< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/03/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

كان الكلام في الحالة الثانية: اذا قصد القتل بالة لا يقتل مثلها، وذكرنا بان الصحيح اعتبارها جناية عمدية وعمدة الدليل عليه هو تحقق صدق القتل متعمداً الماخوذ في موضوع القصاص وليس لنوع الالة دخل في تحقق العمد، وهناك روايات استدل بها في المقام

منها: معتبرة ابي بصير عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : (لو أن رجلا ضرب رجلا بخزفة أو بآجرة أو بعود فمات كان عمدا)[1] ولا بد من فرض قصد القتل والا فلو ضربه بعود لا بقصد قتله يدخل في الخطأ شبيه العمد

ومنها: رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) في ـ حديث ـ قال : (انما الخطأ أن تريد شيئا فتصيب غيره ، فأما كل شيء قصدت إليه فأصبته فهو العمد) [2] وهي باطلاقها تشمل ما اذا اصابه بالة يقتل مثلها او لا يقتل مثلها

وهذه الروايات اذا كانت تكتفي في تحقق العمد بالقصد وان كانت الالة مما لا يقتل مثلها تكون منافية لتلك الروايات التي تقول بان الخطا شبيه العمد وتقوم باحد امرين اما ان تكون الالة لا يقتل مثلها او عدم تحقق القصد

والراي الاخر في المسالة هو عدم تحقق العمد في الحالة الثانية، وكانه يعتبر في العمد اجتماع الامرين

وهذا الراي يستدل له بالنصوص ايضاً:

منها: معتبرة أبي العباس ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) ، قال : قلت له : أرمي الرجل بالشيء الذي لا يقتل مثله ، قال : هذا خطأ ، ثم أخذ حصاة صغيرة فرمى بها ، قلت : أرمي الشاة فاصيب رجلا ، قال : هذا الخطأ الذي لا شك فيه ، والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله)[3]

ومنها: مرسلة عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول : قال أمير المؤمنين (عليه ‌السلام) : في الخطأ شبه العمد أن تقتله بالسوط أو بالعصا أو بالحجارة إن دية ذلك تغلظ ، وهي مائة من الابل) [4]

ومنها: صحيحة أبي العباس ، وزرارة ، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) قال : (إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله ، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه) [5]

ومنها: صحيحة أبي العباس ، وزرارة ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال( : إن العمد أن يتعمده فيقتله بما يقتل مثله ، والخطأ أن يتعمده ولا يريد قتله يقتله بما لا يقتل مثله ، والخطأ الذي لا شك فيه أن يتعمد شيئا آخر فيصيبه)[6] ففيها دلالة على ان تكون الالة مما يقتل مثلها في تحقق مفهوم العمد

نقول ان عمدة الروايات هي معتبرة ابي العباس وصحيحة ابي العباس وزرارة

اما الاولى فان الاستدلال بها على عدم دخول الحالة الثانية في العمد بفقرتين: الاولى قوله في صدرها (هذا خطأ) فيدعى بان هذا ينطبق على محل الكلام، والثانية قوله في ذيلها (والعمد الذي يضرب بالشيء الذي يقتل بمثله) فكانه يعتبر في العمد ان يكون الضرب بما يقتل مثله

ولكن يمكن الجواب عن هذا الاستدلال بان هذه الرواية يمكن حملها على صورة عدم قصد القتل كما هو الغالب في من يضرب بما لا يقتل مثله ومعه لا اشكال في كونه من الخطأ بخلاف الحالة الثانية التي اخذ قصد القتل فيها

والصحيح ان يقال بان هذه المناقشة انما تتم في الفقرة الاولى فالظاهر انه فرض فيها عدم قصد القتل باعتبار ان الراوي قال بعد ذلك (ثم اخذ حصاة صغيرة فرمى بها) وواضح ان الامام في مقام التمثيل للسائل بان سؤاله كهذا الفعل فكل منهما خطأ ومن الواضح بان الامام لم يكن قاصدا القتل فيدخل في شبه العمد

ولكن هذا الجواب لا ياتي في الفقرة الثانية فانه يدعى انه اخذ في العمد ان يضربه بما يقتل مثله

واما الرواية الثانية فالظاهر فيها اعتبار ان تكون الالة مما يقتل مثلها في تحقق العمد وهذا غير متحقق في الحالة الثانية

والحاصل انه يمكن الاستدلال بعدم كون الحالة الثانية من العمد بكل ما هو ظاهر في اعتبار ان تكون الالة مما يقتل مثلها في تحقق مفهوم العمد

والجواب ان الفقرة المستدل بها في الروايتين وغيرهما هي في مقام بيان الفرق بين العمد والخطأ بلحاظ كون الشيء مما يقتل مثله او لا، فلو كان الشيء مما لا يقتل مثله فهذا لوحده لا يدخله في العمد اي ان هذا ليس بعمد من ناحية الالة، وهذا لا ينافي ان يكون عمداً لو انظم اليه القصد

ومن هنا نستطيع ان نقول بان الروايات ظاهرة في اخراج الحالة الثانية عن العمد بلحاظ الالة، ولكنها لا تخرجه عن العمد اذا انظم اليه القصد


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo