< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الإعتكاف/ احكام الاعتكاف.

فصل في أحكام الاعتكاف يحرم على المعتكف أُمور: أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القُبل أو الدُّبر و باللمس والتقبيل[1] بشهوة و لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة

    1. كان الكلام حول التعميم للمس والتقبيل بشهوة حيث ذهب غير واحد من الفقهاء الى حرمتهما على المعتكف وذكرنا انه استدل على ذلك بالآية الشريفة ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾[2] وذكرنا ان الاستدلال بها موقوف على اثبات ان المراد بالمباشرة الاعم من الجماع وان المراد من الاعتكاف فيها الاعتكاف الشرعي ونوقش في الامر الثاني بان المقصود فيها المعنى اللغوي للاعتكاف فتكون الاية من احكام المساجد ولا دلالة فيها على تحريم الجماع في الاعتكاف بقطع النظر عن المسجد،

وقد ذكر السيد الخوئي[3] (قده) بان هذا يلزم منه زيادة قوله تعالى ( وانتم عاكفون)، ولكنه اجاب عن الاستدلال بالاية بالمناقشة الاولى التي ذكرناها في الدرس السابق.

ويمكن النقض عليه بان ارادة الاعتكاف الشرعي ايضاً تستلزم زيادة قوله تعالى (في المساجد)

وعلى كل حال فان ما ندعيه هو عدم ظهورالآية في ارادة الاعتكاف الشرعي لاننا نحتمل قويا ان يكون المراد هو الاعتكاف اللغوي، مضافا الى اشكال المباشرة وحينئذ لا يمكن الاستدلال بها على حرمة اللمس والتقبيل بشهوة

ومن هنا يمكن ان يقال بانه لا دليل على اثبات هذا التعدي لا من النصوص وليس هناك شيء اخر يمكن الاستدلال به لاثبات التعميم، فيبقى السؤال عن مستند الفقهاء في هذا التعميم، وهناك رواية مرسلة ذكرها الشيخ (قده) في المبسوط بقوله (وروي انه يجتنب ما يجتنبه المحرم) ولا اشكال في حرمة المذكورات على المحرم، ولكن هذه الرواية مضافاً الى انها مرسلة لا يمكن العمل باطلاقها فهناك كثير من الامور التي تحرم على المحرم ولا يمكن الالتزام بحرمتها على المعتكف، ويحتمل ان يكون قد استند من ذهب الى التحريم الى شيء اخر ولعله ما اشار اليه المحقق (قده) في المعتبر من دعوى منافاة هذه الامور للاعتكاف لان الاعتكاف هو اللبث في المسجد للعبادة ومن يفعل هذه الامور لا يصدق انه لابث في المسجد للعبادة، او نستفيد المنافاة من الاية الشريفة ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾[4] فان سياق الآية وطرز التعبير فيها يفهم منه المنافاة بين المباشرة وبين الاعتكاف وان الاعتكاف لا يجامع المباشرة فاذا كان المقصود من المباشرة هو الاعم دلت على حرمة المذكورات، كما اذا قيل لا تستخف بالقران وانت مسلم يفهم من ذلك ان الاستخفاف بالقران لا يجتمع مع الاسلام، ويؤيد هذا ما سياتي في الاستمناء فقد اتفقوا على تحريمه على المعتكف مع انه لا دليل واضح عليه ولعل تحريمه من باب ان هذه امور منافية للاعتكاف بحسب ارتكازاتهم

وعلى كل حال يبدو انه لا مفر من الاحتياط الوجوبي في هذه المسالة.

هذا، وقد فرق العلامة (قده) في المختلف بين التحريم والمبطلية فالتزم في التقبيل بشهوة بالتحريم دون الابطال وبهذا يختلف عن الجماع، وهذا التفكيك لعدم المنافاة بين التحريم والصحة فنلتزم بالتحريم التكليفي والصحة، واجاب صاحب الجواهر بانه وان كان لا منافاة بينهما عقلا الا ان الفهم العرفي كافي في ذلك فهو يرى المنافاة بين التحريم والصحة، من قبيل النهي عن التكفير في الصلاة فالعرف يفهم منه بالاضافة الى الحرمة انه مبطل للصلاة فكما انه لا منافاة عقلا بين تحريم التكفير وصحة الصلاة الا ان هذا يفهم عرفا

واستشهد في الجواهر بقوله: على انهم اتفقوا على الحكم بالبطلان في الجماع مع انه لا تصريح بالمبطلية فلا الآية ولا النصوص تصرح بذلك وانما الموجود فيها النهي والكفارة وكل منهما اعم من المبطلية فليس ذلك الا لما قلناه من الفهم العرفي.

اقول: يظهر من هذا الكلام انهم يلتزمون بكل من التحريم والمبطلية، اما البطلان فلا اشكال في دلالة الادلة على البطلان عند المباشرة بالجماع فان النهي في عبادة او معاملة عن شيء خارج عن حقيقتها ظاهر في المبطلية وهو ما يعبر عنه بالارشاد الى المبطلية، فظهور الادلة في البطلان لا ينبغي التشكيك به، وانما الكلام في ظهورها بالتحريم التكليفي بحيث نلتزم بان الجماع حرام تكليفا واذا عممنا نقول بان التقبيل بشهوة حرام تكليفا ومبطل للاعتكاف، وقد يستشكل في هذه الاستفادة باعتبار ان هذا التركيب يكون له ظهور ثانوي في الارشاد الى المانعية مما يعني ارتفاع ظهوره الاولي وينعقد له ظهور ثانوي في الارشاد الى المانعية،

وما يمكن ان يقال: ان هذا الاشكال مبني على عدم امكان الجمع بين الظهورين بدعوى ان المتكلم اما ان يقصد الزجر عن الفعل بالنهي او يقصد الارشاد وتنبيه المخاطب الى ان هذا مبطل للعبادة او المعاملة، ولكن يبدو انه لا مانع من الجمع بين هذين الظهورين وهذا معروف بين الفقهاء، فقد قلنا انه لا اشكال عندهم في حرمة الجماع واستشهدوا على ذلك بترتب الكفارة فانها لا تترتب على ابطال الاعتكاف ولا دليل على تحريم الجماع الا النهي عن الجماع في الاعتكاف بل بنوا على ان هذا النهي يدل على التحريم وهو ارشاد الى المانعية والمبطلية، وامكان الجمع بينهما يكون بافتراض انه لا مانع من ان نفترض ان هذا الفعل في اثناء العبادة يكون واجداً لمفسدة ملزمة تقتضي تحريمه ولو كانت هي مفسدة ابطال العبادة، فمثلا لو ورد دليل ينهى عن النظر الى الزوجة في اثناء الصلاة فلا اشكال في فهم المبطلية منه ولكن هذا لا ينافي ان نفهم الحرمة منه ولو من جهة حرمة ابطال الصلاة، نعم لا نلتزم بهذا في جميع الحالات لان افتراض مصلحة من هذا القبيل غير موجود في المعاملات فكما لو نهى عن الغرر في البيع فنفهم منه المبطلية ولكنه لا يلزم منه التحريم اذ لا مفسدة في الغرر في البيع من جهة كونه مبطلاُ للبيع فان ابطال البيع ليس حراماً، وانما نلتزم بذلك في العبادات التي يحرم ابطالها، ولكن ثبوته في هذه الموارد الجزئية كاشف عن انه لا مانع من الجمع بين الظهورين كما هو ظاهر الفقهاء في الالتزام بالتحريم التكليفي بالاضافة الى الارشاد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo