< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: موجبات الضمان

(مسألة 229): لو أتلفت الظئر طفلاً وهي نائمة بانقلابها عليه أو حركتها، فإن كانت إنّما ظائرت طلباً للعزّ والفخر فالدية في مالها، وإن كانت مظائرتها للفقر فالدية على عاقلتها [1]

(مسألة 230): إذا أعنف الرجل بزوجته جماعاً في قبل أو دبر، أو ضمّها إليه بعنف، فماتت الزوجة، فلا قود، ولكن يضمن الدية في ماله، وكذلك الحال في الزوجة إذا أعنفت بزوجها فمات (1)[2]

قلنا بأن هناك روايات على التفصيل بين ما اذا كانت ظائرت للعز والفخر فالدية عليها واذا ظائرت للحاجة فالدية على العاقلة، وقلنا بأن الرواية الوحيدة التي يمكن تصحيحها سنداً هي رواية المحاسن، وتكلمنا حول كتاب المحاسن وقلنا بأنه يصعب جداً الاعتماد على ما ذكره صاحب الوسائل لذلك، كما لا يمكن اثبات وجود الرواية في الكتاب اعتماداً على النسخ المتداولة عند المتأخرين، ولكن لو اجرينا عملية استقصاء ومتابعة لكل الكتب التي تنقل عن المحاسن وحصل لنا الوثوق بأن هذه النسخة هي نفس نسخة المحاسن فهو، وهذا يحتاج الى استقصاء وقلنا بأن هذا ليس ببعيد فقد أكثر العلماء النقل عن المحاسن فيمكن معرفة التطابق وعدمه بين النسخة الواصلة الينا وبين ما نقلوه

ويضاف الى الاشكال السندي أن السند الوارد في الكافي هو (محمد بن يعقوب عن عدة من اصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن اسلم، والكليني وإن روى عن العدة الا أنه أخذ الرواية من كتاب البرقي فإن الكتب كانت في متناولهم، بل إن العدة يشهدون بأن الموجود في كتاب المحاسن هو رواية البرقي عن محمد بن اسلم

وفي التهذيب يبدأ السند باحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن اسلم

فلدينا شهادتان على ان الموجود في المحاسن هو رواية البرقي عن محمد بن اسلم، بينما هو يروي عن ابيه في نسخة المحاسن المتداولة،

وهذا يجعلنا نتردد في أن الموجود في المحاسن هل هو محمد بن احمد بن خالد عن محمد بن اسلم حتى تكون الرواية ضعيفة او هو احمد بن محمد بن خالد عن ابيه فتكون الرواية معتبرة

وهذا التردد كاف في اسقاط الرواية عن الاعتبار، بل يمكن أن يقال بأن شهادة الشيخ الكليني والعدة والشيخ الطوسي على أن الموجود في المحاسن هو محمد بن اسلم يجعلنا نشكك في سند الرواية في المحاسن المتداولة، الا اذا ثبتت نسبة الكتاب لصاحبه وفرضنا ان الموجود في المحاسن روايتين، بأن يكون هارون بن الجهم قد حدّث محمد بن خالد البرقي وحدّث محمد بن اسلم وكل منهما حدّث احمد بن محمد بن خالد البرقي، وقد ذكر السندين حين دوّن الرواية في كتابه، الا ان هذا بعيد لأن الظاهر انه ذكر رواية واحدة، فاذا احتملنا هذا احتمالاً معتداً به فلا مشكلة في الاعتماد عليه ولكن لا دليل عليه

فيكون الاعتماد على هذه الرواية مشكل والصحيح هو الرجوع الى القواعد فيكون حال الظئر كحال النائم في المسألة السابقة فتدخل جنايتها في الخطأ المحض فتكون الدية على العاقلة وفاقا لجملة من العلماء المتأخرين كالعلامة في التحرير وابنه في الايضاح والشهيد في المسالك، بل ذكر في المسالك (أن اكثر المتأخرين أن الدية على العاقلة)، ومن هنا يظهر أنه لا فرق بين الظئر وبين النائم فكل منهما يكون دية ما فعله على العاقلة

نعم قد يفرق بينهما بأن يقال بأن فعل النائم يدخل في الخطأ المحض بينما فعل الظئر يدخل في الخطأ شبيه العمد فتكون الدية عليها كما ذهب الى ذلك جماعة من الفقهاء من جهة انطباق ضابط القتل شبه العمد عليها لأنها باضجاعها الطفل الى جانبها تكون فعلت فعلاً به وهذا الفعل دخيلا في تلفه فحالها حال من ضرب الطفل للتاديب فاتفق موته، فتكون التفرقة بينها وبين النائم حينئذ على القاعدة

ولكن هذا التفريق ليس واضحاً لأن الفعل الذي ترتب عليه القتل ليس هو اضجاعها الطفل الى جانبها وإنما حركتها اثناء النوم وهي ليست مقصودة لها، ويعتبر في شبه العمد أن يترتب التلف على الفعل المقصود بالنسبة كما لو ضربه للتاديب فمات فيصح أن نقول بأنه لا فرق بين النائم والظئر فالصحيح الالتزام بأن الدية على العاقلة

    1. اما عدم القصاص فواضح باعتبار اختصاصه بالجناية العمدية والمفروض في المسألة أنه لم يقصد القتل وأن الفعل لم يكن مما يقتل مثله بل اتفق الموت، وأما الدية فذهب السيد الماتن الى انها تكون من ماله، وهو على القاعدة لكونه من الخطأ شبيه العمد، وحيث أن الحكم على القاعدة فيمكن تعميمه للزوجة

ويدل عليه: صحيحة سليمان بن خالد ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) أنه سئل عن رجل أعنف على امرأته فزعم أنها ماتت من عنفه ، قال : ((الدية كاملة ، ولا يقتل الرجل)) [3] وظاهر الرواية أن الدية عليه مضافاً لما قلناه من أن القاعدة تقتضي ذلك

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، وغير واحد (اشارة الى هشام والنظر وعلي بن النعمان والحلبي)، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام)، وهذا الطريق معتبر ايضا الا انها ليست رواية لسليمان بن خالد

وعلى كل حال فالظاهر أن هذا الحكم مورد اتفاق معظم الفقهاء، الا أن الشيخ في النهاية بل المحكي عن الشيخ الصدوق في المقنع انهم ذهبوا الى أن الزوج اذا كان مأموناً لم يكن عليه شيء وكذا الزوجة، وهذا التفصيل خلاف اطلاق الرواية السابقة وأن الزوج يتحمل الدية مطلقاً، ويستدل لهذا القول بمرسلة يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال : سألته عن رجل أعنف على امرأته أو امرأة أعنفت على زوجها فقتل أحدهما الآخر؟ قال : ((لا شيء عليهما إذا كانا مأمونين ، فان اتهما الزما اليمين بالله أنهما لم يردا القتل))[4]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo