< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

مسألة 205: تستوفى دية العمد في سنة واحدة(2)من مال الجاني(3)، ويتخيّر الجاني(4) بين الأصناف المذكورة، فله اختيار أيّ صنف شاء وإن كان أقلّها قيمةً، وهو عشرة آلاف درهم أو مأتا حلّة في زماننا هذا، وليس لوليّ المقتول إجباره على صنف خاصّ من الأصناف المذكورة

4- ذكر بعض الفقهاء بان الاصناف الستة هي اصول في نفسها وليس بعضها بدلاً عن بعض وليس بعضها مشروطاً بعدم البعض الاخر، فلا يعتبر التساوي في القيمة

ولكن يظهر من بعض الفقهاء مخالفة ذلك بمعنى انه لا يرى ان هذه الستة اصول في نفسها بل لا بد من اعتبار التساوي في القيمة، قال القاضي ابن البراج في المهذب (فدية العمد المحض إذا كان القاتل من أصحاب الذهب ، الف دينار جياد. وان كان من أصحاب الفضة ، فعشرة آلاف درهم جياد. وان كان من أصحاب الإبل فمائة مسنة. قيمة كل واحدة منها عشرة دنانير. أو مائتا مسنة من البقر ، ان كان من أصحاب البقر. قيمة كل واحدة منها خمسة دنانير. أو ألف شاة ، ان كان من أصحاب الغنم. قيمة كل واحد منها دينار واحد. أو مأتا حلة ، ان كان من أصحاب البز قيمة كل حلة خمسة دنانير) [1]

وظاهر العبارة ان دفع مئة من الابل مشروط بان تكون قيمتها الف دينار فاذا فقد الشرط فلا يجوز دفعها بل ينتقل الى باقي الاصناف بنفس الشرط ومع فقد الشرط في الجميع يجب عليه ان يدفع الف دينار، ومنه يظهر الجواب عما اورده عليه في الجواهر من انه ( إن كان الضابط اعتبار القيمة فلا مشاحة في العدد مع حفظ قدر القيمة وهي عشرة آلاف درهم أو ألف دينار ، ضرورة كون المدار عليها لا عليه ، وهو مما يمكن القطع بعدمه)[2]

وتقدم في بداية هذا البحث ما يمكن الاستدلال به على هذا الراي وهو عبارة عن امور: الاول: ان التخيير بين هذه الامور الستة مع اختلافها في القيمة اختلافاً فاحشاً قد يصل في بعض الاحيان الى حد النصف بحيث تكون قيمة ما يدفع من الحلل نصف الالف دينار لا يساعد عليه الاعتبار، فلا بد من وجود شيء يجمع بين هذه الامور الستة فان التخيير بين الاقل والاكثر غير معقول وليس بعرفي ولا جامع بين هذه الامور الستة المختلفة الا التساوي في القيمة
الثاني: الاستدلال بالروايات:

منها: صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سمعت ابن أبي ليلى يقول : كانت الدية في الجاهلية مائة من الابل فأقرها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله) ، ثم إنه فرض على أهل البقر مائتي بقرة ، وفرض على أهل الشاة ألف شاة ثنية ، وعلى أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة ألف درهم ، وعلى أهل اليمن الحلل مائتي حلة.

قال عبد الرحمن بن الحجاج : فسألت أبا عبدالله (عليه‌السلام) عما روى ابن أبي ليلى ، فقال : كان علي (عليه‌السلام) يقول : الدية ألف دينار ، وقيمة الدينار عشرة دراهم ، وعشرة آلاف لاهل الامصار، وعلى أهل البوادي مائة من الابل ، ولاهل السواد مائة بقرة ، أو ألف شاة) [3]

فان ابن الحجاج نقل كلام ابن ابي ليلى الى الامام (عليه السلام) وكان ظاهره ان الاصل في الدية هو الابل، فكأن قول الامام (عليه السلام) (الدية الف دينار) رد على ابن ابي ليلى وان الاصل في الدية هو الالف دينار، وبعد ان حدد ان قيمة كل دينار عشرة دراهم فقهراً سيكون مقدار الدية من الدراهم عشرة الاف درهم، والحاصل ان الرواية ظاهرة في ان دفع العشرة الاف درهم مشروط بان يكون كل عشرة دراهم مساوية للدينار في القيمة، والظاهر منها ايضاً ان الباقي كذلك بمعنى انه لوحظ في كل واحدة من الابل والبقر والغنم مساواتها في القيمة لما ذكر قبل ذلك

ومنها صحيحة جميل بن دراج ، في الدية ، قال : ((ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم. ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل ، ومن أصحاب الابل الابل ، ومن أصحاب الغنم الغنم ، ومن أصحاب البقر البقر))[4]

فانها ظاهرة في ان الدية هي الف دينار او عشرة الاف درهم وان اخذ الابل من اصحابها او البقر او الغنم او الحلل انما هو من باب البدل لتوفر هذه الامور عندهم فيدفعون منها ما يساوي الدية وهي الالف دينار، والقرينة على ذلك هو عدم تحديد العدد من هذه الامور الاربعة في هذه الرواية

ومنها: صحيحة عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول ـ في حديث ـ : ( إن الدية مائة من الابل ، قيمة كل بعير من الورق مائة وعشرون درهما ، أوعشرة دنانير ، ومن الغنم قيمة كل ناب من الابل عشرون شاة))[5] وواضح ان الملحوظ فيها القيمة

ومنها رواية الحكم بن عيينة ((انهم كانوا يأخذون منهم في دية الخطأ مائة من الابل يحسب لكل بعير مائة درهم فذلك عشرة آلاف)) [6] وهي وان كانت واردة في دية الخطأ لكنها تصلح كشاهد، وظاهرها انه لا يجوز دفع البعير اذا كانت قيمته اقل من مئة درهم

ومنها رواية أبي بصير ، قال : ((دية الرجل مائة من الابل ، فان لم يكن فمن البقر بقيمة ذلك ، فان لم يكن فألف كبش))[7]

ومن هنا يظهر ان الاقرب هو ان الاصل في الدية هو الالف دينار والعشرة الاف درهم وان الدفع من باقي الاجناس لا بد ان يلاحظ فيه مساواتها للالف دينار في القيمة، وهذا لا ينافي الالتزام بالتخيير بين الاصناف الستة كما انه لا ينافي الالتزام بان دفع احد الاصناف ليس مشروطاً بعدم الباقي، وعليه فاذا كان مرادهم من انها اصولاً في نفسها جواز دفع كل واحد منها حتى مع توفر غيره فهذا صحيح، واما اذا كان مرادهم كما هو الظاهر جواز دفعه وان كان يختلف في القيمة مع الباقي فهذا خلاف ظاهر الادلة

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo