويستدل له ايضاً بصحيحة الحلبي ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : ((أيما رجل فزع رجلا عن الجدار أو نفر به عن دابته فخر فمات فهو ضامن لديته ، وإن انكسر فهو ضامن لدية ما ينكسر منه)) [3] فهي تدل على أن نفس الشخص يكون ضامناً، ومن الحكم في الرواية نستفيد أن مورد الرواية ليس الجناية العمدية والا لحكم بالقصاص

هذا، ولكن ذكر المحقق في الشرائع (من صاح ببالغ فمات فلا دية، أما لو كان مريضا أو مجنونا أو طفلا أو اغتفل البالغ الكامل و فاجأه بالصيحة لزمه الضمان)[4] فكأنه يفرق بين ما اذا صاح ببالغ ملتفت فلا دية، وما اذا صاح على طفل او مجنون او بالغ غير ملتفت فمات فتثبت الدية

وحمل كلامه في البالغ الملتفت على ما إذا علمنا باستناد الموت الى الصيحة، لأن القصاص والدية إنما يثبتان في مورد يستند القتل الى الجاني، ولذا قيد صاحب الجواهر عبارة الشرائع بما إذا كان غير غافل، وهذا مستفاد من كلامه، فيكون الحكم بعدم الدية وعدم القصاص على القاعدة

وأما صورة ما إذا صاح على طفل او مجنون او بالغ غير ملتفت فمات فحكم بالدية لأنه إما أن يعلم باستناد الموت الى صيحته فإن كان عامداً يقتص منه وإن لم يكن قاصداً تؤخذ منه الدية، واما عند الشك فقالوا يتمسك بالأصل لإثبات عدم الدية،

فالحكم في المسالة يدور مدار إستناد الموت الى الصيحة وعدم استناده اليها، فمع العلم باستناد الموت الى الصيحة تثبت الدية عليه، ومع العلم بعدم استناد الموت الى الصيحة فلا دية، وعند الشك يعمل بالأصل

غاية الامر ان المحقق قد دخل في المصاديق ففرض أن مورد العلم بعدم استناد الموت الى الصيحة إذا كان بالغاً ملتفتاً فلا دية، وان مورد استناد الموت الى الدية هو الفرض الثاني، وقلنا بأن التفاصيل في المسألة تختلف باختلاف الشخص واختلاف الزمان والمكان، والمناط هو ما ذكرناه من أن حكم المسألة يدور مدار إستناد الموت الى الصيحة وعدم استناده اليها

ثم ذكر هو (قده) (ولو قيل بالتسوية في الضمان كان حسنا لأنه سبب الإتلاف ظاهرا) فحتى لو فرضنا أنه بالغ ملتفت ولكن ظاهر الاقتران بين التلف وبين الصيحة إستناد الموت للصيحة،

إلا أن مقارنة الموت للصيحة لوحدها لا تعني إستناد الموت للصيحة فهي اعم


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo