< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

(مسألة 212): دية القتل في الأشهر الحرم عمداً أو خطأً دية كاملة وثلثها، وعلى القاتل متعمّداً مطلقاً كفّارة الجمع وهي عتق رقبة وصوم شهرين متتابعين وإطعام ستّين مسكيناً، وإذا كان القتل في الأشهر الحرم فلا بدّ وأن يكون الصوم فيها فيصوم يوم العيد أيضاً إذا صادفه(4) والكفّارة مرتّبة إذا كان القتل خطأً (5) حتّى إذا كان في الأشهر الحرم على المشهور، وفيه إشكال، والأقرب أنّ الكفّارة معيّنة فيما إذا وقع القتل في الأشهر الحرم وهي صوم شهرين متتابعين فيها (6) و هل يلحق بالقتل في الأشهر الحرم في تغليظ الدية القتل في الحرم؟ فيه قولان، الأقرب عدم الإلحاق(7)

6- كان الكلام في كفارة القتل الخطائي لو وقع في الاشهر الحرم وهل ان كفارته مرتبة كما ذهب المشهور الى ذلك او انها معينة بصوم شهرين متتابعين من الاشهر الحرم كما ذهب اليه السيد الخوئي (قده) وذكرنا الادلة لكل من القولين ووصل بنا الكلام الى انه يمكن ان يستدل على ما ذهب اليه السيد الخوئي (قده) مضافاً الى ذلك بصحيحة زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر (عليه ‌السلام) يقول : ((إذا قتل الرجل في شهر حرام صام شهرين متتابعين من أشهر الحرم))[1] فهي شاملة للقتل الخطائي باطلاقها،

ولكنها تشمل القتل العمدي ايضاً، وتقدم ان كفارته الجمع بين الخصال، وذكروا باننا نخرج القتل العمدي بتقييد اطلاقها بما دل على ان كفارة القتل العمدي هي الجمع

وذكرنا بان في هذا الجمع مشكلة فنية لان الظاهر ان النسبة بين الروايات الدالة على ان الكفارة هي الجمع وبين هذه الصحيحة هي العموم والخصوص من وجه لان روايات الجمع موردها مختص بالقتل العمدي لكنها مطلقة من ناحية وقوع القتل في الاشهر الحرم او خارجها بينما هذه الصحيحة مختصة بالقتل في الاشهر الحرم ولكنها مطلقة من ناحية كون القتل خطأ او عمداً، ومادة الاجتماع هو القتل العمدي في الاشهر الحرم

فلا وجه لتقديم ادلة الجمع على هذه الصحيحة بحيث تختص هذه بالقتل الخطائي فلم لا نعكس الامر

والصحيح في حل التعارض هو وجود مرجح لتقديم الادلة الدالة على كفارة الجمع على هذه الصحيحة، فان تقديم الصحيحة يستلزم اختصاص ادلة الجمع بالقتل العمدي في غير الاشهر الحرم، وجعل كفارة القتل العمدي في الاشهر الحرم اخف من كفارته في الاشهر غير الحرم غير مقبول، بخلاف تقديم ادلة كفارة الجمع على الصحيحة باخراج مادة الاجتماع من الصحيحة ولازمه اختصاص الصحيحة بالقتل الخطائي فهذا لا محذور فيه بل هو مطابق لصحيحة زرارة الاولى الناصة على ان كفارة القتل الخطائي في الاشهر الحرم معينة، وعليه فيصح الاستدلال بهذه الصحيحة على حكم المسالة بالاضافة الى الصحيحة الاولى

7- ذهب المشهور الى الالحاق وقال بعضهم بانه مذهب الاكثر وادعى جماعة الاجماع عليه، وقد خالف السيد الماتن وغيره فذهب الى عدم الالحاق

واستدل لقول المشهور بروايتين:

الاولى: صحيحة زرارة المروية في التهذيب، قال : قلت لأبي جعفر (عليه‌ السلام) رجل قتل في الحرم؟ قال : عليه دية وثلث ، ويصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم.

قال : قلت : هذا يدخل فيه العيد وأيام التشريق؟ فقال : يصومه فانه حق لزمه)) [2]

الرواية الثانية: رواية زرارة الاخرى المروية في الكافي قال : قلت لابي جعفر (عليه ‌السلام) : رجل قتل رجلا في الحرم؟ قال : عليه دية وثلث ، ويصوم شهرين متتابعين من أشهر الحرم ، ويعتق رقبة ، ويطعم ستين مسكينا ، قال : قلت : يدخل في هذا شيء؟ قال : وما يدخل؟ قلت : العيدان وأيام التشريق ، قال : يصوم فإنه حق لزمه))[3]

فجعلت هاتان الروايتان دليلاً على قول المشهور

وبالرغم من ادعاء الاجماع على الالحاق وذهاب المشهور اليه توقف فيه المحقق في الشرائع كما هو ظاهر عبارته والعلامة في التحرير وغيره والشهيدان في غاية المراد والروضة، والظاهر انه للتشكيك في دلالة الروايتين على الالحاق

اما الرواية الثانية المروية في الكافي فالتشكيك فيها من ناحية السند باعتبار ان ابن ابي عمير لم يدرك زمان الامام الصادق (عليه السلام) فكيف يروي عن ابان بن تغلب الذي مات في زمان الامام الصادق (عليه السلام)

واما من ناحية المتن فالموجود فيها (العيدان) ولا يوجد الا عيد الاضحى في الاشهر الحرم

اما الاشكال الاول فالظاهر هو وقوع الاشتباه في السند وقد نبه على ذلك الشيخ حسن في منتقى الجمان وذكر بان الصحيح في السند هو (ابن ابي عمير عن ابان بن عثمان عن زرارة) وهو سند متعارف، وقد احتمل بعضهم ان السند كان ابن ابي عمير عن ابان عن زرارة، ولكن بعض المحشين بحسب فهمه اضاف (بن تغلب) في الحاشية ثم ادرجها بعض النساخ في المتن، ويؤيد ما ذكره شيخ حسن انه لا توجد اي رواية يروي فيها ابن ابي عمير عن ابان بن تغلب نعم هو يروي عنه بواسطة وعادة هو جميل بن دراج، ومن جهة اخرى فان ابن ابي عمير يروي عن ابان بن عثمان كثيراً وبعناوين مختلفة بعضها (عن ابان)، بل يمكن جعل الصحيحة الاولى مؤيدة لهذا لاشتراكها مع هذه الرواية في المتن وبعض السند فورد في سندها (ابن ابي عمير عن ابان بن عثمان عن زرارة)، ولا يبعد ان يستظهر هذا المعنى ويكون وثوق في حصول اشتباه في السند

واما اشكال المتن فيمكن ان يقال بان هذا لا يضر بالاستدلال لاننا نستدل بجواب السؤال الاول، وقد طرح بعض المحققين بان المقصود هو ان صوم شهرين متتابعين من اشهر الحرم فيه محذور وهو صوم يوم العيدين وهذا اشارة الى المرتكز في اذهان المتشرعة من حرمة صوم يوم العيدين، لا انه يدخل فيه صوم يومي العيدين حقيقة

وعلى كل حال فاضطراب المتن بلحاظ السؤال الثاني لا يضر بفقرة الاستدلال

واما رواية التهذيب فهي صحيحة سنداً ولكن استشكل فيها -ونفس الاشكال يرد على الرواية السابقة ولكنهم لم يذكروه لانهم اسقطوها سنداً- من جهة احتمال ان يكون المقصود في هذه الصحيحة (الحُرُم) بصيغة الجمع والمقصود انه صفة للاشهر فتكون من ادلة تغليظ الكفارة في القتل في الاشهر الحرم، ويؤيد هذا ما ذكره الشيخ النجفي في الجواهر من انه في نسخة معتمدة من الكافي قد شُكل فيها الحرم بضمتين، كما ذكر السيد الخوئي (قده) مؤيداً اخر وهو قوله (عليه السلام): ((ويصوم شهرين متتابعين من اشهر الحرم)) باعتبار ان هذه كفارة القاتل في الشهر الحرام عند الاصحاب لا كفارة القتل في الحرم

وما يبعثهم على طرح هذا الاحتمال هو استبعادهم لالحاق القتل في الحرم للقتل في الاشهر الحرم، والا فهم لم يطرحوا احتمال ان تكون الحرم صفة لموصوف محذوف هو الاشهر في روايات اخرى فمثلا في صحيحة حماد بن عثمان قال : سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول : ((تكره رواية الشعر للصائم والمحرم وفي الحرم وفي يوم الجمعة)) [4] فيمكن تفسيرها بالاشهر الحرم الا انه لم يحتمل ذلك احد

فاحتمال ان تكون الحرم صفة لموصوف محذوف بعيد جداً


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo