< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/05/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 222): من أكره امرأة أجنبيّة غير بكر فجامعها فعليه مهر المثل، وأمّا إذا كانت مطاوعة فلا مهر لها، سواء كانت بكراً أم لم تكن[1]

(مسألة 223): لو أدّب الزوج زوجته تأديباً مشروعاً فأدّى إلى موتها اتّفاقاً، قيل: إنّه لا دية عليه كما لا قود، ولكنّ الظاهر ثبوت الدية، وكذلك الحال في الصبي إذا أدّبه وليّه تأديباً مشروعاً فأدّى إلى هلاكه[2]

    1. وهذا هو المنسوب الى المشهور والمعروف واستدل له السيد الخوئي [3] (قده) بصحيحة الحلبي قال : سئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يصيب المرأة فلا ينزل أعليه غسل ؟ قال : كان علي ( عليه السلام ) يقول : ((إذا مسّ الختان الختان فقد وجب الغسل)) قال : «وكان علي ( عليه السلام ) يقول : كيف لا يوجب الغسل والحدّ يجب فيه ؟ وقال : يجب عليه المهر والغسل»[4]

والاستدلال فيها بالفقرة الأخيرة فظاهرها ان المهر يجب بالدخول كما يجب به الحد والغسل، نعم نخرج من هذا الاطلاق الزانية فهي لا مهر لها كما نصت على ذلك الروايات، الا ان محل الكلام في المكرهة فهي ليست بزانية فتبقى داخلة في إطلاق الرواية

ومن هنا يظهر انه لا يصح الاستدلال بمعتبرة طلحة بن زيد المتقدمة ولا بالروايات السابقة لاختلاف الموضوع فإنها واردة في البكر وجعلت المهر على زوال العذرة، ولكن خالف الشيخ (قده) في المبسوط وذهب الى عدم ثبوت المهر في المسالة كما حكي عنه انه قال (إذا استكره امرأة على الزنا فلا حد عليها لأنها ليست بزانية ....... وقال اخرون لا مهر لها وهو مذهبنا) وعلله بان الأصل براءة الذمة من المهر

ولكن إذا تم ما ذكره السيد الخوئي (قده) من الاستدلال بصحيحة الحلبي فلا معنى للرجوع للأصل مع وجود الدليل

ويمكن ان يستدل لعدم المهر بموثقة طلحة بن زيد الأخرى عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم ‌السلام) قال: «ليس على زان عقر ، ولا على مستكرهة حد» [5] وقد فسر العقر في كلمات اللغويين بالمهر، قال في الصحاح (هو مهر المرأة اذا وطئت شبهة) وفي النهاية لابن الاثير (ما تعطاه المرأة على وطىء الشبهة واصله ان واطىء البكر يعقرها اذا افتضها فسمي ما تعطاه للعقر عقراً ثم صار عامّاً لها وللثيب ومنه حديث شعبة (ليس على زان عقر) اي مهر

فالذي يظهر من الحديث ان الزاني ليس عليه مهر ومقتضى اطلاق الزاني شموله للمكره وغيره، ونسبة هذه الرواية المعتبرة الى صحيحة الحلبي التي استدل بها السيد الخوئي (قده) انها اخص منها مطلقاً فتقيد الصحيحة بهذه المعتبرة، ولعل ما يؤيد هذا هو ورود اخبار كثيرة تتعرض للمسألة وتذكر انه يقتل فقط، منها «سئل أبوجعفر (عليه‌ السلام) عن رجل اغتصب امرأة فرجها؟ قال : يقتل محصنا كان أو غير محصن»[6] ، ومنها «قلت لإبي جعفر (عليه ‌السلام):الرجل يغصب المرأة نفسها ، قال : يقتل.»[7] ، ومنها «عن أبي جعفر (عليه ‌السلام) في رجل غصب امرأة فرجها ، قال : يضرب ضربة بالسيف بالغة منه ما بلغت»[8] وغيرها

وسكوت هذه الروايات على كثرتها عن ترتب المهر لا يخلو من اشارة الى عدم ترتب المهر على الزنا وان حكمه القتل فقط

فالالتزام بما حكم به المشهور لا يخلو من صعوبة

    2. باعتبار انها تكون زانية فلا مهر لها، وقد عد مهرها من السحت في روايات كثيرة، مضافاً الى معتبرة السكوني ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : «قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) : أيما امرأة حرة زوجت نفسها عبدا بغير اذن مواليه فقد أباحت فرجها ولا صداق لها» [9]

وصحيحة بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر (عليه ‌السلام) عن رجل تزوج امرأة فزفتها إليه أختها وكانت أكبر منها ، فأدخلت منزل زوجها ليلا فعمدت إلى ثياب امرأته فنزعتها منها ولبستها ، ثم قعدت في حجلة أختها ونحت امرأته وأطفأت المصباح واستحيت الجارية أن تتكلم فدخل الزوج الحجلة فواقعها وهو يظن أنها امرأته التي تزوجها ، فلما أن أصبح الرجل قامت إليه امرأته فقالت : أنا امرأتك فلانة التي تزوجت ، وإن أختي مكرت بي فأخذت ثيابي فلبستها وقعدت في الحجلة ونحتني ، فنظر الرجل في ذلك فوجد كما ذكر؟ فقال : أرى أن لا مهر للتي دلست نفسها ، وأرى أن عليها الحد لما فعلت حد الزاني غير محصن [10]

    3. لاطلاق الدليل

    4. والمعروف والمشهور في الثاني ان لا دية فيه، ولكن وقع الخلاف في تاديب الزوج لزوجته والمفروض بحسب القواعد ثبوت الدية فيه فانه لم يقصد قتلها والمفروض ان ما فعله ليس مما يقتل عادة ولكن اتفق موتها وهو قاصد ايقاع الفعل بها فيدخل في القتل شبه العمد وتقدم ان فيه الدية وانها تؤخذ من مال الجاني نفسه

ولكن تردد المحقق في الشرائع [11] وعلله (بانه من جملة التعزيرات السائغة) فينبغي ان لا توجب ضمانا كالتعزير الحاصل من الحاكم وهذا يرجع في الحقيقة الى دعوى ان الاذن الشرعي والترخيص بالقيام بالفعل ينافي الضمان كما هو الحال في الحاكم

ويلاحظ عليه انه لا منافاة بين كون الشيء سائغاً وجائزاً شرعاً وبين ترتب الضمان عليه فجواز تاديب المرأة حكم تكليفي وهو لا ينافي الحكم الوضعي بالضمان، وذكر في الجواهر بان ما مثّل به من عدم ضمان الحاكم خارج بدليله، وكأن هذا الكلام يستبطن الاعتراف بان هذا الفعل من باب التعزيرات،

ولكن لعل الاصح ان يقال بان دخول محل الكلام في باب التعزيرات ليس واضحاً بل هو من باب التأديب كما هو ظاهر الآية القرآنية فانها امرت بوعظهن ثم رتبت هجرهن على عدم نفع الوعظ ثم قالت اضربوهن قال تعالى ﴿وَاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً﴾[12] وهذا لا يناسب ان يكون من باب التعزير بل يتعنون بعنوان التأديب فان الغرض منه اصلاح المرأة وتاديبها

فما لا ضمان فيه بالاتفاق هو عنوان التعزير وهناك روايات واردة بلسان من قتله الحد او التعزير فدمه هدر ولذا لا ضمان على الحاكم في باب التعزير، ومحل كلامنا في التأديب كما هو ظاهر الآية الشريفة فلا يمكن الاستدلال بالروايات الدالة على عدم الضمان في اقامة الحد والتعزير، فمقتضى القاعدة ان هذا فيه الدية لانه يدخل في القتل شبه العمد


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo